الليبرالية والديموقراطية، أيهما أحوج للآخر !؟

سليم نصر الرقعي
2025 / 3 / 22

الأسئلة الرئيسية لهذه الخواطر الفكرية السياسية:
ما الفرق الاساسي بين الليبرالية والديموقراطية؟ ومن وٌجد أولًا الليبرالية ام الديمقراطية؟ وهل يمكن ان تكون الدولة الليبرالية غير ديموقراطية!؟ وتكون الدولة الديموقراطية غير ليبرالية!؟ وما تأثير العامل الديني والعرقي والطبقي والذكوري فيهما؟
*********
الليبرالية تعني بشكل عام ((حفظ وضمان الحقوق الشخصية والانسانية للأفراد وخصوصياتهم وممتلكاتهم ، وليس بالضرورة الحقوق السياسية!)) وتعني ايضًا ((حفظ حقوق الاقليات الدينية والعرقية والثقافية)) وتعني أخيرًا ((حرية التجارة والسوق)) هذا هو المفهوم الاساسي لليبرالية، اما مفهوم (الديموقراطية) بشكل عام فيعني ((تداول السلطة وفق ارادة جمهور الامة من خلال انتخابات عامة نظيفة، بحيث تحكم الاغلبية السياسية البلاد لأجل معلوم، مع حق الافراد والأقلية السياسية في معارضة سياسات الاغلبية بشكل سياسي سلمي)) وهذا هو مفهوم الديموقراطية بالشكل المعاصر.
***
تأثير الجانب العرقي والديني والذكوري والطبقي على الليبرالية والديموقراطية
--------
الشيء المؤكد هنا أن أوروبا اصبحت (ليبرالية) قبل ان تصبح (ديموقراطية) لكن الملاحظ ان الليبرالية الأوربية لم تكن في بداياتها انسانية كاملة بل كانت ذات طابع قومي، فالسود و اليهود لم يكونوا في تلك المرحلة يتمتعون بنفس حقوق البيض والمسيحيين!! لكن لاحقًا وبعد عدة قرون تم، نظريًا ودستوريًا على الاقل، تجاوز هذه العقدة الثقافية في اوروبا وامريكا!

يجب ان نتذكر ان الديموقراطية منذ نشاتها البدائية الاولى في اثينا قبل ما يزيد عن 2500 سنة قامت على اساس قبلي!! حيث قامت على اساس اساس توزيع السلطات وفق المحاصصة القبلية بين قبائل اثينا ال12 مما يؤكد ان الديموقراطية لا يمكنها ان تنسلخ عن واقعها الاجتماعي والثقافي!

اسرائيل دولة ديموقراطية لكنها تقوم على اساس ديني، فاليهودية ديانة في الاصل وليست عرقًا، لكن الصهيونية نجحت في خداع العالم بالادعاء ان اليهود قوم وعرق بينما في الحقيقة هم ليسوا كذلك بل هم من قوميات وأوطان واعراق مختلفة لا يجمع بينهم الا الانتماء للديانة اليهودية وعلى هذا الاساس قامت ديموقراطيتهم اليهودية!؟

وهكذا حال الديموقراطية فهي في البداية لم تكن هناك حقوق سياسية للسود واليهود بل وحتى للنساء لا في الترشح ولا في التصويت !!، فقد كانت الديموقراطية في بداية أمرها متأثرة بالحالة القومية والعرقية والدينية بل والحالة (الذكورية) للمجتمعات الغربية وخصوصًا في امريكا، بل لعل الحالة الذكورية في امريكا لازلت سيدة الموقف اكثر حتى من الحالة العرقية والدينية، لذا لم تتمكن اية امرأة من الفوز بالرئاسة الامريكية!!، فكل المحاولات النسوية تحطمت على صخرة الذكورية المتأصلة في المجتمع الامريكي المتأثرة بثقافة المستوطنين رعاة البقر (الكاوبوي)!، بخلاف اوروبا فالذكورة اقل تأثيرًا فيها في مسألة الديموقراطية!

وكذلك لا يجب ان ننسى ان الديموقراطية نشأت في اوروبا في ظل الطبقية، فالشيء المؤكد ان بداية الديمقراطية في اوروبا كانت ذات اساس طبقي حيث كان مجلس الحكم (البرلمان) هو عبارة عن مجلس (علية القوم) اي من (اللوردات والشيوخ من امراء المناطق والجيش والاثرياء) ولا وجود لمجلس للعامة، اي عامة الشعب!، لكن ذلك (مجلس العموم) جاء لاحقًا بعد عدة قرون!!
***
هل يمكن ان تكون الدولة الليبرالية غير ديموقراطية!؟ وهل يمكن ان تكون الدولة الديموقراطية غير ليبرالية!؟
الجواب:
نعم، فالدولة الليبرالية يمكن ان تكون ديكتاتورية غير ديموقراطية! بل هذا ما كان أصلًا في اوروبا، وكلمة (ديكتاتورية) هنا لا تعني بالضرورة ممارسة الظلم والقمع وحرمان الافراد والاقليات من حقوقهم وخصوصياتهم، بل تعني انه لا وجود للتداول السلمي للسلطة وفق ارادة جمهور الامة!.. بل هذا ما كان يدعو له احد فلاسفة نظريات (العقد الاجتماعي) وهو المفكر (هوبز) الذي كان يروج للاستبداد الليبرالي، فالحاكم/الملك يحتفظ بالسلطة لنفسه وورثته، بموافقة مجموع الافراد لكن بشرط المحافظة على الليبرالية اي المحافظة على حقوق الافراد والاقليات وحرية الاقتصاد ، فنظرية هوبز اشبه بمسألة (الديكتاتور الليبرالي العادل)!، فالليبرالية نظريًا وتاريخيًا بل وحتى واقعيًا يمكن ان تكون ديكتاتورية غير ديموقراطية، وهي النظام الافضل والامثل عند (هوبز)!!

لكن هل الديموقراطية يمكن ان تكون غير ليبرالية ؟!!

جوابي: نعم لكن هذا سيعني بالضرورة انها ستكون ديموقراطية شعبية شعبوية سرعان ما تنزلق لحكم شمولي مطلق لصالح (الزعيم/الفرد) و(الحزب الحاكم) المسيطر والفائز دائمًا بالانتخابات العامة، فهي ستكون بالنتيجة ديموقراطية شعبوية تؤدي الى ديكتاتورية شمولية غير ليبرالية!، فالديموقراطية تحتاج لليبرالية اكثر بكثير من حاجة الليبرالية للديموقراطية!
************
أخوكم العربي/البريطاني المحب

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي