إن كانت لدينا أيّ فرصة لإنقاذ الكوكب ، نحتاج إلى الإطاحة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ... و تعويضه بنمط حياة جديد كلّيا و نظام مغاير جوهريّا

شادي الشماوي
2024 / 12 / 2

ريموند لوتا ، في معهد بركلي للموسيقى ببسطن ، 29 أكتوبر 2024
جريدة " الثورة " عدد 778 ، 4 نوفمبر 2024
www.revcom.us

مقدّمة : في 29 أكتوبر 2024 ، ألقى ريموند لوتا مداخلة في معهد بركلي للموسيقى ببستن حول حالة الطوارئ البيئيّة. و كان لوتا في حوار مع أكاديمي و أستاذ في بركلى ، فكتور واليس ، الذى يكتب و يتكلّم عن " الإشتراكية البيئيّة " و كيف ننظّم لها اليوم . و قد نظّمت البرنامج مجموعة من طلبة بركلى شكّلت حديثا ناديا إشتراكيّا . و حديث لوتا بوجه خاص نشر نقاشا و جدالا حيويّين تركّزا على مسألتين كبيرتين و مترابطتين .
المسألة الأولى كانت الإختراق التاريخي لبوب أفاكيان في تطوير الشيوعيّة الجديدة ، و الأهمّية التاريخيّة لقيادة بوب أفاكيان لإنجاز ثورة تحريريّة حقّا في عالم اليوم . و معظم الحضور لم يكن لديه تفاعل عميق مع أعمال بوب أفاكيان ، و التحدّى الذى وُضع أمامهم أرسى نقاشا صحّيا . و المسألة الكبرى الثانية تخصّ " نماذج من التغيير الاجتماعي " . هل " تبلغون الناس حيث هم " و تدفعونهم تدريجيّا إلى فهم أرقى و أكثر راديكاليّة ؟ كان هذا الفهم العفويّ لغالبيّة الحضور . أم ، كما كان يحاجج لوتا ، هل تقدّمون للناس حقيقة الحاجة و أساس الثورة المسترشدة بالشيوعيّة الجديدة – و تطبٌّون إستراتيجيا تتمحور حول " مقاومة السلطات ،و تغيير الناس ، من أجل الثورة " ؟
أدناه نصّ مداخلة لوتا و قد أدخلت عليه تعديلات طفيفة .
***********************************
عنوان مداخلتى يتحدّث عن الواقع الأساسي أنّ الكوكب في خطر ... و النظام الرأسمالي – الإمبريالي هو المحرّك لهذه الأزمة الوجوديّة . لكن هناك طريق قابل للحياة و تحريري للتدخّل فى الوضع الإستعجالي للبيئة ... لمواجهة و معالجة هذه الأزمة على النطاق و بالصفة الإستعجاليّة المطلوبين . و هذا الطريق هو القيام بثورة – و إرساء نظام إشتراكي جديد قائم على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان .
و ثمّة تحدّى إستعجالي و تاريخي أمامنا . نحن نعيش الآن في زمن نادر في الولايات المتّحدة فيه من الممكن أكثر القيام بهذه الثورة . هذه لحظة صراع داخلي شديد و متفاقم في صفوف الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ، مع الفاشيّين – الجمهوريّين و الديمقراطيّين مجرمى الحرب في صدام . الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة منقسمة على نحو لم تكن عليه منذ الحرب الأهليّة . و هؤلاء الحكّام غير قادرين على الحكم بنفس الطريقة الموحّدة التي حكموا بها لأجيال . فاشيّو ترامب لا يعترفون حتّى بشرعيّة الديمقراطيّين ، أو " النقل السلمي " للسلطة . و هناك جنرالات كبار متقاعدون يتحدّثون بوضوح أمام قسم من الجيش ، الآن مندّدين بترامب على أنّه فاشيّ .
هذا النوع من التناحر الداخلي ، و هذا الإستقطاب في قمّة المجتمع و عبره ، يمكن أن يوفّر إنفتاحا للقيام بالثورة . وهذه فرصة لا ينبغي أن نفرّط فيها لأنّنا نواجه شيئا فظيعا أبعد من ما يوجد حتّى اليوم – و ليس فقط ارتفاع حرارة الكوكب التي تنحو نحو كارثة غير قابلة للإصلاح لكن خطر الفرض الشامل للفاشيّة ، و فظائع إباديّة جماعيّة حتّى أكبر في فلسطين المحتلّة ، و الخطر المتنامي لحرب عالميّة بين القوى الإمبرياليّة المسلّحة نوويّا . شيء فظيع ... أم شيء تحريري حقّا ، إذا إستغلّينا هذا الإنفتاح الناجم عن الإنقسامات العميقة و المحتدّة داخل الطبقة الحاكمة و المجتمع ككلّ – للتجرّء على الإلتحاق ب و المساهمة في و تولّى مسؤوليّة من أجل ثورة تسترشد بالشيوعية الجديدة التي طوّرها القائد الثوري بوب أفاكيان . و هذه الشيوعيّة الجديدة ذات دلالة تاريخيّة – عالميّة : إنّها إطار جديد تماما لتحرير الإنسانيّة .
و هذه الثورة هي التي توفّر لنا أفضل فرصة واقعيّة حقّا ، و ليس ضمانا بل فرصة واقعيّة ، للتعاطى مع الوضع البيئي الإستعجالي كجزء من إقامة مجتمع تحريريّ .
I – خلفيّة أزمة المناخ :
يعرف الكثير منكم بعض المعطيات الأساسيّة لأزمة المناخ . فالسنوات العشر الأخيرة كانت أحرّ ما سُجّل أبدا ، بسنة 2023 أحرّ سنة سُجّلت على كوكبنا . و سنة 2024 الآن بصدد تحطيم ذلك الرقم القياسي في الحرارة . و قد دخل العالم منطقة خطرة و غير مسبوقة – بما أنّ إنبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري تتصاعد ، و بما أنّ حرارة سطح البحار ترتفع ، و بما أنّ درجة عذاب البشر تشتدّ بسرعة جرّاء موجات الحرارة القصوى و الإعصارات و الجفاف و الفيضانات . و الأسبوع الماضي ، أصدرت الأمم المتّحدة تقريرا بأنّ القوى المصنّعة الكبرى ليست أبدا تقترب من التقليصات الحادة في إنبعاثات الكربون اللازمة لتفادى الإرتفاع الكارثيّ للحرارة .
و ها نحن في 2024 ، بعد عدّة عقود من التحذيرات العلميّة الأولى بإرتفاع حرارة الكوكب . و مع ذلك ، الوقود الأحفوري يعدّ 80 بالمائة من إنتاج الطاقة العالمي ، بما في ذلك في الولايات المتّحدة ( 1990 ) !
الولايات المتّحدة هي المذنب رقم واحد . إنّها أكبر باث تاريخيّا لغازات الكربون التي تحصر الحرارة في الجوّ . خلال الستّ سنوات الفارطة ، بما فيها تحت نظر ما يسمّى إدارة بايدن – هاريس " الصديقة للمناخ " ، أنتجت الولايات المتّحدة المزيد من النفط الخام من أيّ أمّة في أيّ وقت كان ! و في سباقها في الانتخابات الرئاسيّة ، أعلنت كمالا هاريس بصوت عال دعمها للتنقيب عن المزيد من النفط و الغاز الطبيعي . لذا ، بينما جرى تطوير المزيد من الطاقة الشمسيّة و الهوائيّة ، و صارت أرخص ثمنا ، توسّع التنقيب عن النفط و الغاز الطبيعي توسّعا كبيرا ( بشكل مربح ).
و " نمط الحياة " الأمريكي المحتفلا به كثيرا من الفاشيّين – الجمهوريّين و الديمقراطيّين مجرمي الحرب يتغذّى على حساب العمل المستغلّ و المستغلّ إلى أقصى الدرجات لمئات الملايين في سلاسل التزويد العالميّة للبؤس – و ينهب المواد الأوّليّة و الموارد عبر الكوكب . فكّروا في التالى : سنحتاج إلى خمسة كواكب أرضيّة لإعالة سكّان العالم إذا إستهلك كلّ فرد الموارد بذات مستوى معدّل ما يستهلكه الفرد الأمريكي . خمسة كواكب أرضيّة !
ماذا عن النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يدخل في حرب مع البيئة ؟ حسنا ، إنّه نظام له طبيعة و منطق داخليّين . ما يحرّكه هو البحث عن الربح و المزيد من الربح من الكتل الرأسماليّة المملوكة ملكيّة خاصة . وهي تتنافس و يجب أن تتنافس مع بعضها البعض من أجل حصّة أكبر في السوق – إعتمادا على المزيد من الإستغلال الفعّال للعمل البشريّ عبر العالم . و إذا لم تتوسّع و تستثمر لتتقدّم على منازعيها ، حالئذ تخاطر بالخسارة و الإنحدار . هذا نظام يتعاطى مع الطبيعة على أنّها مساهمة " خالية من الكلفة " تضخّ في إنتاج الربح ... نظام يحوّل أيضا الطبيعة إلى ملء نفاية لتبعات إنتاج الربح بلا هوادة – من سكب النفط ، إلى تلويث الجوّ ، إلى إفساد التربة .
و السياسات الجغرافيّة التنافسيّة مبنيّة في أسس هذا النظام . فقد كان و لا يزال إنتاج و حرق الوقود الأحفوري أساسيّا للسير المربح للنظام الإمبريالي - العالمي . و التحكّم في النفط و أسواق الوقود الأحفوري و التمويل و النقل وسيلة بفضلها تهيمن القوى العظمى على الإقتصاديّات و على إقتصاد العالم . و فكّروا في التالي : آلة جيش الولايات المتّحدة للقتل و التدمير التي تفرض الإمبراطوريّة الأمريكيّة العالميّة هي وحدها أكبر مستهلك مؤسّساتي للنفط ، و وحدها أكبر باعثة مؤسّساتيّة للكربون في العالم .
الحقيقة الباردة هي أنّ للتعاطي الجدّيّ مع تغيّر المناخ ، نحتاج إلى وضع شركات الوقود الأحفوري خارج العمل و مصادرة ممتلكاتها و ترك معظم الوقود الأحفوري في الأرض . و لكي يحدث ذلك ، ليتفاعل المجتمع مع الطبيعة على نحو مستدام – نحتاج إلى الإطاحة بهذا النظام . نحتاج إلى تركيز دولة ثوريّة جديدة و مشركة ملكيّة وسائل الإنتاج ... و إنشاء إقتصاد إشتراكي مخطّط . و هذا هو الأساس الاقتصادي المغاير راديكاليّا يجعل من الممكن لإستخدام مصادر المجتمع بوعي و جماعيّا و بصفة مستدامة – و نظام حكم يجعل من الممكن إطلاق العنان للناس ليذهبوا بالوضع الإستعجالي البيئيّ خدمة لمصالح الإنسانيّة عالميّا ، كجزء من إيجاد عالم دون إستغلال و إضطهاد .
II- هناك بديل :
لذا دعونى أمرّ إلى بعض المظاهر المفاتيح من المجتمع الجديد القائم على " دستور جمهوريّة إشتراكيّة جديدة في شمال أمريكا " . اليوم الأوّل ، نشرع في تفكيك الشبكة العالميّة السابقة للقواعد العسكريّة . و ستستخدم الدولة الإشتراكيّة الجديدة قوّتها و مواردها للترويج للثورة عبر العالم . و لتحرير الإنسانيّة ، و إنشاء الأساس العالمي للتعاطى مع هذه الأزمة العالميّة / كوكبيّة . و المجتمع الإشتراكي الجديد سيضع نهاية لسلاسل التزويد العالميّة الشديدة – التلويث التي يقوم عليها الاقتصاد الراهن . سنشرع في إعادة هيكلة راديكاليّة و عقلانيّة أنظمة التصنيع و النقل ، منتقلين بسرعة إلى الطاقة المتجدّدة، و بعيدا من اللاعقلانيّة و التبذير و النقل لمسافات بعيدة . والخبرات و التكنولوجيا توجد اليوم لإحداث مثل هذه التغيّرات ! لكن الآن ، في المجتمع الإشتراكي الجديد ، لن توجد بعدُ عوائق إنتاج خاص للربح . الجنرال موتورس و أكسن موبايل ، و شاس- مورغان لن تظلّ موجودة !
و المجتمع الإشتراكي الجديد سيضع مصالح الحفاظ و إصلاح الأنظمة البيئيّة للكوكب فوق التطوّر الوطني الخاص . ستشجّع و تقدّم الدعم العلميّ و التقنيّ و التنظيميّ للمبادرات العالميّة الجريئة لمنع الإنهيار المنتشر للأرصفة المرجانيّة ، و الغابات الإستوائيّة و أنظمة بيئيّة أخرى – و لجعله ممكنا بالنسبة إلى كلّ من العلميّين و اللاعلميّين للتعاون و التشارك عالميّا على نطاق غير مسبوق .
و التخطيط الاقتصادي و الاجتماعي في المجتمع الجديد سيهدف إلى ربط العمل الذى هو في آن له معنى و خلاّق بإحساس الناس بالجماعيّة ، و العمل من أجل مصلحة الإنسانيّة في العالم . و لن يكون هذا نفسه المجتمع الإستهلاكي " المبذّر " الذى يرتهن بأقصى الإستغلال الخبيث ، بما في ذلك عمل الأطفال ، لخلق تبذير " آخر نماذج " هواتف آيفون . لكن لا شيء من هذا سيعنى أيّ شيء طالما لم يتشرّب الناس في المجتمع الإشتراكي الجديد بالقيم الجديدة ... للإهتمام و يصبحوا حامين و تحسين وضع الكوكب . و يجب أن يحدث هذا من خلال التعليم و وسائل الإعلام و الصراع الثقافي و السياسي و الإيديولوجي .
و هذا ما يصبح ممكنا ، إذا و فقط إذا ، نقوم بالثورة إستنادا على الشيوعيّة الجديدة .
III – بُعدٌ جديد تماما من الحرّية ، و المعارضة في ظلّ المجتمع الإشتراكي الجديد :
عند هذه النقطة ، أرغب في قراءة مقتطف هام من الوثيقة ، و لدينا نسخا منها ، " نحتاج و نطاب ب: نمط حياة جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا " و ما سنقرأه من قسم " بٌعدٌ جديد تماما من الحرّية و حقوق الشعب " . يقول :
" و كما يُعرض في دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا ، الناس في هذا المجتمع الجديد لن يُسمح لهم فحسب بل سيقع تشجيعهم و تمكينهم من التعبير تماما عن آرائهم السياسيّة ، و التعبير عن أفكارهم بحرّية عبر الوسائل الفنّية و غيرها من الوسائل ، و المعارضة و الإحتجاج تحت حماية دستوريّة و مؤسّساتيّة لحقّهم في القيام بذلك . ستوفّر لهم وسائل القيام بذلك ، لأنّ ها جزء هام من إنشاء جوّ حيث يمكن للناس " التنفّس " و الشعور بالراحة و حيث سيجدون الإلهام للإلتحاق بالآخرين في الخوض في ما سيساهم و ما لن يساهم فى التغيير التحريري للمجتمع و العالم ككلّ ."
و الآن ما صلة هذا المقتطف بمواجهة و التأثير على أزمة البيئة ؟ و الجواب هو ... كلّ شيء ! ترون عنصرا حيويّا للشيوعيّة الجديدة التي تقدّم بها بوب أفاكيان هي الأهمّية التي يوليها للصراع الفكريّ و العلميّ و الثقافي في المجتمع الإشتراكي – و للمعارضة – على نطاق لم يشاهد قبل في أيّ مجتمع ، في أي ممّا يسمّى الديمقراطيّة الرأسماليّة ، أو حتّى الإجتماعات الإشتراكيّة ، بما في ذلك الصين في ظلّ ماو .
نحتاج إلى تحشيد العلماء و المهندسين ، و أخصّائيّين آخرين للعمل على الضغط البيئي و أشكال أخرى . فكّوا في علماء المناخ و المخطّطون للمدُن و الأخصّائيّون في تنوّع الحياة ، على سبيل المثال ، الذين لديهم عديد الأفكار و المقترحات ، الكثير من الفهم ، للديمومة – لكن أفشلوا بما يفرضه الربح في ظلّ هذا النظام . و يمكن إستبعاد هذه العراقيل في المجتمع الجديد . و في الوقت نفسه ، سيتطلّب المجتمع المجتمع و تتطلّب الإنسانيّة أيضا بحثا بعيد المدى و تفكيرا جديدا و تجريبا ليسوا مرتبطين مباشرة جدّا بالمعالجة الفوريّة و الإستعجاليّة للمشاكل . و هذا التجريب ينبغي أيضا أن يلقى الدعم و التمويل من الدولة الإشتراكيّة – لأنّه لأنّ÷ يضيف إلى مخزن المعرفة و حيويّة المجتمع . و هذا تعبير آخر عن كسر عراقيل الرأسماليّة ... و كذلك القطيعة مع مشاكل المجتمعات الإشتراكيّة السابقة .
نحتاج إلى الصراع الفكريّ و التساؤل و روح السعي وراء الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه – لأنّه ليست لدينا جميع الإجابات لأزمة البيئة و غيرها من الأزمات . هذه مسألة وضع البحث عن الحقيقة في الواجهة و في المركز .
و في الوقت نفسه الذى نكسر فيه سلاسل العلم ، نحتاج أيضا إلى كسر حواجزه . فالحواجز التي تُبقى العلم نشاطا لقلّة نسبيّة يجب كسرها . و الناس عبر المجتمع ، المُضطهَدين و المهمّشين سابقا ، يجب أن يُدرّبوا على المنهج العلميّ . و هذا أمر يمضى في إتّجاه واحد . و هناك كذلك فهم نابع من تجارب حياة الناس القاعديّين – لنقل في الجماعات المتأثّرة بالتلوّث.
يجب على المجتمع الإشتراكي أن يشجّع على كافة أنواع تجارب التلقيح و الفهم المتبادلين : و يتباد العلماء و الأخصّائيّون المعارف مع الفئات الواسعة من المجتمع ، خاصة المضطهَدين سابقا الذين حُرموا من مثل هذه المعرفة – سيتعلّم المحترفون البيض من الرؤى الثاقبة و تطلّعات الناس القاعديّين . و من الأشياء المرغوب فيها ستكون النقاشات الكبرى في العلوم و ضمن حركات المناخ و البيئة ( و سأعود للمسألة بعد لحظة ) ، و التي تُنشر شعبيّا و تبلغ كافة أنحاء المجتمع .
و كلّ هذا جزء من الإطاحة بالإنقسامات الإجتماعيّة في المجتمع ، و التحسين من قدرات الناس على معرفة العالم و تغييره تغييرا واعيا – و تولّى مسؤوليّة أكبر حتّى عن المجتمع .
و للإبقاء على المجتمع يسير قُدُما نحو عالم شيوعي خال من كافة الإستغلال و الإضطهاد ، نحتاج إلى قيادة ذات رؤية ثاقبة قائمة على العلم . غير أنّ جميع مظاهر المجتمع يجب أن يتمّ نقاشها على نطاق واسع . و الطريق إلى الأمام ليس معدّا سلفا. فالمشاكل و التناقضات في المجتمع التي لم يقع حلّها – سواء كنّأ نتحدّث عن الوضع الإستعجالي للبيئة أو التجاوز التام لإرث العنصريّة و إضطهاد النساء – هذه التناقضات التي لم تحلّ ستفرز جدالا و صراعا . و قد حلّل بوب أفاكيان كيف أنّ هذا مصدر إيجابي للديناميكيّة في المجتمع الإشتراكي . و قد شدّد على أنّ الإشتراكيّة لا يجب أن تسمح و تحمي فحسب المعارضة بل أن تشجّعها و تثمّنها بنشاط . و ذلك لأنّه ، مرّة أخرى ، يمكن لهذا أن يكشف عن فهم جديد و يُظهر نواقص و مشاكل في المجتمع الإشتراكي و يرفع من قدرة الناس على ترتيب ما سيساعد على تقدّم المجتمع و ما لن يفعل ذلك .
و بما أنّنا نركّز على قضايا ، لنجرى تجربة تفكير . المسألة تُثار . في المجتمع الإشتراكي الجديد المعروض في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " ، هل سيوجد دور و مجال و حماية للمجموعات و المنظّمات مثل ما هو اليوم تمرّد أكستنشن ؟ هل سيُسمح بهكذا نوع من الإحتجاج – و حتّى إحتجاجات أكثر راديكاليّة - في ظلّ الإشتراكيّة ؟ أجل ! يمكن للفرد أن يتصوّر فئات من الناس الواعين بالبيئة يمكن أن يكونوا غير صبورين على نسق التغيير و التحويل ، أو التوجّه العام الذى يُتّبع . هل أنّ أولويّات المخطّط الإشتراكي صحيحة ؟ وهل أنّ مشاريع الطاقة المتجدّدة على نطاق واسع أكثر من اللازم ؟ يمكن بوسعنا أن ننتقل بسرعة أكبر للأنظمة الفلاحيّة المدينيّة – لكن ماذا عن المدن المركّز عليها في المناطق الساحليّة التي تواجه خطرا ؟
أيمكن لهذا النقاش و الإختلاف مع سياسات الدولة – و المبادرات المستقلّة من الأدنى التي يجب تشجيعها في المجتمع الجديد – أن يتحوّل إلى نزاع مفتوح مع الدولة الإشتراكية – و يُشعل مسيرات جماهيريّة و إعتصامات تعرقل الأنشطة ؟ أجل . المعارضة من فئات من الشعب لسياسات متنوّعة و حتّى للإشتراكيّة نفسها ، لن يتمّ قمعها . طالما أنّ المعارضة لا تتّخذ شكل التخريب و التدمير العمد ، أو شكل جزء من المحاولات المنظّمة للإطاحة بالدولة الإشتراكيّة .
يمكن لهذا أن يُصبح شديدا و حادا جدّا أحيانا بما في ذلك أن يتحوّل إلى إضطرابات قد تضرب جدّيا إستقرار المجتمع ( و يمكن أن يسعى المعادون للثورة أن يستغلّوها ) . لكن هذا جزء من بلوغ حقيقة المجتمع و العالم ، من التشجيع على التفكير النقديّ في المجتمع الإشتراكي ، و تمكين الناس من فهم أعمق و تغيير العالم تغييرا واعيا .
و نحتاج ، كمات يقول بوب أفاكيان ، إلى أن نكون مستعدّين للمضيّ إلى حافة فقدان السلطة دون تجاوز تلك الحافة – دون خسارة المجتمع الإشتراكي و كلّ ما يعنيه للإنسانيّة في العالم . و هذا الجوّ من الصراع و المعارضة حيويّ لبلوغ الشيوعيّة، لشحذ الطاقة الخلاّقة و دفع المحاججة و إكتشاف طُرق جديدة للتقدّم ، و العمل و الصراع معا لتصوّر كيفيّة بناء مجتمع مزدهرا و يزدهر حقّا . و يعمل و يناضل بصورة إستعجاليّة لإنقاذ الكوكب من أجل الأجيال الحاليّة و الأجيال المستقبليّة . و هناك حاجة إلى قيادة شيوعيّة ذات نظرة ثاقبة و لبّ صلب ، كما يسمّيها بوب أفاكيان ، لقيادة هذه السيرورة المعقّدة إلى الأمام ...و للتعلّم منه . و هناك حاجة إلى أقصى درجات المرونة و التجريب و التجديد في المجتمع .
لذا ثمّة نقاط مفاتيح أودّ أن أثيرها بصدد الشيوعيّة الجديدة و بلوغ مجتمع و عالم نتخطّى فيه الإستغلال و الإضطهاد ... و من خلاله يمكن للإنسانيّة أن تُصبح راعية للكوكب .
VI – لدينا فُرصة في فترة الحياة :
ختاما ، أودّ العودة إلى المكان الذى إبتدأت منه . هذا الزمن ليس زمنا " عاديّا " . الأحداث تتسارع . و الصراع بين قسمين من الطبقة الحاكمة يشتدّ و سيشتدّ أكثر خلال الانتخابات القادمة . و الوضع في الشرق الأوسط يتصاعد بسرعة ، مع مهاجمة إسرائيل مرّة أخرى و يتزايد التهديد بحرب أوسع نطاقا حتّى . و يمكن للأشياء أن تخرج عن السيطرة . و هذا زمن فيه يمكن أن يحدث التغيّر في الأسابيع أو حتّى الأيّام أكثر ممّا يحدث في سنوات و عقود . و ينسحب هذا على كلّ من الوضع الأوسع نطاقا في العالم و تفكير و تصرّفات ملايين الناس !
هذا زمن نادر فيه الثورة الشاملة التحريريّة المستندة إلى الشيوعيّة الجديدة ممكنة أكثر . هذا زمن فيه من الضروريّ و من الممكن قطع خطوات متقدّمة كبرى في ربط الناس فورا بالقائد الثوري الذى لا مثيل له ، بوب أفاكيان ، . خاصة من خلال الرسائل الثوريّة التي يصدرها بوب أفاكيان – مرّتان أو ثلاث مرّات أسبوعيّا - @BobAvakianOfficial . عالم مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن ... بواسطة الثورة . شُكرا .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي