الله لكنى أشكر الإنسانية

ميشيل نجيب
2024 / 12 / 14

هناك حقيقة يتم تغييبها عن عقولنا بتضخيم ذواتنا وكبرياءنا بأعتبارنا أخيار الله وعبيده المفضلين، والحقيقة هى أننا نعيش على الأرض ‏وفى أوطاننا مثلنا مثل بقية شعوب العالم سواء كان لدينا إله نؤمن به وبصور لنا مستقلنا فى جنة الخلد، لكن الحقيقة كما قلت أننا ‏مجرد بشر مثلنا مثل الصينيين ومثل الهنود وشعوب القطب الشمالى والجنوبى وشعوب أوربا ووالأمريكتين والكوريتين وغيرهم من شعوب ‏العالم أى كل شعوب العالم تعيش بدون إلله إله العرب ومن يؤمنون به من شعوب العالم الاخرى، فالصينيين لهم عقيدتهم والتى لا يتدخل ‏فيها الله ولا أى إله كان، ومثلهم يعيش الروسيون كل طائفة وكل جماعة لها إلهها الذى يعجبها وغيرها لا تعتقد بوجود الآلهة فى حياتها ‏وحياة العالم!‏

والأغلبية فى هذا العالم الكبير الذى يتعامل مع بعضه البعض بأعتبارهم مخلوقات بشرية متساوية رغم وجود شواذ فى البشر ذاتهم ‏يريدون الهيمنة وفرض قوانينهم وأساليبهم فى التفكير والسلوك والأخلاق، لهذا وجب علينا كعرب الألتزام بشريع وقوانين الحياة البشرية ‏الإنسانية التى تجمع كل المجتمعات مهما كانت مختلفة، لكن مشكلتنا أو مرضنا هو التهيؤ أو التخيل والتوهم أننا نملك كل ما يصلح ‏حياتنا وتمادى البعض فى أوهامهم مثل اليهود الذى تطلق عليهم التوراة: شعب الله المختار، وكانت تلك بداية الجرائم والصراعات الحروب ‏وسفك الدماء والأنانية والطمع والكبرياء الذى زرعه الدين الأول الذى تم تدوين أساطيره اليهود فى السبى البابلى ثم تتابعت مع الزمان ‏تكرار نفس القصة لكن مع شعب مختلف ودين ومختلف لفرض الله على البشر وحاشا لله أن يكون دكتاتوراً يجبر مخلوقاته على العبودية ‏الدينية!!‏

يعنى هذا أن الله خلق التنوع وترك حرية كل إنسان فى الإيمان به أو عدم الإيمان وكما تقول الأديان نفسها ان الله: [ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ ‏مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ]. أى أعد أو حدد يوماً لمحاسبة البشر جميعاً، والحقيقة ليست كما تصورها لنا الأديان بأعتبارها جحيم ‏لا يطاق بغير الله، فشعوب العالم حسب بيئاتهم ومواقعهم الجغرافية على خريطة العالم يعيشون وفق معتقداتهم التى لم يتدخل فيها الله ‏منذ الأزل وحتى اليوم، وهذا له معناه الكبير لمن يريد أن يفهم ويتعلم لتطوير تغيير ذاته نحو الأفضل فالحرية هى القاعدة لهذا العالم ‏الأرضى فلا يحق للبعض فى فرض إرادتهم الدكتاتورية بتعاليم وقوانين تخالف وتعارض طبيعة الوجود الإنسانى حتى اليوم!‏

الله له عوالمه وكواكبه الأرضية والكونية التى لا يمكن لنا حصرها ولو بالملايين أو المليارات لأن هذا يدخل فى علم الله الخالق الحقيقى ‏وحده، وكل أفكارنا عن الكون وخالقه هى مجرد تفكير إنسانى يخضع للخطأ وللصواب بما يحققه من أكتشافات للكواكب والمجرات التى ‏تبعد عنا بملايين ومليارات السنوات الضوئية، فتخيل معى ضآلة تلك الأفكار مع سعة هذه الأكوان ونحن مثل نقط صغيرة فى محيط كبير ‏يقاس بالسنوات الضوئية، فهل أنت معى أن كل ذلك له حكمة عظيمة نشكر الخالق عليها وأقول لنفسى بتواضع: لا ترتئى فوق ما ‏ينبغى!!‏

من الأشياء التى تبهج النفس ويشعر المرء بالسعادة والفرح الداخلى عندما يشعر بالتقدير من الذين حوله ويعرفون مقدار مجهوداته ‏وعلمه وما أتاحه من أعمال جليلة بفضل مواهبه وإبداعاته العقلية، لكن من أسوأ المشاعر عندما يعتقد الإنسان أنه رجل ذو شأن كبير ‏ويسعى للحصول على التقدير الذى لا يستحقه لكن من وجهة نظره الضيقة فهو أفضل الناس، فالذى يصنع الإنسان الجيد والأنسان ‏السئ هو الإنسان نفسه حسب ثقافته وتربيته وبيئته التى نشأ فيها ولا فضل لأى إله كان فى كل الخيرات والأختراعات والمنجزات العلمية ‏التى تخدم البشر وتعالح وتشفى الملايين على وجه الكرة الارضية، ومن الواجب علينا إظهار التقدير اللائق لهؤلاء العلماء الذين ‏يصنعون يومياً كل ما هو جديد لسعادة الإنسان.‏

دعونا نفكر فى حياتنا كبشر ومهما أرتكبنا من الجرائم والحروب وسفك الدماء وتفكير البعض بناء أبراج والصعود حسب الأديان لمقابلة ‏الله والوصول إليه، لكننا رغم كل التكنولوجيا العلمية التى وصل إليها إنسان عصرنا وإطلاقه الصواريخ الفتاكة والصواريخ التى تعبر ‏الفضاء تحمل سفن فضاء وأقمار صناعية لأستكشاف الفضاء وغيره من مهام الدول العلمية الكبرى، ورغم كل إنظلاقات الإنسان الكبرى ‏نحو عالم الفضاء الواسع لكن لم يحدث فى يوم من الأيام ولا لحظة زمنية ما أن أعترض الله أعمال البشر التى يعتبرها المؤمنين ‏أستفزازية ولا منفعة من وراءها إلا هلاك البشر.‏

وعدم تدخل الله فى أعمال البشر خارج حدود عالمه التى رسمها لهم حسب أديانهم وكأنه لا وجود له فى عالمنا البشرى لا يؤثر أو ‏يتأثربنا وبأفعالنا الصالحة أو الطالحة، لسبب بسيط وهو ان الله ليس هو رب الأسرة البشرية الوحيدة فى كونه الواسع، نحن بثقافتنا ‏القاصرة الدينية الفطرية نعتقد ان الله لم يخلق غيرنا ولم يفضل إلا بعضنا على البعض الأخر ومن اجل ذلك خلقنا لأنفسنا العداوة بدلاً من ‏السلام والمحبة والتعاون فيما بيننا لإيجاد حلول ذكية لمشاكل البشرية كلها بدلاً من الأستغلال الجينى لماشاعر المؤمنين بأن يكرهوا ‏المخالفين لهم حتى يصيروا أعداهم ويصارعوا بعضهم بعضاً وفى اعتقادهم انهم يفعلون خيراً وأن هذه هى إرادة الإله القادر الحكيم ‏العليم!!‏

لسنا الآن نعيش فى زمن نشأة الأديان بل البشرية قطعت شوطاً كبيراً من الزمن كان كفيلاً بنضوج تعاليمنا وخبراتنا من خلال ثقافتنا التى ‏تتقدم يوماً بعد يوم، لأنه ليت ثقافة دينية ثابتة وإلا كان العالم ما زال فى طور الطفولة البداية وما زال يحبو على يديه ورجليه يستكشف ‏خبايا عالمه الصغير فى مجتمعه الأسرى أو العائلى، لذلك علينا عدم الأستهتار بالفرص الكبيرة المتاحة أمامنا لصنع مستقبل أفضل ‏لحياتنا وحياة من يعيشون معنا على هذه الارض، والشعور بمسؤلية كل إنسان فى أن يهتم بتعليم وتثقيف نفسه ليكون مواطناً صالحاً ‏يخدم وطنه ومجتمعه ولا يجعل من نفسه عالة على المجتمع الذى يعيش فيه معتقداً فى نفسه أن واجبه ومسئوليته هى عبادة الله ‏وممارسة طقوسه وقتل أعداءه، هذا أكبر خطأ ومن الأوهام الكبيرة التى صنعناها وصنعها لنا رجال دين هذه هى وظيفتهم تجميل الحياة ‏لبؤساء البشر ممن لا يتعبوا أنفسهم فى التفكير حتى ينفذوا ويفعلوا إرادهم وأوامرهم بأعتبارها تعاليم إلهية!‏

هل حاولت قراءة ما بين السطور حتى لا أزعجك كالمعلم الذى يمسك بالعصا لمن عصى!!‏

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي