عن الدين و السياسة ‍‍!

خليل قانصوه
2025 / 3 / 22

نطرح هذا الموضوع انطلاقا من موقفنا مبدئيا من أن الانغماس الفردي و الجمعي ، في النشاط السياسي على شكل فرقة دينية او طائفة دينية ، هو غير منطقي وذو نتائج سلبية . تحسن الإشارة هنا ، إلى ان الانتماء إلى ديانة معينة لا يكون غالبا ، إراديا وإنما هو وراثي ، بالرغم من أن النصوص الدينية نفسها تعرف المعتقد و الإيمان بما هو مسعى فردي و بأن الفرد يُسأل في الآخرة عن أعماله ، حيث لا يشفع أحد لغيره .
مجمل القول ، ان المعتقد الديني هو مسألة تخص الفرد بذاته في حين أن السياسة ذات أبعاد إدارية جماعية أضف إلى ان المعتقد الديني يتميز بالثبات على عكس السياسة التي تتغير و تتبدل بحسب الظروف و خيارات الجماعة التي ترتضيها .
انتقل بعد هذه التوطئة الى التجارب السياسية في بلدان المشرق و شمال إفريقيا ، التي أفسحت للجماعات الدينية مجالا لممارسة دور سياسي في المجتمع ، مؤيد للنظام أو معترض على أدائه . لا بد من الملاحظة بهذا الصدد ، ان نظام الحكم كان يستخدم أحيانا ، هذه الجماعات الدينية بمبادرة منه ، ضد منافسيه ، علما أن المستخدِم يأجر المستخدَم ، و أحيانا أخرى كانت هذه الجماعات تأخذ المبادرة بنفسها أو بإيحاء من " اشقائها في الدين ـ السياسي" من خارج بلادها ، لمقارعة السلطة فيها ، فمن مميزات هذه الجماعات أنها من وجهة نظرنا ، ليست وطنية "منشأ و أهدافا " .
استنادا إليه ،الرأي عندنا أن هذه المعطيات جميعا ، تفسر لنا إلى حد بعيد ، تعثر قيام الدولة الوطنية في البلدان التي أشرنا إليها ، أو بتعبير أدق فشل مشروع الدولة الوطنية و ما نجم عنه من تفكك في المجتمعات و اقتتال فيما بين مكوناتها التي لم تندمج في مجتمع وطني أو شراكة وطنية حقيقية .
مهما يكن فإننا لا نستطيع إيفاء موضوع " انغماس الدين في السياسة " حقه لأنه ذو تفاصيل عديدة ، لا يتسع هنا المجال لها ، و لكننا نذكر بأن هذا الانغماس بدأ في بداية القرن الماضي و ما يزال مستمرا إلى اليوم ، و بالتالي من حقنا أن نبحث عن تأثيراته التي تراكمت على مدى قرن و نيف من الزمن حتى الآن ، في الأوضاع الصعبة الخانقة التي يعاني منها الناس في البلدان التي استفحلت فيها جماعات الدين السياسي حيث امتلكت هذه الأخيرة أحيانا قدرات مادية تفوق قدرات السلطة التي تسعى إلى اسقاطها و الحلول مكانها ، و جندت في عداد مقاتليها الألاف من " الأنصار و المهاجرين " . فصار يحسب لها حساب ليس فقط على الصعيد المحلي و الإقليمي و إنما أيضا على الصعيد الدولي ، على ذمة الأخبار عن مشاركتها في القتال في مسارح عمليات اجنبية مثل يوغوسلافيا و أوكرانيا ، و على الأرجح في حروب أخرى بين الحربين في هذين البلدين ، ما يبرر فرضية تبادل خدمات بينها من جهة و بين حلفاء لها على تلك المسارح .
خلاصة القول في الختام ، أن كثيرين من الناس في المشرق و في شمال إفريقيا يبحثون اليوم عن وطن ، و ان قسطا من المسؤولية يقع على جماعات الدين السياسي !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي