وضع غير قابل للإستمرار !

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 3 / 8

ما إن تحيق ببلد عربي أزمة تضطرب بسببها أوضاعه الداخلية ويتوزع القوم في خنادق الفتنة ومتاريسها، حتى ينفجر خزان الماضي في الحاضر دفعة واحدة. فتطفو على السطح التعابير العصبوية، وكل ما ينهض دليلًا ساطعًا على أن عرب الحاضر أخفقوا في بناء دول حديثة. معيب ومدعاة للأسف الأسيف أن نسمع في دولة مثل سوريا، أنجبت أعلامًا في ميادين الفكر والثقافة على مر الأزمان، تعابير مثل سنة وشيعة ونصيرية وعرب ودروز وأكراد، وما يماثلها من تعابير ذات جذور قروسطية. سوريا أبي العلاء المعري، وصادق جلال العظم، ونزار قباني، والماغوط وغيرهم الكثير من أعلام الفكر التنويري التقدمي الحر، تردت أحوالها إلى ما تشقى به اليوم.
ليس هذا فحسب، بل تبدأ الغرغرة على أسطوانات المؤامرة، فالكل يتهم الكل بأنه أداة تآمر مع الخارج، والنتيجة في المحصلة الكل عملاء. يغيب عن الأذهان أن دولة الحاضر العربية ذاتها رسم حدودها الاستعمار، وفي حالات معينة جاء الاستعمار ذاته بالأسر الحاكمة. ومن مهازل حاضرنا، أن أنظمة الحكم أول من يبادر إلى اتهام الخصوم بالتآمر مع "الخارج" علمًا بأنها هي ذاتها إما صنيعة "الخارج"، كما قلنا قبل قليل، أو تحكم بانقلاب ل"الخارج" دوره في إنجاحه. وليس يفوتنا التذكير بأن العرب لم يعرفوا أسلوبًا لتداول الحكم، منذ 1500 سنة على الأقل وحتى يوم الناس هذا، غير التوريث أو الانقلاب.
الدين حاضر، ولكن بتوظيفه في خدمة أياطيل المصالح الدنيوية والزج به في التواءات السياسة ومساربها الوعرة. الأنظمة توظف الدين في الإتجاه المناسب لمصالحها وفسادها، وقوى المعارضة تفعل الشيء ذاته. ويسهل الدين نفسه مهمة الطرفين، وبشكل خاص قابلية النص الواحد من نصوصه للتفسير في أكثر من اتجاه، بل وفي اتجاهين متعارضين أحيانًا.
أصبحنا فُرجة العالم، في القرن الحادي والعشرين.
ما ذكرنا أدلة نرى أنها لا تحتمل الجدل لجهة التأكيد بأن العرب أخفقوا في بناء دول دول مدنية حديثة، فما نزال في مرحلة دولة الأسرة والقبيلة والمذهب والطائفة، أو في أفضل الحالات، الحاكم المطلق الملهم العبقري فريد عصره. هذا يعيدنا إلى الحال التي كانت عليها أوروبا قبل حوالي أربعة قرون. فقد كانت دويلات وممالك متصارعة ومنقسمة على ذاتها، وكانت الكنيسة ذات دور سياسي بإسم "الحق الإلهي". اندثرت دويلات أوروبا وتدحرجت إلى بطون كتب التاريخ، حيث ذابت في دولة الأمة الواحدة القوية، وهذا ما سيحصل في البلاد العربية لكن السؤال هو متى.
ونرى أن الواقع المرير بثقافته المأزومة، هو محطة قد تطول وقد تقصر في هذا الإتجاه. أما الوضع الراهن فإنه قطعًا غير قابل للإستمرار.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي