عفاريت شكسبير

سعود سالم
2024 / 12 / 14

شكسبير والحشيش

أثارت جريدة "إندبندنت" The Independent قضية في غاية الخطورة بالنسبة للطبقة المثقفة الإنجليزية كشفت فيها عن دراسة قام بها علماء من جنوب أفريقيا ونشرت في المجلة العلمية South African Journal of Science تثير الشكوك حول تناول الشاعر البريطاني وليام شكسبير ( William Shakespeare 1564 – 1616) لمادة الحشيش. الربط بين شكسبير والحشيش والتكهن بأنه ربما كان يكتب مؤلفاته تحت تأثير المخدر أثار موجة من الإستنكار في الوسط المحافظ الإنجليزي وشككوا في نية العلماء القائمين بالدراسة. وقد قام علماء في جنوب أفريقيا من جامعة جوهانسبورغ بتحليل بقايا غلايين تعود للقرن السابع عشر عثر عليها خلال القيام بحفريات أثرية فى حديقة بيت االشاعر في "ستراتفورد أبُن آفون" في انجلترا الوسطى Stratford-upon-Avon، ووجدوا فيها آثارا لنبتة ألقنب، وأجرى العلماء تحليلا كيميائيا معقدا لقطع غلايين مكسورة حيث وجدت آثار القنب بأربعة منها، وتم نشر النتائج في المجلة العلمية المذكورة سابقا بجنوب إفريقيا. واستخدم الباحثون خلال دراستهم لبقايا التبغ المستخدم الذي يعود لأكثر من 400 عام، تقنية حساسة ومعقدة للتراكمات التي يمكن الحفاظ عليها في الغلايين. كما تمكن الباحثون خلال دراسة قطعة من غليون عثر عليها في المناطق المجاورة للحديقة، من العثور على آثار أوراق الكوكا فيها. وتشير النتائج إلى أن القنب والكوكايين قد شهدا انتشارا واسعا خلال القرن السادس عشر، ويعتقد فرانسيس تاكراي Francis Thackeray رئيس مؤسسة التطور البشري في جامعة ويتواترستراند في جوهانسبرغ، أن تلك المخدرات كانت تستخدم فقط كأنواع من التبغ في تلك الفترة. وأشار تاكراي إلى أن هذه النتائج لا يمكنها البرهنة على أن شكسبير كان يدخن الحشيش لكن الفرضية تبقى ممكنة. وقد حاول بعض الباحثين الرجوع إلى نصوص شكشبير ذاتها للبرهنة عن صحة هذه الفرضية وأشاروا إلى وجود بعض المشاهد التي يمكن أن تكون كتبت تحت تأثير الحشيش أو مستقاة من تجربة الشاعر أثناء تناوله هذه المادة. ومنها مشهد في مسرحية ماكبث Macbeth حيث يرى خنجرا يطير في الفضاء فوق رأسه، وكذلك في هاملت Hamlet حيث يزوره شبح والده المقتول، وكذلك في مسرحبة أوتيللو Othello حيث نراه مهلوسا يتحدث عن المعيز والقرود بدون مبرر، ناهيك عن حلم ليالي منتصف الصيف Midsummer Nights Dream والتي هي خليط من الحلم والهلوسة السريالية مليئة بالعفاريت والسحر. بالإضافة إلى ذلك فإن شكسبير هو أول من استخدم الكلمة المتداولة حاليا في كل اللغات الأوربية للتدليل على عملية الإغتيال، وهي كلمة "Assassination" في مسرحية ماكبث - في الفصل السابع من المشهد الأول - والتي يرجعها العديد من المؤرخين إلى الفرقة الإسماعيلية المعروفة بالحشاشين، والتي مارست الإغتيال بطريقة منظمة وعلى شكل واسع طوال قرنين من الزمان، مما يعني أن شكسبير كان على علم بخصائص هذه المادة السحرية - راجع مقالنا في الحوار "المتمدن الإنسان حيوان قاتل 11 - ماكبث .. القاتل والمقتول". صحيفة الإندبندنت كشفت أيضا أن القبطان الإنجليزي المشهور Francis Drake فرانسيس دريك، كان أول من أحضر معه أوراق الكوكا إلى أوروبا من البيرو، وأن إستعمال المخدرات كان منتشرا في القرن السابع عشر في إنجلترا، وبذلك فإنه من الطبيعي أن يتناول شكسبير مثل هذه المواد لضرورات مهنية وفنية. وهاهي بعض الإشارات إلى الحشيش بطريقة رمزية في بعض نصوصه :
يقول في السوناتة ٢٧

‏“Weary with toil I haste me to my bed,
‏The dear repose for limbs with travel tired
‏But then begins a journey in my head,
‏To work my mind when body’s work’s expired.”

وفي السوناتة ٧٦

‏“Why with the time do I not glance aside To new-found methods, and to compounds strange?
‏Why write I still all one, ever the same, And keep invention in a noted weed…”

وفي السوناتة ١١٨
‏“Like as, to make our appetites more keen,
‏With eager compounds we our palate urge.”

حيث كلمة weed تشير بدون شك إلى الكنابيس أما كلمة compounds فهي تشير إلى الخليط المركب من التبغ والأعشاب والحشيش والذي كان يستخدم في تدخين الغلايين في الأوساط الأرستفراطية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي