جورج إبراهيم عبد الله: -إننا نشهد ذروة أزمة الرأسمالية والسير بالعالم نحو الفاشية-

عبد المجيد السخيري
2024 / 11 / 30

نفديم المترجم

جورج إبراهيم عبد الله مناضل شيوعي لبناني عُرف حركيا باسم " عبد القادر سعدي"، واشتهر في وسائل الاعلام العالمية بأنه مناصر صلب للقضية الفلسطينية وفاعل نشيط في الحركة الوطنية اللبنانية، ومن مؤسسي "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية" أوائل الثمانينات من القرن الماضي، والتي تبنت خمس هجمات في أوروبا بين عامي 1981 و1982 في إطار أنشطتها الداعمة للنضال الفلسطيني. من مواليد 1951 بقرية القبيات في محافظة عكار الواقعة شمال لبنان، من أسرة مسيحية مارونية، والده كان يعمل بالجيش اللبناني. وقد عرف عنه أنه بدأ مبكرا نشاطه السياسي حين انضم لصفوف الحزب القومي الاجتماعي السوري ولم يتجاوز الخمس عشرة سنة، حيث مع انخراطه في الحياة العملية بدأت علاقاته تتوطد مع المناضلين الفلسطينيين قبل أن ينضم لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
يوجد جورج منذ أربعين سنة بإحدى السجون الفرنسية (لانميزان)، بعد اعتقاله بفرنسا عام 1984 حين لجأ إلى مركز شرطة طلبا للحماية من ملاحقة مشبوهة من قبل عناصر الموساد، بينما تبين أنه كان ملاحقا من قبل عملاء فرنسيين لأسباب لها بإقامته بشقة باسم شخص إيطالي متورط في قضية أمنية. وقد حكم عليه بأربعين سنة سجنا بتهم تتعلق بتزوير وثائق وحيازة أسلحة، ثم بالمؤبد في مارس/آذار 1987 بتهمة المشاركة في عملية اغتيال و"التواطؤ في أعمال إرهابية". ورغم استيفائه متطلبات الإفراج المشروط منذ عام 1999 وفقا للقانون الفرنسي، فإن طلبات الإفراج عنه رُفضت عدة مرات بسبب ضغوط دولية، وتخوف فرنسا من "أن يمثل إطلاق سراحه، باعتباره شخصية رمزية في النضال ضد الصهيونية، حدثا كبيرا في لبنان"، بحسب ما صدر عن المديرية العامة للشرطة. وظل الأمر كذلك رغم مطالبة نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء حينها، بعد زيارة إلى باريس في فبراير/ شباط 2012، بإطلاق سراحه بوصفه معتقلا سياسيا. وفي سنة 2013 سيوافق القضاء الفرنسي مبدئيا على الإفراج عنه بشرط ترحيله إلى لبنان، غير أن وزارة الداخلية الفرنسية لم تصدر أمرا بتنفيذ القرار، فبقي جورج في السجن. كما ذكرت مصادر أن الرئيس ميشال عون كلف المدير العام للأمن بالتواصل مع رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية عام 2018 في محاولة لتسوية قضية جورج لكن دون جدوى، فيما أيضا لم تنجح مطالبات المعتقل نفسه عام 2020 لدى وزارة الداخلية الفرنسية في إطلاق سراحه.
وأخيرا وافقت محكمة فرنسية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على الطلب الحادي عشر للإفراج المشروط على جورج مع شرط مغادرة التراب الفرنسي وعدم العودة إليه، إلا أن النيابة الوطنية لمكافحة الارهاب أكدت أنها ستستأنف القرار.
أجرت جريدة "لومانيتيه" الفرنسية، يوما واحدا قبل صدور قرار للمحكمة بإطلاق سراحه المشروط، حوارا قصيرا مع جورج هذا نصه (العنوان من وضعنا):

-لومانيتيه: ما الذي يجول في ذهنك عشية صدور قرار قضائي كبير جديد؟
-جورج عبد الله: لا يعدو إطلاق سراحي تفصيلا أمام الأوضاع التي يعيشها العالم، والاعتداءات المتكررة على حقوق الشعوب وحرياتها. غادرت جلستي الأخيرة في الـ 7 من أكتوبر منزعجا من جهل القضاة بالوضع في الشرق الأوسط. فقد أكثر المدعي العام من الأكاذيب، وذلك بالنسبة لي غير مقبول. فالتزامي بالقضية الفلسـطينـية لا يعود إلى الأمس ولا إلى السابع من أكتوبر 2023. وقد كان علي أن أذكرهم فإني ناشط شيوعي منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمري، وأني كنت في 12 و13 سبتمبر/ أيلول 1982 في مخيمات صبرا وشاتيلا دعما للقضية. في ذاك الوقت أكد الرئيسان الفرنسي فرانسوا ميتران والأمريكي رونالد ريغان على ضمان الأمن في المخيمات، وأعطت فرنسا كلمتها. وقعت المجزرة وتم إعدام 4000 شخص. واليوم نرى السلطات القضائية العليا في فرنسا تقلل من حقيقة أن إسرائـيل من المحتمل قيامها بارتكاب إبادة جماعية، وهذا هو بالضبط ما يرتكبه الإسرائـيلـيون والأميركيون في غزة ولبنان. لن أتخلى أبدا عن التزاماتي الشبابية، التزاماتي مدى الحياة.

-لومانيتيه: كيف تفسر ما تتعرض له من مضايقات قانونية وسياسية؟
-جورج عبد الله: من الجلي أنني ضحية قرار سياسي قبل كل شيء. إذ في نظرهم إذا ما تم إطلاق سراحي فإن ذلك سيمثل انتصارا لخصوم إسرائيل.

-لومانيتيه: بعد الشعب الفلسـطيني، فإن الشعب اللبناني هو الذي يعاني اليوم من الجيش الإسرائـيلي...
-جورج عبد الله: إنه أمر لا يحتمل. فما يحدث منذ أكثر من عام في غزة يتكرر في بيروت وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي وما يسمى بالقوى الديمقراطية. ففي القطاع الفلسـطيني يتم تجويع السكان وتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات. وفي لبنان تقصف القرى المارونية لطرد النازحين من الجنوب. إنه أمر حقير والجميع يعرف ما يحدث. كل هذا يحدث أمام أعيننا. والملايين من الناس حول العالم يشاهدون هذه الإبادة الجماعية المتواصلة. وهذا الصمت المطبق هو عمل إجرامي، بما في ذلك صمت المثقفين الذين لا يتفاعلون أيضا في الغرب. وبعيدا عن فلسطين ولبنان، فإننا نشهد ذروة أزمة الرأسمالية، وهي نفس الأزمة التي تقوم إلى الهمجية التي نشهدها اليوم. ولعل عملية تحول العالم نحو الفاشية جارية وسيكون أول ضحاياها – كما هو الحال دائما – الشيوعيون الذين يدفعون دائما الثمن الباهظ. ولا يحق للشيوعيين أن يتجاهلوا هذا الأمر. فلديهم العدة المفاهيمية والثقافية للفهم والتنبؤ بما يمكن أن يقع على الساحة الدولية. ويجب على الرجال والنساء، وفي مواجهة هذه الأزمة العميقة، أن يتحملوا مسؤولياتهم. ولننظر إلى ما يحدث: فالأصداء التي تأتيني من لبنان تؤكد أن المقاومة موجودة، وأنها قوية ومعبرة. وأن الجيش الإسرائيلي، وعلى الرغم من ترسانته العسكرية الأمريكية، غير قادر على التوغل في عمق البلاد. ولن ينجحوا في تقسيمنا. فالمقاومة قوية، وهذا لا يعني أنها ستنتصر. لكن بالنسبة لنا، عدم الخسارة يعني النصر فعليا. وللأسف، ففي غزة، لا يمكن لأطفال الإبادة الجماعية أن يكونوا مسالمين. نود لو يصبحوا شعراء، ولن يحدث ذلك.

-لومانيتيه: ما هي الرسالة التي توجهها للنشطاء من أجل إطلاق سراحك؟
-جورج عبد الله: يجب علينا، وبشكل جماعي، أن نستمر في المطالبة بتطبيق الإنجازات الإنسانية التي حققها ملايين البشر عبر التاريخ المعاصر، خاصة فيما يتعلق بالقانون الدولي. إن الأمر متروك لكم، أيها الرفاق، في كل مكان، هنا في فرنسا وفي جميع أنحاء العالم، للرد والتصرف. فلا يمكننا أن نطلب من اللبنانيين والفلسـطـينيين وحدهم الدفاع عن الإنسانية. وإننا لن نناضل من أجل حقوق الشعوب واحترامها إلا معا ودائما معا، اليوم وغدا. إنها مسؤولية الرفاق، والأمر متروك لهم للحفاظ على هذا الخيط المشترك.

المصدر:
.Georges Ibrahim Abdallah : « Je suis victime d’une décision politique », Entretien, L’Humanité, 14 novembre 2024
https://www.humanite.fr/monde/bande-de-gaza/georges-ibrahim-abdallah-je-suis-victime-dune-decision-politique

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي