سوريا : مات الملك ، عاش الملك

مازن كم الماز
2024 / 12 / 14

ما جرى اليوم في دمشق كان فضيحة بكل المقاييس ، المسيرة الشعبية ابتهاجًا بالحرية التي جاءنا بها الجولاني كانت مسيرة بعثية عادية ككل مسيرات البعث المحفوظة و المكررة ، تغنى الناس بإنجازات سادتهم و جمال خطوتهم ، بثورتهم و برمزها و قائدها ، طالما حدث ذلك من قبل و فعله و يفعله الدمشقيون و جيرانهم ، على الأغلب لم يكلف أحدًا خاطره ليبلغ هؤلاء الناس أنهم قد "تحرروا" لذلك كان هذا اليوم بالنسبة لهم كغيره : يومًا أسديا عاديًا ، أما من "تحرر" في الحقيقة فهم السوريون الذين يعيشون في تركيا و أوروبا و أميركا و الذين لن يعودوا على الأغلب ليتمتعوا بحرية الجولاني إلا كزوار و ضيوف أو ليصبحوا وزراء و مسؤولين في بلد الجولاني و هو ما لا يبدو أن الجولاني مستعد لتقديمه اليوم لكن ربما يفعله في الغد و فقط لتخليص نظامه من أزمة داخلية أو خارجية لأن هؤلاء شكلوا و بالمجان طابورًا خامسًا للجولاني بين السوريين العاديين و الأهم عند سادة العالم و إذا كان الرجل يهتم اليوم لمراعاة شعور سادة العالم و الإقليم أكثر بكثير مما يكترث لهؤلاء فهذا أيضًا لأنهم قد قدموا كل شيءٍ مجانًا له كما سبق و فعلوا ذلك مع نتنياهو

لا يذكر كثير من السوريين اليوم لحظة وفاة الأسد الأب ثم خطاب القسم للأسد الابن و اليوفوريا التي أحدثها و ما تبعها من ظاهرة المنتديات و بيانات ما سمي وقتها "ربيع دمشق" قبل أن "يجهض" سريعًا و يلقى بمن تصدره في السجون مع اختلافات غير جوهرية عن طريقة الأسد الأب في قمع معارضيه … لا شيء يذكر بتلك اليوفوريا من هذه التي تجتاح اليوم "السوريين الأحرار" ، وصل بشار إلى العرش لأنه ابن السلطان الميت وسط قبول أو صمت كالقبول بين كبار سادة العالم وقتها ، و وصل الجولاني إلى ذات العرش محمولًا على أسنة الرماح منها التركي و منها الأميركي و ربما الاسرائيلي و بنفس وعود خطاب القسم لبشار ، ديكتاتور آخر طبعة يردد خطاب القسم ذاته للديكتاتور الهارب لكن بعد 24 عامًا و لنفس الجمهور تقريبًا ليتلقى نفس التصفيق و لكننا شعوب تنسى أو تتناسى مضطرة أو مختارة و هي تودع ملكًا و ترحب بمن بعده

استخدم السادات بعد انقلابه على تلامذة عبد الناصر سجون الأخير و التعذيب الهمجي فيها ليشوه صورة الرجل و يسهل انقلابه ليس فقط على تلامذته بل أيضًا على نهجه و سياساته ، نذكر فرج في فيلم الكرنك و نحن بتوع الأتوبيس في نفس الوقت الذي أطلق فيه الإسلاميين من السجون و استخدمهم ضد خصومه الأشرس يومها الناصريين و الشيوعيين و خدم الإسلاميون يومها السادات بحماسة وصلت إلى الاعتداء على الطلاب اليساريين بالجنازير الحديدية في الجامعات … اليوم كان مسلسل سجن صيدنايا ، النسخة السورية أو الجولانية من فيلم الكرنك ، مفزعًا و سخيفًا في نفس الوقت ، و بإخراج سيء و غبي لدرجة الإضحاك … سيحين وقت سجون التوبة الخاصة بالجولاني التي ورثت صيدنايا و تدمر لكن لا نعرف بعد متى و لصالح أي سجانين جدد

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي