المفاوضات: نقاط القوة والضعف واتفاق وقف الحرب في غزة (1 من 2)

نهاد ابو غوش
2025 / 10 / 15

نهاد أبو غوش
جاء الاتفاق على وقف الحرب في غزة بعد سلسلة طويلة من المفاوضات غير المباشرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركات المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، وعبر الوساطات الأميركية والمصرية والقطرية، والتي أفضت في أكثر من محطة إلى اتفاقيات جزئية، انتهت دائما بنقض إسرائيل لها، وقد انضمت تركيا في الأشواط الأخيرة لهذه المفاوضات.
المفاوضات كما هو معلوم هي مفاوضات غير مباشرة، وهي صيغة اعتمدت في جهود التهدئة خلال كل الحروب السابقة التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة، حيث تعتبر كل من الولايات المتحدة واسرائيل أن حركة حماس هي حركة ارهابية، ولا تجريان محادثات مباشرة معها، هناك صيغة مشابهة اعتمدت مع حزب الله خلال حرب تموز 2006 حيث أديرت المفاوضات من قبل الولايات المتحدة وفرنسا مع اسرائيل من جهة، ومع الدولة اللبنانية من جهة أخرى ومن خلالها تنقل الرسائل وتأتي الردود لحزب الله.
- مفاوضات اوسلو جرت في ظل تقديرات خاطئة مفادها أن اسرائيل باتت معنية بالسلام لأنه في صالحها، وأن اتفاق اوسلو على الرغم من سلبياته هو اتقاق انتقالي، ومحطة مؤقتة ستقود حتما لدولة فلسطينية، كل هذه الاوهام تبددت مع اغتيال رابين (11/1995) ومجيء نتنياهو في ولايته الأولى (1996) ونهاية المرحلة الانتقالية.
- تأجيل القضايا الاساسية (القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والحدود، والمياه، والوضع النهائي للأراضي المحتلة) مكن اسرائيل من استغلال سيطرتها وقوتها – فضلا عن الدعم الأميركي غير المحدود- لتغيير الواقع على الأرض بدون مفاوضات، وبمعزل عن الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة.
- اسرائيل ربطت السلطة بقيود واشتراطات جعلتها خاضعة للقوانين والاجراءات الاسرائيلية (التنسيق الأمني، التحكم في أموال المقاصة)
- اوسلو قيّد السلطة بأن كل شيء ومستقبل الصراع مرهون بالمفاوضات المباشرة ( ما يعني أن لاسرائيل حق الفيتو على قيام الدولة الفلسطينية) التي أسندت للولايات المتحدة فيها حق الرعاية الحصرية.
- يتضح تماما أن المفاوض الفلسطيني كان متعجلا للوصول الى اي اتفاق مهما كان سيئا ولذلك لم يلتفت للتفاصيل، بل ان ثمة بروتوكولات وتفاصيل وبنود في اتفاق اوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي، وملحقاتهما لم يقرأها أحد، وتفسير هذا التهاون هو أن قيادة منظمة التحرير كانت تخشى شطبها من المعادلة بعد حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفييتي، وخشية هذه القيادة من نشوء قيادات جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على اثر اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987.

اللافت أن أطراف التفاوض بالنسبة لحرب غزة هم الفريق الرباعي الذي يضم الولايات المتحدة واسرائيل، ومصر وقطر، وقد أضيفت لهم مؤخرا تركيا التي كان لها دور في الوصول إلى خطة ترامب.
اسرائيل طرف في الحرب وتشارك، الفلسطينيون هم الطرف الآخر ولا يشاركون لا من خلال السلطة ولا من خلال حماس وهذه صيغة فريدة للتفاوض. ويقع على عاتق المصريين والقطريين مهام نقل الرسائل إلى حماس وإقناعها عند الحاجةن وكانت إسرائيل تراهن أن دور الوسيطين العربيين هو الضغط على حركة المقاومة وهذا ما تسبب بمشكلات عديدة بين إسرائيل والطرفين العربيين وخاصة قطر.
الولايات المتحدة تشارك في المفاوضات كوسيط مع أن كثيرين يقدرون أنها شريكة في الحرب تسليحا وتمويلا وحماية سياسية وحتى مشاركة مباشرة في التخطيط والجهود العسكرية والاستخبارية، وهي تفرض نفسها بحكم قوتها وتأثيراتها على الأطراف الأخرى، بينما لا تشارك قوى دولية أخرى يمكن ان تكون أكثر حيادية وتوازنا مثل روسيا (بفعل العقوبات) والصين، وفرنسا وتركيا، ناهيك عن الأمم المتحدة ومؤسساتها، ولا الطرف العربي اللصيق بالقضية الفلسطينية أي الأردن.
من المفهوم ضمنا مشاركة مصر بحكم روابط الجغرافيا والتاريخ وعلاقتها بعلاقة غزة، دائما مصر تعتبر أن القضية الفلسطينية وقطاع غزة هي قضية أمن قومي.
قطر تشارك بفعل دبلوماسيتها النشطة التي تعتبر جهود الوساطة إحدى أدوات الدبلوماسية الناعمة لتعزيز مكانة هذه الدولة الصغيرة والغنية، وحضورها العالمي، وهي لعبت على مدار العقدين الماضيين ادوارا لافتة ومؤثرة تمثلت بالوساطة الناجحة في كثير من النزاعات العربية والافريقية والاسيوية ومنها: أزمات دارفور وجنوب السودان، أزمة الممرضات البلغاريات في ليبيا، أزمة افغانستان والعلاقات بين الولايات المتحدة وطالبان، الوساطة بين جيبوتي واريتريا، الحكومة اليمينة ايام علي عبد الله صالح وانصار الله (الحوثيين)، محادثات المصالحة الفلسطينية، اتفاق الدوحة اللبناني، كما لعبت دائما دورا في التهدئة بين حماس واسرائيل فيما عرف بدبلوماسية حقائب العمادي . وقد طورت قطر مركزا خاصا لإدارة الأزمات والوساطة ودربت فرقا متخصصة على هذا الصعيد

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي