المفاوضات واتفاق وقف الحرب في غزة (2 من 2)

نهاد ابو غوش
2025 / 10 / 15

نهاد أبو غوش

أي مفاوضات تجري، تعتمد ليس فقط على مهارات المفاوضين والمتحاورين، بل على موازين القوى الفعلية على الأرض، ونقاط القوة والضعف لكل طرف، ويمكن في الحرب الجارية الآن على غزة أن نبرز نقاط الضعف والقوة على النحو التالية، علما بأن نقاط ضعف أي فريق هي نقاط قوة للطرف الآخر
• اسرائيل
نقاط القوة
- بدأت الحرب بإجماع اسرائيلي عليها، ويكاد هذا الإجماع يكون مطلقا بين كل الاتجاهات السياسية الصهيونية واليهودية.
- دعم دولي غربي مطلق، وشرعية دولية واسعة للحرب بسبب عملية 7 اوكتوبر، وإدانة معظم دول العالم لحركة حماس على ما جرى في طوفات الأقصى، والدعاية الاسرائيلية التي فبركت ولفقت فظائع صدقتها كثير من الدوائر السياسية والاعلامية الغربية وتنتها رسميا حتى يومنا هذا على الرغم من انكشاف زيف هذه الروايات الملفقة.
- التفوق العسكري الإسراائيلي الحاسم جوا وبحرا وبرا، والجسر الجوي الأميركي المفتوح لتزويد إسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة وذخائر ومعلومات استخبارية.
- اقتصاد قوي حيث يزيد حجم الناتج المحلي الإسرائيلي عن 580 مليار دولار سنويا، وبالتالي مهما بلغت الخسائر الناجمة عن الحرب فهي لا تزيد عن 10-15% من الناتج المحلي علما بأن المساعدات الأميركية عوّضت النسبة الكبرى من الخسائر الإسرائيلية.
- سيطرة شاملة على قطاع غزة من خلال الحصار، والتحكم في الموارد والمياه والكهرباء والطاقة والاتصالات.
- عدم التزام إسرائيل بأية قوانين أو معاهدات دولية في الحرب إلى درجة ارتكاب جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية معتمدة على أنها تحظى بدعم وغطاء أميركيين وأنها مهما فعلت فهي في حلّ من المساءلة والمحاسبة والعقاب.
نقاط ضعف إسرائيل
- الحرب جاءت بعد أزمة "الانقلاب القضائي" الذي قادته حكومة الائتلاف اليميني المتطرف، وهي مجموعة التشريعات التي شقت المجتمع الاسرائيلي
- عدم التحديد الواضح والواقعي لأهداف الحرب، وتبديل هذه الأهداف وفق مجريات الحرب، وتعمد بنيامين نتنياهو إطالة أمد الحرب بناء على مصالحه الشخصية ومصلحة بقاء الائتلاف اليميني الحاكم.
- حكومة يمينية متطرفة سرعان ما بدات تفقد الدعم بسبب دعوات قادتها لإبادة الفلسطينيينن واستهداف الأطفال والنساء وتجويع الشعب الفلسطيني وادعاؤهم عدم وجود أبرياء في قطاع غزة.
- اسرائيل تلقت ضربة قاصمة في 7 اوكتوبر، وهذا سبب شعورا بالعار والإهانة ودفع إلى تغليب لغة الانتقام والابادة على لغة العقل.
- بنية الجيش الاسرائيلي وتركيبته تتناسب مع حروب خاطفة سريعة
- الفظائع التي ارتكبتها اسرائيل غيرت الراي العام الدولي وورطت اسرائيل في جرائم حرب وملاحقات قضائية
- الحرب هي ضد تشكيلات شعبية غير نظامية وهذا النمط من الحروب (الحروب غير المتناظرة ) لا يخضع للمعايير العسكرية التقليدية، ويعتمد اساسا على عناصر غير مرئية ولكنها مهمة جدا وأهمها الروح المعنوية وإرادة القتال والأداء الفردي القائم على التضحية والاستشهاد.
- مع مرور الوقت والشهور تلو الشهور، تفكك الاجماع الاسرائيلي على الحرب، واندلعت مظاهرات الاحتجاجات، وزادت الانتقادات الحادة لطريقة ادارة الحرب، والخلافات بين المستويين العسكري والسياسي، وانكشاف الأهداف الشخصية والفئوية لنتنياهو وحكومته.
- انقلاب بعض أدوات الحرب من كونها أدوات في صالح اسرائيل إلى ادوات ضدها مثل القتل والابادة، والتجويع، والتدمير الشامل، قتل الصحفيين والفرق الطبية
• المقاومة الفلسطينية
نقاط القوة
- استعدادات لوجستية جيدة وغير متوقعة: أنفاق، قذائف متطورة ضد الدروع والأفراد، قدرات على تصنيع محلي رغم الحصار.
- الاحتفاظ بأسرى عسكريين ومدنيين،
- ارادة قتال ومعنويات عالية جدا/ ليس لدى مقاتلي المقاومة ما يخشونه
- مع استمرار الصمود تحرك العالم كله لنصرة فلسطين ورفض الحرب الآسرائيلية: مظاهرات عارمة وثورات طلاب، وتغير في المواقف الدولية
- بروز المحور الاقليمي للمقاومة كعنصر مؤثر جدا في معادلة الصراع: قدرات حزب الله الهائلة وتأثيرات الحوثيين في اليمن وبعض الميليشيات المؤيدة لايران، والدولة الايرانية نفسها.
- انقلاب الراي العام الدولي وبخاصة الغربي بشكل كامل ضد إسرائيل، وخروج مظاهرات مليونية ضد إسرائيل في معظم دول الغرب في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا، وحتى في دول لا تربطها اي علاقات دينية أو قومية بفلسطين مثل كوريا الجنوبية واليابان، فضلا عن دول أميركا اللاتينية ما يؤكد أن القضية الفلسطينية تحولت إلى قضية للشعوب كافة لكونها قضية عدالة وضمير إنساني.
نقاط الضعف
- الوضع الانساني الكارثي ظل يمثل عامل ضغط على المقاومة
- الانقسام الفلسطيني وسلبية الموقف الرسمي الأقرب للعجز والانتظار
- الموقف العربي بين العجز والتواطؤ ( مجرد بيانات وتصريحات، مشاركة في فك الحصار عن اسرائيل، ومشاركة في التصدي للمسيرات والصواريخ الايرانية
- الافتقاد للشرعية السياسية وخاصة في بداية الحرب
- الخسائر الكبيرة في صفوف المقاومة وقياداتها
محكمة العدل الدولية
• مجرد قبول المحكمة دعوى جنوب افريقيا للنظر في شبهة ارتكاب جرائم ابادة هو بحد ذاته تطور مهم جدا يعني أن اسرائيل لم تعد فوق القانون الدولي وانها لن تفلت من العقاب
في كل مرة.
• المحكمة ليست بمنأى عن الضغوط الدولية وهذا رأيناه في الصياغة الحذرة للقرارات التي حاولت أن تكون متوازنة، وامتناعها عن اصدار أمر صريح بوقف الحرب ، أكبر دليل على ذلك هو موقف القاضية الاوغندية جوليا سيبوتيندي التي كانت أكثر انحيازا لاسرائيل من القاضي الاسرائيلي اهارون باراك.
• ما كشف النقاب عنه من ضغوط اسرائيلية على قضاة ومدعي المحكمة الجنائية الدولية يؤكد وجود ضغوط واغراءات لمحكمة العدل الدولية كذلك
• اثبات ارتكاب جرائم الابادة مسالة صعبة كما يقدر المختصون وخاصة مع قوة النظام القانوني الاسرائيلي واستقلاليته النسبية.
• وقد فشلت هذه المحكمة في اتخاذ اي قرار يوقف الحرب والإبادة، ومن المسائل المثيرة للدهشة والتي تطرح تساؤلات موضوعية قضية ترشيح رئيس المحكمة القاضي نواف سلام لرئاسة وزراء لبنان وقبوله هذا المنصب الي اتسم أداؤه فيه بملاحظات إشكالية تخص انحيازه للمطالب الغربية لنزع سلاح حزب الله.
المحكمة الجنائية الدولية
• هذه المحكمة المختصة بمحاكمة الأفراد من مرتبكي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لا تقل أهمية رعم انها هي الأخرى عرضة للضغوط الشديدة (سبق للولايات المتحدة أن فرضت عقوبات على المدعية العامة السابقة فاتي بنسودا)
المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الجنائي في جرائم الحرب
توجد ادوات قانونية مهمة جدا لملاحقة مجرمي الحرب هي المحاكم الوطنية في عديد الدول الأوروبية والغربية، حيث يجوز للمحاكم الوطنية في تلك البلاد (مثل بريطانيا واسبانيا وبلجيكا) أن تحاكم مجرمي الحرب.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي