جريدة - النيويورك تايمز - تقبل بجرائم الحرب الإسرائيليّة المدعومة من الولايات المتّحدة و تبيّضها

شادي الشماوي
2024 / 12 / 5

نقرأ في عنوان كبير في جريدة " النيويورك تايمز " بتاريخ 30 نوفمبر 2024 ، " إسرائيل تتّهم عامل بالمطبخ المركزي العالمي بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر ".
و عمليّا ، إغتالت إسرائيل ثلاثة عاملين بالمطبخ المركزي العالمي (WCK) بينما كانوا يحاولون توزيع الغذاء على أناس
في غزّة جياع بيأس . و قد جاء في تقرير للمطبخ المركزي العالمي أنّ إثنان آخران قُتلا أيضا و هما في سيّارة ، ليكون مجموع من قتلتهم إسرائيل من عاملى المطبخ إيّاه خمسة .
و لم تتّهم إسرائيل إلاّ واحدا منهم بصلة ما مع هجوم حماس يوم 7 أكتوبر 2023 على الناس في إسرائيل . و أكّدت أسرة الرجل المتّهم لقناة " الجزيرة " أنّه لم يكن سوى عامل مساعد و لم يكن عضوا في حماس .
كذّابون و قتلة :
لإسرائيل سجلّ لا نهاية له من إغتيالات العاملين بالصحّة و عمّال وكالات الغوث و المراسلين الصحفيّين . و في المدّة ألأخيرة حظرت قانونيّا أهمّ وكالة إغاثة تابعة للأمم المتّحدة [ الأونروا ] يؤتهن بها الناس في غزّة في ما يتوفّر من المساعدات القليلة . و لإسرائيل سجلّ لا نهاية له من التهم المبالغ فيها و التي لا أساس لها و المفبركة تماما لتبرير هذه الهجمات . (1)
و فقط بعد عدّة أسطر من مقال جريدة " النيويورك تايمز " تتمّ الإشارة حتّى إلى أنّه في أوائل أفريل ، قتلت غارة إسرائيليّة سبعة من عمّال المطبخ المركزي العالمي . و هذه المرّة ، نعتت إسرائيل القتل ب " الخطأ " . كان عمّال الغوث مسافرين على طريق وافق عليها الجيش الإسرائيلي ، ضمن قافلة بارزة بوضوح . و عقب راحة في عملهم ، عاد عمّال المطبخ المركزي العالمي إلى إسرائيل ليقع إستهدافهم و إرتكاب مجزرة في حقّهم . و هذه المرّة ، لا تدّعى إسرائيل أنّ جريمة الحرب هذه " خطأ " .
و فقط في نهاية المقال ، لاحظت جريدة " التايمز " أنّ إسرائيل قد حضرت قانونيّا وكالة غوث و تشغيل اللاجئين ( الأونروا) التابعة للأمم المتّحدة و التي تقوم بمعظم توزيع المساعدات في غزّة لأنّ مجموعة صغيرة من أصل 13 ألف من عمّال الغوث يمكن أن يكونوا شاركوا في 7 أكتوبر .
جريدة " النيويورك تايمز " إلى جانب قسم جولة الولايات المتّحدة ، و كافة المؤسّسات الكبرى التي تخدم هذا النظام ، يبثّون الأكاذيب الإسرائيليّة . و ليس بسبب " لوبي إسرائيلي " أو أنّ قوى أخرى قد " أفسدتهم " ، و إنّما بسبب أنّ إسرائيل فارض أساسي لهيمنة الولايات المتّحدة على عالم الإستغلال و الإضطهاد ، في الشرق الأوسط و أبعد منه .
و في الأثناء إليكم جرائم ضد الإنسانيّة إقترفتها إسرائيل المسلّحة و المموّلة من الولايات المتّحدة حجبتها جريدة " النيويورك تايمز " و قد جدّت في الأسبوع الفارط .
في 30 نوفمبر 2024 وحده : قتلت إسرائيل العشرات من الفلسطينيّين و الفلسطينيّات في غزّة :
في يوم واحد ، القنابل التي تزوّدت بها إسرائيل من الولايات المـّحدة أمطرت الإرهاب و الموت على طول و عرض قطاع غزّة الصغير الحجم . و من ضمن الضحايا :
- غارة جوّية إسرائيليّة في مدينة غزّة في الشمال تسبّبت في قتل 17 إنسانا بمن فيهم أحمد فيصل إسلام القاضي الذى عمل مع جمعيّة الصدقة البريطانية " أنقذوا الأطفال " . و قد ندّدت " أنقذوا الأطفال " بقتله و قالت إنّه " تقاسم حلمه " مع العاملين معه في إعادة بناء منزله الذى وقع تدميره في غارة جوّية إسرائيليّة سابقة . و أنّ " أحمد ...سيقع تذكرّه لتصميمه على مساعدة الآخرين و بفخره بإبنته و بقدرته على بثّ الضياء في أيّام الآخرين . "
- أكثر من 40 فلسطيني و فلسطينيّة قتلوا جرّاء غارة جوّية إسرائيليّة إستهدفت منزلا في مخيّم اللاجئين لجباليّة شمال غزّة. و المنزل الذى قُصف بالقنابل كان على ملكيّة أسر الأعرج في حيّ تلّ الزعتر . و ساكن فلسطيني مذهول، محمّد الزيتونيّة، قال " يتمّ قصف السكّان بالقنابل . و تُرسل على رؤوسهم براميل متفجّرة و على منازلهم و على الأسواق و الشوارع و الملاجئ و المدارس و المعاهد ... ما من مكان آمن . إلى أين على هؤلاء المهجّرين أن يذهبوا ؟ "
- في مخيّم اللاجئين بالنصيرات ، وسط غزّة قتلت الضربات الجوّية الإسرائيليّة ستّة فلسطينيّين مدنيّين و جرحت عديد الآخرين .
- قُتل 12 إنسانا بقنابل إسرائيليّة بينما كانوا يترقّبون المساعدات الغذائيّة في خان يونس وسط غزّة . كانت إسرائيل تمنع تقريبا كلّ الغذاء من الوصول إلى شمال غزّة لأكثر من شهر . و المجاعة اليائسة تنتشر عبر وسط غزّة و شمالها .
" التجويع ...هو الهدف " :
في 30 نوفمبر 2024 ، نور ألاسى ، شاعر و كاتب مقيم في غزّة كتب إلى قناة " الجزيرة " : " التجويع يدمّر أجسادنا و أذهاننا ، و يعطّل قدراتنا . و هذا هو الهدف . "
لأكثر من سنة الآن ، أسرتى و أنا وقع تهجيرنا من شمال غزّة إلى دير البلح وسط قطاع غزّة . و في هذه الأثناء ، نحن ، إلى جانب بقيّة سكّان غزّة ، عشنا كلّ ضروب التعذيب التي يمكن تصوّ{ها و التي لا يمكن تصوّرها . وأحدها هو الجوع .
غزّة الآن مرتهنة كلّيا بالمساعدات الغذائيّة ...( 2 ) منذ السنة الفارطة ، الجيش الإسرائيلي ضمن تحطيم متاجر الغذاء و الأسواق و مخازن الأغذية ، و المزارع و قوارب الصيد . و قد ألغى قوّات الشرطة التي كانت تؤمّن توزيع المساعدات و هكذا ضمان أن يقع نهب المساعدات قبل أن تبلغ الذين يحتاجونها . لفترة الآن ، كنّا نشترى " المساعدات " الغذائيّة ، و لم نكن نحصل عليها مجانا ...
كنّا بالكاد نبقى على قيد الحياة عندما إتّخذ الوضع إنعطافة شديدة نحو الأسوأ في أكتوبر . ما بدأ في ما يسمّى" منطقة الكارثة" في الشمال قد توسّع إلى بقيّة القطاع . إنّ إرهاب إسرائيل الغذائيّ قد أصاب غزّة بأكملها ...التجويع يدمّر أجسادنا و أذهاننا، و يعطّل قدراتنا . و هذا هو الهدف .
29 نوفمبر : إسرائيل تقتل مدير مستشفى كمال عدوان :
قتلت مسيّرة إسرائيليّة الدكتور أحمد الكحلوت ، مدير وحدة العناية المكثّفة في مستشفى كمال عدوان ، وهو يجتاز سور مستشفى محاصر شمال غزّة . ما من إشارة لهذا في جريدة " النيويورك تايمز " ...
هوامش المقال :
1- على سبيل المثال ، تستهدف إسرائيل عدّة مراسلين لقناة الجزيرة في غزّة ، مدّعية أنّهم على صلة بحماس . و ردّت لجنة حماية الصحفيّين ، " قدّ/ت إسرائيل بصفة متكرّرة مزاعم مشابهة لا دليل عليها دون إنتاج أدلّة قابلة للتصديق ".
في 26 أوت ، جاء في تقرير لمنظّمة الهومنرايت ووتش ، " أوقفت القوى الإسرائيليّة إعتباطيّا عمّال الصحّة الفلسطينيّين في غزّة منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023، و نقلتهم إلى مؤسّسات سجنيّة في إسرائيل ، و عذّبتهم و أساءت معاملتهم ، قالت هومنرايت ووتش اليوم . و إيقاف عمّال الصحّة في إطار الهجمات العسكريّة الإسرائيليّة المتكرّرة على المستشفيات في غزّة ساهمت في الإنحطاط الكارثيّ لنظام الصحّة في المنطقة المنحصرة . "
2- قبل 7 أكتوبر ، بقي الشعب الفلسطيني في غزّة على قيد الحياة على المساعدات الغذائيّة المحدودة إلى أقصى الحدود الجهود الخلاّقة و الجريئة للزراعة و الصيد و إنتاج الغلال و البيض و اللحم و غيرها من الغذاء . و عادة ما قاموا بذلك تماما في ظلّ النار التي يطلقها الجنود الإسرائيليّون . و بعد 7 أكتوبر ، دمّرت إسرائيل بشكل منهجيّ فلاحة غزّة و صيدها، إلى جانب منع دخول المساعدات الغذائيّة .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي