|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

ثائر ابو رغيف
2025 / 1 / 30
العلاقة بين العدميّة والفوضويّة موضوع مثير للاهتمام لأنه يتعامل مع مفاهيم فلسفيّة وأيديولوجيّة تتعلق بالنظام، والسلطة، والوجود.
العدميّة والفوضويّة هما اتجاهان فكريان يتقاطعان في بعض النقاط، ولكنهما في ذات الوقت يعبران عن رؤى مختلفة حول المجتمع والوجود البشري. بينما ترتكز العدميّة على فكرة عدم وجود معنى أو غاية للوجود، تركز الفوضويّة على رفض السلطة والنظام الاجتماعي المفروض، ويظهر التداخل بينهما في مواقف متشابهة حول السلطة والحكم.
أولًا: العدميّة
العدميّة هي فلسفة تنكر المعنى أو الغاية المطلقة في الحياة، وتؤكد على عدم وجود قيمة نهائية أو ثابتة لأي شيء. ظهرت العدميّة بشكل بارز في أعمال الفلاسفة مثل فريدريك نيتشه، الذي عارض الأيديولوجيات التقليدية المرتبطة بالديانات والقيم الاجتماعية
العدميّة يمكن أن تكون تجربة شخصية تهدف إلى التحرر من القيود التقليدية أو قد تُفهم كـ "موقف فكري" ينكر كل شيء تقليدي. بالنسبة للعدميين، فإن غياب الغاية من الحياة لا يعني بالضرورة حالة من الفوضى أو الفشل، بل هو دعوة للبحث عن "معنى" فردي (تتشارك مع ألفكر ألوجودي في هذه ألنقطة).
ثانيًا: الفوضويّة- الأناركية
حركة سياسية واجتماعية تسعى إلى إلغاء كافة أشكال السلطة والهيمنة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو دينية. يعتقد الفوضويون أن المجتمع يجب أن يُبنى على أساس التعاون الطوعي (شبه نظرية ألمشاعة ألبدائية لدى كارل ماركس) بين الأفراد والمجموعات بدلاً من الهيمنة من قبل الدولة أو أي سلطة مركزية فالفوضويّة تتحدى فكرة الدولة وتؤمن بأن الحرية الحقيقية لا تأتي إلا عندما يُلغى النظام القسري
من بين الفلاسفة المعروفين الذين ساهموا في تطوير الفكر الفوضوي: بيتر كروبوتكين (فوضوي وجغرافي روسي معروف بأنه من أنصار الشيوعية الفوضوية - الأناركية رغم أصوله الإرستقراطية) ، ميخائيل باكونيّن (ثوري روسي أناركي. وهو من بين الشخصيات الأكثر تأثيرًا في الحركة الأناركية وشخصية بارزة في التقاليد الاشتراكية الثورية والفوضوية الاجتماعية والفوضوية الجماعية)، وإيما گولدمان (ثورية أناركية من مواليد ليتوانيا، ناشطة سياسية وكاتبة. لعبت دورًا محوريًا في تطوير الفلسفة السياسية الأناركية في أمريكا الشمالية وأوروبا في النصف الأول من القرن العشرين).
ثالثًا: العلاقة بين العدميّة والفوضويّة
العلاقة بين العدميّة والفوضويّة تظهر بوضوح في بعض الحالات. فالفوضويون يمكن أن يتبنون بعض جوانب العدميّة، خاصة في رفضهم للسلطة والإيمان بعدم جدوى الأنظمة السياسية والاقتصادية التي تحكم المجتمع. من ناحية أخرى، قد يرى بعض العدميين الفوضويّة كأحد الأساليب التي يمكن أن تؤدي إلى "تحرير" الفرد من قيود السلطة ومع ذلك، يمكن تحديد بعض الفروق الجوهرية بين الفلسفتين:
الهدف النهائي: الفوضويّة تسعى إلى إقامة مجتمع مبني على أسس من التعاون والتضامن، بينما العدميّة تنكر أي غاية نهائية أو معنى لأي ترتيب اجتماعي
النظرة إلى الحياة: العدميّة تتسم بالتشاؤم حول وجود أي معنى للوجود، في حين أن الفوضويّة غالبًا ما تركز على إمكانية بناء عالم أفضل من خلال التخلص من النظام القائم
الموقف من السلطة: الفوضويّة ترفض السلطة في جميع أشكالها، بينما العدميّة قد لا تهتم بتشكيل بديل عملي للسلطة، بل تركز على فكرة الوجود بدون قيود معنوية أو وجودية
في ألختام يمكن القول إن العدميّة والفوضويّة قد تتداخلان في بعض الجوانب من حيث النظرة إلى السلطة والوجود البشري، ولكن الفوضويّة غالبًا ما تسعى إلى بناء نظام اجتماعي بديل، في حين أن العدميّة تركز على العدم وعدم وجود غائية واضحة. على الرغم من الاختلافات بينهما، فإن كلا الفلسفتين تشتركان في نقد الأنظمة التقليدية والتأكيد على أهمية الحرية الفردية.
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |