على ساحل فارنا

فوز حمزة
2024 / 12 / 14

بعد أن دفعتُ له ثمن ما اشتريت، سألني البائع :
- ما رأيكِ سيدتي في أن تصبحي حبيبتي ؟.
رفعتُ رأسي إليه ، إنه كراسيمير بائع الخضار، شاب بلغاري أبيض البشرة ، يميل للبدانة منقوش على ذراعه الأيمن وشم ثعبان أسود، يرتدي قميصًا أبيض فيه زهور كثيرة .
قلتُ لنفسي ربما لأنني لا ألبسُ خاتم الزواج ، فظنَ أننّي عزباء، أجبتهُ وأنا مبتسمة :
- لكنّني متزوجة !
ارتسمتْ على وجهه ابتسامة أعرض من ابتسامتي ليقول لي :
- أعلمُ ذلك، كنتُ أراكِ وزوجكِ تتبضعان مني سوية وقد علمتُ بسفره. كوني سيدتي برفقة رجل يحبكِ وهو أنا ، إذا وافقتِ سنذهب في رحلة إلى مدينة فارنا حيث البحر ، والليل ، والنّسيم...
وهو يتحدث شممتُ رائحة البحر. وجدتُ نفسي أجلسُ فجرًا فوق رمال السّاحل الدافئة وبيدي قهوتي السّاخنة أراقبُ ولادة الشمس من رحمِ الأمواج وهي ترتدي ثوبًا جديدًا وأصوات النوارس تخدش الصّمت بينما هناك زورق بعيد يتأرجح يمينًا وشمالاً .. وعند المساء حينما تتعب الأمواج من الجري تعود لأحضان والدها البحر. سأكون هناك أعدُّ النجوم وهي تحاولُ شق ثوب السماء لتنير العتمة بينما ذرات الرمل تحيط ُبجسدي وتمده بالدفء وتغريه في المبيت فوقها .. ثمة محارة وشتْ لي بأسرار البحر وقالت : الأحلام هنا لذيذة ، فقط أغمضي عينيكِ !.
استلقيتُ على ظهري ، لكن خلوتي لم تطل إذ حضر كراسيمير ، ومعه العشاء ، و زجاجة بيرة باردة ، قال فرحًا بعد أن ناولني علبة السجائر التي طلبتها :
- حبيبتي ، لقد حجزتِ لنا تذكرتين لحفلة أوبرا ليلة الغد على مسرح المدينة الكبير!.
- قلتُ له باستغراب :
- - مَنْ قال لكَ أني راغبة في الذهاب للمسرح ؟!.
- أنا خمنتُ ذلك !.
- لا أحبُ حفلات الأوبرا وأنت تعرف ذلك !.
- لا تكوني سخيفة وتفسدي علينا السهرة !.
- عدلتُ من جلستي وفتحت عينيّ على اتساعهما وأنا أسأله مندهشة :
- ما الذي تقصده بهذا القول؟!
صمتَ وبدأ يزفر متطلعًا إلى السماء هازًا رأسه ، ثم أخذ يتمتم بكلمات لم أفهمها ، سرعان ما استدار صارخًا في وجهي :
- تفعلين ذلك ، لأننّي رفضت اصطحاب أمكِ معنا !.
- حقًا ؟!. أفكارك المريضة هي التي توحي لك بذلك !.
- ألا تذكرينَ ما حدث في الصيف الماضي حينما طلبتِ مغادرة الملهى بحجة انزعاجك من ضجيج الموسيقا العالي ؟.
- كانت حجة لمنعك من النظر إلى النادلة الروسية الشقراء.
- والصّيف قبل الماضي حينما أدعيتُ المرض واضطررنا للعودة إلى صوفيا ؟.
- كم أنت لئيم ؟!.
- وما فعلتهِ قبل ثلاثة أعوام حينما...
صرختُ في وجهه وأنا أهمُّ بالوقوف :
كفى أيها البدين ، أنها غلطتي عندما قبلت بالمجئ معك...
قاطعني :
- لا تكوني غبية كعادتكِ !.
- تنعتني بالغبية أيها الأخرق !. هل تعرف ؟. سأترككَ وحيدًا أنتَ و بحركَ اللعين ، لعل سمكة قرش تلتهمكَ وتريح العالم منكَ !.
بينما أمد خطاي بصعوبة فوق الرمال مبتعدة عنه عدة أمتار، ناداني بصوت عالٍ :
- عودي سيدتي ، لقد نسيتِ أكياس الخضار!.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي