الكيان اللقيط لم ينتصر

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 1 / 15

حرب همجية بربرية نصيبها من التوحش وفير، حتى بمعايير زمن هولاكو. استمرت ستة عشر شهرًا، بغطاء أميركي وتنتهي بقرار أميركي. الحرب أميركية التسليح، فمن دون ضخ الأسلحة في جسر جوي غير مسبوق في التاريخ الأميركي، ليس بمقدور الكيان اللقيط مواصلة عدوانه طوال هذه المدة. الحرب أميركية التمويل، والمشاركة المباشرة مفضوحة وبشكل خاص في الجانب الإستخباري. ومن دون غطاء سياسي أميركي، لا يمكن للكيان أن يكون فوق القانون الدولي. ولو لم توظف أميركا سطوتها على الأنظمة العربية الإستبدادية، لما تراوحت مواقف هذه الأخيرة بين التواطؤ والخذلان والنأي بالنفس. مقصود القول، العدوان أعاد تأكيد المؤكد، اسرائيل مخلب أميركا القوي في المنطقة، ما يزال اليانكي بحاجته ولا يقبل المساس به. أميركا تقرر متى تعتدي اسرائيل وكيف، والسقف الزمني لعدوانها.
أما الأسباب الرئيسة لوقف العدوان الهمجي، فيتصدرها الصمود الأسطوري للمقاومة في غزة، رغم فداحة الأثمان. ظلت المقاومة تقارع العدو حتى آخر لحظة، برجولة وصلابة عزَّ نظيرها. وفي الأيام الأخيرة، رفعت منسوب الإثخان في جنود الجيش النازي وفي تدمير آلياته. وللرئيس الأميركي العائد ثانية للبيت الأبيض دوره الفاعل، إذ ليس بمقدور النتن قول لا لترامب. فهذا الأخير، ليس بايدن المتفاخر بصهيونيته ولكن المخرفن تافه الشخصية وضعيفها. والأهم، إدراك أميركا أن اسرائيل رغم تزويدها بأحدث ما في الترسانة الأميركية من أسلحة، أعجز من أن تحقق أهدافها المعلنة في غزة. فقد أخفقت في تحرير أسراها بالقوة، والشيء ذاته ينسحب على هدف القضاء على حركة حماس. وليس يفوتنا التذكير بإخفاقها الذريع في تحقيق هدفها الاستراتيجي غير المعلن من العدوان الهمجي، وهو تهجير أهل القطاع، وإتباع ذلك بفعل الشيء ذاته مع أهل فلسطين المحتلة 1967(الضفة). حتى بنظر جيش النازية الصهيونية، العدوان فقد مبررات استمراره، وبات استنزافًا بلا طائل.
المقاومة في غزة تخرج من المعركة مرفوعة الرأس، فالعدو الذي كان حتى أمس القريب يعلن جهارًا نهارًا هدفه بالقضاء عليها، ها هو يفاوضها. لا يفاوضها فحسب، بل يقدم تنازلات لصالحها بضغط أميركي معلن، والنتيجة أهداف حماس الرئيسة تتحقق على الأرض بموافقة الكيان العدو وينص عليها اتفاق وقف العدوان. وتشمل هذه الأهداف، وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل من القطاع، وعودة أهل شمال القطاع إلى منازلهم، بالإضافة إلى إدخال المساعدات، والمباشرة بالإعمار. وقد بدأت الأخبار تتوارد عن تفكيك جيش النازية الصهيونية تحصيناته ومواقعه بما فيها المقامة في محور نتساريم، استعدادًا للإنسحاب.
لعبت فصائل المقاومة ورقة أسرى العدو لديها ببراعة فائقة، وقدمت نفسها طرفًا محترفًا في الأداء الإعلامي والحرب النفسية المُنهِكة لأعصاب العدو.
أما الكيان، فلن يعود بعد السابع من أكتوبر كما كان قبله. فقد تأكدت إمكانية هزيمته، وثبت أنه ليس بلا نقاط ضعف وهشاشة. منبوذ دوليًّا، خسارته فادحة على الجبهة الإعلامية. قادته وضباطه وجنوده مجرمو حرب، ملاحقون من العدالة الدولية والإنسانية. الإنجازات الوحيدة للكيان اللقيط، المجازر والتدمير والتخريب.
مقصود القول، المقاومة في غزة قدمت الكثير لكنها لم تُهزم والعدو لم ينتصر.
غزة كشفت. غزة عَرَّت. غزة فَضحت. والتاريخ لن يسامح، ولن يُغفر. في المقابل، سيذكر باعتزاز كل من هب لنصرة الحق في مواجهة الباطل الأنجلوساكسوني الصهيوني. ونخص بالذكر الأشقاء في اليمن والمقاومة اللبنانية ممثلة بحزب الله، رغم قسوة الظروف وتكالب الخصوم ونذالة بعضهم.
المقاومة بدورها ليست بلا أخطاء وهفوات، بعض منها كَلَّفها كثيرًا. لا نقول ذلك من باب الأستذة على من ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن كرامة أمتهم، وصمدوا في مواجهة عدو متغطرس يتمتع بدعم أميركي غرب أطلسي مفتوح. ولكن لتطوير الأداء بمقاربات مناسبة وسد الثغرات التي يتسلل منها العدو وأدواته، لأن الصراع متواصل والعدوان على غزة ولبنان إن هو إلا إحدى حلقاته.
أخيرًا، نرى أن العدو مع كل ما يتلقى من دعم بدأ يخسر وأخذ يتراجع. ونرجح أن تداعيات السابع من أكتوبر سيكون لها ارتداداتها في الداخل الصهيوني، بعد صمت الرصاص، والأيام ستروي.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي