|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

ثائر ابو رغيف
2025 / 2 / 5
في تصريحٍ أثار جدلاً واسعاً هذا أليوم، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترمپ إلى "رحيل سكان غزة" عن أرضهم بشكلٍ نهائي، مُعلناً موقفاً يُعطي ألحق للجاني ضد الضحية في الصراع الفلسطيني-ألصهيوني. هذا التصريح ليس مجرد انحيازٍ سياسي معتاد، بل هو تعبيرٌ صارخ عن رؤية تُشرعِن العقاب الجماعي وتتجاهل جذور الأزمة الإنسانية والقانونية في واحدة من أكثر مناطق العالم تعقيداً. فكيف يمكن قراءة هذه الدعوة في سياقها التاريخي والسياسي؟ وما آثارها على العدالة الدولية وحقوق الإنسان؟
السياق التاريخي: غزة بين الحصار والنزوح القسري
قطاع غزة، الذي يُعدّ من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني تحت حصار إسرائيلي مُطبق منذ عام 2007، مع تضييق على حركة الأفراد والبضائع، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية. تاريخ القطاع مليء بحلقات النزوح القسري، بدءاً من نكبة 1948، مروراً بالاحتلال ألصهيوني عام 1967، ووصولاً إلى الحروب المتكررة التي خلّفت آلاف الضحايا والمشردين. مطالبة سكانه بمغادرته اليوم تُذكّر بسياسات التهجير القسري التي تتعارض مع القانون الدولي، خاصةً المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على حق الفرد في عدم انتزاعه من أرضه تعسفياً
ترمپ وخطاب التطبيع مع الظلم
لم يكن تصريح ترمپ منفصلاً عن سجلّه الداعم للسياسات ألصهيونية المتطرفة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمةً لكيان الصهيوني وتمرير صفقة القرن، التي هدفت إلى إضفاء الشرعية على الاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية. خطابه يكرّس سرديةً تختزل الصراع في "أمن إسرائيل" متجاهلاً حقوق الفلسطينيين، بل ويُحمّل الضحايا وزر العنف الناتج عن احتلال أراضيهم. بذلك، يُعاد إنتاج نفس المنطق الاستعماري الذي يعتبر الشعوب الأصلية عقبة أمام "الاستقرار"، ويُبرّر تفكيك وجودها
المعضلة الأخلاقية: هل يُعاقب المدنيون على جرائم الاحتلال؟
المدنيون في غزة ليسوا طرفاً في صنع القرار السياسي أو العسكري تحت حكم حركة حماس, معاقبة السكان المدنيين بالتهجير بسبب أفعال فصيل مسلّح يُشكّل انتهاكاً لمبدأ "التمييز" في القانون الإنساني الدولي، الذي يفصل بين المقاتلين والمدنيين. كما أن الدعوة إلى إخلاء غزة تُشبه مطالبة ضحايا العنف بالاستسلام لمصيرهم، بينما يُعفى (بل يكافىء) الجاني من المساءلة. هذا ليس فقط تشويهاً للعدالة، بل تكريساً لثقافة الإفلات من العقاب
التداعيات: من مخاطر التطهير العرقي إلى انهيار الشرعية الدولية
إذا كانت الدعوات السابقة لترحيل الفلسطينيين تُنسب عادةً لليمين ألصهيوني المتطرف، فإن تبنيها من قِبَل زعيم دولي بارز مثل ترمپ يمنحها زخماً خطيراً. مثل هذه الخطابات تُطبع فكرة التطهير العرقي، وتُضعف الجهود الدولية لحل الصراع عبر مفاوضات تقوم على أساس دولي، مثل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحق العودة وحل الدولتين. كما أنها تُغذي العنف من الجانبين، عبر تحويل الصراع من سياسي إلى وجودي
البديل: نحو عدالة شاملة لا تهجير
الحل الجذري لأزمة غزة لا يكمن في تفريغها من سكانها، بل في رفع الحصار، ومحاسبة طرفي الصراع على انتهاكات القانون الدولي، وإعادة إحياء عملية سلام تضمن حقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة. هذا يتطلب وقف الدعم الغربي للاحتلال، والضغط على الكيان ألصهيوني لإنهاء عمليات الاستيطان، ودعم منظمات المجتمع المدني التي تُعلي صوت الضحايا.
أخيراً مالفت الإنتباه في تصريحات ترمپ (بحضور نتنياهو ألذي بدى ثملاً بكلام ترمپ) هو تصرفه كمقاول عقارات وإستحضاره لكلام صهره ألصهيوني جارد كوشنر بخصوص القيمة ألعقارية ألكبيرة لسواحل غزة فليس هناك جدية حول إنهاء صراع أو إقامة سلام انما قيمة عقارية وخدمة للصهيونية العالمية.
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |