![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 1 / 7
منذ اجتماع سقيفة بني ساعدة في المدينة، لاختيار خليفة المسلمين الأول بعد النبي، وحتى الثامن من كانون أول 2024، لم يعرف العرب سوى أسلوبين لنقل السلطة هما، الإنقلاب أو التوريث. وفي الحالتين، يتعامل الحاكم العربي مع الدولة وكأنها مزرعة خاصة ورثها عن الوالد، حيث يعمل كل ما من شأنه تأبيد وجوده في الحكم ليستمتع بالسلطة وامتيازاتها، و"بعد عمر طويل" يورثها هو بدوره لابنه "ولي عهده". هذا الذي ذكرنا اصطُلِح على وصفه من قِبَل المتضلعين في المضمار وأهل الإختصاص ب"إشكالية السلطة السياسية". وهي تركة قروسطية انقرضت تقريبًا في عالم اليوم، فلم يعد لها وجود إلا عند العرب. الرئيس الأميركي، على سبيل المثال، يعرف اليوم الذي يغادر فيه كرسي الحكم، وكذلك الفرنسي، والياباني، والجنوب أفريقي، وحتى في بوركينا فاسو، إلا العرب، أسيادهم في الجاهلية أسيادهم في الإسلام. في هذه الإشكالية، أحد أخطر أسباب تخلفنا وبؤسنا، وكل ما تشقى به مجتمعاتنا. هذا الضرب من الاستبداد بالذات، غير ممكن الاستمرار والاستتباب من دون ثالوث الفساد والإفساد والقمع. هنا بالذات، مكمن داء عدم الاستقرار في بلداننا، وسبب تخلفنا عن الأمم و"استظراطها" للعرب حكامًا ومحكومين. تؤكد الدراسات العلمية أن الإنسان أيًّا كانت قدراته ليس بمقدوره أن يقدم جديدًا في الحكم بعد سنوات من العمر تقدر باثنتي عشرة على أبعد تقدير، فكيف عندما يقبع على صدور المبتلين به بضعة عقود.
أخفق العقل السياسي العربي في الخروج من هذه الإشكالية، منذ اجتماع السقيفة المومأ إليه فوق وحتى اللحظة. وعليه، يمكن وصف تاريخنا بأنه تاريخ الصراع على السلطة السياسية، وقد سُفِك على مذبحها من الدم كثير، ناهيك بتخريب العمران. وقد رأينا في السنوات الأخيرة، كيف دُمرت دول عربية وتشرد الملايين من مواطنيها بسبب الصراع على السلطة السياسية. لا يكتفي المستبد الطاغية في بلداننا بالرد على شعبه المنتفض ضد فساد نظامه وأسرته بالقمع، بل يحرك أبواقه للعزف على لحن "المؤامرة الخارجية"، علمًا بأنه صنيعة الخارج أو مدعوم منه، وعادة ما يستدعيه لمشاركته قمع شعبه وتثبيت حكمه. ومن المعيب، أن تُقدم قوى سياسية ترفع شعارات "التغيير"، وتصف نفسها ب"التأدمية"، منافحًا ومدافعًا عن بعض ضروب الاستبداد والطغيان في واقعنا العربي، بدعوى التعرض لمؤامرة "امبريالية صهيونية رجعية".
وإذا سألتني عزيزنا القارئ عن الحل، فالديمقراطية هي الحل كما هو متبع في الغالبية العظمى من دول العالم. الديمقراطية المقصودة، انتخاب المواطن لمن يحكمه ويمثله في انتخابات حرة نزيهة. لا ينتخبهما فحسب، بل يسائلهما، ويحاسبهما، ويغيرهما إذا استدعت المصلحة العامة ذلك. هذا هو طريق التقدم، لكننا للأسف الأسيف ما نزال بعيدين عنه.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |