اهمية وجود المنظمات غير الحكومية في المجالس متعددة الاطراف لمبادرة الشفافية

خالد الخفاجي
2025 / 5 / 6

تعتبر مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية تنظيماً حوكمياً متعدد الأطراف يشترك فيه كل من الدولة والشركات والمجتمع المدني, حيث تتمثل مهمتها في توفير قدر أعظم من الشفافية والمساءلة في ما يتعلق بحوكمة الصناعات الاستخراجية، خاصة فيما يتصل بالايرادات المالية. سنسلط دائرة الضوء هنا على ما يحفز مشاركة المنظمات غير الحكومية في مبادرة الشفافية وسعيها إلى ابتكار الافكارضمن إطار المبادرة، ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها والعوامل التي تحد من إنجازاتها, بالرغم من أن الكثير من الحكومات والشركات سعت في كثير من الأحيان إلى تقييد نفوذها داخل المبادرة, وفي الحالات الأكثر تطرفًا تم تجريم العديد من المشاركين من المنظمات غير الحكومية بهدف اقصائهم وتطويع الاخرين واستمالتهم, بينما وجد المنتقدين الأكاديميين وغير الحكوميين مبادرة الشفافية على أنها ليست أكثر من مجرد وسيلة لترويض المعارضة السياسية واستمالتها والمنظمات غير الحكومية المؤيدة لها الى صفها, وما بين الرأيين نستكشف الأسباب التي قدمتها المنظمات غير الحكومية المختلفة لقرارها بتخصيص الوقت والموارد للمشاركة في مبادرة الشفافية ومدى اعتقادها بأن هذه الاستثمارات كانت تستحق العناء وأدت إلى تحقيق الاهداف.
إن مبررات مشاركة المجتمع المدني في الحوكمة متعددة الأطراف قد ابتدأ في التوسع والبحث والممارسة منذ تسعينيات القرن المنصرم وصاعدًا, نتيجة فشل الحكومات والشركات في التنظيم الذاتي والتعبئة الشعبية لإشراك المواطنين، والحاجة المتصورة لإضفاءشرعية أكبر على عمليات الحوكمة. وقد تضاعف تمثل هذه المساحات متعددة الأطراف التي تسمح بمشاركة المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني على مستويات تجاوزت فيها الانشطة او الاهداف المحلية الى الدولية, وبالتالي فإن مبادرة الشفافية هي واحدة من مجموعة كبيرة متجانسة ومتنوعة من منصات الحوكمة متعددة الأطراف، وتحديدًا, هي واحدة من تلك المجموعات الفرعية الأصغر من المنصات التي تؤدي الوظائف الرقابية التي تنطوي على مراقبة مباشرة والتحقق من انشطة الشركات ومدى امتثالها لمعايير الشفافية. وهي مهمة بشكل خاص لأن التركيز سيكون على المدفوعات المالية المتعلقة بالصناعات الاستخراجية, وهذا يعني أن مهمتها هي السعي لتحقيق الشفافية للمصدر الأكثر أهمية للإيرادات الحكومية الاستخراجية - والاستثمار الاجنبي المباشر – ومكافحة الفساد الحكومي. وبهذا المعنى، فإن الأهمية الاقتصادية السياسية المحتملة لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية أعظم بكثير وأكثر حساسية من تلك التي تتمتع بها معظم المنصات متعددة الأطراف الاخرى.
ومن الأسباب المنطقية الاخرى لمشاركة المنظمات غيرالحكومية في منصات أصحاب المصلحة المتعددة الاطراف في العديد من المبادرات هو في كون الأساس المنطقي لتبرير مشاركة المنظمات غير الحكومية, هو أنها تستطيع تقديم ابتكارات وتقديم مطالب قد تكون غائبة عن المناقشات الثنائية بين الحكومات والشركات, ويمكن للمنظمات غير الحكومية أن تساعد في "وضع المعايير الاجتماعية والبيئية، ومراقبة الامتثال، وتعزيز إعداد التقارير والتدقيق الاجتماعي والبيئي، والتصديق على الممارسات الجيدة، وتشجيع الحوار بين أصحاب المصلحة و"التعلم الاجتماعي، كما يمكنها المساعدة في توفير قنوات لحوار أكثر شمولية. والحلول أو المعلومات البديلة، خاصة في السياقات التي قد تكون فيها المؤسسات الديمقراطية ضعيفة أو غير كافية. وبالتالي، تعد منصات أصحاب المصلحة متعددة الاطراف ساحة مهمة "للتفاوض التكاملي والتعلم الاجتماعي" بالإضافة إلى اتقان مهارات التفاوض, كما أن المنظمات غير الحكومية يمكنها الاستفادة من أنواع مختلفة من السلطة في هذه المجالات، سواء من خلال التفاوض على التنازلات، أو عن طريق حجب المشاركة عندما تتطلب القرارات تصويتها، أو أن غيابها أو انسحابها يلفت انتباه الجمهور.
وأخيرا .. لا يفوتنا ذكر الدمار البيئي الذي تتسبب به الشركات الاستخراجية في سعيها لتحقيق الارباح على حساب الطبيعة وبروز منظمات غير حكومية نشطت في الدفاع عن البيئة والكفاح من اجل الحفاظ على سبل عيش الافراد وطريقة معيشتهم, ونجاحها في فرض المعايير البيئية المعتمدة عالميا على الشركات كنوع من التزامات يجب القيام بها لحماية البيئة والسكان, كما استطاعت اجبار الشركات على تخصيص جزء من ارباحها كمنافع اجتماعية تستغل في تعويض ما خربته مكائنها واَلاتها, وزيادة المساحات الخضراء او تعويض المساحات المجرفة لتقليل نسبة الانبعاثات, وقد حدد خبراء المجتمع المدني, ان هناك خمسةأدواررئيسيةتلعبهاالمنظمات غير الحكوميةفيالإدارةالبيئيةالعالمية،وهي: جمع المعلومات وتحليلها, توفير المدخلات لعمليات وضع جدول الاعمال وتطوير السياسات, واداء الوظائف التشغيلية, وتقييم الظروف البيئية والامتثال للاتفاقيات البيئية, الدفاع عن البيئة وحمايتها.
وعلى الرغم من أهمية هذه الأدوار, فقد تقرر بعض المنظمات غير الحكومية عدم المشاركة في نشاطات أصحاب المصلحة المتعددة الاطراف, لأنها وعلى وجه التحديد, لا تريد إضفاء الشرعية على القرارات المتخذة التي لا تحقق المصالح المجتمعية، وتفضيلها البقاء بعيدا عن خطر الاستقطاب.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي