التغيير : بماذا يبدأ ؟

مضر خليل عمر
2025 / 10 / 16

التغيير سنة الحياة ، وهو حاصل بارادتنا و بدونها ، برغبتنا و بدونها ، شئنا ام ابينا ، فهو امر واقع لا محالة . السؤال الذي يجب ان ننتبه له و نحسب له الف حساب : باي اتجاه يحدث التغيير الذي نعيشه ؟ ولمصلحة من ؟ بالاجابة عن هذين السؤالين (فقط) ، بموضوعية وتجرد ، قد نفقد صوابنا و نشكك في كل صغيرة وكبيرة تحدث حولنا . فللحياة جوانب عديدة ومعطيات لا عد لها ولا حصر ، و الفاعلين فيها من جهات منوعة و عديد كل له دور يمارسة بوعي او بدونه ، عن قصد ام بدنه . ساركز في هذا المقال على جانب ضيق جدا ، ولكنه حيوي و مهم لشريحة يفترض ان يكون لها دور ريادي في الحياة الاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، وفوق ذلك والاهم منه : العلمية – الفكرية .
يمثل القسم العلمي – الاكاديمي حجر الزاوية الرصين الذي يرتكز عليه تقدم المجتمع و النهوض الحضاري للبلد برمته . يمثل رئيس القسم ومجلسه العلمي اركان حرب علمية ضد الجهل والتخلف ، و حاجزا يحول دون سيادة المفاهيم والقيم المتخلفة . يتحقق ذلك عندما يكون للقسم استراتيج بحثي يخدم الاقليم الوظيفي للجامعه ، والبلد ، وعندما يوفر بيئة ثقافة البحث العلمي الرصين ، من خلال التعاون و النظرة المشتركة للمستقبل . ومن المؤلم جدا و المؤسف ، حاليا ، غياب الاستراتيج البحثي عند المعظم ان لم يكن الجميع ، وتشرذم المختصين باقسام فرعية تتناحر فيما بينها من اجل المكاسب الشخصية ، و الادهى والامر سيادة العلاقات الاجتماعية – الطائفية – الحزبية و تهميشها للسياقات الاكاديمية الاصولية . انها نتيجة حتمية واستغلال مقيت لمفهوم و منطق الانا الفردي البغيض على حساب المصلحة العامة . فكل واحد لا ينظر الا الى مصلحته الذاتية على حساب كل شيء واي شيء .
فاستحداث (قسم جغرافية) في الجامعة نفسها في كليات : الاداب ، التربية ، التربية الاساسية ، التربية للبنات ، قد ادى الى تقزيم هذه الاقسام و انحسار دورها في تلقين المواد الدراسية المجزوءة في ملازم بصفحات قليلة ، و تحفيظ معلومات بقصد النجاح في الامتحان و تحقيق النسبة المطلوبة للنجاح وزاريا . فالخريج غالبا ما يكون اميا في تخصصه العلمي ، لانه لم يستوعب ما لقن من مادة ولم يدرك اهميتها له في حياته المهنية و اليومية . فعملية Filtering Down (التداعي والتردي) مستمرة و بشكل متسارع للمستوى التعليمي ، ناهيم عن العلمي (جانب شبه منسي) . ودخلت تقنية نظم المعلومات الجغرافية لتبهر البعض و تغطي عن النقص العلمي عند بعضهم ، و تشغل الطالب بالتقنية دون الجوهر الموضوعي – الفكري .
القيادة ، ليست فلتة زمنية ، ولا ضربة حظ ، انها تاهيل علمي – مهني . لا يتحقق ذلك بوجود صراعات فردية – اجتماعية ، بل بالتعاون و النظرة المشتركة للقسم العلمي و التخصص . فحتى قادة العالم لا يحكمون فرادا بل من خلال مؤسسات تسندهم و تعطي النصح لهم من خلف الكواليس . وسقوط (س) من القادة انما هو نهاية دور مؤسسه كامله كانت تقود باسمه . فكيف نحقق القيادة العلمية المسئولة عن مستقبل البلد في مجتمع تناثرت به المؤسسات (الاكاديمية) في مختلف ارجاءه دون المستوى الادنى من استيعاب الدور القيادي لرؤساء الاقسام العلمية ؟ وكيف نحول المسار : من قيادة المجتمع للجامعة الى قيادة الجامعة للمجتمع ؟ هنا تكمن العبرات .
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم . التغيير يبدأ من الذات ، من الفرد ، وما القوانين والتعليمات و التوجيهات المكتوبة وغير المكتوبة ، الا سياقات لتنفيذ استراتيج ونظرة مستقبلية . احلم ان تتبنى احدى الجامعات وجهة نظري هذه وتخرج عن المالوف (المفروض اجتماعيا – سياسيا – طائفيا) . المطلوب استحداث سياقات عمل تتخطى التشكيلات الادارية دون الغائها . استحداث لجنة عليا للدراسات الجغرافية ، ((مثلا)) ترتبط بالمساعد العلمي لرئيس الجامعة . واجبها :
1) قيام التدريسي بتدريس مادة اختصاصة في اقسام الجغرافيا التابعة للجامعة ، ويمكن اعتماد المحاضرات (اون لاين) عند الضرورة ، بدلا من تدريسه اكثر من مادة واحدة في كليته دون ايلائها حقها في السعة والعمق ،
2) تشكيل مجامع تخصصية فرعية ضمن الاختصاص العام (جغرافية الحضر والتنمية ، جغرافية المناخ ، .... الخ) تتابع المنجز من الابحاث في الاختصاص و تؤشر مجالات الابحاث المقترحة مستقبلا ، (بحوث تخرج ، رسائل واطاريح ، ابحث ترقية ، الخ ) ،
3) تنظيم جداول الافادة من المستلزمات العلمية في الاقسام العلمية ذات العلاقة لافادة منها في التدريس والبحث والتقصي ، من قبل المنظمين للاقسام المعنية ،
4) تعزيز الانتماء للاختصاص العلمي اولا ، و الجامعة ثانيا من خلال ممارسة نشاطات علمية – اجتماعية على مستوى الجامعه و خارجها ،
5) تعمل اللجنة لان تكون بوابة نشاط مشترك مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني للاغراض العلمية حصريا ،
6) وان تقترح استحداث وحدات و مراز بحثية تخصصية و - او متداخلة التخصصات العلمية ، لتكون ارضية للتقدم العلمي والارتقاء الحضاري .
وعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم
والله ولي التوفيق .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي