|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

أكرم شلغين
2025 / 10 / 16
هو من يسكنه تناقض الوجود.. يراقب الدنيا بعينين لا تريان نفس المشهد مرتين. في بعض الأيام، تتسع الدنيا أمامه كالمحيط، تجيئه أيام بأجنحة، يريد أن يطير، أن يخرج من حدود الجسد إلى فضاء لا نهائي من المعنى إلى فضاءات الأحلام، طامحا بلا سقف، ثم تعود إليه أيام أخرى، لا يريد فيها سوى أن يختبئ في زاوية حجرة صغيرة، كأن العالم كله قد غدا عبئا على كتفيه فيتمنى ألا يسمع إلا همس صمته.
يسأل نفسه أحيانا: لماذا يشرق قلبه فجأة دون سبب واضح، وكيف لهذا القلب نفسه أن يغرق في حزن عميق دون إنذار؟ كأن مشاعره تسير وفق قانون لا يعرفه أحد، حتى هو نفسه...يقرأ لأولئك الحكماء الذين نصحوا بـ "لا شيء يفرحني ولا شيء يحزنني، ولا شيء يدهشني"، فيحسدهم على هذا البلاغ البارد، على ذلك الجليد الذي يحميهم من النزيف اليومي للعاطفة. ويتمنى لو فيتمنى لو يستعير من قلوبهم قليلا من ذلك الجمود، ليرتاح من هذه العواصف التي تنتابه. ويحسدهم على هذا البلاغ البارد، على ذلك الجليد الذي يحميهم من النزيف اليوميّ للعاطفة.
يحاول أن يتبلد، أن يقسي على مشاعره، أن يكون جزيرة منعزلة... لكنه يبقى في النهاية كـ ورقة خريفية رهينة نسمة الهواء، ترفعها حيث تشاء، تارة إلى الأعلى وتارة إلى الأرض. مشاعره لا تعرف الثبات، وأحاسيسه لا تستأذن أحدا كي تتحرك.
هو لا يدري إن كانت هذه الحساسية لعنة أم امتيازا، لكنه يدرك أن بلادة الإحساس موت بطيء، وأن الألم، مهما كان، دليل حياة. ربما كان محكوما عليه أن يشعر أكثر مما يجب،
لكن هذا الشعور الزائد هو ما يبقيه إنسانا، يقف دائما بين النور والظل، بين الطيران والسقوط، بين الفرح الذي لا سبب له، والحزن الذي لا دواء له. إنه لا يسيطر على حياته العاطفية بقدر ما هي التي تتقاذفه هو بين يديها. وهو في هذه الرحلة، لا يبحث عن إجابات بقدر ما يبحث عمن يفهم السؤال... شخص يرى في هذه "الورقة الخريفية" المتساقطة، لوحة جمالية لروح لا تزال حية، تتنفس، تتألم، وترفض أن تكون إلا كما هي.
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |