![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 1 / 21
كانت أولى هذه المفاجآت ظهور أبطال المقاومة بسلاحهم الخفيف الحديث، وبقدراتهم التنظيمية المبهرة وسيطرتهم الكاملة على المشهد خلال عملية تسليم أسيرات الكيان، وأين؟ في قلب مدينة غزة، وعلى وجه التحديد في مناطق كان جيش النازية الصهيونية قد دخلها أكثر من مرة، وأعلن مرارًا وتكرارًا عن تصفية المقاومة فيها. وما دراه إنه بإعلانات من هذا النوع إنما قدم دليلًا فاقعًا على فقدانه هيبته، وسقوط خرافة "جيشه الذي لا يُقهر" إلى الأبد. رسالة المقاومة واضحة، ونرى أنها وصلت العناوين المطلوبة، ومفادها: مستمرون ما دام آخر احتلال في التاريخ قائمًا، بل ونزداد إصرارًا وتصميمًا وعزيمة. نحن في الجانب الصحيح من التاريخ، وأنتم في جانبه المظلم...
ظهر أبطال المقاومة وكأنهم يعلنون على الملأ تأهبهم لخوض حرب، وليس كمن خاض حربًا دامت 471 يومًا، استخدم فيها جيش النازية الصهيونية أحدث أدوات القتل والتدمير أميركية الصنع، باستثناء السلاح النووي، لكنه أخفق في تحقيق أيٍّ من أهدافه. باعتراف وزير خارجية الكيان، لم يتمكنوا من تحرير أسير واحد بالقوة. أما رئيس الموساد، فذهب إلى القول: "الصفقة مريعة، لكن يجب تنفيذها نظرًا للظروف التي وصلت إليها اسرائيل".
كان الإخفاق حليفهم في تهجير الشعب العربي الفلسطيني من أرضه، وهو الهدف الإستراتيجي الرئيس للعدو.
لم يجد العدو بُدًّا من وقف إطلاق النار، فماذا بإمكانه أن يفعل أكثر مما ارتكب من فظاعات وجرائم حرب في غزة بدعم أميركي غرب أطلسي مفتوح سياسيًّا وماليًّا وعسكريًّا؟!
شن الكيان أطول عدوان منذ زرعه في فلسطين، لكنه هذه المرة بالذات تعرض لخسائر لن تبرح ذاكرته، وسيكون لها تداعياتها على وجوده اللاشرعي في فلسطين المفروض على العرب بقوة السلاح الأميركي. لندع الخسائر العسكرية في الأرواح والآليات جانبًا، والإستنزاف الإقتصادي غير المسبوق. فهناك ما هو أخطر بالنسبة لكيان مهجوس بالأمن وغير واثق بالمستقبل. هُزم الكيان سياسيًّا وأخلاقيًّا أمام فصائل مقاومة أثبتت هشاشته، وأنه غير قابل للإستمرار أمام مشروع تحرري شامل بدأت ملامحه بالتشكل داخل فلسطين وخارجها في الوطن العربي بدءًا بطوفان الأقصى. تهشمت صورة الكيان اللقيط اعلاميًّا، وقد بات بنظر العالم مارقًا مجردًا من القيم وطريدَ العدالة الإنسانية والدولية. اسرائيل لن تعود كما كانت قبل السابع من أكتوبر 2023، ولقد أثبتت بممارساتها الشاذة وسلوكها النازي الإجرامي في غزة صحة القولة التاريخية الشهيرة للمؤرخ البريطاني أونولد توينبي:"اسرائيل أكبر خطأ تاريخي في القرن العشرين".
ولم يخلُ مشهد تسليم أسيرات الكيان من مفاجئة يُفترض أن العالم كله قد لحظها، وعليه أن يبني على الشيء مقتضاه. أسيرات الكيان ظهرن في أفضل حال، كما لو أنهن كُنَّ في رحلة سياحية. في المقابل، لا بد أن العالم شاهد اثار التعذيب والتجويع على ملامح الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون العدو. وكان لافتًا كيف ودعت أسيرات الكيان بحرارة مقاتلي المقاومة. على العالم أن يستيقظ، ويقارن بين ذوي السلوك السوي السليم الطبيعي وبرابرة العصر الساديين المتوحشين.