العنف المجتمعي

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 3 / 12

يثير الضحك ويدعو الى العجب عند الاشارة الى هذه الظاهرة القول بأنها غريبة على مجتمعنا ، وكأن مجتمعنا مجموعات من الأنبياء والملائكة والمعصومين عن الأخطاء والخطايا ، لا يتأثر بما تتأثر به المجتمعات . العنف المجتمعي أيا كانت أشكاله ، عرض لمشاكل أعمق مما يجري على السطح . الخطوة الأولى في مسار العلاج ، الصدق في التشخيص والتحليل واجتراح الحلول المبدعة من دون تحامل أو رياء أو تملق ، ومن دون هروب من مواجهة المشكلة ، وتسمية الأشياء بمسمياتها. لعل في مقدمة أسباب المشكلة، أن الشباب وهم الأغلبية في مجتمعاتنا العربية يعيشون حالة فراغ روحي ، وقلق من الحاضر ، وتوجس من المستقبل . لديهم أحلام وطموحات ، لكنهم عندما يصطدمون بالواقع يصابون بالاحباط لعدم امكانية تحققها ، وتتولد لديهم مشاعر يأس وكبت يتم تنفيسها أحيانا بالعنف . مجتمعاتنا تعيش مرحلة انتقالية تبحث عن جديد يحاكي العصر ولا تعرف كيف الطريق اليه ، والحوار الحقيقي ليس راسخا في منظوماتنا المعرفية. رجال الدين الأعلى صوتا في مجتمعاتنا ، يشدون الشباب الى الماضي ،ويغرقونهم بالدروشة ، وأقانيم الحلال والحرام ، وهم على أية حال لا يملكون اجابات على أسئلة الحاضر ، وتحديات المستقبل . النخب المثقفة تائهة أيضا عدا عن كونها معزولة عن الناس ، ومحدودة التأثير . المنطقة تعيش تطورات باغتت الجميع ، والعالم المتقدم يشهد تطورات علمية وتكنولوجية وحياتية مذهلة ، والشباب العربي وشبابنا الأردني جزء منه ، يشعر بالأسى والحسرة وهو يرى ويلمس الفارق المذهل في التقدم بيننا وبين "الآخر" ، وليس لديه قواعد فكرية معيارية يستطيع الاتكاء عليها للتعامل مع ثقافة الأقوياء التي تضخها وسائل الاعلام وتكنولوجيا الاتصال سريعة الأثر ، وقوية التأثير . وتزداد حيرة الشباب عندما لا يجدون مشروعا أو مشروعات نهضوية قادرة على استقطابهم ، وتوجيه طاقاتهم واستثمارها . هذا عدا عن تداعيات مشاكل الفقر والبطالة وقلة فرص العمل ، والشعور بعدم العدالة والمساواة . وثمة سبب آخر قليلا ما يتم التوقف عنده والاشارة اليه ، مع أنه لا يقل تأثيرا في تداعياته عما سبقه . فالدولة لم تنضج بعد في العقل السياسي العربي وفق المفاهيم العصرية الحديثة المرتكزة على المواطنة والحقوق والواجبات لأسباب كثير ة ليس هنا مجال ذكرها ، وهذا ما يدفع الانسان العربي الى الانتماء للقبيلة والعشيرة والطائفة والمذهب ، أكثر من انتمائه للدولة . هذه برأيي أهم أسباب ظاهرة العنف المجتمعي ، والشبابي منه على وجه التحديد ، أما اجتراح الحلول فهو مسؤولية جماعية ، وقضية مطروحة للنقاش ، ولها الأولوية. وفي الأحوال كلها علينا ألا ننسى أن التشخيص الدقيق للمشكلة يعادل 60% على الأقل من الحل.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي