إسرائيل كأداة للهيمنة الأمريكية: قراءة في الأدوار والوظائف الإقليمية

حمدي سيد محمد محمود
2025 / 2 / 8

يعد التحالف الأمريكي-الإسرائيلي واحدًا من أكثر التحالفات السياسية والعسكرية عمقًا واستمرارية في النظام الدولي الحديث، حيث تجاوز كونه مجرد علاقة استراتيجية ليصبح جزءًا من العقيدة السياسية للولايات المتحدة، بغض النظر عن هوية الرئيس أو الحزب الحاكم. منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948، التزمت الولايات المتحدة بدعمه على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، معتبرة إياه امتدادًا لمصالحها في الشرق الأوسط. هذه العلاقة لم تتأثر بتغير الإدارات الأمريكية، بل استمرت كسياسة ثابتة، قائمة على أسس أيديولوجية ومصالح استراتيجية مشتركة. ومع كل تصعيد في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يظهر بوضوح أن واشنطن ليست فقط راعيًا لهذا الكيان، بل شريكًا فعليًا في تثبيت وجوده وتوسع نفوذه على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

التحالف العابر للرؤساء والأحزاب

لا يمكن تفسير الدعم الأمريكي لإسرائيل على أنه مجرد سياسة تتغير بتغير الرؤساء، بل هو التزام مؤسساتي متجذر في بنية صنع القرار الأمريكي. فمنذ عهد الرئيس هاري ترومان، الذي كان أول من اعترف بالكيان الإسرائيلي، وصولًا إلى الإدارات الحديثة، لم تتغير القاعدة الصلبة لهذا التحالف. سواء أكان الرئيس ديمقراطيًا مثل باراك أوباما وجو بايدن، أم جمهوريًا مثل دونالد ترامب وجورج بوش، فإن الدعم الأمريكي ظل حاضرًا بأشكال متعددة.

في عهد ترامب، نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، واعترفت بها عاصمة لإسرائيل، وباركت التوسع الاستيطاني، فيما عزز بايدن دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا خلال عدوانها على غزة في معركة "طوفان الأقصى"، مؤكدًا أن أمن إسرائيل هو التزام مقدس. هذه الاستمرارية في الدعم تعكس عمق النفوذ الإسرائيلي داخل المؤسسات الأمريكية، حيث تلعب جماعات الضغط الصهيونية مثل "أيباك" دورًا محوريًا في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية.

الأبعاد الاستراتيجية للدعم الأمريكي

تستند العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية إلى أبعاد متعددة، أبرزها:

- البعد العسكري: تعد إسرائيل أحد أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأمريكية، حيث تحصل سنويًا على مليارات الدولارات من الأسلحة المتطورة، فضلًا عن دعم مشاريع الدفاع الصاروخي المشترك مثل "القبة الحديدية".

- البعد السياسي والدبلوماسي: استخدمت الولايات المتحدة الفيتو عشرات المرات في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من أي قرارات تدين انتهاكاتها ضد الفلسطينيين. كما تقود واشنطن الجهود الدولية لتطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية والإسلامية.

-البعد الاقتصادي والتكنولوجي: توفر الولايات المتحدة دعمًا اقتصاديًا سخيًا لإسرائيل، وتشجع الشركات الأمريكية الكبرى على الاستثمار هناك، فضلًا عن الشراكات التكنولوجية في مجالات الدفاع والذكاء الاصطناعي.

-البعد الأيديولوجي والثقافي: ينظر كثير من السياسيين الأمريكيين إلى إسرائيل على أنها امتداد للقيم الغربية في منطقة الشرق الأوسط، مما يجعل دعمها مسألة تتجاوز المصالح إلى العقيدة السياسية.

إسرائيل كأداة للهيمنة الأمريكية

لا يقتصر دور إسرائيل على كونها حليفًا للولايات المتحدة، بل تتجاوز ذلك لتكون أداة مباشرة في تنفيذ سياسات واشنطن الإقليمية. فقد استخدمت إسرائيل لتقويض أي قوى عربية أو إسلامية قد تهدد المصالح الأمريكية، سواء عبر التدخلات العسكرية غير المباشرة أو من خلال تحييد الأنظمة المعادية للولايات المتحدة. كما لعبت دورًا أساسيًا في عمليات التجسس والتخريب الإلكتروني التي استهدفت دولًا في المنطقة، بالإضافة إلى إشعال النزاعات الداخلية لإضعاف العالم العربي.

إن العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية ليست مجرد تحالف سياسي عابر، بل هي تحالف استراتيجي عميق الجذور، يخدم مشروعًا استعماريًا متكاملًا في المنطقة. استمرار هذا الدعم، بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي، يؤكد أن قضية فلسطين ليست مجرد صراع مع إسرائيل وحدها، بل هي صراع مع قوى الهيمنة العالمية التي تسعى إلى فرض واقع استعماري جديد. أمام هذا الواقع، لا بد من مقاربة عربية وإسلامية موحدة لمواجهة هذا النفوذ، من خلال استراتيجيات سياسية ودبلوماسية وإعلامية، تستند إلى الوعي بحقيقة هذا التحالف وآثاره على مستقبل القضية الفلسطينية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي