|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
شوقية عروق منصور
2024 / 12 / 11
أيها الرئيس من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرمه بحجر
قالها السيد المسيح " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر " .. طاردني قول السيد المسيح وأنا أشاهد عبر الشاشات خروج المساجين من السجون السورية ، والصراخ ودموع الفرح .. امتلأت الشاشات بالوجوه المجعدة والمليئة بحفر الزمن والعيون الزائغة التي تطارد الدهشة ، من الصعب وصف الأحاسيس والمشاعر الإنسانية ، لقد قامت الشاشات العربية والغربية بسحب المشاهد من يده وأخذت تدله ، هنا وهنا .. حيطان وجدران حديدية وأبواب الالكترونية .. وهنا مكابس لسحق البشر وهنا أماكن للإعدام ، لوحات مفزعة تقشعر لها الأبدان ، وفي عصر الاعلام الموجه المدروس بدقة من علماء النفس والاجتماع ، وأصابع الذكاء الاصطناعي، نسقط نحن في بحيرات الدموع والصراخ واللعن والشتم ونرتدي الأقنعة التي تؤكد على انسانيتنا التي ضاعت في غابة الأسد .
ليس دفاعاً عن النظام في سوريا وعن عائلة الأسد ، ولكن دفاعاً عن التاريخ الذي يسخر من صورنا وأقنعتنا التي ترهلت وأصبحت خرق يمسحون بها البلاط . نحن الآن الخرق التي يخيطون بها الأعلام العالم يريد انقاذ الشعب السوري ، أما الشعب الفلسطيني فهو يعيش برفاهية الاستقرار والاحترام لا ينقصه سوى إقامة المفاعل الذري .
سمعت المدعو "عزمي بشارة عضو الكنيست الإسرائيلي السابق " الذي فتح قبل سنوات أبواب التواصل مع سوريا ، وقام بتمجيد سوريا و بشار الأسد - صحف التجمع فصل المقال ما زالت عندي - حتى أن سوريا أطلقت عليه لقب المفكر الكبير ، وفتحت له أبوابها وصفقوا له .
رأيت " عزمي بشارة " البارحة يرقص طرباً ويعترف أن دموعه انهمرت من شدة التأثر وها هي سوريا تسجل تاريخاً جديداً . هذا قمة العهر عندما نتذكر في ذات الوقت انه يعيش " عزمي " في مكان يرصد أنفاس الناس ، والحريات تقاس حسب الولاء - قطر - وأخواتها من دول الخليج - الذي يسطرون التاريخ الحديث بأموالهم .
ليس دفاعاً عن الأسد ، إحدى الصديقات السوريات على الفيس بوك كتبت لي : يا الله .. لقد رأيت قاتل أختي الجامعية التي اغتصبها ثم قتلها ودفنها ، يخرج من السجن وأمام الشاشات يبكي لأن رجال الأسد اعتقلوه منذ سنوات. فعلاً هل جميعهم اعتقلوا لأنهم ضد الأسد ؟
ليس دفاعاً عن الأسد ، ولكن عندما يبكي الاعلام الإسرائيلي على حال المساجين السوريين ، لا نراه يبكي على إبادة الشعب في غزة والأشلاء تحت الأنقاض وعلى الآلاف الأسرى الفلسطينيين منذ عشرات السنوات ، يبكي على الأطفال الذين ولدوا في سجون الأسد ... كم طفل فلسطيني ولد في السجون الإسرائيلية.
عندما تبكي الشاشات الأمريكية والأوروبية على السجون السورية ـ أضحك من أعماق قلبي تلك الشعوب التي ركبت انظمتها ظهور الشعوب وقهرتها وحاصرتها وجوعتها وقتلتها ورمت عليها القنابل الذرية ، والعراق صوره المدمرة والمذلة ما زالت تعانق دموعنا ، هل ننسى التدمير الأمريكي للعراق وسجن أبو غريب وسجن " بوكا " - قليل من الناس يعرفونه - في العراق الذي سمي على اسم قائد فرق الإطفاء الذي قتل أثناء إطفاء برجي التوأم - هل ننسى عندما قصف الطيران الأمريكي ملجأ العامرية في التسعينات الذي استشهد فيه مئات من الأطفال والنساء .
أول كتاب اشتريته في المرحلة الثانوية كتب " " بأم عيني " عام 1974 للمحامية " فليتسا لانغر " التي وصفت حال السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، وأخذت أقرأ ودموعي تتساقط على الصفحات ، وأذكر أن أبي سخر مني وقال لي " شو بعدك شايفة "؟؟؟؟ .
وكبرت ورأيت وقرأت وسمعت ، وكبرت الصور حتى أصبحت خارطة الدول عبارة عن سجن سياسي كبير - ليست سجوناً الجنائية - وكل سجن سياسي له ميزاته ، يكشف عنه ، عندما يسقط نظامه
هل تذكرون الحملة التي أقيمت على سجون عبد الناصر وعبارة " وراء الشمس " والأفلام المصرية التي صورت حول الظلم والسجون ، وهناك سجون السادات الذي قام باعتقال جميع المثقفين والأدباء الذين لم يدوروا في فلكه .
ليس دفاعاً عن نظام الأسد ، لكن من العهر أن يندهش الرؤساء العرب والغرب ويقذفون تصريحاتهم على شاشات الفضية ، كل رئيس ومسؤول يدفن رأسه ويخجل من نفسه ، فالتاريخ سيكون شاهداً ، الذي يغيظ بايدن - الخرف - أمريكا التي تدوس على شعبنا الفلسطيني وعلى الشعوب العربية فرحة لسقوط نظام الأسد ، أما ترامب فهذا لوحده رجل الكابوي الذي سيمتطي ظهور الرؤساء العرب ويهددهم بسوطه .
يا رؤساء .. يا زعماء .. انظروا إلى أنفسكم في المرايا .. من كان منكم بلا سجن فليبدأ ويرميه بحجر.