بصراحة إلى مؤيدي التهجير منا !

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 2 / 8

وقعت عيناي بالصدفة على مقطع بالصوت والصورة، في صفحات وسائل التواصل الإجتماعي، يحذر فيه المتحدث من تبعات قطع المساعدات الأميركية للأردن، إذا رفضنا التهجير. النبرة تتجاوز التحذير إلى التهديد، بدليل تذييل التحذير بالقول إن الدولة حينها لن تستطيع أن توظف وقد لا تتمكن من الاستمرار بدفع الرواتب!
هذا مضمون ما شاهدت وسمعت، كوني لست من متابعي الإعلام الأردني المرئي والمسموع لأسباب أعلم أن أردنيين كُثُر يشاركوني بها. باختصار المتكلم، يدعو الأردن إلى قبول تهجير الشعب الفسطيني من غزة إلى الأردن. طيب، تِكْرم ولا يهمك. قَبِلْنا، وبررنا قبولنا ببعض "الهمبكات" المعروفة من نوع "دعم الأشقاء وعدم التخلي عنهم في ظروفهم القاسية"، فهل تضمن يا صاحب الصوت والصورة رعاك المولى ألا يدعونا "شركاؤنا في عملية السلام العادل والشامل" بضوء أخضر أميركي ودعم كامل من البيت الأبيض، إلى أن "نُكمل معروفنا مع الأشقاء في الضفة وألا نتخلى عنهم في محنتهم" ونقبل بتهجيرهم إلى الأردن أيضًا؟! وهل بمقدورنا حينها أن نقول "لا" بعد أن وافقنا على استقبال أهل غزة، هذا على فرض أن فلسطينيًّا واحدًا سيقبل الرحيل من أرض آبائه وأجداده؟!
ألا ترى يا صاحب الصوت والصورة أن قبولنا بتهجير الشعب الفلسطيني من وطنه، يعني بصريح العبارة أننا وضعنا أنفسنا جهارًا نهارًا وعلى رؤوس الأشهاد في خدمة المشروع الصهيوني؟! ولَكَ أن تتخيل يا صاحب الصوت والصورة حينها منزلتنا حتى بنظر أنفسنا، فكيف بالنسبة للآخرين في المنطقة والعالم كله!!!
لا أظن أن صاحب الصوت والصورة لم يسمع بشعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، المنسجم تمامًا مع أهم عناصر الإستراتيجية الصهيونية، ونعني إخلاء فلسطين من أهلها بالقتل والتهجير.
لنفرض يا صاحب الصوت والصورة حصول معجزة، وجرى ترحيل أهل غزة والضفة وقسم من عرب فلسطين المحتلة سنة 1948 إلى الأردن، ماشي. فهل تضمن ألا تخرج "حمامة السلام اسرائيل"، بعد زمن لن يكون بعيدًا، علينا بالقول، ها هي الوثائق البريطانية تؤكد أن الأردن جزءٌ من وعد بلفور. مساحة فلسطين التي وافقتم مشكورين على إخلائها وتركها لنا بالكاد تصل إلى 27 ألف كيلومتر مربع. في المقابل مساحة الأردن، حوالي 90 ألف كيلومتر مربع. فهل من الإنصاف أن تكون حصتنا نحن "شعب الله المختار" المتقدم علميًّا وتكنولوجيًّا، فقط خُمس الأرض المشمولة بوعد بلفور البالغة 117 ألف كيلومتر مربع؟! هذا ليس عدلًا أبدًا، تعالوا نتقاسم الأردن على الأقل مناصفة. بالطبع الغرب الأنجلوساكسوني (أميركا وبريطانيا) خاصة، سيدعم أباطيل الصهاينة بلا تحفظ، كما هو شأنه دائمًا حتى قبل زرع الكيان في فلسطين.
بعد ذلك، ستكون شهية الصهاينة قد انفتحت بالكامل مزهوين بما يدعونا صاحب الصوت والصورة إلى البدء به، لتحقيق مشروع اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
أما بخصوص تهديد صاحب الصوت والصورة بتبعات وقف المساعدات الأميركية، فإنه ويا للمفارقة، يهين الأردنيين من جهة، ويدين النهج القائم، في الجهة المقابلة أراد ذلك أم لم يُرِد. كيف؟ فهو يكاد يقول إن الدولة قد تفلس من دون المساعدات الأميركية، والإنصياع لطلب ترامب والصهاينة باستقبال الفلسطينيين المهجرين من وطنهم. هذا يعني باختصار، دعوة الحُرَّة إلى أن تأكل بثدييها.
ولكن من الذي أوصل الحُرَّة إلى هذا الوضع الذي لا تُحسد عليه؟!
انخرط الأردن الرسمي في "عملية السلام العادل والشامل" ووقع اتفاقية وادي عربة، وأتبع ذلك باتفاقيات الماء والغاز، فماذا جنينا من هذا الإندفاع من دون ضوابط صوب العدو التاريخي لنا وللأمة التي نحن جزءٌ منها؟! ها هو الأردن يشقى بأزمة اقتصادية خانقة، وبطالة تكبر كل سنة وجيوب فقر تتسع. فما قول صاحب الصوت والصورة بذلك؟!
أما الوظائف التي يحذر صاحب الصوت والصورة من تبخرها إذا انقطعت عنا مساعدات أميركا، فالحكومات الأردنية ذاتها، أعلنت أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، أن المتبقي منها نزر يسير وفي حدوده الدنيا.
يا صاحب الصوت والصورة، في الفم ماء، لكننا سنغافله ونتساءل: من المسؤول عن إيصال دولة عمرها 104 سنوات إلى حد تَوَقُّف مصيرها على مساعدات أميركا والرضوخ لمطالبها في خدمة المشروع الصهيوني، على حساب كرامتنا وشرفنا الوطني والقومي؟!
وإذا كنا نؤمن فعلًا بأننا دولة مواجهة مع عدو لا يعترف بالأردن أصلًا ويراه جزءًا من وعد بلفور، ألم تكن 104 سنوات كافية لبناء اقتصاد حرب يقينا ذُل الإستجداء من أميركا الداعم الرئيس لعدونا؟!
على أرضية تساؤلات من هذا النوع تتناسل أسئلة وتساؤلات كثيرة، نكبح جماحها في سطورنا هذه، لاعتقادنا بأن وقت طرحها يقترب.
ونختم بالتأكيد على أن وطننا الأردن، يتوفر على موارد بشرية وطبيعية يمكن أن تضمن لنا الإكتفاء الذاتي والعيش الكريم. فلا يوجد دولة من دون ثروات طبيعية وموارد، ولكن هناك سياسات فاشلة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي