![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
سعود سالم
2024 / 12 / 2
المسكالين والإدراك
٢ الإكتشاف والدراسات الأولى
تم تقديم أول وصف مكتوب للآثار المهلوسة للبايوت Peyote في عام ١٨٩٦ من قِبل س. وير ميتشل S. Weir Mitchell ، وهو طبيب من فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان يزود العديد من المثقفين بهذا المخدر، منهم الفيلسوف ويليام جيمس William James والعالم النفسي البريطاني هنري هافيلوك إليس Henri Havelock Ellis، الذي وصف البايوت بأنه جنة اصطناعية جديدة new artificial paradise، أكثر روعة وغرابة من جنة بودلير الأفيونية، ونشر وصفًا للهلوسة البصرية وإضطرابات الإدراك.
لويس لوين Louis Lewin ١٨٥٠١٩٢٩، أحد رواد علم الأدوية النفسية psychopharmacology ، وهو أول من تعرف على عنصر الميسكالين mescaline في نبات الصبار، بعد أن تلقى عينات من الباييوت من بعض معارفه، قام بنفسه في عام ١٨٨٦ برحلة إلى جنوب الولايات المتحدة لإحضار عينات من هذا النبات، والذي كان يسمى في ذلك الوقت بـ Anhalonium williamsii، قام بزراعة ودراسة هذا النبات من الناحية الكيميائية وأظهر أنه يحتوي على قلويدات alkaloids. وكان يجب الإنتظار حتى عام ١٨٩٧ حيث نجح باحث آخر، ألماني هذه المرة، آرثر هيفتر Arthur Heffter، في عزل قلويد مهلوس the hallucinogenic alkaloid والذي تمكن من إستخلاصه عن طريق اختبار منهجي للأجزاء المستخرجة والمنقحة وتجريبه على نفسه. أعطاه اسم ميزكالين في البداية، الذي أصبح فيما بعد الميسكالين. في عام ١٩١٩ ، تم الحصول على نفس التركيب synthesis بواسطة إرنست سبات Ernst Späth، المعروف أيضًا بأنه حصل على تركيب قلويد آخر وهو النيكوتين. ويعتبر لويس لوين هو أول من تمكن من إعادة إنتاج مادة هلوسة طبيعية بطرق صناعية. أجريت أول دراسة علمية لآثار الميسكالين على الحيوانات والبشر في عام ١٩٢٠ بواسطة الدكتور كورت بيرنجر Kurt Beringer، صديق المحلل النفسي كارل يونج Carl Jung والكاتب هيرمان هيس Hermann Hesse، صاحب رواية لعبة الكريات الزجاجية Le Jeu des perles de verre ١٩٤٣ وذئب البراري ١٩٢٧ Le Loup des steppes، وقد نشر نتائج بحوئه في عام ١٩٢٧ تحت عنوان (النشوة الميسكالينية Meskalinrausch). وفي العام نفسه ، نشر ألكسندر روهير Alexandre Rouhier، الصيدلي الفرنسي، دراسة على مجموعة من الطلاب الذين تناولوا أجزاء من نبات الصبار.
إبتداء من هذا التاريخ وحتى اكتشاف مهلوسات جديدة hallucinogènes، يستخدم طالبوا الرحلات الى عالم الخيال والفنتازيا الميسكالين la mescaline بدلاً من البايوت Peyote. وتدين الدراسات النفسية بخصوص المسكالين كثيرا للعديد من الفنانين والفلاسفة الذين قاموا بتناول هذه المادة وتجربتها على أنفسهم، وعلى وجه الخصوص ألدوس هكسلي Aldous Huxley وهنري ميشو Henri Michaux، حيث قدموا وصفاً مفصلاً ودقيقا لآثار القلويد المخدر l alcaloïde على تطوير الإدراك وتغيير العالم الذي نتحرك فيه، وفتح أبواب جديدة لعالم الوعي.
في أعقاب وصف طقوس البايوت للهنود المكسيكيين التي نشرها المستكشف كارل لومهولتز Carl Lumholtz في نهاية القرن التاسع عشر، نُشرت العديد من الدراسات والأعمال الإثنولوجية حول استخدام طقوس البايوت عند العديد من القبائل الهندية وذلك حتى عام ١٩٦٠. وقد قام الشاعر والكاتب المسرحي الفرنسي أنتونان أرتو Antonin Artaud برحلة إلى المكسيك في عام ١٩٣٦ لاكتشاف ودراسة البايوت آملا في إيجاد علاج مطلق ونهائي للإضطرابات النفسية والعقلية، ونشر كتاباته بخصوص رحلاته في عام ١٩٣٧ (من رحلة إلى أرض تاراهوماراس - D un voyage au pays des Tarahumaras) و في عام ١٩٤٣ (طقوس البايوت عند تاراهوماراس Le rite du peyotl chez les Tarahumaras).
في عام ١٩٤٥، تم عزل الميسكالين من نوعية أخرى من الصبار يسمى Trichocereus pachanoi الذي تستخدمه قبائل الهنود في جبال الأنديز في الممارسات والطقوس الشامانية، وتم التعرف عليه لاحقًا في بعض أنواع الصبار الأمريكية الأخرى. ونحن نعرف اليوم أنه منذ عام ١٩٢٥، ثم إكتشاف علاقة التشابه بين آثار المسكالين والهلوسة الناتجة عن بعض أمراض الفصام والشيزوفرينيا، بواسطة الدكتور النفساني ماير جروس Wilhelm Mayer-Gross، مؤسس المدرسة البريطانية لدراسة الأمراض النفسية the British school of psychiatry. وقد تم مواصلة الدراسات والتحقيقات في هذا السؤال من قبل مجموعة من الأطباء النفسيين (البريطاني همفري أوسموند Humphry Osmond والكنديين جون سميثيس John Smythies وأبرام هوفرAbram Hoffer) ونشروا نتائج هذه الدراسات في عام ١٩٥٢ في مجلة علمية مشهورة متخصصة في العلوم العقلية Journal of Mental Science. وقد ساهمت هذه الدراسات في إثارة إهتمام الفلاسفة والباحثين في مجال الإدراك والخيال وإشكالية الواقع وحدوده المنطقية والعملية.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |