![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
الطاهر المعز
2025 / 1 / 16
تمكّنت وزارة الحرب الأمريكية من تلافي سَبْع محاولات للتدقيق المالي بشأن ضَبْط نفقاتها المُرتفعة وبشأن إهدار المال العام والفساد في مجال التّعاقد العسكري مع الشركات الأمنية، وتجد الإشارة إن وزارة الحرب الأمريكية لا تمتلك سجلاّت مُحاسبة موثوقة ودَقِيقَة، وكُلّما تَوسّعت رُقعة الأعداء الذين تُهدّدُهم الولايات المتحدة وتُحاصِرُهُم ( روسيا و إيران والصين...) ارتفعت النّفقات، فضلا عن المناطق التي يحتلها الجيش الأمريكي في العراق وسوريا وغيرها، بالإضافة إلى أكثر من ثمانمائة قاعدة عسكرية حول العالم، وفضلا عن عسكرة الدّبلوماسية الأمريكية وتخصيص مبالغ ضخمة ( حوالي تريليونَيْ دولارا) لتطوير وتحْدِيث الأسلحة النّوَوِيّة، وكذلك عَسْكَرَة الفَضَاء، وإنتاج صواريخ سنتينل الباليستية العابرة للقارات، وقاذفة الشبح الجديدة (بي-21 رايدر)، والغواصات النووية الجديدة من فئة كولومبيا...
تتمثل أهمية مُجَمَّع الصناعات العسكرية في ارتفاع حجم صادرات الأسلحة الأمريكية التي تُمثل نحو 40% من السّوق الدّولية للسّلاح والولايات المتحدة أكبر داعم للكيان الصّهيوني، مما يجعلها مُشاركة في الإبادة الجماعية، وضخّت الولايات المتحدة 175 مليار دولارا في أوكرانيا منذ بداية الحرب ( من شباط/فبراير 2022 إلى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2024 )، كما تتمثل قُوة المُجَمّع الصناعي العسكري في الضّغط لزيادة ميزانية وزارة الحرب لتبلغ حوالي 900 مليار دولارا، ( وقد تبلغ 1,4 تريليون دولارا قبل نهاية رِئاسة دونالد ترامب ) وليرتفع الإنفاق الأمْنِي ( الجيش والمخابرات وأجهزة المراقبة والشّرطة والحرس القومي...) ليبلغ حوالي 60% من الميزانية التقديرية الفيدرالية التي تم بناؤها على أساس نشر الجيش الأمريكي في كل مكان من العالم، إذ تتواجد "القُوات الخاصة" حاليًّا في ما لا يقل عن ثمانين دولة فضلا عن القواعد العسكرية وأدوات التّجسّس...
دعم أمريكي مُطلق للكيان الصّهيوني
يستفيد الكيان الصّهيوني ( وبعض الأنظمة الرّجعية الوالية للولايات المتحدة) من ارتفاع الإنفاق العسكري ومن عَسْكَرَة الدّبلوماسية، فكل المُؤسّسات الرسمية الأمريكية ( البيت الأبيض والكونغرس والحزبيْن الحاكِمَيْن...) تُقِرُّ دعمها العدوان الصّهيوني على شُعُوب المنطقة، من فلسطين إلى بلاد فارس، بالمال والسّلاح والإعلام والدّبلوماسية، وبالإضافة إلى الدّعم العسكري القار بمبلغ 3,8 مليارات دولارا سنويا، بعنوان مساعدات عسكرية أمريكية، حصل الجيش الصهيوني على أسلحة بقيمة 18 مليار دولارًا، بين تشرين الأول/اكتوبر 2023 و 2024، رغم إدانة هذا العُدْوان من قِبَل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ( أوائل سنة 2024 ) ومن قِبَل المحكمة الجنائية الدّولية، مع إصْدار مُذكّرات اعتقال بحق بعض أعضاء حكومة العَدُوّ، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وأدّى ذلك إلى إصدار تقارير تَصف ما يحصل في غزة ب"الإبادة الجماعية"، من قِبَل منظمات غير مُعتادة على نقْد الكيان اللصّهيوني مثل منظمة العفو الدّولية وهيومن رايتس ووتش ( التي تُمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدّولية، أي وزارة الخارجية والحكومة الأمريكية ) والمركز الأوروبي للحقوق الدّستورية وحقوق الإنسان ومنظمة أطباء بلا حدود، وفق وكالة رويترز بتاريخ 21تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فيما أشار بعض الحقوقيين والأكاديميين الأمريكيين إلى القوانين الأمريكية التي تحظر "تقديم المساعدة للقوات العسكرية التي تتعمد قتل أو جرح المدنيين أو ارتكاب انتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان"، لكن ذلك لا ينطبق على الكيان الصهيوني الذي يتمتع بحُظْوَة خاصّة في جميع الدّول الإمبريالية ولذا بقيت الأسلحة والمُعدّات والأموال وكل أنواع المساعدات تتدفّق على أعدائنا في فلسطين وجاءت هذه المُساعدات من الولايات المتحدة بنسبة 69% ومن ألمانيا بنسبة 30% وجاء المرتزقة من أمريكا الشمالية وإفريقيا الجنوبية ومن دول الإتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها للمساعدة في استمرار الإبادة الجماعية ( حوالي 86% من الضّحايا نساء وأطفال أو نحو 46 ألف من إجمالي 52 ألف ضحية تقريبًا) ولِقَصْف وتدمير نحو نصف مليون وحدة سكنية وأكثر من خمسمائة مدرسة وكافة مستشفيات غزة والأسواق ودور العبادة من بينها الكنائس والمساجد التّاريخية، وتدمير أنظمة الغذاء والطّاقة والمياه، مما يُشكل خطرًا على حياة النّاس، حاليًّا ومُستقبلاً، وأشارت تقارير أخرى إلى إرسال الولايات المتحدة خلال سنة واحدة ( تشرين الأول اكتوبر2023 – 2024 ) نحو خمسين ألف طن من المعدات الحربية إلى الجيش الصّهيوني، بالإضافة إلى طائرات مُقاتلة من طراز F-15 وF-35 ، وبدل الضغط لوقف العدوان، سلمت الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من سنة 2024 أسلحة إضافية إلى الجيش الصهيوني بقيمة 8,68 مليار دولارا، استخدمها الكيان لتدمير لبنان، كما أظهرت تقارير أخرى صادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية الأمريكية ( نيسان/ابريل 2024 ) إن الكيان الصهيوني "تَعَمَّدَ مَنْعَ دخول شحنات الغذاء والأدوية إلى غزة" لكن وزير الخارجية أنتوني بلينكين أمر مُساعدية في الوزارة بتجاهل هذه التّقارير...
استخدم جوزيف بايدن وقته كرئيس لتعزيز الهيمنة الأمريكية ودفع الكوكب إلى الحرب بدلاً من السعي إلى الدبلوماسية، وهو الرئيس الذي أشرف على تدمير غزة والتطهير العرقي للفلسطينيين وقَدَّم المزيد من الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي والإعلامي للكيان الصهيوني أثناء ارتكابه جرائم الإبادة الجماعية إلى درجة تسميته "جُو الإبادة" ( Genocide Joe )، ودَعم الإحتلال الصهيوني أكثر من أي رئيس آخر قبله بنحو ثلاثين مليار دولارا بين تشرين الأول/اكتوبر 2023 و كانون الأول/ديسمبر 2024، لمواصلة قتل المزيد من الفلسطينيين، باسم "حق إسرائيل في الدّفاع عن النّفس". أما في أوكرانيا فقد صور جوزيف بايدن استراتيجية إدارته في الحرب بالوكالة على أنها "دفاع عن الديمقراطية"، لتبرير ضخ أكثر من 100 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لمصنعي الأسلحة من أجل تقريب العالم من الحرب العالمية الثالثة وقتل ملايين البشر، في ظل ارتفاع ثروة الأغنياء بشكل قياسي، بالتوازي مع انخفاض الإنفاق الاجتماعي على الأولويات والبرامج المحلية المصممة لصالح المواطنين، وكان يمكن استخدام هذه الأموال لتحسين نوعية حياة المواطنين الأمريكيين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة وإيجارات السّكن ومخاطر التّشرّد والجوع وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتعليم...
وسّعت إدارة الرئيس جوزيف بايدن نطاق الحرب الباردة الجديدة التي تهدد العالم بكارثة نووية، إلى جانب الحرب بالوكالة في أوكرانيا والإستفزازات الموجّهة للصّين، والإعلان "إن الجنود الأمريكيين سيدافعون عن تايوان"، ونَشَرَ الجيش الأمريكي عناصر القوات الخاصة الأمريكية في تايوان بشكل دائم كمستشارين، منذ بداية سنة 2024، وفق موقع آسيا تايمز (آذار/مارس 2024) فضلا عن المساعدات العسكرية الضخمة إلى الكيان الصهيوني وأوكرانيا وتايوان، وهي أرض صينية تريد الولايات المتحدة تحويلها إلى مُستَعْمَرَة أمريكية...
المصادر: موقع "بروبوبليكا - Propublica" وشبكة "سي إن إن " بتاريخ 16 تشرين الأول/اكتوبر 2024 و 14 كانون الثاني/يناير 2025 وموقع صحيفة "واشنطن بوست" بتاريخ 30 تشرين الأول/اكتوبر 2024...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |