مسؤولية الإنسان ولا ذنب للزمان

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 1 / 1

انقضى عام وتلاه آخر، وتلك هي سيرورة الزمن. ولقد درج كثيرون منا في الآونة الأخيرة، كما نتابع في وسائل التواصل الاجتماعي، على هجاء العام المنقضي واستقبال الجديد بالأمنيات لعل وعسى!
وما درى ثالبو العام الآفل بلا عودة، أنهم بهجائهم له إنما يهجون أنفسهم، ويدينون واقعهم، ويحاكمون أنماط تفكيرهم. فالأيام، وكذلك الشهور والأعوام، ليست مسؤولة عن اخفاقاتنا كي نلعنها. وهي بريئة براءة الذئب من دم يوسف، حسب الأسطورة التوراتية، من هزائمنا. ولا شأن لها بتخلفنا عن الأمم، كي نصب جام غضبنا على شماعتها. ولا ذنب لها بحروبنا الأهلية، وبما نشقى به من فقر وبؤس تتسع جيوبهما في واقعنا.
منذ ملايين السنين، الأيام هي الأيام، الشمس تُشرق في الوقت ذاته وتغيب في المواعيد عينها. والمكان هو ذاته، جماد ممتد في الطول والعرض.
الإنسان هو الفاعل في الزمان، وهو الذي يكسبه معنىً. الشيء ذاته ينسحب على المكان. فالزمن من المتزمن فيه، والمكان من المتمكن فيه. وعليه، بمقدورنا تعريف التاريخ بأنه حركة الإنسان في الزمان وعلى مسرح المكان. الإنسان في حركته هذه إما فاعلًا، أو منفعلًا، وإما مفعولًا به. وما الزمن إلا سجل مسيرته، وأداته لتوثيق حركته في التاريخ. الإنسان هو الذي يملأ الزمن ويشغل المكان بالتقدم أو بنقيضه، وبالسعادة أو بالشقاء والبؤس. صفوة القول، الزمن فراغ من دون الإنسان، والمكان جماد في الطول وفي العرض بلا إنسان.
وفي تطبيق ذلك على أرض الواقع، نجد أممًا ودعت العام الآفل واستقبلت الجديد، وهي في سعة ورخاء ماديين، تنعم بالديمقراطية والحريات، وتزهو بالإبداعات العلمية والإختراعات التكنولوجية. في المقابل، هناك شعوب تمر بها الأيام ثقيلة، حيث ينيخ على واقعها الإستبداد بكلكله مستصحبًا الفساد بالضرورة ومستجلبًا الفقر بالتأكيد ومرافقًا البؤس دائمًا.
أمم استقبلت العام الجديد تتفاخر بانتصاراتها خلال سابِقِهِ، مثل الأمة الروسية، على سبيل المثال لا الحصر، وشعوب تتميز غيضًا وتشعر بالقهر لتراكم انكساراتها وتوالي هزائمها. الفيصل الحاسم في الحالتين، الإنسان. وهو، أي الإنسان، نِتاج ومُنتَجُ بيئته وحاصل تحصيل ثقافته، تُحدد نظرته إلى الذات والوجود والكون أنماط تفكيره. في مضمون هذين السطرين تكمن أسباب الفروق بين الشعوب والأمم، بمعايير التقدم ونقيضه. هنا، هنا بالذات، مكمن الداء على هذا الصعيد، ومنطلق البحث عن الدواء.
للتذكير، أثبت العلم الحديث، وبالذات خريطة الجينات(دي إن أي) أن البشر يتشابهون في الجينات بنسبة 99,4%. إذن، العبرة في هذا الذي قلنا قبل قليل. وكل عام وأنتم بخير، وكل عام ونحن على قيد الأمل.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي