طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و الردّ على خطّه الإيديولوجي و السياسي – الفصل 4 – الكتاب 49 - حرب الشعب الماويّة في الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماويّ )

شادي الشماوي
2024 / 11 / 29

---------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 49 / أكتوبر 2024
شادي الشماوي
https://www.ahewar.org/m.asp?i=3603
حرب الشعب الماويّة في الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماويّ )
( ملاحظة : الكتاب كاملا متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
-------------------------------------------------------
مقدّمة الكتاب 49
بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) ، أصدر هذا الحزب رسالة وجّهها إلى صفوف الحزب بقياداته و كوادره و قواعده و إلى الجيش الأنصاري الذى يقوده و إلى المنظّمات الجماهيريّة الثوريّة و إلى اللجان الشعبيّة الثوريّة المجسّدة للسلطة الشعبيّة الجنينيّة و إلى الجماهير الشعبيّة عامة و دعاهم جميعا إلى الإحتفال بهذه الذكرى إحتفالا ثوريّا طوال شهر يمتدّ من 21 سبتمبر إلى 20 أكتوبر 2024 . و بطبيعة الحال في تلك الرسالة قيّم العقدين من نضال هذا الحزب و عرض وضعه الراهن و حدّد أهدافه و مهامه ...
و بهذه المناسبة ، إصطفينا بكثير من الصعوبة – لكثرة المواد و الوثائق و أهمّيتها البالغة – بعض وثائق هذا الحزب لنضمّنها كتابنا هذا و لنواصل النهوض بواجبنا الأممي البروليتاري في المساهمة في التعريف بنضالاته و خطّه الإيديولوجي و السياسي و بالثورة الماويّة في الهند . و قد نشرنا آنفا ، منذ سنوات عديدة ، كتابا أوّلا بهذا المضمار و إخترنا له من العناوين " مدخل لفهم حرب الشعب الماويّة فى الهند " و هو متوفّر بمكتبة موقع أنترنت الحوار المتمدّن و يمكن تنزيله كاملا بصيغة بى دى أف .
و كيما نقدّم نوعا من الخلفيّة التاريخيّة لتكوين فكرة عن الحركة الماويّة في الهند و الثورة الماويّة هناك ، قدّرنا أنّ فقرات من توطئة كتابنا الأوّل الذى مرّ بنا ذكره للتوّ تفى بالغرض فإليكم هذه الفقرات المعنيّة التي صيغت منذ سنوات :
" و تعود جذور الثورة الماوية فى الهند التى بلغت و إن كانت بعد فى مرحلة الدفاع الإستراتيجي من حرب الشعب ، درجة من القوّة الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و الإنتشار و الإنصهار الجماهيري جعلت دولة أعداء الثورة ،الجبال الرواسى الثلاثة، من إمبريالية و إقطاعية و رأسمالية كمبرادورية بيروقراطية تعتبرها الخطر و التهديد الأوّل لها ، تعود إلى الستينات من القرن العشرين حيث فى خضمّ الصراع العظيم العالمي بقيادة ماو تسى تونغ ضد التحريفية المعاصرة و بخاصة ضد التحريفية السوفياتية التى إستولت على الحزب و الدولة السوفياتيين و حوّلتهما من حزب بروليتاري ثوري و دولة إشتراكية إلى حزب برجوازي و دولة إمبريالية إشتراكية و خضم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كارقى ما بلغته البروليتاريا فى طريق تقدّمها نحو الشيوعية، أفرزت الجدال و النقاشات فى الهند بروز كتلة حمراء داخل الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) دحضت الطريق التحريفي البرلماني و تبنّت الماركسية-اللينينية-فكر ماو تسى تونغ و الثورة الديمقراطية الجديدة و طريق حرب الشعب الطويلة الأمد بقيادتها البروليتارية و قوّتها الأساسية الفلاحين فى تحالف يكون قاعدة توحيد بقيّة الطبقات و الأشخاص المعنيين بالثورة المناهضين للإمبريالية و افقطاعية و الرأسمالية الكمبرادورية البيروقراطية .
و منذ 1967 ، قادت هذه الكتلة الحمراء الماوية نضالا مسلّحا إندلع فى نكسلباري ،غربي البنغال، و إمتدّت إلى مناطق أخرى . و فى ربيع تلك السنة تعزّزت الكتلة الحمراء التى كان يتزعّمها شارو مازمدار بإلتحاق أكثر من 15 ألف فلاح بصفوف التنظيم الثوري. و فى غربي البنغال نشأت لجان الفلاحين التى ستتحوّل لاحقا إلى مليشيات شعبية مسلّحة. و جرت مصادرة أراضى السادة الإقطاعيين و حرقت العقود العقّارية و صدرت أحكام شعبية بالموت ضد المضطهِدِين الوحشيين و تركّزت سلطة موازية لسلطة الدولة الهندية القديمة. و نظرا لمدى الإضطهاد و التجهيل و المعاناة بفعل العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية (ومنها نظام الكاست و زواج الأطفال...) و الأفكار الرجعية التى ترزح تحت وطأتها الجماهير و محورها الديانة الهندوسية التى تعتبر بؤس الطبقات الشعبية عقابا لها على سلوكات سيئة فى "حياة سابقة" و إمتيازات الإقطاعيين "حقّ مصدره الإلاه " ، رحّب الكثيرون بالثورة و حرب الشعب أمل من فقدوا الأمل فى نظام الدولة الرجعية القديمة ، دولة الإستعمار الجديد.
و بالطبع زاد إندلاع حرب الشعب هذا من تعرية و فضح تحريفية وبالتالى رجعية كلّ من الحزب الشيوعي الهندي و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)إذ وقفا بلا مراء إلى جانب دولة الإستعمار الجديد الهندية التى إرتكبت أبشع المذابح فى حقّ الشعب و نشرت الرعب و الإرهاب على نطاق لا أوسع منه.
و فى أتون هذه الحرب الطبقية المستعرة ، أُسّس شارو مازمدار بمعية آلاف الشيوعيين الثوريين فى أفريل 1969 الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) .
و مع بداية السبعينات لإعادة تركيز سلطتها ، لجأت حكومة أنديرا غاندي بتوجيه من سادتها الإمبرياليين إلى قتل عشرات الآلاف من مختلف فئات الجماهير الشعبية ،لا سيما العمال و الفلاحين و الطلبة و سجنت و عذّبت آلافا آخرين . و خسرت الثورة القائد شارو مازمدار سنة 1972 حيث أوقف و قتل بدم بارد فى كلكوتا (27-28 جويلية). و عندئذ شهد المسار الثوري إنتكاسات جدّية أدّت مع سنة 1975 إلى إستعادة الدولة الهندية لسيطرتها على المناطق التى حرّرت سابقا.
وحوّل الثوريون الماويون الذين ما إنفكّوا أبدا عن العمل و الكدّ للإنطلاق مجدّدا فى الكفاح المسلّح نكسلباري إلى نجمتهم القطبية الحمراء،نكسلباري التى باتت رمزا لدى الشعب المتطلّع للتغيير الثوري و مبعث رعب فى قلوب أعداء الثورة .
و تشتّتت صفوف الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) إلى مجموعات منها من إلتحق بالطريق البرلماني لكن منها من ثابر على الطريق الثوري على غرار مثلا لجنة ولاية أندرابراداش التى كانت لاحقا وراء إنشاء الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) (حرب الشعب) الذى إنطلق من جديد فى الكفاح المسلّح فى تلنغانا ، سنة 1980مواصلا السير على خطى شارو مازمدار رغم القمع و الإرهاب اللذان إعترضاه و التصفية الجسدية لعديد قادته و كوادره .
و تمكّن الثوريون الماويون فى بدايات التسعينات من إفشال حملات المحاصرة و السحق و تعزيز تنظيماتهم الحزبية و الجماهيرية و التوسّع إلى مناطق أخرى فى دنداكارانيا و تلنغانا الشمالية و الشرقية و الوسطى و لنالامالا و إستحوذوا على أسلحة للشرطة و الجيش و ثوّروا المجتمع فى المناطق المحرّرة عبر الإصلاح الزراعي و تحرير المرأة و غيرها من الإجراءات و السياسات الثورية الماوية .
و فرض تطوّر الصراع الطبقي فى الهند و تطوّر المنظّمات و الأحزاب الماوية فى العقود اللاحقة توحيد صفوف الثوريين الماويين فتوحّد سنة 2000 الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) مركز الوحدة و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) الراية الحمراء ليشكّلا الحزب الشيوعي الهندي (الم-الل) نكسلباري الذى شرع فى خوض الكفاح المسلّح وسجّل له سنة 2003 حضور فى مناطق من كيرالا و أوديسا...
ما تقدّم ليس سوى عرض تلحيصي مقتضب للغاية لتطوّر تيّار واحد من التيارين الماويين الكبيرين فى الهند أمّا التيّار الثاني، المركز الشيوعي الماويفتعود جذوره إلى سنة 1969 حيث قاد هو أيضا كفاحا مسلّحا فى بيهار و حاركهاند غيّر وجه المناطق التى توصّل إلى تحريرها فى الوقت الذى كان فيه المركز الشيوعي الثوري الهندي ينظّم و يقود النضال المسلّح فى البنجاب .
و مثلما توحّد الراية الحمراء و مركز الوحدة سنة 2000 ، توحّد المركز الشيوعي الماوي و المركز الشيوعي الثوري فولد المركز الشيوعي الماوي الهندي .و إستمرّت سيرورات وحدة الماويين بصورة متصاعدة حول كلّ من "الحزب الشيوعي الهندي (الم-الل) (حرب الشعب )" من جهة و"المركز الشيوعي الماوي الهندي " إلى أن إلتقى التياران الكبيران فى أهمّ وحدة ماوية سنة 2004 نشأ عنها الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) فغيّرت المشهد السياسي الهندي عموما ، و مثّلت منعرجا فى تاريخ الثورة الماوية فى الهند.و جاء المؤتمر التوحيدي فى فيفري 2007 ليرسّخ هذه الوحدة على أساس خطّ شيوعي ثوري ماوي أوضح و أعمق و أشمل.و مذّاك حقّق الشعب بقيادة الماويين مكاسبا هامّة من جهة و تكبّد الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) خسائرا جدّية أيضا ...
و لا غرابة أن تسعى الثورة المضادة للقضاء على هذا الحزب الذى يقود ثورة ماوية فى منتهى الأهمّية محلّيا و عالميا بالمؤامرات و التعاون مع التحريفيين (الحزب الشيوعي الهندي ،و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) فى السلطة فى ولايات معينة لعقود و مسلّحين عصابات إشتراكية فاشية تهاجم الشعب و تقتل القيادات الماوية من جهة و بالقمع و الحرب على الشعب بحملات عسكرية للمحاصرة و السحق على غرار عملية الصيد الأخضر التى إنطلقت فيها منذ أواسط 2009.
" ما هو الحصن الحديدي الحقيقي ؟ إنّه الجماهير ، ملايين الجماهير الذين يؤيدون الثورة بصدق و إخلاص . هؤلاء هم الحصن الحديد الحقيق ، حصن لا يمكن لأية قوّة أن تحطمه ، و لا يمكن ان تحطمه على الإطلاق ." ( ماو تسى تونغ )
و اليوم ،من الأكيد أنّ الشيوعيين الثوريين الماوين فى الهند مثلما إستطاعوا فى 2005 بالتعويل على قواهم الذاتية و على الشعب ، القوّة المحرّكة فى خلق تاريخ العالم ،إلحاق الهزيمة بحملة سلوى جودوم ،قادرون على ليس الصمود و صدّ الهجوم المعادي للثورة فحسب و لكن أيضا على مواصلة التوسّع و الإنتشار و التقدّم بالثورة الديمقراطية الجديدة لو طبّقوا الخطّ الصحيح الذى توصلوا إليه و الدروس التى إستخلصوها و يستخلصونها بمنهج علمي مادي جدلي من ممارستهم للثورة فكما لخّص ماو تسى تونغ تجربة عقود من الصراع الطبقي و الصراع بين الخطين " صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي أو عدم صحّته هي المحدّدة فى كلّ شيء ".
( إنتهى المقتطف من توطئة كتاب " مدخل لفهم الثورة الماويّة في الهند " الكتاب السابع من سلسلة " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ) .
و للإطلاع على تقييم السنوات العشر الأولى من تأسيس الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و نضالاته و مسار تطوّره ، إرتأينا أن نضع بين يدي القرّاء وثيقة أصدرها هذا الحزب بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه و وثّقناها كملحق أوّل لهذا الكتاب . و من يتطلّع إلى المزيد و المزيد عن الثورة في الهند و الحركة الماويّة هناك و الكثير من نصوصها مقالات و كتب ، ننصحه بالتوجّه إلى موقع أنترنت قيّم جدّا ( باللغة الأنجليزيّة ) ألا وهو : https://www.bannedthought.net
أمّا المضامين الأساسيّة لهذا الكتاب 49 ، فضلا عن هذه المقدّمة ، فهي تتوزّع على فصول أربعة :
الفصل الأوّل :
رسالة من اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) إلى صفوف الحزب و قوّات الجيش الأنصاري للتحرير الشعبي و أجهزة السلطة الشعبيّة الثوريّة و الشعب ! [ بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس الحزب ]
الفصل الثاني :
حوار صحفي مع الناطق الرسميّ باسم الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
الفصل الثالث :
حوار صحفي مع الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
الفصل الرابع :
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب و الردّ على خطّه الإيديولوجي و السياسي
( 1 )
اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهنديّ ( الماويّ ) تطرد كوباد غاندي من الحزب
( 2 )
[ ردّا على الخطّ الإيديولوجي و السياسي للمرتدّ كوباد غاندي ]

ملاحق الكتاب (2)
( 1 ) عشر سنوات من قيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) لحرب الشعب الماوية فى الهند و ولادة سلطة حمراء جنينيّة
( 2 ) فهارس كتب شادي الشماوي
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الفصل الرابع
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب و الردّ على خطّه الإيديولوجي و السياسي
-------------------------------------------------------------------------------------
( 1 )
اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهنديّ ( الماويّ ) تطرد كوباد غاندي من الحزب
بيان مؤرّخ في 27 نوفمبر 2021
نُشر يوم الإثنين 30 نوفمبر 2021 على مدوّنة
www.maoistroad.blogspot.com
ألّف كوباد غاندي كتابا يحمل عنوان " الحرّية المكسورة – مذكّرات سجن " و نشره للعموم سنة 2021 عقب إطلاق سراحه من السجن سنة 2019 . و من خلال هذا الكتاب ، نفهم انّه كان منفصلا تماما عن الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة. و بينما كان في السجن ، سنة 2010 ، نشر مقالات ستّة تحت عنوان " قضيّة الحرّية و تحرير الشعب " فيها عبّر عن إنسانويّة و مثاليّة هي جوهر إيديولوجيا البرجوازيّة و الطبقة السائدة . و قد صدرت تلك المقالات في مجلّة من " وسائل الإعلام السائدة ". و تبلورت هذه الأفكار و تجسّدت في كتاب " الحرّية المكسورة ..." . جالسا تحت أشجار السجن و مبانيه ، راجع كوباد ممارسته و توصّل إلى إستنتاج أنّ قبل كلّ شيء يجب أن يوجد جوّ من الحرّية ، و جملة جديدة من القيم و السعادة العالميّة . و أكّد كذلك أنّ مظاهر الحياة هذه ينبغي أن يتضمّنها أيّ مشروع للتغيير لم ينعكس في حياته الثوريّة لأربعين سنة، لذلك وضع ذلك كهدف أساسيّ قبل المضيّ إلى تغيير العالم . و يقو كذلك إنّ الجوهر يتعين أن يستوعب من القصص الأخلاقيّة البرجوازيّة . و على هذا النحو ، بإختيار النهج المثاليّ ، يقول بخبث إنّه لا وجود و لا حرّية في النهج الماركسيّ للمارسة لهذا تخفق الماركسيّة في بلوغ هدفها . و يشرح بصفة خاطئة الماركسيّة – اللينينيّة - الماويّة و يعلّق عليها . تقول الماركسيّة إنّ الأفكار الصحيحة يجب أن تنبع من الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج والبحث العلمي في المجتمع. و قد قال ماركس في " رأس المال " إنّ الإنسان يجب أن يطوّر قدراته الكامنة و يتحكذم في الإمكانيّات اداخليّة عبر سيرورة تغيير العالم الخارجيّ ؛ و من خلال هذه السيرورة وحدها بوسعه أيضا أن يغيّر طبيعته ( فكره ) . و لن نتمكّن من تحقيق تغيير في أفكار الإنسان دون عمل ثوريّ لتغيير العالم الخارجيّ. روحانيّات كوباد مرتبطة تحديدا بالإيديولوجيا الإقطاعيّة و البرجوازيّة لكن لا علاقة لها بالماركسيّة التي هي أكثر علميّة في المظهر الفلسفيّ. لقد تخلّى كوباد عن الماديّة الجدليّة و التاريخيّة ، و عن مبادئ الماركسيّة و الصراع الطبقي و إختار طريق الحصول على السعادة بواسطة الروحانيّات .
لقد إتّبع السيّد كوباد غاندي السياسة النكسلباريّة لأكثر من أربعين سنة و كان عضوا في اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسيّ – اللينينيّ ) - حرب الشعب و نشط كقائد للجنة ولاية مهارشترا و تاليا كعضو بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) إلى زمن إيقافه . سنة 2009 ، تمّ إعتقاله و مذّاك بات يقول إنّه لم يكن ماويّا . و في عديد المناسبات ، صرّح للصحافة بأنّ الشرطة نسجت قضايا ضدّه . و أكّد بشكل قاطع أنّه لم يكن ماويّا . و قد كان عضوا في أعلى لجنة من لجان الحزب الثوريّ ، بعد إيقافه ، أخذ يقول أشياء تجانب الحقيقة . لقد خسر الإستقامة وهو يسعى لإرضاء الطبقات السائدة . ما هي الرسالة التي يبعث بها إلى المجتمع ؟ ما هي قيمتها ؟ عقب إطلاق سراحه من السجن ، لم يتّصل بالحزب و دون أن يناقش مع الحزب و في خرق لقانونه الأساسي و المركزيّة الديمقراطيّة و المبادئ الإيديولوجية ، كتب يحاول أن يبثّ اليأس في المعسكر الثوريّ و المزاعم الخاطئة ضد الحزب الماويّ . حين كانت حكومة مودى الفاشيّة تحاول وسعها إجتثاث الحركة الثوريّة إلى 2022 بالتشديد من الحملة العسكريّة سمادان -براهار ، نشر كوباد كتابه خدمة للطبقة الحاكمة . و قد شرح في الكتاب أنّه كانت لديه صحبة جيّدة مع عالم الإجرام و السلطات السجنيّة و كان يعيش حياة رفاه في السجن . و بلا خجل ، مدح بصورة جليّة العصابات الإجراميّة و سلطات السجن . و زعم برياء أنّ للماويّين علاقات وطيدة مع المافيا و أنّهم كانوا من قادة المافيا في السجن . لكن منذ فترة نكسلباري ، يشكّل النكسلباريّون تقليدا ثوريّا و يقودون عديد النضالات لأجل حقوق السجناء بوجه خاص و الثورة عامة مقدّمين تضحيات . و روّج السيّد كوباد مزاعم قذرة ضد الحزب في السجن و لم يرفع صوته ضد سلطات السجن من أجل قضايا السجناء . و فضلا عن ذلك، نال خدمات من هذه السلطات. فلا يحقّ له الحديث ضد السجناء الماويّين . وهو ينشر أنّ الحزب لا يملك دعما من الجماهير و في صفوف الحزب يتجوّل متمرّدون . و ليس هذا سوى إلحاق صوته بجوقة دعاية الطبقة الحاكمة .
و في كتابه ، نقد كوباد الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و ممارسته السياسيّة . ما كان سبب هزيمة النضال من أجل الإشتراكية زمن ماركس و لينين و ستالين و ماو ؟ ما هي الأسباب وراء فشل الثورة الثقافيّة إثر وفاة ماو ؟ لقد أثار هذه المسائل و قال إنّ في كتابات ماركس كانت المبادئ الإنسانيّة حاضرة إلاّ أنّها غابت في الحركات العملية في الفترات اللاحقة . و لم تولى أهمّية للقيم الإنسانيّة في الدول الإشتراكيّة التي تشكّلت بقيادة لينين و ستالين و ماو . كما قال إنّ الحتميّة الاقتصادية قد لعبت دورا مهيمنا في هذه الحركات ، و على هذا النحو حلّت الدكتاتوريّة بدلا من المركزيّة الديمقراطيّة صلب الأحزاب الشيوعيّة. و لهذا السبب أخفقت الإشتراكيّة . هذه هي الحجج التي تقدّم بها كوباد في كتابه . إنّه يشوّه التاريخ قائلا إنّ الثورات لم تنجح في الفترات السلميّة و لم تنجح إلاّ في فترات الحرب العالميّة ، و يجب التقليص من تأثير السلطة و المال في المجتمع الشيوعي . و قد شرحت الماركسيّة طريق بلوغ ذلك . و على الرغم من ذلك ، المال و السلطة مشاكل أساسيّة في المجتمع وهي منشأ عدد كبير من الإنحرافات . وهو يقول ذلك ، يسعى كوباد إلى حرف الناس عن طريق إفتكا سلطةالدولة بواسطة النضال . و على هذا النحو ، يعارض المبادئ الأساسيّة للماركسية – اللينينيّة – الماويّة . ما إنفكّ الصراع الإيديولوجي و السياسي بين الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و الإيديولوجيا البرجوازية قائما طوال ال175 سنة الفارطة . و حقّقت الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة عددا كبيرا من المكاسب و راكمت تجاربا ثريذة في حقل الصراع الإيديولوجي و السياسي. و تعود هذه الإنتصارات بالفائدة على البروليتاريا و المضطهَدين . أمّا السيّد كوباد فيُنكر كلّ هذه الإنتصارات وهو يحاول أن يخون المضطهَدين و البروليتاريا . و يضع موضع السؤال ما حقّقه الحزب من مكاسب منذ تشكّله و السبب الكامن وراء تراجع الحركة الثوريّة في الهند ؟ فيعتبر أنّ الأحزاب السياسيّة دون أن تُنجز دراسات تؤكّد بحتميّة أنّ الثورة ستحقّق الظفر. و أيضا يضع موضع السؤال عدم إعتراف هذه الأحزاب بالتغيّرات التي جدّت في صفوف الطبقة العاملة . و يقول إنّ الحزب قد قلّص مسألة الكاست إلى مسالة طبقيّة . و ينقد إعتبار الشيوعيّين أنّ الكاست ستضمحلّ عبر الصناعة .
لقد وُلد الحزب الماويّ في خضمّ الصراع ضد التحريفية و تركّز كحزب ثوريّ حقيقيّ في البلاد . وهو يؤلّف وثائقا لتحليل الظروف الملموسة بطريقة علميّة و يثرى هذه الوثائق وفق التغيّرات التي تجدّ . و بوسعنا إيجاد أجوبة في هذه الوثائق على الأسئلة التي أثارها كوباد غاندي . و كعضو في اللجنة القياديّة للحزب ، شارك في نقاشات تأطير الوثائق و يبدو أنّه كتم بعناد وقائع بمزاعم خاطئة ما يمثّل إفلاسا لكوباد . و بنبذ السياسات الثورية ، قفز إلى وحل المثاليّة البرجوازيّة .
ينتمى كوباد إلى أسرة من الفئة العليا من الطبقة الوسطى . و قد أتى إلى الحزب من الطبقة البرجوازية الوطنيّة . و نشأ في عالم مندمج . و درس في معهد هندسة . و درس لبعض الوقت في لندن . و قد تأثّر بالحركة النكسلباريّة و في نهاية المطاف، إلتحق بالحركة الثوريّة . و برز كأحد العناصر القياديّة في حركة مهارشترا . و درس الماركسيّة – للينينيّة في مكتبة لندن حيث توفّي كارل ماركس . غير أنّه أخفق في تطبيق النظريّة على الظروف الملموسة . لذا حاجج بدوغمائيّة ضد الماديّة الجدليّة . و قد إنعكس موقفه في النزعة المغامراتيّة في الكلام و الإنتهازيّة اليمينية في الممارسة العمليّة . و قد أدّت تلك الإنحرافات إلى تشكيل كتل صلب الحزب . و حاول الحزب إصلاح كوباد عبر الصراعات الداخليّة . لكنذه لم يتخلّص من الإنحرافات الخاطئة . و لمّا شدّدت الطبقات الحاكمة من القمع مع تشكّل الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و في النهاية إثر إيقافه ، إنعكست هذه الإنحرافات الخاطئة في كتاباته . و كي يصلح نفسه ، يجب على كلّ شخص أن يُشارك مباشرة في الصراع الطبقي و حرب الشعب و يدرس الظروف الملموسة . و بهذا المنهج ينبغي أن يتمّ تغيير النزعات الدغمائيّة الخاطئة للفكر الذاتي . و السيّد كوباد لم يولى الأهمّية اللازمة لهذا أثناء العقود الأربعة من حياته الثوريّة . كان منطويّا على نفسه كما قيل . و لم يظهر إهتماما بالنقاشات مع رافق آخرين و لم يسعى إلى إثراء معرفته العمليّة . لم يغيّر حياته الثوريّة وفق الإيديولوجيا البروليتاريّة . فلم يستطع أن يحلّل الصعوبات و التراجعات الملازمة للحركة الثوريّة في التاريخ المديد للحركة. و أضحى يائسا و يقدّر أنّ الحزب يخطأ بطريقة إحاديّة الجان ما تسبّب له في الغيض إلخ . و على هذا النحو ، إنعكست هذه النزعات في عديد المناسبات في حياته الثوريّة مثلما كانت إنعكاسات للسمعة الخاطئة للبرجوازيّة الصغيرة . و أخيرا ، قام هو نفسه بتحميل غيره هذه النزعة الغالطة و أمسى معارضا للماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . و هكذا ، في حياته بالسجن و عقب إطلاق سراحه ، تحوّل العالم السائد . بعد أربعين سنة ، عاد إلى أحضان النظام الاجتماعي شبه الإقطاعي شبه المستعمر الفاسد . و يقول إنّ هذه " العودة " حدث جلل . و شعُر أنّه تعذّب صلب الحركة الثوريّة لأنّه لم يجد إبداعا حسب وصفه . وهو يقول بفخر إنّ العالم السائد سيوفّر ديناميكيّة لأفكاره . لذا صحيح أنّ صخرة من أعلى الجبل قد تنزل إلى أدنى نقطة في سفحه .
و الأفكار الى أتى بها كوباد ليست جديدة . فقد إلتحق بهؤلاء الماركسيّين الزائفين مثل برنشتاين و دنغاي اللذان كانا يقبلان بالماركسيّة فى الكلام و يعارضون مبادئها الأساسيّة في الأفعال . لهذا تطرد اللجنة المركزيّة كوباد غاندي من الحزب مطبّقة في ذلك القانون الأساسي للحزب و يأتي هذا الطرد إعتبارا لنشاطاته المعادية للحزب و الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و الدعاية المغرضة ضد الحزب و إلتحاقه بالطبقات الحاكمة المروّجة لنظريّة التعاون الطبقي بدلا من الصراع الطبقيّ ، و دوسه بجدّية لإنضباط الحزب و تحوّله إلى داعية صوفيّ .
شعبنا العزيز ،
إنّنا ندعو الثوريّين و المتعاطفين و الديمقراطيّين و المثقّفين إلى إدانة و دحض إيديولوجيا كوباد غاندي الخادمة للطبقات السائدة و الإنتهازية المعادية للثورة .
و ندعو صفوف الحزب إلى فضح و دحض مقترحات و نظريّات كوباد غاندي الذى إلتحق إيديولوجيّا بالطبقات الحاكمة و خسر روحه الثوريّة . و ليس كوباد الشخص الأوّل الذى يعود إلى أحضان النظام الفاسد بأهداف أنانيّة . ففي مناسبات سابقة أيضا ، تقدّمت الحركات الثوريّة بتجاوز هذه العوائق . و حزبنا وهو في قيادة الطبقة العاملة ينظّم الجماهير الشعبيّة بهدف إرساء مجتمع شيوعي سيتقدّم خطوة خطوة نحو الإنتصار النهائيّ .
ملاحظة : قريبا ننشر ردّا على كتاب كوباد " الحرّية المكسورة – مذكّرات سجن "
أبهاي – الناطق الرسميّ باسم اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهند ( الماوي )
( 2 )
[ ردّا على الخطّ الإيديولوجي و السياسي للمرتدّ كوباد غاندي ]

نُشر كتاب كوباد غاندي ، " الحرّية المكسورة – مذكّرات سجن " ، عقب إطلاق سراحه بكفالة ماليّة قب نهاية العشر سنوات سجن . و يمثّل كتب كوباد سيرة ذاتيّة نموذجيّة أكثر منه سردا لتجاربه في السجن . و ألّف كوباد الكتاب و لم يعترف بكونه كان لفترة طويلة عضوا في اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماويّ ) ، كانّه غريب عنه و يتحدّث بموقف معادي للشعب حول الحركة القائمة التي كان هو شخصيّا من قياداتها . في هه المرحلة الإنتقاليّة المديدة حيث وقع تحويل اشتراكيّة ذاتها إلى رأسماليّة فاسدة ، تعدّ ردّة كوباد غير مفاجأة .
في هذا اكتاب ، تحدّث عن خلفيّته الأسريّة الثريّة و روى نشاطه الاجتماعي و أشار إلى حياته السجنيّة ، و أهمّ شيء الدروس التي إستخلصها من عمله طوال أربعين سنة ، و أفكاره للمستقبل . و في ثنايا الكتاب ، يراوغ ليبدو كما لو أنّه لم يكن أبدا قائدا لحزب ماوي . فقد حاول أن يحطّم قدر الإمكان سُمعة الحركة التي يقودها الحزب الشيوعي الماوي . و يقول كوباد بأنّ الإشتراكيّة و الشيوعيّة غير ممكنتين في الظروف الحاليّة . و يعلن أنذ الإشتراكيّة غرقت في روسيا و الصين لفقدانها القيم الجيّدة . و لشيوعيّون في الهند هم أيضا يفتقرون ، حسب رأيه ، إلى القيم الجيدة و إلى الديمقرطيّة الداخليّة أيضا و ينتهى إلى إستنتاج أنّه من أجل معالجة المشاكل التي يواجهها المجتمع الإنسانيّ ، يحتاج الجميع في الأساس إلى التشبّع بقيم روحانيّة تمكّننا من بلوغ الحرّية و السعادة . إجالا ، كتاب " الحرّية المكسورة ..." خليط غير مشرق من الإفتراءات و أنصاف الحقائق .
والكتاب لا يهتمّ حقّا بحرّية الإنسان . إلاّ أنّه يبدو دعوة للقوى في دفذة القيادة لا غير لتضمن حرّيته المستقبليّة . ( كعبد من عبيد الدولة القائمة ) . و كتابات كوباد التي قلبت الأمور رأسا على عقب لم تفاجئ أحدا . و التاريخ يشهد على أنّ الكثير من مثل هذه الأمثال من إستسلام القادة حين يصبحون مهزوزين بدلا من صامدين في مواجهة هجمات الحكومة . أس أي دنج شيوعي و في دى سفركار ( مؤسّس نظرية الهندوتفا ) أمثلة لذلك . و كلاهما وقفا إلى جانب البريطانيّين لإنقاذ جلدهما.
و الآن ، يصوغ أحدهم كتابا تاما ليشرح كيف ينبغي أن تعيد الحكومة التعاطي معه . في الواقع ، ألّف كوباد وهو في السجن ستّة مقالات تحديدا تحت عنوان " الحرّية و تحرير الشعب " . وهي مقالات لا تقلّ ذُلاّ عن الرسائل السيّئة الصيت التي تقدّم بها دنج و سفركار . و عنوان سلسلة تلك لمقالات عنوان مضلّل بماّ انّ المقالات لم تكن تهدف إلآّ إلى إحباط الشعب . برنار دى مايو الذى كان حينها الناشر المسؤول عن مجلّة " الأسبوعيّة للإقتصاد و السياسة " أورد ردّا على المقالات إيّاها مستنكرا النظرة الروحانّة لكوباد . و عبّر عن إنشغاله بشأن كوباد . فكتب قارعا الأجراس " كوباد ، شأنك شأن أوسكار وايلد ، تقول إنّ السجن " مشكّل على نحو يكسر الإنسان جسديّا و نفسيّا . من الأسطر التي تخطّها أشعر بأنّي متأكّد من أنّك ستواصل نضالك الشخصيّ كي لا يحصل معك ذلك . إعتنى بنفسك ". و تكشّف نّ مخاوف برنارد صارت حقيقة .
التغيّر قانون طبيعي لا يمكن تجاوزه . الأشياء السيّئة تتحوّل إلى أشياء جيّدة و العكس بالعكس . لكن حياة ثوريّ مُكرّسة لخدمة الشعب من أجل الثورة . و حين يكون رفاقه واقفون على جبهة الحرب مضحّين بحياتهم و الحرب مستمرّة هل بوسع حياة السجن لوحدها أن تكسره ؟ أم هل أنّ بذور تبدّله كانت مزروعة في ذهنه حتّى قبل إيقافه ؟ ليس بوسع قراء " الحريّة المكسورة..." أن يفهموا تمام الفهم لماذا كوباد الذى عاش حياة ثوريّ لأربعة عقود يتحوّل الآن إلى مسخ " قدّيس روحانيّ ". وهو نفسه يقرّ بأنّ الوضع قد إزداد سوء و بعمق مقارنة بالأزمة السابقة ، وبانّ حياة الناس أضحت بائسة و ثمّة حاجة إلى تغيير النظام .
يثير كتاب " الحرّية المكسورة ..." مثل هذه المسائل الهامة غير أنّه يحجب أساس ظهور هذه المسائل و عن قصد يُلهى الناس عن البدائل و يسعى إلى إثبات أنّ الحلّ الحقيقيّ حلّ في غير محلّه . ويعيد كوباد تقيّئ مفاهيم القيم نصف المخبوزة، الحرّية و السعادة التي صدح بها المعلّم الروحاني القديم على أنّها دواء حاسم . قد يكون أعداء الثورة الهنديّة يبتسمون إبتسامة عريضة بيد أنّ أصدقاء الثورة مستاؤون حقّا . مثل هذه الحركات البهلوانيّة لكوباد قد توفّر مادة جيّدة يتصرّف فيها مخرج سينمائيّ. و مع ذلك ، وسائل الإعلام و أنصار الكاست و الطبقات يسلّطون الضوء على إيقاف كوباد لكنّهم لا يستطيعون رؤية الثوريّين و الثوريّات . أنورادا ، سريدار سرينيناسان ، اللذين إستشهدا في ماها رشترا و ملينو تالتومبدا و بهاسكار هيشاي ، سروجانا و راجيتا و ساتيش و مئات الشهداء الذين قدّموا حياتهم في حرب الشعب الجارية من أجل شعب الغدشيرولي. و الواقع القاسيّ لحرب اصراع الطبقي بوضوح خارج مجال ما تلتقطه عدسة وسائل الإعلام . و حرب الشعب أخطر شيء على النظام الفاسد الراهن بما أنّها وحدها هي التي تطيح بالنظام السائد . و يجب تفحّص كتاب " الحرّية المكسورة ..." من وجهة نظر الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة لمحاربي الشعب الذين هم حتّى اليوم يناضلو و يضحّون بحياتهم ليُنشئوا مجتمعا يقوم على أفضل القيم الإنسانيّة .
المُثل العليا في الهاوية :
يتخلّى شاب عن الثروة و نخبته و خلفيّته البرجوازيّة الوطنيّة و عن مسار مهنيّ واعد ، و يُصبح شيوعيّا و يشرع في العمل من أجل المضطهَدين . و كان دوره نموذجيّا بالنسبة للداليت و الأديفاسيس و كافة المضطهَدين الآخرين في البلاد . و يُنفق حصّته من الثروة على الحركة . عمل يستحقّ الثناء . ترك حياة البذخ و العيش إلى جانب الداليت و العمّال و يكرّس حياته للناس بنظرة ثوريّة – كلّ هذا يجعل منه إنسانا عظيما في عيون الناس . لكن عقب أربعين سنة و قضاء أساسا كلّ شبابه ضمن الحركة ، لماذا أدار ظهره للطريق الثوريّ ؟ و هذا بالتأكيد مسألة تستحقّ التأمّل فيها . فى نظام السوق حيث تحقيق الأرباح هو الهدف الأساسيّ ، و كما كتب كوباد ، المال شيء حيويّ . لذا إنّه لأمر طبيعي ّ أن يُصبح كوباد موضوعا جذّابا بالنسبة إلى وسائل الإعلام . و ليس مفاجأ رؤية تثاؤب الطبقة الثريّة يحتلّ غلاف وسائل الإعلام المطبوعة و تجذب إنتباه غرف رسم الشركات . لكن قضايا الجماهير الكادحة تسترعي أقلّ إنتباها " ما الذى دفع رجلا برسيّا لأن يُصبح ماويّا ؟ " صار من العناوين الكبرى . لكن عندما البارسي نفسه يتخلّى عن طريق الصراع الطبقي ، لا يتمّ تناول المسألة تنولا نقديّا . الأمر كما لو أنّ مجال الصراع الطبقيّ يقف كحصن لا يمكن إفتكاكه بعيدا عن منال وسائل الإعلام في نشر المعلومات حول الصراعات . هذا النظام الإستغلاليّ لا يحترم العمل . لذا لماذا يولي أهمّية للعمّال و المناضلين من أجل مصالحهم ؟ وحدها الطبقات العليا تظهر بشكل بارز في وسائل الإعلام .
بعد أن يضحّى إنسان بثروته و يصبح شيوعيذا ، لماذا يحتاج إلى التشديد على سُمعته البارسيّة ؟ في الكتاب يعرض خلفيته بحيث مقارنة للتضحيات الجسام التي قدّمها ، إنحرافه عن طريق الثورة كان سيظهر دون إنعكاسات . ما هي الحاجة إلى تقديم عدد كبير من التفاصيل عن خلفيّته البارسي و النخبويّة في مذكّرات سجنه ؟ لماذا عليه أن يناقش كثيرا موضوع أصدقائه شركائه ؟ هل هذا ليبيّن أن كوباد تركا مسارا مهنيّا جيّدا و إلتحق بالثورة ؟ ( حسنا ، اليوم ، يقول مجتمعه إنّه ماض نحو إصلاح المجتمع ). و هذا الصنف من الرومنطيقيّة المغامراتيّة يكسب تعاطف الفئات العليا من الطبقات الوسطى التي تجلس في بيوت تصوير تقعقع الكؤوس و ترفعها تحيّة لكوباد . تهانينا ! تصفيق لكوباد ! في هذا العرض عن التضحية، قبول و دعم هؤلاء الشركاء أو الأصدقاء من الطبقات النخبويّة ، يشعر كوباد بالراحة . و مجموعا معا كلّ هذا ، يرغب في أن يعرض مثالا أمام الناشطين من الداليت و الطبقة البروليتاريّة ، مثال أنّه إن كان الحكم غاضبّا عنّا ، لا يمكن أن نتحمّل ذلك . و يجب أن يكون لمرء من الطبقة الثريّة ليقوم بذلك . و يودّ أن يبيّن عمق تضحيته للناشطين . و مثاله يوحى بالتالى: " إعملوا من أجل الثورة في شبابكم ، وعند الشيخوخة نظموا أموركم لتنجوا بجلدكم " . ما الذى يودّ أن يحصل عليه بإظهار خلفيّته الثريّة و الدعم القويّ له حاليّا من قبل الطبقات النخبويّة ؟ لا شكّ في أنّه يودّ أن يصيب طائرين بحجر واحد . الأوّل هو أنّ الناس يجب أن يشعروا بانّه عظيم . و هذا مثال ساطع عن القيم المشوّهة . ترك كوباد جانب الأثرياء و كرّس حياته لخدمة الثورة لكن لماذا يشتهى الحياة العادية الآن ؟ ألا يفهم أنّ الطبقة الحاكمة ستجعل من حياته وسيلة تستخدمها ضد الحركة الثوريّة ؟ ألا يتنكّر لنفسه من خلال مثل هذه الكتابات ؟ أليست هذه شتيمة توجّه لآلاف الشهداء الذين قدّموا حياتهم؟ أليست هذه خيانة لآلاف و آلاف النشطاء و مقاتلي الشعب و الثوريّين الذين يواصلون القتال في ساحات الحرب ؟ الأمر كذلك نهائيّا . مهما كان الإنسان عظيما ، مهما كان محترما في الماضي ، في الحاضر ، إن توجّه إلى الطريق الخطأ، من الأكيد أنّه سيفسد في المستقبل . و بالتالي ، علينا أن نتفحّص و نقيّم ماضي كوباد غاندي و حاضره ليس بثقل ماضيه بل إنطلاقا من الواقع الحاضر و على محكّ الماديّة الجدليذة أي على ضوء الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . رغم مُثُله العليا في ماضيه ، نظرته الراهنة كما يعرضها في " الحرّية المكسورة ..." محت كلّ ما كان إيجابيّا في ماضيه .
هناك الكثير من النماذج المثالية للتضحية بكلّ الثراء و الآفاق و تكريس الحياة كلّها لخدمة المجتمع في تاريخ العالم . إذا حدّد كوباد المثل الأعلى الذى ناقشه في الكتاب إيّاه لم يكن ليخطّ ما خطّه . يسوع المسيح تسلّق الصليب ليقف من أجل أفكاره و لم ينحن . محمّد بيغمبر واصل القتال و لم ينحن . و ضحّى بوذا بموقعه كأمير و كان على حافة الموت أثناء عبادته لكنّه لم يتخلّى عن هدفه و أنشأ فلسفة جديدة في العالم . و سقراط كان مستعدّا لتجرّع السمّ ليتمسّك بإيديولوجيّته . و بداية من المعلّم ماركس ، لدينا مئات الأمثلة كجوليوس فوزيك و شارو مازومدار و كنهاي شاترجي و حديثا كنمشان نانا فار الذى إستشهد في سجن بمهارشترا ، جميعهم صنعوا تاريخا من التضحية . ثمّ لماذا نرى كوباد الذى كرّس حياته خدمة للشعب ، لماذا نراه مُغرما جدّا بهذه الحياة ؟ أسباب ذلك ثلاثة . أوّلا ، قمع الدولة و ثانيا ، نظرته و فهمه الخاطئين لسيرورة التغيير الثوريّ و ثالثا ، أسلوب عمله و منهجه و أخيرا ، دوره في الصراع الطبقي .
لقد نشر كوباد في كتابه غلاف أفهان نانيا مانش . و أشار إلى الشهيد فيلاس غهوغري في كتابه . و قد كتب الرفيق غهوغريكلمات هذه الأغنية :
" حياتنا للثورة – هدفنا في الحياة هو الثورة
نغنّى في الموت – تحايا حمراء للثورة ...
الحياة كلّها تتقدّم – على طريق متعرّج
عوائق لا تعدّ قد تعترضنا – لكنّنا نواصل حمل السلاح
أعداء الثورة إسمعوا ! – نضحّى بحياتنا من أجل الثورة
نغنّى في الموت – تحايا حمراء للثورة ...
مثلما تُطلق المدافع القنابل – لنتحدّى قوّات العدوّ
الثورة مثلنا الأعلى – الجيش الأحمر يتقدّم
عندما يكون العدوّ مرعوبا – نستمرّ بلا هوادة
نغنّى في الموت – تحايا حمراء للثورة ...
و الأسلحة تزأر – يتقدّم جيش الشعب
السماء تغدو حمراء و قرمزيّة – لنتقدّم وفق الخطّ الجماهيريّ
غدا ستشرق الشمس – و ستخفق قلوب المستغًلّين
نغنّى في الموت – تحايا حمراء للثورة ."

لقد نشر كوباد هذا الغلاف ل " أفهامدن " إلاّ اّنه نبذ جوهر الأغلنية في ثنايا كتابه .
الآن يمكن أن لا تكون الموجة الثوريّة حاضرة ، لكن هل تبخّرت ضرورة الثورة ؟ من اليسير ركوب الموجة لكن السباحة ضد التيار تتطلّب عزما مصمّما . لقد قفز البعض إلى الثورة بتوقّعات معيّنة لا تتحقّق خلال زمن حياتهم و ها يجعل أرجلهم رخوة . و المثقّفون الذين يتوقّعون نجاحا سريعا ، يقارنون الثورة الهنديّة بالثورتين الروسيّة و الصينيّة ، ينتهون إلى الشعور بالإحباط . يجب أن تُطرح عليهم أسئلة من مثل : ما هي المحاولات النظريّة الملموسة التي قاموا بها لمعالجة هذه القضايا؟ ما هي الكتابات النظريّة التي ساهم بها كوباد لكسر العراقيل الموجودة في طريق الثورة في حياته المديدة كعضو في أعلى لجنة للحزب ؟ إذا أراد أن يبقى منسجما مع الوضع السائد ، لماذا إنتظر طوال هذه المدّة ؟ واصل الثورة لفترة طويلة ربّما نظرا الرفقة الثوريّة البارزة الرفيقة أنورادا . و قد سُجن كوباد بعد فترة قصيرة من إستشهادها . كان ينتمى على الصنف الثالث – يفكّر على الدوام فقط في الأبيض و الأسود وهو ينتقل من نقطة قصوى إلى أخرى ، بناءا على تحليله الخاص . و لعلّ مع وفاة الرفيقة أنورادا ، إفتقد كوباد إلى الدعم المستمرّ الذى كان سيعدّل مظهر ركضه بين مظهر متطرّف و آخر بتهوّر . و إلى جانب هذه الظروف ن تشديد القمع و حياة السجن ليّنته و جعلته ينتقلّ من الماديّة إلى المثاليّة . كان سيبلغ الموقف نفسه عاجلا أم آجلا حتّى إن لم يعرف السجن .
المسيرة السياسيّة لكوباد و إنهياره :
من يعيش كشيوعي طوال حياته هو الوحيد الشيوعي الحقيقيّ . و قد تخلّص كوباد من مسيرته كشيوعي وهو في منتصف الطريق . و كي نفهم لماذا يتخلّى شخص عن مُثُله العليا الغالية على قلبه ، نحتاج إلى فهم سيرورة الممارسة الثوريّة للشخص و الموقف زمنها من التموّجات في الصراع الطبقي و الحركة الثوريّة و النظر نظرة نقديّة إلى تصميم و صمود الشخص عند مواجهة العدوّ . لنظر إلى كوباد من هذه الزاوايا .
إلتحق كوباد بحماس بالحركة الثوريّة وهو ينحدر من أسرة برجوازيّة وطنيّة . و ظلّ في صفوف الحركة الثوريّة لأربعين سنة . و قد عمل في أعلى مستويات الحزب . و في المدّة الأخيرة ، ترك النظريّة و الثورة اللتين آمنبهما و أخذ يسير في طريق الفكر الروحانيّ . و نحتاج إلى تحليل أساس ممارسته السياسيّة الثوريّة كي نفهم أسباب هذا التحوّل .
في نهاية عقد ستّينات القرن العشرين ، عندما كانت عاصفة الربيع بنكسلباري في الهند و النضالات الثوريّة و نضالات التحرّر الوطنيّ في العالم ، كانت جارية ، ذهب كوباد إلى لندن من أجل الدراسات العليا سنة 1968. و هناك واجه الميز العنصري و درس الإستغلال الإستعماري للإمبرياليّة البريطانيّة للهند . و وجد الحلّ في الماركسيّة و الماديّة الجدليّة . و أخذ يتّصل بالمنظّمات لماويّة و درس الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . و قد تأثّر بالسياسة و شارك في عدّة مسيرات . كما شارك في ندوات للتعبير عن التضامن مع نكسلباري . و صار منخرطا بجدّية في ممارسة الحركة الثورية و تاليا ترك دراسته العليا ليعود إلى الوطن و يخدم الشعب في بلده سنة 1972 . وقتها كانت مجموعة حزب سيف سينا الجهويّ الشوفينيّ يرفع شعارات " الشغل للمحلّيين فحسب " و " مهرسترا لأبناء الأرض " . و كان يلجأ إلى الهجمات القاتلة ضد أناس من ولايات الجنوب الذين توجّهوا إلى بونباي بحثا عن أسباب العيش . و كان يهاجم نقابات الحزب الشيوعي و يقتل قادتها البارزين . كما كان يوجّه ضربات لجماهير الداليت و الجماهير الكادحة و يقمعها . سنة 1971 ، خاضت أنديرا غاندي حرب ( بنغلاداش ) ضد الباكستان . و كانت تحثّ على الشوفينيّة القوميّة . و كانت القوى التوسّعيّة و الشوفينيّة القوميّة و الهيمنيّة مثل شيف سينا تكسب اليد العليا في البلاد . و بتعلّة حرب الهند – الباكستان ، إغتالت حكومة أنديرا غاندي بوحشيّة الثوريّين . و قتل الجيش الهنديّ الثوريّينفى مواجهات مزعومة و بدم بارد في مدينة كلكوتا . و السي أم من أندرابراداش فنغلراو قتلت مئات الثوريّين من مثل ساتيام و كيلسام و بنغراهي و بنشادي كريشنا مورتي و نرمالا ، في مسعى لسحق النضال الثوري للقبائل في سريكاكولام . و بعد 15 يوما إيقاف لقائد الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينينيّ ) و مهندس نكسلباري ، وقع قتل الرفيق شارو مازومدار على يد حكومة أنديرا غاند في قسم الشرطة في 28 جويلية 1972. وقتها كانت البلاد بأسرها تشهد نزاعات مفتوحة بين الثورة و الثورة المضادة . و كان الشباب و الطلبة و كامل أعضاء الطبقات المضطهًدًة غاضبون اشدّ الغضب . و كانت الجامعات تنبض بالسياسة الثوريّة . و كان الطلبة يتجّهون بإستمرار نحو الثورة . وبشكل عام ، كان كامل الوضع الثوريّ يشهد إحتداما . ذلك الزمن كان زمن صعود الموجة الثورية عبر البلاد.
و جذبت إليها موجة تغيير الستّينات القرن العشرين و سبعيناته عدّة مثقّفين . عندها كان من الشائع إمتلاك فكر تقدّميّ. و ليس من المفاجئ أن ينجذب كوباد إلى السياسة اليساريّة . عندما يختار طالب جامعيّ يملك مهارات متعدّدة أن يكون في خدمة الثورة ، يكسب مكانة متميّزة ضمن طبقته . و في كتابه إعترف كوباد بانّ طبقته و خلفيّته النخبويّة وفّرا له حرّية. و مثل معيّنة . و واجه كوباد الميز العنصريّ إلى حدود . و في الكتاب يرسم صورة وضّاءة لكيف إلتحق بالثورة . و مثل هذا القرار الذى إتّخذه طالب جامعي قرار مثقّف بصفة مطلقة و لم يأن نتيجة أيّة تجربة شخصيّة . و حينما يلتحق أيّ شخص من النخبة بالثورة يلتحق بها لأسباب فكريّة . و بعض هذه الفئات يغادرون طبقتهم – ينقلون ولاءهم الطبقي – و يكرّسون كامل حياتهم للثورة . بينما يقف البعض الآخر في منتصف الطريق . و الثورة ضروريّة للطبقة العاملة . و رغم ذلك ، يتخلّون عنها أيضا . من يظلّ طوال حياته شيوعيّا هو الشيوعي الحقيقيّ .
و الكثيرون من الطبقات النخبويّة الذين نهضوا بدور في نضال نكسلباري غادروا طبقتهم و إنصهروا مع القبائل و الداليت و المضطهًدين ، و صرفوا قدراتهم الفكريّة من أجل تثقيف الفقراء و المجتمع و قدّموا تضحيات . و الرفيق شارو مازومدار و الرفيق كانهاي شاتترجي يعيشون أبدا في نضالات الشعب . لكن دنج لا يتبنّاه حتّى الحزب الشيوعي الهنديّ.
و كان كوباد ينتمى إلى طبقة ثريّة لكنّ الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة ألهمته فإختار طواعيّة العمل الثوريّ في الهند . و أدار ظهره لوضع مرموق في المجتمع البرجوازي و إلتحق بالسياسات الثوريّة ، و آمن بصلابة بالماركسية – اللينينيّة – الماويّة و مارسها و عمل من أجلها طوال 40 سنة . و قد منحه هذا مكانة مميّزة ضمن شعب البلاد . و إلى جانب ذلك، تولّى العمل الأمميّ كممثّل للحزب ما منحه مكانة أمميّة هامة . و كان كذلك مثاليّا و متحمّسا في صفوف كوادر الحزب .
و شرع كوباد في ممارسته الثوريّة في مايانغار ، منطقة من مدن الصفيح لشعب الداليت في مدينة بومباي حالما عاد من لندن . و نظّم الشباب و نهض بالنضال من أجل الخدمات الأساسيّة . و بات يعرف إضطهاد الكاست . و إتّصل ب " حركة الشباب التقدّمي " وقتها . و بالتالي إتّصل بطلبة كلّية ألفنستون . و كانت أنورادا شنغباغ طالبة في تلك الكلّية .
و إلتقى أيضا بمجموعة العمّال و النقابات . و من ثمّة ، غتّصل بالرفيق رافى ( فانورى شندراشيخار ) من مجموعة العمّال. و في السابق ، كان رافى يعمل ضمن حركة سريكاكولام . و لمّا إشتدّ القمع و بدأت الإغتيالات ، إلتحق ببونباي و أخذ يشتغل . وبفضله تعلّم كوباد السياسة و أحاط علما بالتجارب الثوريّة لسريكاكولوم و نكسلباري . و طوّر المزيد من الفهم للسياسات و الممارسات الثوريّة . حينها كان كوباد شابا . و كسب معرفة ماركسيّة و إنخرط في الممارسة الثوريّة بنشاط و حماس .
أخذ ينظّم الطلبة و العمّال في مدينة بونباي . و قصد قرى الداليت . و في كتابه ذكر أنّ زمنها حركة فهود الداليت كانت تشهد صعودا . و قد وفّرت قرى الداليت الماوى لنشطاء فهود الداليت لإنقاذهم من شيف سانا و قمع الدولة . و كان الداليت ينظّمون أنفسهم من أجل حقوقهم . في تلك الأثناء ، في مدن مثل بانباي كذلك كان الناس يتنظّمون في نضالات تحت تأثير نكسلباري و فهود الداليت . و أصبح كوباد أحد الأوائل في تنظيم الحزب في سيرورة تنظّم العمّال و الطلبة و الشباب و الداليت ، و ذلك بإلهام من نكسلباري . و كان عمل الحزب في مراحله الأولى وقتها . و أخذ يصدر مجلّة للطلبة ، مجلّة " كلام " التي كانت جذّابة بصفة ملحوظة في صفوف الطلبة . و أضحة مشهورا في تلك الصفوف في حيدرأبد و كلكوتا و دلهي . لم يمثّل كوباد و رفاقه قوّة كبيرة غير أنّهم قاموا بعمل دعاية سياسيّة سرّية و لم يكونوا مكشوفين . لذلك لم يقع إيقافهم أثناء حالة الطوارئ .
و عقب حالة الطوارئ ، شارك كوباد بنشاط في النضال منأجل الحقوق الديمقراطيّة الذى إندلع عبر البلاد بأسرها . في مدينة بونباي . و صار مشهورا كقائد لحركة الحقوق المدنيّة في البلاد و نظّم حركة حقوق مدنيّة CPDRو شكّل علاقات
عبر البلاد ( حسب قيادة الحزب ) . لذا كان في مجال النشاط لفترة . لذا ، لم تكن الحكومة ترى فيه قائدا للحزب . و أعدّ كوباد تقريرا عن بحث في مواجهة مزعومة في موينبنبات من سيرونشا تهسيل من مهارشترا حيث إستشهد بيدي شنكر. تركوندي . و أعدّ فريقه تقريرا عن القمع في كاريمناغار و عن نضالات الفلاّحين في عادل BM و عمل مع لجنة عدالة
أباد و فضح قمع الدولة .
و ساهم كوباد في المحادثات مع قائد الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينينيّ ) ، ولاية أندرابراداش ، كندابالي ، ستارامياه ، إلى جانب رافي سنة 1979 . و و افق على وثائق الحزب – تقرير النقد الذاتي و الخطّ التكتيكي و كان على إستعداد للوحدة مع لجنة ولاية أندرابراداش . و عقدت هذه اللجنة محادثات مع الحزب في تاميل نادو . ثمّ جرى تشكيل الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينينيّ ) [ حرب الشعب ] الموحّد في 22 أفريل 1980 بفروع في تاميل نادو وأندراباراداش( بما في ذلك كرناتاكا) و مهارسترا . و تمّ إنتخاب كوباد عضوا في اللجنة المركزيّة لحزب حرب الشعب.
سنة 1982 ، دخل عمّال مصانع النسيج في بومباي في إضراب ضد الخوصصة / الخصخصة . و قادت اللجنة المركزيّة لحزب حرب الشعب التحريض . و أعدّ الحزب في بومباي خلفيّة معتمدا على نضال العمّال . و صاغ وثيقة تقترح على رفاق بومباي بناء حركة ثوريذة في بومباي و فيداربه من مهارسترا . و شرحت اللجنة المركزيّة للحزب في رسالة للرفاق في بومباي أنّه إضافة إلى تنظيم الحزب في صفوف الطبقة العاملة في بومباي ، عليهم أن يرفعوا من وتيرة الإنتداب و توسيع صفوف لحزب في فيداربه و تطوير نشاط ثوريّ فلاحيّ في فيداربه و العمل في صفوف الطبقة العاملة و الداليت و تعزيز حركة الحقوق المدنيّة و تطوير حركة في فيداربه ما سيقدّم الدعم لحركة دنكرانيا [ لا سيما حركة الغدشرولي ] . صيغت الوثيقة بأفق طويل الأمد . و إنخرط الحزب في مهارشترا في تكريس هذه المقترحات . و إنتقل رفاق من بومباي نحو فيداربه . و أصبحوا محامي و أساتذة جامعيّين و عملوا بحرف أخرى نظرا لمؤهّلاتهم التعليميّة . و سنة 1982 ، إستقرّت الرفيقة أنورادا بمعيّة كوباد في نغبور تكريسا لذلك القرار . كانت الرفيقة أنورادا أستاذة جامعيّة في جامعة نغبور. و في البداية ، توجّه كوباد إلى منطقة غوندبيباري مع بضعة طلبة كفريق تنظيميّ. و سرعان ما جدّت مواجهة بين الفريق التنظيمي و الشرطة . فإنسحب الفريق بأمان و عاد إلى المدينة . و بعد فترة زمنيّة مديدة ، وُجدت محاولة أخرى للعمل في المناطق اريفيّة لشندرابور و نازيك في تسعينات القرن العشرين . لكن الحزب في مهارشترا لم يحصل على فرصة لمواصلة العمل في الريف و مراكمة التجارب هناك . و كان كوباد يعمل أساسا في نغبور و ضواحيها مع الطلبة و الشباب و العمّال و الداليت إلى سنة 1997 ، إلى جانب الرفيقة أنورادا . و قد إنخرط في الساس في التنسيق بين خلايا الحزب في مهارشترا و كان ساهرا على المجلّة المركزيّة " الطليعة " بإعتباره عضوا في اللجنة المركزيّة .
أوّل أزمة داخليّة للحزب :
بداية من نضال جاجيتيال في اندرابراداش ، إندلعت نضالات الفلاّحين في كرمنجار ، و عادل أباد و نضالات العمّال في سنغراني ، حيدرأباد و فيسكبتنام في ظلّ قيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) [ حرب الشعب ]
و تطوّرت الحركة في محافظات كريمنجار و وارنغال و كامام و نيزار أباد و عادل أباد من شمال تلنغانا . إنطلق نضال الفلاّحين في جنوب تلنغانا و مناطق شمال أندرابراداش و ريالا سيما . و كانت الإستعدادات تقام للشروع في الصراع الطبقي في مقاطعات الجنوب الساحليّة . و كانت لحركة في دنكرانيا مستقرّة . سنة 1981 ، وقع إيقاف الأمين العام لحزب حرب الشعب – كندبالي سيثارامياو زُجّ به في السجن . و ساتيامرتى الذى إنتُخب أمينا عاما عقب إيقاف كندبالي كان بلا فعاليّة في قيادة الحركة النامية في أندرابراداش . و علاوة على ذلك ، كان جزءا من الشياطين الستّة تسلّلوا إلى اللجنة الخاصة بأندرابراداش . و عرف التحريض في صفوف عمّال النسيج ببومباي تراجعا هو الآخر . و كان كوباد يفتقر إلى التجربة لمعالجة المشاكل الجدّية التي كانت تواجه الحركة . و لم يكن عضو اللجنة المركزيّة في تامول نادو – فيرا سوامي ( كودندرام ) قادرا على التقدّم بالحركة في درما بوري في خضمّ قمع العدوّ و فقدان الثقة في كوادر الحزب . و قد شنّت الحكومة حرباغير معلنة على الحركة الثوريّة منذ 1985 . و بدلا من الإقرار بانّ الأسباب الأساسيّة للمشاكل الراهنة حينها صلب الحركة كانت نقاط ضعفهم ، كافة هؤلاء القادة ألقوا باللوم على التكتيكات التي تبنّاها الحزب . و تقدّموا بنقاش إنتهازي حول موقف في علاقة بطرد NTR و بنظريّة العوالم الثلاثة . و شكّلوا كتلة باسم الأغلبيّة صلب اللجنة المركزيّة في ظلّ قيادة الأمين العام للجنة المركزية ، ساتيا مرتي . و هكذا تسبّبوا في أوّل أزمة داخليّة عرفها الحزب . و عُقد أوّل اجتماع لأوّل لجنة مركزيّة خاصة لأندرابراداش لمعالجة الأزمة . و نبذ الاجتماع العام بالإجماع الحجج المقدّمة من قبل مجموعة ساتيا مرتي . و أثناء الاجتماع ، وقع نقد كوباد الذى بدلا من تطبيق النظريّة على الممارة كان لا يفعل سوى نسخ النظريّة بشكل متهوّر . كان يشبه الدجاجة التي تبيض كلّ ما تلتهمه . و كان نواب هذا الاجتماع العام يحاولون أن يشرحوا بشكل متكرّر مشاكل الحركة لكوباد داخل لندوة و كذلك على إنفراد . و أعلموه كلك كيف أنّ ساتيا مرتي و كدندرام بعدم قدرتهما على معالجة هذه المشاكل يتسبذبون في أزمة للحزب و في خسائر للحركة . لكن كوباد تصرّف كما لو أنّ÷ لم يسمع أيّ شيء .
و إثر الاجتماع العام في أندرابراداش ، نُظّمت إجتماعات عامة في كرناتاكا و تامل نادا و مها رشترا . لم تتوصّل إلى معالجة المشاكل و إنقسمت اللجنة المركزيّة . زمرة ستيا مرتي التي كانت تستخدم كلاما يسراويّا عن التكتيك ، تقدّمت في الاجتماع العام بتكتيك إنتهازيّ يمينيّ باسم خطّ تكتيكي معارض لتشكيل جبهة متّحدة لتوحيد جميع القوى ضد مجموعة راجي الحاكمة في المركز . و كانت تلك هي المهمّة المركزيّة آنذاك . و لم يكن ذلك سوى نزعة إنتهازيّة يمينيّة تقدّمت بها مجموعة SNS سنة 1970 بصدد الجبهة المتّحدة .
و سنة 1995 ، عقدت الندوة العامة لكافة الهند و قيّمت بالتالي الأزمة الداخليّة للحزب سنة 1985 :
" بين 1980 و 1984 توسّعت حركة الشعب و توسّع تنظيم الحزب بصورة بارزة . و منذ بدايات 1985 ، أخذت الحكومة تشنّ حربا غير معلنة ضدّنا . فوُجد قمع وحشيّ من خلال مواجهات مزعومة على يد الشرطة و القوات شبه العسكريّة . و في الوقت نفسه ، نشر الإنتهازيّون صلب اللجنة المركزيّة أزمة في صفوف الحزب في ظلّ قيادة ساتيا مورتي .
... و لأجل فهم أسباب الأزمة ، نحيل إلى رؤية قرار اللجنة المركزيّة و النقائص في سيرها .
... و من الجهة الأخرى ، في غضون سنة من تكوّن اللجنة المكزيّة ، فيرا سوامى ( كودندارم ) و مانكيام أنكرا التقدّم بحركة درمابوري وفق الخطّ التكتيكيّ المرسوم . و وجّها ضربة كبرى لقرار اللجنة المركزيّة بعقد مؤتمر للحزب . و إتّحد فيرا سوامي و كمال ( كوباد ) ومانيكيام في قيادة ساتيا مورتي و أثاروا نقاشات حول نظريّة العوالم الثلاثة بطريقة إنتهازيّة. و قاموا بالشيء عينه حينما أصدرت لجنة الحزب بأندرابراداش بيانا صحفيّا بمناسبة طرد NTR .
... وضعت غالبيّة اللجنة المركزيّة قناعا سياسيّا لمصالحها الوصوليّة الأنانيّة و شكّلت زمرة إنتهازيّة ودخلت حلبة الصراع.
... في قيادة حركة أندرابراداش ، لا سيما خلال 1982- 1983 عندما كان كندبالي سيثارامياو بالسجن ، لم يخفق ساتيا مورتي تماما فحسب بل نهض أيضا بدور مفتاح ضمن " الشياطين الستّة " الذين تطوّروا صلب لجنة الحزب بأندرابراداش. فقد تبنّى خطّا إنتهازيّا بشأن كافة المسائل الهامة . و واجه النقد في الاجتماع الهام للحزب في جويلية 1984 ما مثّل بداية نقد الحركة للقيادة من الأسفل . و ساتيا مورتي الذى لم يكن مستعدّا لتقديم نقده الذاتي نظرا لعقدة نقص لديه برجوازيّة صغيرة ، لجأ إلى المؤامرات حفاظا على موقعه .
... إدّعت زمرة ساتيا مورتي – فيرا سوامي أنّ كندبالي سيثارامياو كان يتّبع خطّا سياسيّا تحريفيّا و لا يولى المركزيّة الديمقراطيّة في التنظيم العناة اللازمة و كان يروّج لعبادة الفرد . و أكثر من ذلك ، حاججوا بأنّ في مسائل نظريّة العوالم الثلاثة و إستقالة حكومة NTR ، يجب أن تخضع الأقليّة إلى قرارات الأغلبيّة في اللجنة المركزيّة إلى أن يتمّ تركيز الخطّ الصحيح في مؤتمر الحزب الذى سيعقد . في وقت حرج كان يجب فيه على الحزب أن يقدّم تكتيكات جديدة للردّ على الحرب غير المعلنة للحكومة و التي بدأن بعدُ في أندرابراداش و دنكرانا ، و أن يوحّد صفوف الحزب جميعه لتكريسها ، تجنّبوا هذه المهمّة الهامة و قسّموا الحزب و طالبوا بتعليق ندواته و مؤتمره إلى أن تتمّ المعالجة التامة ل " صراع الخطّين " صلب الحزب .
و علاوة على ذلك ، بما أنّ الخطّ السياسي لحرب الشعب كان معتبرا تحريفيّا بالتالي جرى نبذه من مجموعة الأغلبيّة التي شدّدت على أنّه باسم المركزيّة الديمقراطيّة ، وحدها القرارات السياسيّة و التنظميّة التي تتخذها مجموعة الأغلبيّة ينبغي تطبيقها . و بقوّة أكّدت على أنّ الخطّ التكتيكيّ للحزب لم يكن مناسبا لإلحاق الهزيمة بالحرب غير المعلنة للحكومة ، و حاولت فرض خطّها التصفويّ على الحزب .
لكنّ هذه المؤامرة الإنتهازيّة المطبوخة في إطار صراع الخطّين إستهدفت إفتكاك قيادة احزب باسم طاعة الأقلّية للأغلبيّة، و تحطيم خطّ الحزب الثوري في الأساس ، لقيت صدّا شديدا من مجموعة الأقلّية في الاجتماع العام لسنة 1985 . و المقترح المقدّم من طرف الأقلّية بأنّ جميع القرارات ينبغي أن تتّخذ بالتوافق إلى أن تتم معالجة المشاكل في عدّة لجان ولايات و لئن وُوجه في البداية بمعارضة مريرة ، تحقّق في الأخير و وافقت عليه الأغلبيّة .
و في الفترة الممتدّة بين ماي و أوت 1985 ، الاجتماع العام لولاية أندرابراداش و الاجتماع العام الخاص لكرناتاكا ساندا بالإجماع الأقلّية و أكّدا أنّ مجموعة الأغلبيّة إنتهازية و وصوليّة و زمرة تصفويّة . كما أكّدا أنّ القرارات بالتوافق في اللجنة المركزيّة وحدها التي يجب تطبيقها إلى أن يُعقد المؤتمر ؛ و يجب إعداد وثائق حول الإختلافات السياسيّة و التنظيميّة و تنظيم نقاشات داخليّة حولها و يجب أيضا عقد المؤتمر . و قرّرا فضلا عن ذلك ، أنّه في الولايات حيث لم تبدأ بعدُ الندوات، يجب مواصلتها و تنظيم نقاشات للوثائق التي يتعيّن نقاشها في الجلسات اعامة في شتّى المستويات . و بما أنّ الخطّ السياسي الذى شكّل أساس عمل اللجنة المركزيّة قد تم نبذه ، قرّرت لجنة الحزب بأندرابراداش أن تسحب ساتيا مورتي من اللجنة المركزيّة و ترسل الأمين العام للحزب عوضا عنه في اللجنة المركزيّة .
خلال هذه الفترة ، تامول نادو و مهاشترا و غوا عقدوا إجتماعات خاصة و ساندوا مجموعة الأغلبيّة . و كتب الاجتماع العام لأندرابراداش و الإجتماعات الخاصة رسائلا مفتوحة إلى الحزب . و جرى تبليغ جميع القرارات المتّصلة بالحجج و الحجج المضادة لمجموعتي الأغلبيّة و الأقلّية و لرسائل و الوثائق إلى كوادر المستوى الأدنى في أندرابراداش و كرناتاكا و مهارشترا . غير أنّ فيرا سوامي و مانكيام لم يوصلا الوثائق لمعظم الرفاق و الرفيقات في تاميل نادو .
في أثناء هذه السيرورة ، نبذت مختلف الإجتماعات العامة و الندوات المنعقدة في أندرابراداش و دنداكرانيا و كرناتاكا وثائق الأغلبيّة حول نظريّة العوالم الثلاثة و إستقالة حكومة NTR مؤكّدة أنّها تعارض مع الماركسيّة – اللينينيّة – فكر ماو تسي تونغ و أنّ أفقها بشأن الجبهة المتّحدة أفقا سكتاريّا نابعا من موقف " الباب الموصد " .
و أقرّت كذلك أنّ وثيقة الأغلبيّة حول " الإستراتيجيا و التكتيك " لم تكن سوى تمرينا لإيراد مقتطفات المعلّمين الكبار آليّا و لا يمكن أن تكون بديلا لخطّنا التكتيكي ، و النقد المقدّم في الوثيقة إيّاها حول الممارسة ما بعد 1980 في أندرابراداش كانت إنتهازيّة محضة ، خاوية من المواد الهامة . و في تاميل نادو قام كوادر الصفّ الثاني و الثالث الذين تقدذموا عقب نقد القيادة بمبادرة نشيطة في عقد ندوة الولاية في مارس 1987 فيها عرضوا إنتهازيّة الأغلبيّة و نبذوا وثائقها و هكذا رفعوا راية الخطّ الثوريّ لحزب حرب الشعب . و نبذت ندوات الولايات المنعقدة سنة 1987 في أندرابراداش و دندكرانيا و تاميل نادو مجدّدا الزمرة الأغلبيّة ... ".
و يشرح تقيي جميع الندوات الخاصة سنة 1995 بوضوح دور مجموعة الأغلبيّة في اللجنة المركزيّة و أنّ كوباد كان جزءا منها .
و في 1989 -1990 ، إنطلق نقاش حول إنقسام الحزب و دور الأغلبيّة ، و ذلك في صفوف لجنة ولاية مهارشترا . و نقد معظم الرفاق و الرفيقات في لندوة الخاصة السياسيّة الخاطئة التي إتّبعها كوباد الذى صار عضوا بالجنة المركزيّة من الولاية و الآن إتّخذ موقف الأغلبيّة في اللجنة المركزيّة . و سُحب كوباد من اللجنة المركزيّة . و قطعت لجنة مهارشترا صلتها بحزب الأغلبيّة و نشطت لفترة في إستقلاليّة عنه . و في أندرابراداش ، تصدّت الحركة الثوريّة لهجوم الحكومة و كانت يدها هي العليا إلى 1989. و كانت الثورة الزراعيّة تتقدّم . و تعزّزت الحركة الثوريّة عبر الولاية كلّها . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، لم تتطوّر الحركة في الولايات حيث كانت مجموعة الأغلبيّة في القيادة . و في أوت 1990 ، عُقد الاجتماع العام المركزي و تشكّلت لجنة مركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) [ حرب الشعب ]. و مع 1993 إلتحق من جديد رفاق و رفيقات مهارشترا بتنظيمهم الأم ، حرب الشعب .
و إثر سحب كوباد من اللجنة المركزيّة ، حصر عمله في نغبور . و كانت الرفيقة أنورادا تنظذم العمّال و الشباب و الطلبة و الداليت في المدينة ذاتها و كانت كذلك تقود أفهان ناتيا مانش ، المنظّمة الثقافيّة . و زرعت روح الحركة الثوريّة في فيداربه و صارت ناشطة . و في الثناء كان كوباد مرتبطا بالأساس بالرفيقة أنورادا و قاد الحزب كناصح .
و بعد إندماج لجنة مهارشترا سنة 1993 و الندوة الخاصة لكافة الهند سنة 1995 ، كلّفت اللجنة المركزيّة لحزب حرب الشعب كوباد بمسؤوليّة مجلّة " الطليعة " بمرتبة عضو في لجنة الولاية . و طفق الحزب يرسله كذلك إلى الندوات العالميّة خارج البلاد كممثّل للجنة المركزيّة . و كان مسؤولا بالأساس على المجلّة المكزيّة إلى سنة 2000 .
و إنتُخب كوباد من جديد إلى اللجنة المركزيّة في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الهنديّ ( الماركسي – اللينيني ) [ حرب الشعب ] سنة 2001 . و إثر ذلك ، واصل الإشراف على مجلّة " حرب الشعب " و الإشراف على الشؤون العالميّة . و في بعض المناسبات توجّه إلى حقول الدراسات . و نظّمت الحكومة المركزيّة و حكومات الولايات هجوما غير مسبوق على الحركة الثوريّة منذ سنة 2000 . و جدّت تموّجات في الحركة . إذ واجهت الحركة شمال تلنغانا قمعا وحشيّا و نظرا لبعض التكتيكات الخاطئة ، إشتدّت معاناتها مع 2002 . و قد قيّم مؤتمر الوحدة - المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الهند (الماويّ) المنعقد سنة 2007 الحركة في شمال تلنغانا و أندرابراداش و AOB و أقرّت بأنّ هذه الحركات شهدت تراجعا . و حاجج كوباد في هذا المؤتمر محاججة ذاتيّة أنّ اللجنة المركزيّة و أنّ الرفاق في قيادة لجنة الولاية في هذه الولايات كانت تمثّل إنتهازيّة يمينيّة و قد عرفت كذلك الحركة تراجعا مؤقّتا . و بالإجماع رفض المؤتمر حجج كوباد . و قرّرت اللجنة الخاصة لأندرابراداش أن تعقد محادثات مع الحكومات المؤقّتة في الولايات سنة 2002 و 2004 في قيادة اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينينيّ ) [ حرب الشعب ] سابقا . بهذه المناسبة صرّح بنقد مفاده أنّ قيادة حرب الشعب سابقا صارت إنتهازيّة . و رفضت قيادة حرب الشعب الحجّة . و في كتابه " الحرّية المكسورة ..." لم يقدّم هذه الحجّة بيد أنّه كتب أنّه حذّر الحزب قبل فترة طويلة من الخسارة الجدّية للقيادة في هجوم الحكومة عقب نهاية المحادثات منذ صار يعرف القيادة عبر هذه السيرورة . و تبنّى الحزب بعض التكتيكات المؤقّتة في ما يتّصل بالفوائد السياسيّة في هذه الظروف. و قيّم المخاطر الممكنة و تراجع عن تبنّى التكتيكات . كما قيّم مؤتمر الوحدة – المؤتمر التاسع أنّ بالنظر إلى الظروف الموضوعيّة و الذاتيّة ، لم يكن من الصائب عقب محادثات مع حكومة أندرابراداش . و أعرب المؤتمر عن أنّه " لأجل القيام بالإعدادات الكاملة لمواجهة الهجوم المستقبلي و للتقدّم بالحرب و بالتالي لتعزيز قوّاتنا الذاتيّة ، نحتاج إلى إستخدام نقاط ضعف هجوم العدوّ ". إلاّ أنّ المؤتمر لم يقل إنّه كان إنتهازيّة كما يرى كوباد . هذا هو الموقف الذاتي لكوباد .
إثر تشكّل الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) الموحّد سنة 2004 ، قاد منموهان سنغ حكومة UPA و أعلن أنّ حزبنا " يمثّل أكبر تهديد للأمن الداخليّ " و أطلق العنان لقمع شديد . و قد إستهدف ما يناهز مائة من القادة المركزيّين و في مستوى الولاية وطفق يوقفهم ويقتلهم في مواجهات مزعومة منذ 2005 . و بات مظهرا عاديّا للشرطة أن تبحث عن القادة و توقفهم.
و أصدرت اللجنة المركزيذة منشورا في نوفمبر من سنة 2007 بشأن الإحتياطات التقنيّة التي ينبغي إتّباعها لتجنّب الخسائر. غير أنّ افيقافات ظلذت تنمو إلى 2008 . و في 2009 ، أطلقت الحكومة المركزيّة "عمليّة الصيد الأخضر " كحملة قمع ضد الحركة . و إشتدّ السحق من خلال التطويق و الهجوم . و أصدر المكتب السياسي قرارا بالتصدّي لعمليّة الصيد الأخضر و تجنّب إيقافات القيادات سنة 2009. و أخفق كوباد في إصلاح نقاط الضعف في العمل بطرق سرّية و تكريس روح هذه القرارات و بالتالى تم إيقافه في أكتوبر 2009 بدلهي .
وقع إنتخاب كوباد للجنة المركزيّة في مؤتمر الوحدة – المؤتمر التاسع المنعقد سنة 2007 قبل إيقافه و كان جزءا من SuCoMo .، مكتب النشر المركزي و العلاقات الدوليّة و كذلك المجلّة المركزيّة " مسيرة الشعب " . و تسبّب إيقافه في تقريبا إيقاف عمل الحزب في تلك المجالات . و كتب رسالة إلى الحزب مخبرا إيّاه بأنّه كشف بضعة أشياءفى ما يتّصل بسير الحزب لضبّاط المخابرات و ذلك أثناء إستنطاقه . و كتب أنّ ذلك كان خطأ من طرفه . لكن بدلا من النقد الذاتيّ الصارم للتسبّب في خسائر للحركة الثوريّة و محاسبته ، شرع في التصريح للشرطة و للصحافة بأنّه لم يكن لا عضوا في الحزب و لا عضوا في اللجنة المركزيّة و المكتب السياسيّ. و كرّر الشيء نفسه في كتابه " الحرّية المكسورة – مذكّرات سجن " .
كتب كوباد عن الشخصيّة اللامعة للشهيدة الرفيقة أنورادا في مؤلًّفه و سعى إلى إستعمالها كسند له . و بالتالي ، رغم أنّنا لا ننوى الحدي بهذا المضمار ، سنسلّط شيئا من الضوء و بإقتضاب شديد على علاقتهما كي يتمكّن القرّاء من الإطلاع على الحقيقة . تنحدر الرفيقة أنورادا من أسرة من الطبقة الوسطى ذات خلفيّة شيوعيّة . و قد إلتحقت بالحركة الثوريّة من خلال النشاطات في فديآرتي برغاتي سنغتان حين كانت تدرس في كلّية ألبنستون في بومباي . و إلتقت بكوباد حينما كانت تعمل في صفوف الطلبة . و تزوّجا و هما يعملان في الحركة الثوريّة سنة 1979 . و مذّاك إلى يوم إستشهادها سنة 2008 ، عاشا معا و عملا بنشاط ضمن الحركة الثوريّة . و قد تألّم كوباد شديد الألم لفقدانه الرفيقة أنورادا . و عبّر بكلماته الخاصة عن أنّ يوم إستشهادها كان أسوأ أيّام حياته . قصدت الرفيقة أنورادا جهاركهاند لحضور اجتماع عام للنساء للنهوض بمهمّة كلّفتها بها الحركة فأصيبت بالمالاريا . و كانت بعدُ تعاني من التصلّب في المفاصل . و عند عودتها ، توفّيت وهي تحت العلاج في مستشفى ببومباي . و كان كوباد إلى جانبها في لحظاتها الأخيرة .
إثر قرار الحزب العمل في فيداربه ، غيّرت الرفيقة أنورادا إقامتها إلى نغبور و أصبحت أستاذة في جامعة نغبور . و أخذت تنظّم العمّال و الطلبة و الشباب و النساء و الداليت و الفنّانين . و نضجت كمحرّضة بارعة و منظّمة مجتهدة و قائدة جماهيريّة مقتدرة . كانت قائدة محترمة في صفوف الطلبة و النساء في البلاد . و في المجال انقابي ، وقفت بصلابة ضد هجمات غوندا الإدارة مساندة العمّال . و أنجزت الرفيقة أنورادا دراسة عميقة لقضايا النساء . و قدّمت القيادة لحركة النساء من خلال مشاركتها في ندوة النساء في بتنا في ظلّ قيادة AILRC و ساهمت مساهمة قيّمة في صياغة وثيقة الحزب " أفق النساء " . و كسبت إعترافا جيدا و خاصا على كافة مستويات الهند في مجال حقوق الإنسان و الطلبة و النساء .
أثناء كامل السيرورة ، كانت الرفيقة أنورادا و كوباد معا ضمن الحركة الثوريّة و عملا بنشاط . و كان كلّ واحد منهما يساعد الآخر . و تولّت الرفيقة أنورادا مساعدة كوباد في بعض القضايا النظريّة . كانت تملك نظرة بروليتاريّة و إنصهرت في صفوف الطبقات الشعبيّة القاعديّة و سياسيّا كات تملك تصميما قويّا ما ساعد كوباد . و واجه كلاهما المشاكل المعقّدة التي ظهرت صلب الحركة الثوريّة . كان لديهما نفس الرأي بصدد الأزمة الداخليّة للحزب . إلاّ أنّ كوباد كان منكفئا على نفسه و كانت رؤيته سكتاريّة فيما كانت أنورادا منفتحة . كان بوسعها الوحدة مع المختلفين مع وجهات نظرها ، و كانت حنونة تجاه كوادر الحزب و الفئات المضطهًدًة . و كانت شخصيّتها الشيوعيّة ذات ذهنيّة منفتحة . و هكذا تمكّنت من تحقيق وحدة أوسع مع المثقّفين من حقول متباينة . لذا ، كسبت عطفا كبيرا من الجماهير و الكوادر . تنحدر الرفيقة أنورادا و كوباد من الفئة العليا من الطبقة الوسطى و كانا يملكان خلفيّة مثقّفين و عملا ضمن الحركة الثوريّة لزمن طويل . و قد كرّست الرفيقة أنورادا حياتها لتحقيق المُثُل العليا الثوريّة . و إثر إستشهادها ، خان كوباد مُثُلها العليا . طلذق النظريّة الماركسيّة و إبتعد عن الحركة الثوريّة . وهو الآن بصدد تلطيخ سُمعتها بالطين .
تدخل الرفيقة أنورادا ضمن الصنف الأوّل و يدخل كوباد ضمن الصنف الثالث من الأصناف التي حدّدها هو ( عقب قراءة " الحرّية المكسورة ..." يبدو أنّ الصنف الثاني و الثالث متشابهين . يعنى مرض شناكيا و الأسود و الأبيض ) إنّه قادر على تصنيف كوادر الحزب لكن لماذا لا يقدر على إستيعاب قيم رفيقة حياته من الصنف الأوّل و قد أمضى معها أربعين سنة ؟ أسلوب عمل كوباد و منهجه سيوفّران سببا مفتاحا لهذا اللغز .
كتب كوباد نفسه أنّه لم يساهم مباشرة في النضال في مدينة الصفيح ما يناغار أو في نضالات العمّال . هل لعب ابدا دورا في المضيّ بإستقلاليّة لتنظيم الجماهير ؟ هل مضى أبدا إلى الشوارع و رفع شعارات جنبا إلى جنب مع الناس القاعديّين ؟ و على الأقلّ هل رفع راية ؟ هل جرّب مواجهة توجيه محكمة لتهم باطلة له ؟ هل واجه أبدا الغونداس (goondas – عصابات رجعيّة ) في مدن الصفيح ؟ هل أمضى أبدا ليالي كاتبا شعارات على الجدران ؟ لقد شاركت أنورادا في كلّ هذا . إذا لم يصهر في ساحة الصراع الطبقي ، كيف يُنتظر منه أن يُصبح شيوعيّا جيّدا ؟ لا يمكن للمرء أن يتعلّم السباحة إن جلس المرء على حافة النهر . كل التناقضات المتّصلة بالماء و الجسد و تدفّق الماء و الجسد و ضغط الماء و الجسد ، كلّ ما يتّصل بالغرق و الطفحان ، كمّية لتنفّس و القدرة على ذلك – كلّ هذا يعلّم جسدنا بعض الأمور و من ثمّة يشرع الشخص في السباحة . و إذا حجز المرء نفسه في القراءة أو في كتابة كتاب ، ستملئ الذهن بالمعرفة غير أنّه لا يمكن أن يعرف كيفيّة عمل المعرفة على الأرض . " مجرّد معرفة الأفكار الثوريّة لن ينفع . يحتاج المرء إلى الممارسة الثوريّة ليُصبح شيوعيّا " . أين و كيف هي الممارسة الثوريّة لكوباد ؟ بوب أفاكيان هو كذلك يقول إنّه عندما يُوجد قدر كبير من الممارسة الشيوعيّة في العالم ما هي حاجته إلى القيام بذلك بنفسه ؟ و أفاكيان الآن في مستنقع التحريفيّة التامة . و عندما تتقدّم الحركة، لا تكون نقاط الضعف الداخليّة للمثقّفين مرئيّة . و عندما تعرف الحركة تراجعا مؤقّتا ، يفقد المثقّفون التوازن المعرفيّ . تبتلعهم التيّارات السائدة . سيناقشون كثيرا عن نقل الولاء الطبقي . لكن كيف للمرء أن ينقل ولاءه الطبقي إذا لم ينغمس مباشرة في الصراعات الطبقيّة ؟
" بيد أنّ المثقّفين قبل أن ينغمسوا في النضال الثوري الجماهيري أو يعقدوا عزمهم على خدمة مصالح الجماهير و يندمجوا معها ، يميلون في كثير من الأحيان إلى النزعة الذاتيّة و الفرديّة ، و هم غر عمليّين في تفكيرهم و متردّدون في نشاطهم . و لهذا السبب و رغم أنّ جماهير المثقّفين الثوريّين الواسعة في الصين يمكن أن يلعبوا في الثورة دور الطليعة و الجسر ، إلاّ أنّه لا يمكن أن يسيروا جميعا في طريق الثورة حتّى النهاية . إنّ بعضهم سوف يهجر صفوف الثورة و يقف منها موقفا سلبيّا متى وصلت على اللحظة الحرجة ،و إنّ عددا قليلا منهم سوف يصبح من أعداء الثورة . و المثقّفون لن يستطيعوا التغلّب على نقائصهم هذه إلاّ بمساهمتهم فترة طويلة في النضال الجماهيريّ . "
( ماو تسى تونغ ، " الثورة الصينيّة و الحزب الشيوعي الصينيّ " – ديسمبر 1939 ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ، باللغة العربيّة دار النشر باللغات الجنبيّة ، بيكين ، ص 445 ).
و حتّى بعد العمل مع الداليت لمدّة أربعين سنة لم يستطع أن يُغيّر طبيعته النخبويّة . أصيب بعدوى بالجراثيم الأميبيّة حينما توجّه للعمل في أحياء الصفيح ، أحياء الداليت و تواصل ذلك لسنوات. وهو يشعر بالخزي بكلماته الخاصة من " الحرّية المكسورة ..." – رغم أنّي كنت فكريّا و إيديولوجيّا ملتزما بهؤلاء الناس المفقّرين ، لم أكن كذلك جسديّا . و قد نشأت في ظروف نظفة صحّية ، تمرّد نظام مناعتي الجسديّة ضد الظروف غير الصحّية في أحياء الصفيح و تدنّى نوعية الغذاء . كنت أتناول الأكل مع هؤلاء الناس المتواضعين الذين بكرم كانوا يتقاسمون معى القليل الذى لديهم ، عارفا أنّ رفض ذلك سيشعرهم بالحرج و كان سيبدو غير مفهوم ؛ كان رفضي سيؤوّل على أنّه إمّا تعالي أو حتّى أسوأ إنحياز كاست . ما يجهلونه هو أنّي لم أكن واعيا حتّى بأنّهم كانوا ماهارس ، يسمّون المنبوذين ( untouchables ) . مرض الزحار الأميني الحاد الذى أصبت به المرّة تلو المرّة حينها، لا يزال يلاحقنى اليوم بإعتباره مرض الأمعاء الملتهبة، حتّى بعد صف قرن ". ( ص 40)
كان يريد من الداليت أن يبالغوا في عظمته كما يريد أن يبرز أخطار الإختلاط بهم . هذه ذهنيّة كاست فظيعة . و في نهاية المطاف ، يعود إلى زمنه . يكتب أنّه إن لم يأكل في بيوت الداليت ، كانوا سيعتقدون أنّ لديه إنحياز كاست . و هذا يعنى أنّه يأكل في بيوت الداليت للحفاظ على عظمته . لم يفعل ذلك للوحدة معهم من أجل النضال بهدف إستئصال الكاست . أخى كوباد ! ألا يرى هذا المثقّف العظيم أيّ شيء يمكنه تعلذمه من الداليت ؟ لم يدعوك الداليت بداهة للإرتقاء بهم . كانوا يعتقدون أنّهم يعملون مع شيوعيّ يحمل أفاقا رحبة . و يكشف " الحرّية المكسورة ..." شيئا آخر . إنّه يكشف كرهك لفئات إجتماعيّة خاصة مضطهًدًة . ليس لهذا المثقّف العظيم شيئا يتعلّمه من الداليت ! كان بوسعه ملاحظة الظروف غير الصحّية في أحياء الصفيح إلاّ أنّه لم ير الأسباب الإقتصاديّة – الإجتماعيّة وراء ذلك . إنّه في حاجة إلى فهم أنّ الظروف الصحّية تتشكّل للطبقة النخبويّة من فائض القيمة المستخرج من إستغلال الداليت . و يؤدّى هذا الإستغلال إلى ظروف غير صحّية في صفوف الداليت . كتب سانت تُكرام من حركة اباكتي ما يلي عن نقل الولاء الطبقي [ جملة بلغة هنديّة ] . ما لم يفسح المجال لكوباد لينقل ولاءه الطبقي يكمن في أساس الدور الذى نهض به في الحركة الثوريّة .
و اليوم يكتب عن ماضيه و منه يذكر ( أو يفهم ) الناس الذين تركوا الحركة و إنحرفوا عن خطّها و لا يذكر شهداء زمنه . و لا يشير حتّى إلى النشطاء الذين جرى سجنهم عدّة مرّات و وقع توجيه تهم باطلة لهم و كانوا من العناصر الهامة في تحريض العمّال . و لا يذكر نضالات العمّال في مهارشترا وقتها . كما أنّه لا يناقش تقييمات النضال و الخطوات المتّخذة بشأن القضايا من وقت لآخر . يذكر " برويوم " و لا يذكر " فديارتي براغاتي سنغتان " لا يذكر " AIRSF " و " نفجافان برات سبها " . تذكرّه إنتقائيّ . وهو يستخدم منسجا لينسج التاريخ وفق تفكيره الحالم . آه ! قيم عظيمة ! النجاح و الإخفاق أو مهما كان المآل ، يجب على المرء صراحة أن يُسجّل مدى مساهمة المرء في دفع عجلة المجتمع إلى الأمام . ليس على الشيوعي وحده بل على أيّ إنسان أن يكون صريحا مع نفسه و مع الحركة التي يشارك فيها . هذه من الأخلاقيات الأساسيّة إلاّ انّ كوباد نفسه يُنكر التاريخ . يبثّ ماضيه الثوري على أنّه مجرّد صنف عمل إجتماعي لمنظّمات غير حكوميّة . نحتاج إلى فهم أنّه يوجّه عن قصد الشتائم لكافة النشطاء و الذين ضحّوا بحياتهم للإضطلاع بمسؤوليّاتهم في النضال . و هذا شتيمة شخصيّة للرفيقة الثوريّة أنورادا التي ساعدته و أثّرت في فكره و قلبه . و هو محاولة لا طائل منها لنشر الإحباط في صفوف الجماهير و النشطاء بشأن الحركة .
بوسعنا الآن أن نقيّم الممارسة الثوريّة لكوباد – لقد ناضل في صفوف الحركة الثوريّة لفترة زمنيّة طويلة . و قد واجه الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) وهو يقود الحركة الثوريّة للبلاد عدّة تموّجات و إنتصارات و إخفاقات و واصل مسيرته. و قد حقّق مكانة قارة في أذهان الجماهير الشعبيّة في الهند . و أثبت أنّ خطّ الحزب لا يمكن إلحاق الهزيمة به . كما كسب الحزب عديد التجارب . و القانون الجوهري ل " التحليل الملموس للواقع الملموس " أساس الماركسيّة لم يوليه كوباد أيّة عناية أبدا . لهذا طوّر موقفا دوغمائيّا مناقضا للمنهج المادي الجدلي و التاريخي . و سياسيّا ، كان يساريّا في الكلام و يمينيّا في الأفعال . و قد فسح المجال للكتل صلب الحزب . و قد بذل الحزب جهدا جدّيا لإصلاح أسلوب عمل كوباد في الصراع الداخليّ . غير أنّ كوباد لم يتمكّن من تجاوز النزعات الخاطئة نظريّا و سياسيّا . و فضلا عن ذلك ، مع ظهور الحزب الماويّ ، أطلقت الطبقات الحاكمة حملات قمع شديد و تمّ إلقاء القبض عليه . و أدّى هذا الوضع إلى ظهور تفكير خاطئ لديه . كلّ شخص يحتاج إلى إصلاح نفسه . و على امرء أن يساهم مباشرة في الصراع الطبقي و حرب الشعب و يصلح التفكير الخاطئ الذاتي و الدغمائيّ بالتحليل الملموس للظروف الملموسة . لم يشارك مباشرة في العمل الجماهيري لفترة زمنيّة طويلة . لم يختلط مع الناس و لم يتعرّف على آرائهم . كان بعيدا عن الخطّ الجماهيري و لم يستطع نقل ولائه الطبقيّ. و هكذا تعزّزت نزعاته الخاطئة و تردّد زمن منعرجات و إلتواءات في مسيرة الحركة . سياسيّا ، كان متطرّفا يساريّا في الكلام . تكون القيادة سرّية في الحزب الماويّ . و كان كوباد ينشط علنيّا أو بصفة شبه علنيّة لفترة زمنيّة طويلة . و لم يستطع أن يشارك في الصراع الطبقي . عاش حياة ثوريّة علنيّة و عندما وقع إيقافه كان عليه أن يواجه العدوّ فتحوّل إلى جبان . فقد رفيقة حياته الرفيقة أنورادا و بُعيد إستشهادها تمّ إيقافه و أمضى وقتا بالسجن . و أفرز هذا لديه تردّدا . و كما قال ، كان منكمشا على نفسه و لم يرغب في الحديث أو النقاش مع رفاقه و رفيقاته . لم يقدر على تحويل حياته الثوريّة المديدة إلى حياة تفكير بروليتاريّ. و بالتالى ، لم يقدر على تحليل التقدّم – التراجع العاديّين الذين تعرفهما الحركة الثوريّة بمنهج ماركسيّ . شعُر باليأس في مثل هذه المناسبات و أحيانا كثيرة بالغ في تقييم المنهج السكتاري لأخطاء الحزب و طوّر نظرة كره للحزب . و هذه شوفينيّة برجوازيّة صغيرة . و في النهاية ، سقط في أحابيل تلك النزعات و بلغ نقطة معارضة النظريّة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة .
و بدلا عن النشاط الماركسي – اللينيني – الماوي ، كان كوباد يكرّس نظرة ذاتية و دغمائيّة و فئويّة لبعد عن النظريّة الماديّة الجدليّة و الأساس الجوهري للماركسيّة ألا وهو التحليل الملموس للواقع الملموس . لذا ، لم يتمكّن من فهم الوضع الموضوعي فهما شاملا . لم يتمكّن من إستيعاب النظرة الطبقيّة البروليتارية.
قيّم كوباد الأربعين سنة من حياته الثوريّة إنطلاقا من إلتحاقه بالموجة الثوريّة لستّينات القرن العشرين و إستخلص أنّ موجة الحركة الثوريّة بلغت الآن نهايتها . الثورة محصورة في بعض الإصلاحات . بلغ نقطة تراجع . و أضحت الماركسيّة – اللينينيّة – الماوية متقادمة في الظروف الراهنة لأنّ الإشتراكيّة تحطّمت . في مثل هذه الظروف ، البديل الحقيقيّ هو الإنسانويّة و الروحانيّات ، هذا ما يقوله كوباد . لقد تخلّى عن الأربعين سنة من تاريخه الثوريّ و وقف أمام المجتمع كخائن للثورة .
الماركسيّة ليست سلعة للبيع يمكن إقتناؤها بإشهار كبير . لا يصبح المرء ماركسيّا فكريّا فحسب المسألة الحقيقيّة هي تغيير المجتمع . في ظلّ تأثير الديمقراطية الإستقلاليّة البرجوازيّة ، يزن المرء كلّ شيء بمعيار الإستهلاك . إن لم يوجد الكثير من الحديث عن الماركسيّة في وسائل الإعلام البرجوازيّة فهذا لا يعنى أنّه فات أوانها . كان شيوعيّا طوال أربعين سنة لكن أيّ صنف من الشيوعيّين هو ؟ ثوريّ ، إصلاحيّ ، تحريفيّ أم سيحدّد ذاته على انّه من صنف آخر ؟ هل ينوى القيام بالثورة أم بكتابة مقالات لا غير ؟ ما هو الحزب الذى كان ينشط في صفوفه ؟ إلى أيّ تيّار من تيّارات نكسلباري كان ينتمى ؟ يقول إنّه لم يكن أبدا قائدا في الحزب الماويّ ، هذه خدعة حمقاء لإنقاذ نفسه . في من يريد أن يؤثّر بكتابته مثل هذا القلب للحقائق رأسا على عقب ؟ هل يعتقد أنّ الحكومة غبيّة إلى درجة أنّها ستصدّق هذه الرواية ؟ لقد فهمت الساحة الثقافيّة على الفور كيف أنّ كوباد إنقلب على مساره . و حين يبلغ الكتاب المستغًلّين سيقولون فورا بلغتهم " كوباد خائن ! " تعرفون جيّدا بأيّ نعت تنعت السياسة الثوريّة هذا الصنيع . قد تعتقد أنّك تعيش حياة حرّة مزعجة و قد تقدّم بك السنّ لكن هل تحتاج إلى الإنحناء إلى هذه الدرجة المقزّزة ؟ معنى نكرانك أنّك كنت قائدا ماويّا هو أنّه لا علاقة لك بتاريخ الحركة الثوريّة . عندئذ كيف تحدّد العلاقة السياسيّة مع قائدة من الحزب الشيوعي الهنديّ ( الماويّ ) الشهيدة الرفيقة أنارودا ؟ كيف يرتبط التاريخ و النضال اللذان عرضتهما كتاريخ إرتباطك بها ؟ كافة هذه النضالات قادها الحزب الثوري ( في البداية حزب حرب الشعب و تاليا الحزب الماوي ) . أين كيف تسحب نفسك من هذا ؟ هل ستفعل ذلك إنطلاقا من دفاتر دقائق اللجنة المركزيّة و المقالات التي كتبتها في " الطليعة " و في " مسيرة الشعب " و " حقيقة الشعب " و " حرب الشعب " و ندوات التنسيق العالمية بين الثوريّين و محاولات بعث جبهة متّحدة الجارية في البلاد و المحاضرات التي ألقيتها على النشطاء ؟ ليس بوسعك قطع الحبل السُرّي حتّى وإن رغبت في ذلك ." إن شرب قطّ الحليب مغمض العينين فلا يعنى هذا أنّ الظلام مخيّم". لقد حاول كتاب " الحرّية المكسورة ..." أن يُنكر حقيقة تاريخيّة لكن المنطق المصطنع لا يخفى الحقيقة . و من جهة يرفع كوباد راية أنورادا على أنّها راية مُثُل عليا و من الجهة لخرى يشتم هذه القيم . هذا ما يميّز " مرض شاناكيا " في اللحظة التي فكّرت فيها في قطع علاقتك مع الحزب الماويّ ، خسرت أساس علاقتك بالرفيقة أنورادا .
و من السخيف أن يتحدّث كتاب " الحرّية المكسورة ..." عن قيم الآخرين بينما يتحدّث عن قيم الآخرين بينما يكتب عمليّا أنصاف الحقائق و أكاذيب بيضاء . و في ذات الكتاب ، نلاحظ أيضا محاولة لتحطيم سُمعة الحركة مجسّدة في قيادة الحزب الماويّ . و بهذا الصدد ، قال لنا المعلّمون الكبار الكثير .
لقد علّمنا ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو أنّه من الضروري بحثا عن الحقيقة أن نجري دراسات وفق الظروف و ليس بأماني ذاتيّة . قال ماو تسى تونغ :
" إنّ هذه الطريقة القائمة على الذاتيّة و المنافية للعلم و للماركسيّة اللينينيّة هي عدوّ لدود للحزب الشيوعي ، عدوّ لدود للطبقة العاملة ، عدوّ لدود للشعب و الأمّة ، إنّها تعبير عن إنعدام نقاء الروح الحزبيّة . إنّ هذا العدوّ اللدود يعترض سبيلنا ، فمن الضروريّ أن نقضيّ عليه . و فقط عندما يقضى على الذاتيّة يمكن أن تغلب حقيقة الماركسيّة اللينينية و أن تتوطّد الروح الحزبيّة و تنتصر الثورة . يجب أن نؤكّد أنّ إنعدام الموقف العلمي أي إنعدام الموقف الماركسي اللينينيّ الذى يوحّد بين النظرية و الممارسة ، يعنى إنعدام الروح الحزبيّة أو عدم تكاملها . "
( " فلنصلح دراستنا " ، المجلّد الثالث من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، باللغة العربيّة ، طبعة دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين ، ص 26 )
إنّنا نندّد بالتصنيف الهذر و الأساس الذى أقامه كوباد بشأن كوادر الحزب . فهذا التصنيف الضحل لا أساس واقعي له و لا يوجد في صفوف الحزب الواعي طبقيّا . يتمسّك الحزب بالنظريّة الماركسيّة - اللينينيّة - الماويّة و النظرة الطبقيّة البروليتاريّة و يتحرّك الحزب في صفوف الجماهير كالسمكة في الماء ، و يتّبع بصرامة المبدأ التنظيميّ الأساسيّ للحزب الشيوعي و الخطّ الجماهيريّ – من الجماهير إلى الجماهير – و يهاجم العدوّ الطبقي بجسارة و يقف كمقاتل عظيم في ميدان حرب الشعب . و كلّ من يلتحق بالحزب ، يلتحق به عن طواعيّة . العمل الثوريّ ليس عملا إجباريّا يقوم به شخص لا يرغب في ذلك . يتمّ العمل الثوري بمزيج من الحرّية الفرديّة و الإنضباط لخطّ الحزب . و طالما أنّ المرء عضو في الحزب ، يعمل بنظرة طبقيّة بروليتاريّة . ما من خلاف حول هذا . و رغم ذلك ، تحدث أخطاء يجرى تداركها عبر النقد و النقد الذاتي ( سيرورة وحدة – صراع – وحدة أمتن ) . و يجب أن تكون هذه العمليّة ممارسة لا تتوقّف . و الصراع ضد النزعات الخاطئة داخل الفرد تحتاج الصراع ضد النفس و هذا هو النقد الذاتي . و الصراع ضد النزعات الخاطئة لدي الرفاق و الرفيقات الآخرين هو النقد . و هذا النقد و النقد الذاتي أداة بيد الحزب الشيوعي ليظلّ على قيد الحياة . أمّا كوباد فكرّس " المزيد من النقد و أقلّ نقدا ذاتيّا " .
الجيّد و السيّء متكاملان جدليّا . و لكلّ رفيق و رفيقة مظاهر جيّدة و نقاط ضعف و مظاهر غير بروليتاريّة أيضا . و ينسحب هذا على عضو الحزب العادي و كذلك على عضو أو عضوة باللجنة المركزيّة . و هناك أسباب ثلاثة لهذا . يلتحق الأشخاص من مختلف الطبقات بالحزب و من الطبيعي أن يجلبوا معهم عاداتهم الطبقيّة و أفكارهم الطبقيّة . و تؤثّر دائما الطبقة الحاكمة على المجتمع بطرق شتّى بفضل إيديولوجيّتها [ و أفكارها السائدة ] . و ينعكس هذا على الحزب أيضا. عقب الإلتحاق بالحزب، يدخل المرء في سيرورة صراع طبقيّ و تدريب سياسيّ و نظريّ و بلترة . و لا تتوقّف هذه السيرورة . فدونها لا يمكن للمرء أن يُغيّر نظرته إلى العالم و لن يُطوّر سوى نظرة إلى العالم تكون برجوازية ( مثاليّة / روحانيّة ميتافيزيقيّة ) بدلا من نظرة بروليتاريّة إلى العالم ، و ينحرف . و بالتالي ، يُنجز الحزب حملات تصحيح المرّة تلو الأخرى ضد النزعات المناهضة للبروليتاريا و . التطوّر الذى عرفه كوباد لم يحدث فجأة . كانت سيرورة البلترة لديه ضعيفة من البداية . لم يكن صارما في تصحيح نفسه . لذا ، تأثير خلفيّته الطبقيّة و إيديولوجيا الطبقة الحاكمة أفرز نظرة ليست بروليتاريّة داخله . و فسد . رافى شنكر من فنّ الحياة المموّل من طرف الطبقات الإستغلاليّة الحاكمة و أمثاله منخرطون في تحطيم الثوريّين في السجون . لا يمكن للمرء أن يواصل أن يكون ثوريّا في السجن إلاّ متى أصبح جزءا من سيرورة تغيير السجن إلى مركز من مراكز الصراع الطبقي و من سيرورة الصراع المستمرّ ضد النزعات غير البروليتاريّة التي تظهر في ذهنه . إنّ حياة كوباد في السجن على النقيض من ذلك بصفة مطلقة . فحياة السجن حيث لم يتّبع كوباد المناهج الثوريّة أبعدته عن أن يكون ثوريّا و جعلت منه معاديا للثورة .
و يعكس إسم الكتاب عينه " الحرّية لمكسورة ..." رواية خياليّة . فالحرّية في المجتمع الرأسمالي ليست حرّية إلاّ للرأسماليّين ! و عندما لا توجد حرّية للجماهير العريضة ، كيف تثار مسألة المكسورة ؟ أجل ، لطبقة كوباد الحرّية . و بهذا المعنى حرّيته هو كُسرت . غير أنّ أخطر أمر هو تبخّر حلم . فالكتاب يصفّى آمال الشعب و تطلّعاته . و هذا بغيض . لو أنّه على الأقلّ تذكّر هذه الأغنية ل " أفهان " ...
"...رفعنا الراية الحمراء محمرّة بدماء آلاف و آلاف الشهداء
تجاوزنا الخوف من الموت ، واجهنا العاصفة
تركنا جانب الإختلافات و مضينا إلى الأمام رفاقا
إنّنا بروليتاريّون ، إنّنا مستغًلّون...
... في يوم ما سنبلغ العالم
في يوم ما سنحقّق المساواة و الوحدة ،
يجب أن نكسر قيود العبوديّة
يجب أن نكسر قيود المجتمع
أيّها الرفاق ، أيتها الرفيقات لهذا تبنّينا هدف التحرّر..."
كوباد ! لقد نلت خدمات من مافيا السجن و مضيت تخطّ المقالات بنظرة تعاون طبقيّ و من ذلك " قضايا الحرّية و تحرير الشعب " . و كنّا نقاتل المافيا و كلّ أنواع السلاّبين و ألحقنا الهزيمة بحملة قمعهم " عمليّة الصيد الأخضر " . و خرجت من السجن و كتبت " الحرّية المكسورة ..." و تقول للناس أن ينأوا بأنفسهم عن الصراع و نحن نقاتل سياستهم القمعيّة الوحشيّة المعادية للثورة " سمادان و هجوم براهار " . إستخلصت جوهر الأربعين سنة من الممارسة الثوريّة . لكن و أنت تعارض الممارسة الثوريّة ، تدعو إلى الروحانيّات بينما نرفع عاليا راية الماركسيّة – اللينينيّة- الماويّة . نحن نركّز " حكم الشعب " و نعزّز القيم الإنسانيّة فيه و نعبّد الطريق للمضيّ قُدُما . يا له من تناقض بينك و بين الحزب ! هذا البون العميق غاية العمق الذى أوجدته ، دفن جميع أفكارك الثوريّة بصفة دائمة . إنطلاقا من الروحانيّات السمادي ( samadhi) ، كوباء البائس يسعى بلا طائل إلى دفن النظريّة الثوريّة .
كوباد و التقاليد الشيوعيّة في السجن :
" السجن جامعتنا " قال الشهيد بهاجات سينغ . و مثله الأعلى كان أنّ النشطاء الذين يسجنون يرون السلطة و الديمقراطيّة و السياسة الفعليّة و يخرجون كثوريّين مدرّبين . و لا يحدث هذا التغيير إلاّ متى خاض المرء الصراع حتّى وهو في السجن . لكن مع المؤهّلات الكثيرة المقدّمة في هذه الجامعة ، إذا لم يخض المرء الصراع ، سيدخل آليّا جامعة أخرى و حين يغادر السجن رغم الدرجة الثوريّة التي كان يتحلّى بها يمكن أن يُصبح أستاذا في الروحانيّات . الجانب الذى تقف فيه خلال الصراع في السجن يضمن تطوّر فكرك . لكن إذا إعترت ذهنك الشكوك ، و سوء الفهم و التساؤلات حول الشيوعيّة و الصراع الطبقي و حرب الشعب الطويلة الأمد و عمل الحزب ، ستجعلك هذه الجامعة بسهولة طالبا في قسم الروحانيّات .
حالما يقع ثوريّ / تقع ثوريّة بيد الشرطة و يُسجن ، بالأخصّ السجناء السياسيّين ، لا ينال حتّى معاملة السجين العاديّ. ستكون أجندته السجنيّة مليئة تعذيبا في مراكز الشرطة و التعذيب و الموت في السجون و النضالات المخاضة ضد ذلك .
أنظروا ما قاله الشيوعي التشيكي و الوطني جوليوس فوزبك : " ... هنا في هذه الغرفة من الممكن أن نفهم تمام الفهم طبيعة هذا الحيوان البشريّ . القرب من الموت يكشف بوضوح كبير طبيعة كلّ واحد و واحدة منّا . و الشيء نفسه ينسحب على الذين يقع ربط أيديهم بحبال حمراء لأنّهم كانوا شيوعيّين أو عملاء النازيّة يساعدون الشرطة . لا أهمّية لقيمة كلماتك . المهمّ هي قوّتك و شخصيّتك . عندما لا يبقى لديك سوى طابع واحد . كلّ الشخصيّات التي شكّلت و ضعفت أو حسّنت شخصيّتك قبلا تمسح جانبا في العاصفة القويّة التي تأتى قبل مواجهة الموت . يبقى إسم و فعل . الناس الصرحاء يقاومون ؛ و يفتضح أمر الخونة ؛ و يقاتل الأبطال و البطلات ؛ و يتراجع الجبناء . كلّ منّا في آن معا قويّ و ضعيف داخليّا ، جريئ و ينتابه الخوف ، نظيف و وسخ . دخول السجن يبقى إحدى المظهرين : نعم أم لا . لو حاول شخص أن يرقص بذكاء بين الطرفين، يفتضح بيسر على أنّه إمّا غراب يضع ريش طاووس أو يغنّى أغنية في مقبرة ."
بإستمرار يخوض الثوريّون صراعا للحصول على الإعتراف بأنّهم في وضع السجناء السياسيّين . و أحد قدماء الثورة الهنديّة الرفيق فاروندا مثال حديث . وُضع في وضعيّة لاإنسانيّة و في النهاية أُطلق سراحه بكفالة ماليّة قبيل أن يموت . و قد ضحّى عديد النشطاء بحياتهم في خضمّ النضال من أجل وضع السجناء السياسيّين . لم يفكّروا مثلك في مصلحتهم الشخصيّة . و حتّى اليوم يعمل الكثيرون لمصلحة السجناء السياسيّين و هم يواجهون صعوبات . و تفاصيل الحياة في السجن في كتاب " الحرّية المكسورة ..." تقول إنّ كوباد وحده من كان يتمتّع بطاولة و كرسيّ . و قُدّم له مذياع و هاتف و خادم و لم يتعرّض أبدا إلى التقييد و لم يعرف التعذيب الجسديّ . ما كان كوباد ينوى تقديم " مثل كبير عن فظاعات الكاست و الفظاعات الطبقيّة " . بينما هي مهمّة كلّ شيوعي و شيوعيّة مواصلة النضال ضد الظلم في أيّ مكان . الشيوعي / الشيوعيّة لا يهتمّ لنفسه و لا يكرّس حياته للإبتعاد عن صعوبات الآخرين . و كوباد لم يعارض الخدمات الخاصة التي قدّمتها له مافيا السجن و أكثر من ذلك تمتّع بها . وهو يتلقّى هذه الخدمات المقدّمة من قبل المافيا ، لم يكتب و لا رسالة واحدة طوال سنوات سجنه العشرة عن الظلم في السجون العاديّة . لقد سجّلت عدّة سجون في الهند أرقاما قياسيّة في سجن نشطاء و قادة ماويّين شاركوا و قادوا مسيرات و إضرابات مطالبين بخدمات و مكاسب للجميع في السجن ، مقاطعين الخدمات المقدّمة لهم دون غيرهم .
كان كوباد يتقاسم الدفئ و الشاي من ترمس أفزال غورو الذى سخّر حياته لحرّية كشمير . و قد جمع كوباد معلومات عن الإسلام عن أفزال . لكن لماذا لم يعارض قتل أفزال شنقا ، لماذا لم يحاول تنظيم السجناء ضد شنقه ؟ أقلّ ما كان عليه فعله هو الدخول في إضراب جوع . أين تبخّرت إهتماماتك بالحرّية و بالقيم الإنسانيّة ؟ أين تبخّر إحساسك بالديمقراطيّة ؟ كيف تداعى نشاطك الشيوعي ؟ و لنترك هذا جانبا . كنت تحصل بطريقة منتظمة على كلّ الأخبار و أنت في السجن . ألم يكن بوسعك رؤية تحرّكات الفلاّحين و نضال توتيكورين و التحرّك لبطولي لعمّال شركة هوندا و النضالات ضد التهجير و التخفيض في قيمة العملة و GTS و قانون E-way و سلطة أدهار و النفوذ المنتزع بالخوصصة / الخصخصة و الفظائع التي يتعرّض لها زملاؤك المساجين السياسيّين و النساء . لم ينبس كوباد ببنت شفة واحدة حول ايّ من هذه المواضيع طوال الفترة المديدة للسنوات العشر من حياة السجن . كيف تبخّرت روحك القتاليّة من أجل الشعب ؟ لماذا صرت مغرما بالحياة عقب تركك أملاك ضخمة و مسار مهني واعد و عقدت العزم على العمل من أجل الثورة ؟ لقد غضّ كوباد النظر عن أقيم الأساسيّة للناشط ، من أجل الرفاه الجسديّ في السجن . لم يحصل فقط على الخدمات من سادة المافيا و أيضا من أعوان الشرطة ، مثل لجنة تروتيا براستوتي ( TPC وهي مجموعة معادية للثورة في جهاركهاند ) التي أصبحت عدوّة للحزب الماوي و للشعب . و قدّم لهم دعما قانونيّا . و أكثر من ذلك ، عظّمهم في كتابه و إعتبرهم أمثلة للقيم الجيّدة .السيّد كوباد ، هل هذه هي القيم السامية التي تدعو إليها في مخطّطك الأخلاقيّ ؟
إفتحوا عيونكم و أقرأوا ما قاله ماو تسى تونغ :
" على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ، مخلصا ، عظيم الهمّة و النشاط ، يفضّل مصالح الثورة على حياته ن و يخضع مصالحه الشخصيّة لمصالح الثورة . و عليه أن يتمسّك في كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة ، و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعيّة للحزب و تعزيز الروابط بين الحزب و الجماهير . و عليه أن يهتمّ بالحزب و الجماهير أكثر من إهتمامه بالأفراد ، و أن يهتمّ بالآخرين أكثر من إهتمامه بنفسه . و بهذا وحده يمكن أن يكون شيوعيّا ".
( " ضد الليبراليّة " ، 7 ديسمبر 1937 ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ).
أمضى الرفيق كوباد سنوات عشر و شهر في عدّة سجون عبر الهند . و كان التعذيب في السجون في سنّه سيكون أمرا لا يطاق . كنّا مشغولين جدّا عن وضعه الصحّي و بذل الحزب كلّ الجهود الممكنة لرؤية أنّه آمن بالسجن و يحظى بالخدمات الضروريّة . و حاول الحزب إخراجه من السجن في أقرب وقت ممكن . و محاولة كوباد تحطيم سُمعة الحزب كما صاغها في فصل عن حياته في السجن تجعل أيّ شخص يلعنه . يندب أنّ زمن إيقافه إعتنت وسائل الإعلام بذلك الحدث لكن عقب إطلاق سراحه ظلّت صامتة . و هذا ليس أمرا مفاجأ . لم توقف الحكومة كوباد لأنّه كان ناشطا إجتماعيّا بل أوقفته بسبب أفكاره و بسبب أنّ الحركة التي كان شخصيّا من قادتها أضحت تمثّل تهديدا للحكم . زمن إيقافه ، كان كوباد قائدا ماويّا و زمن إطلاق سراحه نكث عهده الثوريّ. كانت الحكومة تعلم جيّدا أنّها لن تكسب أيّة أرضيّة سياسيّة أخرى من تسليط الضوء على كوباد . و رغم أنّ المقالات التي كتبها وهو بالسجن و أنّ كتاب " الحرّية المكسورة ..." ، أوضح أنّ ذلك ممكن أن يُستخدم ضد الماويّين . و الآن الطبقات الحاكمة مغتبطة وهي منكبّة على الدعاية الواسعة لكتاب كوباد . و زيادة على ذلك، وسائل إعلام الدولة منخرطة في محاولات لا طائل من ورائها للقيام بالدعاية المعادية للماويّة من خلال إجراء حوارات معه.
" السعادة " التي يعشقها كوباد لا يمكن بلوغها دون إفتكاك السلطة في ظلّ قيادة البروليتاريا بواسطة الصراع الطبقيّ . و لاحقا سنناقش القيم التي يدافع عنها كوباد في كتابه . قبل ذلك ، لننظر في القيم التي مارسها هذا الثوريّ أو الإشتراكي أو الناشط الاجتماعي في السجون . كما يحصل على الغذاء و خدمات أخرى مماثلة من المافيات الكبرى بدلهي و جهاركهاند و غوجارات . و لم يكن يشعر بالعار بسبب ذلك . و زد على ذلك ، يرى في ذلك قيما إجتماعيّة و حتّى يكيل لها المديح . قبل بخدمات TPF ، العناصر المعادية للشعب في سجن جهاكهاند الذين تحوّلوا إلى خونة و شكّلوا مجموعة معادية للثورة. و من جهة يقدّم تفاصيلا عن سجون جهاركهاند حيث نظام القسيمة وقع تعويضه بنظام الدفع نقدا و كلّ ذلك تحت سيطرة المافيا . و يقدّم هذا النقد وهو نفسه مرتبط بسادة المافيا . وهو يعظّم ال TPC الخونة و يطلب من محاميه أن يساعدهم . هذا هو الرجل الذى يتحدّث مجلّدات بحجم الجبال عن القيم . و الشيوعية تناضل من أجل التغيير . و هناك تقاليد في نضال الثوريّين و الشيوعيّين في السجن . وعلى الرغم من كونه من القيادات العليا للحزب ( كان على الأقلّ شيوعي )، إزدرى كوباد هذه التقاليد النضاليّة لسوء الحظّ بغية الحصول على بعض الخدمات . فصار مثالا سيّئا . و لم يرفع صوته و لو مرّة طوال عشرة سنوات دفاعا عن المساجين السياسيّين الآخرين . تحدّث عن إضراب الجوع مرّة واحدة ضد نظام السجن خدمة لمصلحته الخاصة و ليس لمصلحة الآخرين . و لم يعبّر عن رأيه و لا مرّة طوال عقد من الزمن بشأن التطوّرات في العالم. مذا يُخفى وراء هذا الصمت السياسي المتآمر؟ إلتزم الصمت منذ حصوله على خدمات. ما هو نوع القيم التي يتبنّاها تجعله يتوافق مع المافيا و السلطات السجنيّة ؟ ما هو سرّ التعامل الجيّد و الحوارات مع عملاء البرجوازيّة ؟ و في الفصل المفرد للسجن ، حاول جعل الحزب يشعر بالخجل إلى أبعد مدى ممكن . وعظّم الخونة والمافيا. و هكذا تتعرّى نوايا كوباد في هذا الفصل . و فوق كلّ ذلك ، كشيوعي لم يملك حتّى قوّة أن يكون إنسانا مثاليّا عاديّا .
الثورة ليست وظيفة و لا هي حتّى عمل لجزء من الوقت . لذا ، ليس بوسع الثوريّين أن يقضّوا حياة " ما بعد التقاعد " بأحفاد يحظون بمنح و إمتيازات أخرى . لم توافق أبدا الرفيقة أنورادا على مثل هذا التفكير . كانت تمقت البحث عن الرفاه و طرق الفرار بالجلد . الشيوعي / الشيوعيّة الحقيقي لن يزعزعه الخوف من الموت لأنّ هذا هو الطريق الذى إختاره / إختارته . إثر التحليل العلميّ للتاريخ ، نتوصّل إلى أنّه يمكن أن يزجّ بالثوريّين في السجون في أي وقت كان من حياتهم . و بالتأكيد ، السجن قمّة إختبار الشخص . سيتمّ تعذيبه و لن يتمتّع بأدنى الخدمات . و هذا بلا شكّ غير إنسانيّ . لكن الرأسماليّين حوّلوا الأرض بأكملها إلى مكان وحشيّ للمستغًلّين . و بالتالي ، إختار الثوريون الطريق الشائكة للنضال ضد الحكومات الشرّيرة لتحقيق السعادة للجماهير . و إليكم كلمات أغنية أخرى شعبيّة ل" أفهان " :
" نحن كادجون ، نحن شيوعيّون
أي شخص يمكن أن يُنكر ذلك لكن
نحن ماركسيّون – نحن لينينيّون
نعارض الظلم – و نقف إلى جانب العدالة .
يجب أن نتجاوز كلّ العراقيل – و ننجز عملنا ...
لدينا نظريّتنا الخاصة – و لا نقبل مذهب الفدنتا
ليس لدينا جشع من أجل الرشاوي – و لا نحطّ من أنفسنا ... "
و قد نسي كوباد تعاليم ماو تسى تونغ بصدد القيم :
" لا يجوز للشيوعي في ايّ وقت و أيّ مكان أن يضع مصالحه الشخصيّة في المرتبة الأولى ، بل عليه أن يخضعها لمصالح الأمّة و جماهير الشعب . و على هذا فإن الأنانية و الإهمال و التقصير و إختلاس الأموال و الفساد و حبّ الظهور و ما شابه ذلك هي اكثر ضعة و حقارة ؛ أمّا نكران الذات ، و الجدّ في العمل ، و النزاهة و العفّة ، و العمل بمثابرة و صمت فهي الأخلاق التي تستأهل الإحترام . و على الشيوعيّين أن يعملوا في إنسجام مع جميع الناس التقدّميّين الذين خارج الحزب ليسعوا معا إلى توحيد صفوف الشعب في كلّ أنحاء البلاد من أجل التغلّب على كافة الظواهر ."
( " دور الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الوطنية "، أكتوبر 1938 ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ؛ الفصل الثاني، باللغة العربيّة ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين ، الصفحة 275 )
الإتّفاق مع الشرطة و تلطيخ وجه الحزب بالوحل :
كتب أنّه لا وجود لأنظمة قسيمة في سجون جهاركهاند و وضع الماويّين على قدر المساواة مع مافيا السجون . " كافة السجون الأخرى تملك أنظمة القسيمة إلاّ أنّ سجون جهاركهاند لم يكن يوجد سوى نظام الدفع نقدا . " الماويّون " عدد كبير في السجون ، بدلا من التصدّى لسيطرة هذه المافيا ، كانوا عادة يشكّلون جزءا منها . و أحيانا كانوا يقودون ذلك ..." ( ص 117) ". و قال في الصفحة عينها " إكتشفت أنّ الكثيرين من المافيا هناك كانوا سجناء نكسلباري نفسهم ". و يقدّم مثال باجيرام مهاتو التي إنفصل عن الحزب و الذى قابله في السجن و قال إنّ هذه هي الطريقة التي تسير وفقها الأمور صلب الحزب . و عن باجيرام قال في كتابه : " على ما يبدو ، غادر الحركة حوالي سنة 2008 و شكّل مجموعته الخاصة . غادر الماويّين ، مثا عديد الآخرين ، بدعوى أنّ القيادة أصبحت بيروقراطيّة جدّا و غير متسامحة . و القشّة الأخيرة التي قصمت ظهر قناعته ، قال ، كانت أنّ المال الذى كانوا هم أنفسهم يجمعونه في أكياس و يعطونه لقادتهم دون نيل و لو سنتا ، لم يكن يُستعمل لتطوير أي عمل في القرية . و أسوأ من ذلك ، كانوا يشعرون بانّه حين كانوا هم ( أو أسرهم ) في حاجة ، لم يكن يقدّم لهم أيّ شيء ، حتّى حينما كانوا يحتاجون إعادة بناء الأكواخ التي حطّمتها الشرطة . هو نفسه طلب بعض المال لزوج أخته و لقي صدّا ..." ( " الحرّية المكسورة ..."، الفقرة عدد 163)
و لنلقى نظرة على أنصاف الحقائق و الإفتراءات في كتاب كوباد .
في الفصل الفرعيّ – " تحت حكاية مساعدين " في الكتاب ، كتب كوباد عن باجيرام مهاتو . و وفق رواية مهاتو ، كان يعمل على الجبهة الثقافيّة لجهاركهاند " أبهان " التابعة لتنظيم المركز الشيوعي الماوي من 1995 إلى 2002 . و سنة 2006 ، صار قائدا للجنة منطقة . و سنة 2008 ،صار قائد كتيبة في فيلق . هذا محض كذب . صحيح أنّ باجيرام مهاتو إلتحق بمجموعتنا سنة 2007 و إنفصل عنها بعد خمسة إلى ستّة أشهر . هو قاطع طريق و بروليتاري رثّ . أتى إلى الحزب حاملا معه تاريخه الطبقي . و إثر إلتحاقه بالحزب كلّما وقع نقده لعدم إلتزامه بالإنضباط ، كان يغضب شديد الغضب. و في يوم من الأياّم ، تصرّف تصرّفا غير لائق مع امرأة رفيقة فنقده رفاقه نقدا لاذعا . غادر الحزب لعدم قدرته على الخضوع للإنضباط . و لاحقا ، شكّل مجموعة " غوندا " ( goondaعصابة رجعيّة ) مسلّحة .
لا أساس حقيقي مُطلقا لقول إنّ باجيرام مهاتو كان يجمع مالا للحزب . وثيقة حزبنا " السياسة الماليّة " تحدّد بوضوح طُرق جمع الأموال للحزب . الرسوم و الأداءات لا يجب أن تجمعها سوى لجنة منطقة / قسم . حتّى و إن كان قائدا للجنة منطقة ، اين مسألة جمع الرسوم و الأداءات ؟ لم يكن عضوا في لجنة منطقة ! و يُعبّر القانون الأساسي لحزبنا عن كون أولئك من الطبقة العاملة و الفلاّحين الفقراء الذين لا يملكون أرضا سيمنحون عضويّة الحزب خلال ستّة أشهر بعد الإلتحاق بالحزب. ثمّ كيف أمكن لباجيرام أن يُصبح مساعدا لقائد خلال خمسة أو ستّة أشهر ؟ لم يبلغ حتّى الزمن المحدّد للحصول على عضويّة الحزب .
في مؤًلّفه ، كتب كوباد أنّ معظم المافيا في سجن هزار يباغ المركزيّ كانوا من النكسلباريّين . و في الصفحة عينها كتب " كافة قادة الحركة ( بمن فيهم القادة من المستويات الدنيا ) أثرياء جدّا كذلك ".
و يقول كوباد إنّ القادة الماويّين أثرياء جدّا و هذا خاطئ مطلقا . و لم يقم بذلك إلاّ للدعاية الشيطانيّة ضد الحركة الماويّة مثلما تفعل ذلك الحكومة المركزيّة و حكومات الولايات . و تمضى الدعاية الخبيثة على النحو اتالي : يُرسل الماويّون أبناءهم للدراسة في البلدان الأجنبيّة ، و لديهم شقق في المدن الكبرى ؛ كما لديهم آلاف الكرورس من المالمودعة في البنوك و ما إلى ذلك . كان بوسع كوباد ذكر أسماء الماويّين الأثرياء في كتابه . ثال : " أتى القادة الماويّون إلى السجن المركزي لههزرباغ مفكّرين أنّ لديّ الكثير من المال . و لمّا علموا أنّه ليس لديّ مال ، إبتعدوا عنّى ". إن كان القادة الماويّون أثرياء، لماذا سيبحثون عن المال لدي كوباد ؟ سؤال يطرح نفسه . يبدو أنّ هذا تناقض في تصريحات كوباد .
حيثما يتقدّم الناس على طريق النضال ضد السياسات الخاطئة للحكومة ، توجّه لهم التهم و يُسجنون . النضال قائم من أجل جال – جنغل – زمين و إحترام الذات . إنّه يهدف لتمكين القوميّة من السلطة أو هو حركة بقيادة الحزب الماويذ غايته تغيير المجتمع القائم . و يُسجن آلاف الأبرياء بتهم واهية . و تُصطنع الأدلّة و توجّه العقوبات . و يتّهم الناس في السجن بأنّهم ماويّون ضمن قضايا مطبوخة و يواجهون حتّى سجنا دى الحياة . لذا ، إذا وقع توجيه تهمة باطلة لأحدهم على أنّه ماويّ لا يصبح آليّا قائدا ماويّا . مستوى الفساد في بلادنا معروف جدّا . و قد فضح الصحفيّ روباش كومار سينغ الفساد في سجون بهار – جهاركهاند من خلال مذكّرات سجن " كايد كاناك آييتا " ( " السجن : مرآة " ) يلاحظ الفساد عاريا بداية من أسوار السجن و ساحته و مطبخه و مشفاه و كلّ أنحائه . لذا ، إنكان أحدهم فى سجن هزار يباغ بتهمة باطلة بأنّه ماويّ و إن كان فاسدا أو صار يشرك في الفساد ، عندئذ من غير الصائب تشخيصه على أنّه من القادة الماويّين . هذا الصنف من البشر موجود في سجن هزار يباغ . و حين كان كوباد في ذلك السجن ، عضو من لجنة المنطقة الخاصة ( SAC ) و عضوان من لجنة منطقة كانا في زنزانة أندا من السجن نفسه . إذن كان بوسع كوباد أن يذكرهم إسم و يحدّد من هو القائد الماويّ الفاسد في السجن .
و تُطلق الطبقات الحاكمة الإستغلاليّة هجوما متعدّد الأوجه على الحركة الماويّة . و الدعاية المغرضة بأن قادة الماويّين صاروا أثرياء نتيجة رسوم و أداءات كبيرة كجزء من ذلك . و هذه الدعاية واسعة بحيث كانت إلى درجة معيّنة ناجحة في جعل ذلك يسكن أذهان الناس العاديّين . و كوباد سمع هذه الكمات من الناس العاديين و نشر فهمه بأنّ حتّى قادة الماويّين من المستوى الأدنى أضحوا أثرياء . و ها لا يعدو أن يكون إلتحاقا بجوقة حملة الحكومة لشيطنة الماويّين .
و يعتبر كوباد انّ الخطّ التكتيكيّ للحزب خاطئ إعتمادا على ما قاله له شادا بهوشنام في سجن فيساكا بتنام . و كان هذا الأخير عضوا في AOB SZC لجنة المنطقة الخاصة بأندرابراداش و حدود أوديسا لكن وقع تنزيله إلى صفوف DvC و العمل بمنطقة نرايانبتنا زمن إيقافه . لم يلتزم بالإنضباط الحزبيّ ، و كان يتحرّك حسب أهوائه الخاصة و لم يكن يصغى إلى ما يقوله الحزب و واصل علاقاته بأشخاص لا يمكن الوثوق فيهم لإنتهازيّتهم . و قد تسبّب له أحد هؤلاء الإنتهازيّين في الإيقاف . و حينما كان يعمل في صفوف الحزب ، لم يطبّق قرارات لجنة المنطقة الخاصة و DvC بل يتّبع رأيه الخاص. و التقرير الذى كتبه كوباد في كتابه عن نضال نرايانا بتنا الذى سمعه منه خاطئ مطلق الخطإ . و أنجز الحزب تقييما لنضال نرايانا بتنا قبل إيقافه و بعده .
تطوّر نتشيكا لينغا من شاسي موليا سنغ من منطقة ناريابتنا كقائد . و حزب UCCRI ( الماركسي - اللينينيّ ) بخطّه اليميني لم يكن مستعدّا لقيادة الحركة التي بلغت مستوى عاليا . و من ثمّة إختلف معه لينغا في الرأي . و تاليا ، شرع في القيادة المستقلّة لحركة نرايابتنا . و كان الحزب الماويّ ناشطا في مناطق نرايابتنا و بنغوون . فهناك كان ينظّم الفلاحين في نضال كفاحي بشعارات " الأرض لمن يفلحها " و " كلّ السلطة للجنة الشعبيّة الثوريّة " و كان يشكّل لجان الفلاّحين الثوريّة في القرى . كما كان الحزب الماويّ يقود حركة الريف . في مثل هذه الظروف، إتّصل لينغا بالحزب سنة 2008 . و دخل الحزب في تنفيذ عمليّات مشتركة معه . ثمّ قرّر لينغا أنّ النضال يجب أن يقوده الحزب الماويّ فإلتحق بالحزب هو تنظيمه سنة 2009 . و واصل الحزب التنظيم بالطريقة عينها و وفّر القيادة اللازمة . و أدمج ضمن AOB SZC لينغا في لجنة الفيلق . و كان لينغا قائدا محبوبا في المنطقة . و كلّفه الحزب بمسؤوليّة قيادة التنظيم . و صار التحريض أوسع نطاقا و أكثر نضاليّة في ظلّ قيادة الحزب . وقتها شنّت الحكومة المركزيّة عمليّة الصيد الأخضر سنة 2009 و أتت بقوى شبه عسكريّة و BSF لقمع نضال نارايانا بتنا . و واصل الشعب و الجيش الشعبيّ الأنصاري للتحرّر مقاومة القمع . لكن مع إشتداد المقاومة إشتدّ القمع . و لأنّ لينغا كان يفتقر إلى الإعداد لحياة صعبة سرّية في تلك الظروف ، وقع إيقاف زوجته . و أخذ يبتعد عن الحزب ) حيث شارك في إنتخابات أجهزة السلطة المحلّية و حسّن علاقاته مع الأحزاب البرجوازيّة و إبتعد حتّى عن الجماهير ).
و قد عارض معظم الناس مشاركة لينغا في الانتخابات المحلّية . و حدث كلّ هذا خلال ثلاث سنوات . و لم يستطع الحزب أن يعزّز نضال نارايانا بتنا . على أيّ حال ، كان مع ذلك يقود نضالات كفاحيّة في عدّة مناطق من نرايانا بتنا و محافظات بندغاوون ، و مالي – دفمالي و كورابوت .
و لا يشير كوباد إلى الصراع الطبقي و لا في ركن من أركان كتابه بل يعطى مثالا طفوليذا للكتابة ضدّه :
" غالبا جدّا ما يقدّم الشيوعيّون فهما فجّا لمصطلح الصرع الطبقي ، نافين تماما الأفراد الذين يشكّلون " الطبقة " . و هذا الصنف من التفكير يفرز حتميّة إقتصاديّة من جهة و من الجهة الأخرى ، لا يرى سوى الغابة و لا يرى الشجر . إنّه ينزع إلى تقليص الناس إلى مجرّد أدوات تغيير متناسيا أنّ التغيير من أجل هؤلاء الناس بالذات . إنّه ينزع لوضع كلّ شخص في قوالب جاهزة حيث أيّة علامة عن المشاعر و الأحاسيس إلخ " ذنوب برجوازيّة " و الصلابة " الطبقيّة " هي الفضيلة الوحيدة حتّى وإن أسفرت عن " مرض Mani " ( الذى قال في كيرالا نقتل كلّ الذين ينشقّون عن الصفوق/ يعارضوننا). لذ، يقال إنّ الإنسانيّة لاطبقيّة و كذلك الشأن هو بالنسبة إلى الحرّية و السعادة . و في مناسبة من المناسبات قيل هذا عن الكاست أيضا " ( " قضايا الحرّية و التحرّر " ، ص 17 ).
و هذه مرّة أخرى رواية لتجربته في سجن جهاركهاند . و بالفعل ، يشبه هذا ببساطة رؤية الشجرة و عدم رؤية الغابة . أحد " ماني " من كيرالا الذى يشير إليه في كتابه غير مناسب لحركة اليوم ، المسألة تقبر في ركن مظلم من التاريخ . و لا مجموعة في كيرالا مستعدّة للقبول بهذا الإقتراح . ما من أحد يعرف ما ناقشه ذلك الشخص مع كوباد . إنّه غير موجود في ايّ من وثائق الحزب . معتمدا مثل هذا المثال في متناوله ، يحاول كوباد أن يُلصق فهما فجّا بالفكر الشيوعي الطبقي و يستخلص إستنتاجات صبيانيّة . لا يمكن للمرء أن يفعل هذا إلاّ مع فكر غبيّ أو بنيّة معيّنة لبثّ السموم . و هذا يشبه " القِدر ينعت المقلاة بالأسوأ " .
ليس من الصواب إعتماد تقرير شخص فاسد في السجن و تأكيد مضمونه كمنهج فئويّ. ليس ممكنا بلوغ الحقيقة على هذا النحو . مستعملا هذا التقرير يتوصّل كوباد إلى رأي خاطئ و ذاتي و يهاجم الحركة التي يقودها الحزب الماويّ . يقول كوباد إنّه في السياق نفسه إبتعد الحزب عن الجماهير في منطقة نارايانا بتنا و فعل الشيء عينه أيضا في جهاركهاند و تلنغانا ، و في ذلك يعتمد كوباد على تقارير تلقّاها في سجون هذه الولايات . و يتكرّر الأمر في كافة الأماكن . بالحقائق المشار إليها أعلاه و بتدخلات كوباد ، يثبت هذا الأخير أنّه لم يحاول قط الحصول على معلومات إضافيّة و تقارير لجان الحزب . هذا نوع من الدعاية السامة التي تنفّذها الشرطة أيضا .
" مع تداعى الحركة الجماهرية جرّاء القمع ، إمّا أن يتداعى كامل العمل و إمّا تنتهى الفرق / الحزب منفصلة عن الجماهير أو تتحوّل إلى متمرّدين متجوّلين يجمعون المال من مقاولين من أجل غذائهم و وجودهم مع تداعى هذه الحركات أو تمضى في دوران حول نفسها " ( " الحرّية المكسورة ..." ، ص 157 ).
هذه محاولة مقيتة للحطّ من سُمعة الحزب . وهي شتيمة توجّه لمقاتلي و مقاتلات الشعب الذين عاشوا حياة صعبة للغاية خدمة لتحرير الشعب و هم يقاتلون و حياتهم على كفوفهم . هذه شتيمة لآلاف من مقاتلي الشعب المستشهدين الذين ضحّوا بحياتهم . هذا موقف خبيث و شيطانيّ و لا بدّ من إدانته في جميع الأماكن .
ثمّة قمع بلا هوادة للحركة الثوريّة في البلاد منذ زمن نكسلباري . و كان الحزب و الثوريّون و الثوريّات يقتلون ضد الطبقات الحاكمة الإستغلاليّة للبلاد لأكثر من خمسين سنة . أكثر من 20 ألفا من قادة الحزب و النشطاء و الثوريّين والثوريّات قدّموا حياتهم الثمينة . لكن الحركة الثوريّة كانت تتوسّع في شكل موجات و تتحدّى الإمبرياليّين و اطبقات الحاكمة الكمبرادوريّة للبلاد . و تكسب الحركة الثوريّة في الهند دعما من الأحزاب الماويّة الشقيقة في العالم يوم بعد يوم . و يفتقد كوباد على نظرة شاملة و معرفة حقيقيّة و يلتحق بالتفكير الخاطئ في أيّ موضوع . و كانت لكوباد هذه النزعة اليمينية من البداية . و بالتالى ، لم يفهم مسيرة الحركة الثورية . فوفق القوانين التاريخيّة الجدليّة ، تتقدّم الحركة و تتراجع؛ في شكل تموّجات وهوي تواجه إلتواءات و منعرجات ،و تعيش تجارب فيها صعود و نزول . و قد تسبّبت دغمائيّة كوباد في عديد المحطّات في تردّد صلب الحركة . و في نهاية المطاف ، إنفصل عن الحركة الحاليّة .
الرفيقة أنورادا – نجمة لامعة للثورة الهنديّة و يجب أن تلمع إلى الأبد :
إستُخدمت الرفيقة أنورادا كغطاء لهيكلة قيم كوباد . و هذه منه إنتهازيّة ماكرة . فهو واعي بأنّ الحزب الماويّ و الشعب الذى يقود الحزب نضاله يكنّان إحترام كبيرا و يعبّران عن ولع بالرافاق و الرفيقات شهداء الحركة الثوريّة . و لا نتمنىّ إجراء أيّ نقاش بصدد الرفيقة الشهيدة أنورادا هنا . بيد أنّه إذا وجّه لها أحد شتائم ، لا ينبغي أن نسمح له بذلك . فالرفيقة أنورادا ساهمت [افضل طاقاتها في الثورة الهنديّة . كانت من قادة الثورة الهنديّة . كانت عضوا في اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و قد كرّست حياتها لطريق حرب الشعب الطويلة الأمد لإنجاز الثورة الديمقراطيّة الجديدة في الهند ، و ذلك إلى آخر نفس من أنفاسها . و لم تنفصل أبدا عن النظريّة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . و إستخدمت جميع قدراتها و إبداعها لتطبيق النظريّة على ظروف الهند . و ألقت بنفسها في خضمّ الصراع الطبقي و إنصهرت فيه . و هناك حاجة إلى عدّة قيم للنهوض بدور في الصراع الطبقي و تكرّس فقط من خلال النظرة الطبقيّة وحدها . و يقدّم كوباد أنورادا في إطار عمل ضيّق بحيث أنّ فرديّتها أو جانبها اللامع لم يتمّ عكسه كلّيا و أكثر من ذلك يقوّضها . لا شكّ في أنّ الرفيقة أنورادا كانت في الصفّ الأوّل و قيمها التي تحدّث عنها كوباد هي في الواقع قيم الممارسة العامة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) لقد قطعت أنورادا عدّة خطوات إلى الأمام و بلغت القمّة . صحيح أنّ هناك بعض الإستثناءات في الحزب . " مرض شناكيا " و " صنف الأسود و الأبيض " ( صنف كوباد ) يظلاّن قائمان حسب تموّج الحركة . مثل هذه النزعات تظهر مع إحتدام الصراع الطبقي أو خلال المواجهة المبشرة مع العدوّ ( الإيقاف و السجن و المواجهات ) . حين يحدث تراجع مؤقّت ، يتملّص البعض من مسؤولياتهم . و يُشير كوباد إلى مظاهر لا أهمّية لها لدي أنورادا ،من ثمل – ضحكة طفوليّة و تعبير واضح على مشاعرها الداخليّة على وجهها ، و وضوحها اللامع في التعبير عن وجهات نظرها . و يعتبر كوباد أنّ كلّ هذا مراكما يجعل منها نموذجا يحتذى به في القيم . و أقلّ ما يمكن قوله عن هذا أنّه يمثّل شتيمة لأنورادا . فالقيم لا تسقط من السماء بل يكسبها الشخص كجزء من عمله . يمكن للمرء أن يصبح شيوعيّا / شيوعيّة جيّدا فقط بإنصهاره في الصراع الطبقي . و كوباد كان يفتقد إلى ذلك . كوباد منتهى . فيما ترسّخت أنورادا في النضالات .
" فقط من خلال الصهر بنيران الصراع الطبقي يمكن للشيوعي / الشيوعيّة أن يصبح ذهبا خالصا " ، هذا ما قاله الرفيق شارو مازومدار في " لنتقدّم بنضال الفلاّحين بقتال التحريفيّة " و ذلك سنة 1966 .
على الدوام كانت أنورادا على إتّصال بالصراع الطبقي . و قد رفعت شعارات إلى جانب الجماهير في الشوارع و ألقت خطبا أمام المصانع و عبّأت الجماهير أمام مؤسّات حكوميّة و أثّرت في المثقّفين و ألهمت الطلبة للقيام بالثورة ، و زرعت الشجاعة في النساء لتعشن بإحترام للذات . عاشت كالسمكة في الماء في صفوف الجماهير في الصراع الطبقي . و إختطفتها مليشيات صاحب مصنع و ربطوها بالحبال . لم تخف و لم تحن رأسها . كانت علاقاتها حيويّة مع الجماهير . كانت مجتهدة في النظريّة و صلبة في الممارسة . و كسبت تجربة من خلال المشاركة المباشرة في حرب الشعب . و بالتالي ، من الطبيعي أن تُري هذه السيرورة من الحرب الطبقيّة لديها قيما راقية على المستوى الشخصيّ . و كوباد لا يجعلها إلاهة ذات قيم روحانيّة و يوجه لها شتيمة . و بقيامه بذلك يقلّص من قيمة مساهمتها الفعليّة في الثورة الهنديّة . و على الدوام ، إختلطت الرفيقة أنورادا مع الرفيقات و مع النساء المضطهًدات و تعلّمت منهنّ أشياء . لم تعتبر نفسها أبدا أفضل منهنّ . كانت تنجز المهام الموكلة إليها باسم اللجنة لقيادة حركة نساء كافة الهند و تنظيمها . و قد إستغلّت الفرصة التي وفّرها لها الحزب لتنجز دراسات ميدانيّة و كانت في قسم باستار في المنطقة الأنصاريّة دنداكرانيا فى صفوف عضوة لجنة القسم من 1997 إلى 1999. و عاشت شخصيّا صعوبات حياة الأنصاريّين . و إختلطت بجماهير القبائل في بستار و درست بعمق مشاكل النساء و كسبت فهما جيّدا لهذه القضايا . أمّا كوباد فيحجب كلّ هذا و يقول إنّها ذهبت إلى بستار بحثا عن شغل . و لاحقا صارت عضوة في لجنة ولاية مهارسترا و إنتُخبت عضوا في اللجنة المركزيّة في مؤتمر الوحدة – المؤتمر التاسع .
و يكنّ الحزب للرفاق و الرفيقات الذين إستشهدوا في أتون الثورة و تكنّ لهم الجماهير إحتراما و حبّا عميقين . و في الواقع، يجرى التعبير عن ذلك في تصميمهم بصلابة على تحقيق المُثُل العليا لأنارودا . هذه هي الطريقة الحقيقيّة للحبّ و الولع و تكريس النفس و الدعم و الإحترام و لتكريس قيم الشهداء . و من الخاطئ تصويرها على أنّها ملاك للحبّ و الرعاية و الودّ . لقد إستشهدت الكثير من النساء القادة في الحركة الثوريّة في الهند . و جميعها كانت على راية قيم عُليا شيوعيّة . و قد ساهمت جميعا بأفضل طاقتهنّ في خدمة مصالح الجماهير المضطًهًدة . و حاولت دائما تعبيد الطريق و لم تتخلّ هذه النساء القائدات عن هدفهنّ في نصف الطريق . أنورادا كانت قائدة من قادة الحزب و ثروة بالنسبة إلى الثورة . ليست ملكيّة فرديّة لكوباد . و في الواقع ، لحظة نبذه مسؤوليّة الحزب و القيادة و الحركة ، فقدً أساس علاقته مع أنورادا . فلا حاجة إلى أن يذكرها في كلّ نقاش حين يتحدّث عن علاقته و ممارسته . ليترك كوباد أنورادا تظلّ ثوريّة . فمحاولته أن يقدّمها كما لو أنّها إلاهة ذات قيم روحانيّة في نقاشاته البليدة تحتاج أن يتمّ إدانتها . العمل الذى قامت به في صفوف الطلبة الداليت و جماهير القبائل و المثقّفين و النساء كان يهدف إلى إعداد الجماهير لإنجاز الثورة الديمقراطيّة الجديدة . تحويل وجهة عملها و جعله نشاطا إجتماعيّا أو نقابيّا و حصره في الإصلاحية يجب أن يتوقّف .
كوباد ، عليك أن تكفّ عن هذه المحاولة الخبيثة لتقديم نفسك كإنسان عظيم تحت غطاء القيم الجيّدة للرفيقة أنورادا و عليك أن تكفّ عن توجيه الشتائم للقائدة الثوريّة مستخدما علاقتك بها كشمّاعة .
الإنعكاسات و الصلة – نظريّة رجعيّة معادية للثورة :
أهمّية " الإنعكاسات و الصلة " من عمله كناشط شيوعي لأربعة عقود هي التالية : " كن بليغا بشأن الحرّية ، لكن إخدم و كُن عبدا للطبقات الحاكمة " . و قد عبّر عن ذلك على هذا النحو :
" بصدد مسألة الصلة ، أثيرت المسألة كمسلة ما إذا كان المشروع الشيوعي على صلة بمعالجة أمراض المجتمع ... لا شكّ في الحاجة إلى تغيير إستعجالي ؛ لكن لا بديل مرئيّ في الأفق . و كذلك ، الأمل الذى قدّمته الشيوعيّة إلى العالم في القرن العشرين لم يعد موجودا الآن ، مع معرفة أهمّ الدول الإشتراكيّة تراجعا و تجد الحركة الإشتراكيّة / الشيوعيّة نفسها في مأزق . ما هو إذن البديل ؟ [ هكذا ! ] جالسا على الأرض وسط الأشجار في السجن 3 ، شرعت في التفكير في أنّه إلى اليوم لم يظهر نظام إقتصاديّ آخر أعدل و أكثر قابليّة للتطبيق من المشروع الشيوعي . و مع ذلك ، نظرا لإخفاقاته عبر العالم ، هناك حاجة إلى شيء من إعادة التفكير . و شعرت بأنّه لا شك في ضرورة الحفاظ على البذور لكن على المرء أن يتأكّد من عدم فساد الزهور و عدم فساد الثمرة . و لأجل ذلك ، على الأرجح تحتاج البذور أن تغذّى بقدر كبير من الاهتمام مقارنة بما كانت عليه في الماضي . أوّلا ، إستتجت أنّ الشتلات يجب تغذيتها : و قبل كلّ شيء في جوّ من الحرّية . و ثانيا، يجب بناؤه بجملة قيم جديدة لنقل كما تكثّفت في أنورادا . . و ثالثا ، يجب أن يكون الهدف السعادة العالميّة . جالسا على الأرض في هدوء ، فكّرت في أنّ هذه المظاهر الثلاثة للحياة يجب أن تكون من مكوّنات أيّ مشروع للتغيير وأيّ بديل . و هيكله العام سأعرض خطوطه العريضة أدناه ..." ( " الحرّية المكسورة ..." ، ص 198 ).
متخليا عن البحث الشاق عن الحرّية بمعرفة القوانن الموضوعيّة ، إتّخذ كوباد الروحانيّات ملجأ له . يقول إنّ جميع فلاسفة الروحانيّات و الرُسل و الرجال العظماء كانوا يبحثون عن الحرّية . و يقدّم مثالا لذلك أرسطو و يقول إنّ الحرّية و السعادة مرتبطتان بقيم المرء و بالتالى ، نحتاج إلى مواصلة هذا التقليد من أفكار الرجال العظماء والفلاسفة الروحانيّين. علاوة على ذلك ، يولى أهمّية إلى و يقتبس أقوالا من الفيلسوف و الشاعر البارز إقبال – الإشتراكيّة + الإلاه = الإسلام . و خطّ كوباد ستّة مقالات من السجن تحديدا " قضايا الحرّية و تحرير الشعب " و جوهرها هو نفسه .
يقول كوباد إنّنا في حاجة إلى التعلّم من تقاليد بهاكتى . لكنّه لا يناقش مظهرا بارزا من تقاليد بهاكتي - و تلك التقاليد كانت، فى الواقع ن شكلا من أشكال الصرع الطبقي لكسر سلاسل الكاست – لتغيير البراهمانيّة و السلطات الحاكمة . و بدلا من ذلك ، يأتي بمظهر هزيل للغاية من تقاليد البهاكتي – أي الإصلاح الاجتماعي . و يُخفق كوباد في رؤي النشاطات في البنية الفوقيّة للصراع في إدخال التغييرات في علاقات الإنتاج ، و الصراع الطبقي في نمط الإنتاج . وجهات نظر كوباد تمضى ضد أسس الماديّة التاريخيّة .
هذه محاولة لدحض الماركسيّة . يحلم بالسعادة لكنّه لا يتوغّل في أسباب التعاسة . و كذلك لا يناقش كيف يتمّ القضاء على البؤس في العالم . منذ قرون ، كان المثقّفون المنتمون إلى الطبقات المستغِلّة يبدون دائما على حقّ . لكن عمليّا ، يقترفون أفعالا ظالمة عدّة . كلماتهم جيّدة جدّا غير أنّ أفعالهم لا رحمة فيها . و الفكر الروحانيّ ، أساس الإيديولوجيا البراهمانيّة في الهند ، يتحدّث كذلك عن القيم الفاضلة . إلاّ أنّ هذه القيم تهدف إلى تأبيد نظام الكاست . لقد خلق نظاما بائسا بالنسبة إلى السودراس و الآتي - سودراس . و اليوم هذه البراهمانيّة توفّر أساسا إيديولوجيّا للطبقات الحاكمة في الهند بشكل جديد . على هذه الأعمدة الإيديولوجية يقوم كامل صرح الإستغلال و القمع و الظلم و القتل في مواجهات مزعومة . و البنشتشاتنترا الذى أشار إليه كوباد في كتابه و جميع القيم الأخلاقيّة لا تفعل سوى تعزيز المجتمع الإقطاعي القائم . أليس هذا إستسلام لإيديولوجيا الحكومة البراهمانيّة الهندوسيّة الفاشيّة التي وضعت كوباد وراء القضبان لسنوات عشر .
مع ظهور الدولة و سلطتها السياسيّة في المجتمع ، جميع نشاطات حياة الناس أضحت مترابطة مع السياسة بشكل لا فصام منه . و سلطة اليوم ممركزة أكثر بكثير . سلطة الدولة تسود العام كلّه و كلّ النشاطات الإنسانيّة .
من التناقضات الأساسيّة الثلاثة التي تشقّ العالم – التناقضات بين الإمبرياليّة و الأمم و الشعوب المضطهًدة ، التناقض بين الطبقة الرأسماليّة و البروليتاريا في البلدان الرأسماليّة و التناقض بين القوى الإمبرياليّة – التناقض الأوّل هو التناقض الأساسي المحتدم اليوم . في المسعى المحموم نحو الأرباح ، يخرّب الإمبرياليّون الإنسانيّة و يحطّمون الطبيعة . و قد باتت المطالبة بتغيير النظام حاجة ضروريّة لبقاء الإنسانيّة على قيد الحياة . فقد جرّت الرأسماليّة الإنسانيّة إلى أشنع الأوضاع . كيف سنحصل على الحرّية و السعادة دون تغيير الواقع الموضوعي ؟ يموت قسم من سكّان العالم و هم يبحثون عن الغذاء و الماء الصالح للشرب . و في سعيه إلى تشويه القائد الماويّ ، يتحوّل كوباد إلى " أكاديميّ متبجّح " و يزعم لنا أنّ القيم الجيّدة هي السبب الجذريّ. حتّى الفئات الأفضل حالا ، إذا تضرّرت مصالحها الإقتصاديّة ستمضى إلى حدود خنق الآخرين. و الحربان العالميّتان اللتان خاضهما الإمبرياليون سجّلت أرقاما قياسيّة في القتلى . و عقب الحربين ، مات الناس بأعداد أكبر [ ممّا جدّ أثناء الحربين العالميّتين ] في الحروب التي موّلها الإمبرياليون على الآن . هل بوسعنا معالجة هذه التناقضات من خلال الدعاوي الروحانيّة ؟ لا ، أبدا يا كوباد ّ و دون معالجة هذه التناقضات ، كيف سنحقّق الحرّية و السعادة ؟ باقة الحرّية و السعادة العالميّتين التي يتقدّم بها كوباد على أساس روحانيّ ليست سوى محض خيال فهي تفتقر إلى قاعدة موضوعيّة . لا يمكن تطبيقها . هذا المكتوب الأكاديميّ الفارغ يبيّن ببساطة حلما زائفا . إنّه يُلهى المستغلٍين عن خوض النضال . و في النهاية لن يُثمر ذلك أيّ شيء . إنّه لا يخدم سوى مصالح الطبقة الحاكمة . جوهر التفكير و الفائدة ذاتي ، هو تعاون طبقيّ و معاداة للماركسيّة وهو يخدم الطبقة الحاكمة . إجمالا ، قال كوباد إنّه لم يعد شيوعيّا بل صار إنسانا متديّنا عاديّا ، يعبد إلاها في سنّه المتقدّمة و صار روحانيّا . وهو ينهض بدور محاولة رجعيّة لبثّ عدم التصديق بالنظريّة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و الحركة الثوريّة التي تقودها .
ليس كوباد أوّل شخص يُنكر الماركسيّة باسم تصحيحها . فأثناء الأمميّة الثانية ، بداية من برنشتاين إلى الكثيرين من مدرسة فرانكفورت قاموا بالمحاولة . لكن الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة رمت بكافة أمثال هؤلاء الأشخاص إلى سلّة المهملات و تقدّمت غير مهزومة . و قد إلتحق كوباد بالجوقة كهامش من هوامش تاريخ التحريفيّة .
و يقوم الرجعيّون عبر العالم قاطبة بدعاية ضخمة بأنّ النظريّة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة لم تعد صالحة و بأنّ تاريخ هذا القرن أثبت أنّ الشيوعيّة أصبحت غير قابلة للتطبيق ؛ و أنّ هذه نهاية التاريخ و الإيديولوجيا و ما إلى ذلك . هذا من ناحية و من الناحية الأخرى . سقط قادة الأحزاب الشيوعيّة و المثقّفون الماركسيّون – اللينينيّون في وحل أزمة عميقة غير قادرين على فهم التطوّرات في الإتّحاد السوفياتي و شرق أوروبا سنة 1989-1990 و قد توصّلوا إلى إستنتاج أنّ الماركسيّة نفسها في نهاية المطاف في أزمة و تحتاج إلى التصحيح أو أنّ الماركسيّة خاطئة تماما . فيد ( الذى كان قائد مجموعة ماركسيّة – لينينيّة تسمى CRC ) و أمثاله فقدوا الثقة في دكتاتوريّة البروليتاريا و في النهاية أمسوا أتباعا لنظريّة السلم / عدم إستخدام العنف الغانديّة و فسدوا إلى ذلك الحدّ . و إنّه لمن سخرية الأقدار أنّ مثقّفا ماركسيّا سابقا يُخفق في تشخيص الأزمة التي ظهرت في أذهانهم و يُطلق ضجّة أنّ الماركسيّة و الإشتراكية في أزمة .
تنتشر النظريّات و النزعات المعادية للماركسيّة باسم الماركسيّة في كلّ منعرج من منعرجات الحركة الشيوعيّة في العالم . ظهرت نظريّات جديدة في سيرورة تغيير الرأسماليّة الحرّة إلى رأسماليّة إحتكاريّة . إدوارد برنشتاين و بليخانوف و كارل كاوتسكي و آخرون أمثال هؤلاء الأشخاص تقدّموا بهذه النظريّات . و قد نقد الرفيق لينين هذه النظريّات و تبنّى تكتيكات بروليتاريّة في مرحلة الإمبرياليّة و طوّر الماركسيّة . و نقد لينين برنشتاين و لآخرين حرّفوا الأسس الجوهريّة للماركسيّة و فضح أهدافهم الحقيقيّة . باسم " حرّية النقد " و تحت قناع ماركسيّ ، قام برنشتاين أب التحريفيّة بهجوم حاقد على الماركسيّة . و ما قاله لينين في " ما العمل ؟ " ينطبق بشكل مطلق حتّى الآن على كوباد غاندي . يقول كوباد حين تمتزج السعادة بالحرّية سيكون الأمر ممتعا للناس . و على الحرّية أن تبدأ من الفرد . ما هو ضمان أنّه دون حرّية إجتماعيّة موضوعيّة لا نسقط في الفوضويّة ؟ الحرّية دون هدف ستتقلّص إلى مجرّد حرّية نقد . و كما قال لينين باسم تصحيح الماركسيّة ، فسدت هذه النظريّات و تحوّلت إلى إصلاحيّة .


قال لينين :
" إنّ شعار " حرّية النقد " هو ، دون شكّ ، الشعار الأوسع إنتشارا في الوقت الحاضر ، الشعار الأكثر إستعمالا في الجدل بين الإشتراكيّين و الديمقراطيّين في جميع البلدان . و إنّه ليصعب على المرء ، لأوّل وهلة ، أن يتصوّر شيئا أدعى إلى الدهشة من تذرّع أحد المتجادلين ، على مسمع من الملأ ، بحرّية النقد ...
و قد أعلن برنشتين ... بما يكفى من الوضوح فحوى الإتّجاه " الجديد " الذى يأخذ من الماركسيّة " القديمة ، الجامدة " ، موقفا " نقديّا " .
ينبغي للإشتراكيّة – الديمقراطيّة أن تتحوّل من حزب للثورة الإجتماعيّة إلى حزب ديمقراطي للإصلاحات الإجتماعيّة . هذا المطلب السياسي أحاطه برنشتين بمجموعة كبيرة من البراهين و الإعتبارات " الجديدة " نسّقها تنسيقا لا بأس به . فقد أنكر إمكانيّة دعم الإشتراكيّة علميّا و إمكانيّة البرهان على ضرورتها و حتميّتها من وجهة نظر المفهوم الماديّ للتاريخ ؛ أنكر واقع تزايد البؤس و التحوّل على البروليتاريا و تفاقم التناقضات الرأسماليّة ؛ اعلن أنّ مفهوم " الهدف النهائيّ " ذاته باطل و رفض فكرة ديكتاتوريّة البروليتاريا رفضا قاطعا ؛ أنكر التضاد المبدئي بين الليبراليّة و الإشتراكية ؛ أنكر نظريّ النضال الطبقي و زعم أنّها لا تنطبق على مجتمع ديمقراطي صرف يدار وفق مشيئة الأكثريّة ، إلخ ..
و هكذا فإنّ مطلب الإنعطاف الحاسم من الإشتراكيّة – الديمقراطيّة الثوريّة إلى الإصلاحيّة الإجتماعيّة البرجوزيّة قد رافقه إنعطاف لا يقلّ حسما نحو النقد البرجوازي لجميع أفكار الماركسيّة الأساسيّة . و لمّا كان هذا النقد يساق ضد للماركسيّة منذ أمد بعيد من المنابر السياسيّة و منابر الجامعات ، و في مجموعة كبيرة من الكراريس و جملة من الأبحاث العلميّة ، و لماذا كان الجيل الناشئ كلّه من الطبقات المتعلّمة يتربّى بإنتظام و طيلة عشرات السنن على هذا النقد – فلا غرو أن ينبثق الإتّجاه " النقديّ الجديد " في الإشتراكيّة – الديمقراطيّة بشكله المتكامل دفعة واحدة ، كما إنبثقت مينيرفا من رأس جوبيتير . لم يكن من الضروري أن يتطوّر هذا الإتّجاه و يتطوّر من حيث مضمونه : فقد نقل نقلا من المطبوعات البرجوازيّة إلى المطبوعات الإشتراكيّة . "
( لينين ، " ما العمل ؟ " الفقرات 1-4 )
و هكذا قال لينين بشأن تشجيع الماركسيّين سابقا من قبل الطبقات الحاكمة و ضبّاط الشرطة :
" فقد إعتصم فيها [ المطبوعات " العلنيّة " ] " الماركسيّون السابقون " الذين تجمّعوا " تحت شعار النقد " و حصلوا على ما يشبه الإحتكر في " سحق " الماركسيّة . و سرعا ما أصبحت هتافات : " ضد الأرثزذكسيّة " و " فلتحي حريّة النقد " ( الهتافات الى تكرّرها الآن " رابوتشييه ديلو " ) عبارات تطابق الموضة . و لم يصمد أمام هذه الموضة لا الرقباء و لا الدرك ، يدلّنا على ذلك صدور ثلاث طبعات روسيّة لكتاب برنشتين الذائع الصيت (الذائع الصيت على طراز هيروسترات) أو إمتداح زوباتوف [ رئيس شرطة موسكو ] لكتب برنشتين و السيد بروكوبوفيتش و أضرابهما . "
( المصدر السابق ، الفقرة 5 من النقطة ت ، " النقد في روسيا " ل " الدغمائيّة " و " حرّية النقد " )
كتاب " الحرّية المكسورة ..." متوفّر اليوم في جميع المكتبات الكبرى في البلاد و في البلدان الأجنبيّة أيضا . يمكن أن نعثر عليه في المطارات ، حتّى قبل أن يبلغ الحزب . NIA صادرت الأدبيّات عن الرفيق أكيراجو هراغوبال و الناشرين و الدور الطباعة بتهم مصطنعة ز و لاحقا أمرت المحكمة العليا لتلنغانا بإعادة الكتب المصادرة . و الحرّية التي تمتّع بها كتاب كوباد يكشف مدى فائدته بالنسبة إلى الطبقات الحاكمة .
في سيرورة دراسة نظريّة الماركسيّة و تطبيق أسسها على العالم ، و على المجتمع و الثورة ، ظهرت عديد التيّارات . السبب الأساسي بالنسبة على التيّارات المختلفة هو المشكل الموجود في فهم تعقيد الظروف الموضوعيّة و في تطبيق أسس الماركسيّة . عقب الثورة الروسيّة ، لم تنجح الثورات الإشتراكيّة في أوروبا . و حقّق النظام الرأسمالي إستقرارا نسبيّا إلى سنة 1923 . و أخفقت الطبقة العاملة في التقدّم بالثورة حتّى أثناء الأزمة الكبرى لسنة 1929 . و بعد الحرب العالميّة الثانية، تجاوز النظام الرأسمالي مؤقّتا الأزمة و شهد نموّا من 1950 إلى واسط ستّينات القرن العشرين . و وقع تبنّى برامج الرفاه الاجتماعي من قبل الحكومة في عدّة بلدان . و إنهارت المدعوّة دولا إشتراكيّة الواحدة تلو الأخرى . و بشكل خاص ، دلّلت التطوّرات في الإتّحاد السوفياتي و شرق أوروبا في 1989- 1990 أنّ الماركسيّة لم تكن تطبّق تطبيقا خلاّقا لتغيير الواقع الموضوعيّ . لقد إعتُبرت المبادئ الأساسيّة للماركسيّة قوانينا دغمائيّة . و كلّ هذا ليس سوى جزءا من المشكل لا غير ، و المشكل الفعليّ كان فهم و تطبيق جوانب من كتابات ماركس و إنجلز بأشكال متنوّعة .
الماركسيّة الذاتيّة أو الماركسيّة الإنسانيّة . معظم هذه التيّارات تنضوى تحت الرومانطقيّة الثوريّة . و ينتمى ألتوسر و أتباعه إلى هذ الصنف من الماركسيّة الإنسانيّة . و فيما بينهم توجد إختلافات بشأن الماركسيّة . و كان جميعهم ضمن معهد البحوث الإجتماعيّة لفرنكفورد في ألمانيا . و قد إشتغل المعهد المؤسّس سنة 1923 . و إثر وصول هتلر إلى السلطة، معظم الأعضاء سافروا إلى الولايات المتّحدة . و من أبرزهم هنك مكس ماكس هركهايمر و هربار مركوز و تيويدور آدورو و آريد فروم ، و ليو لونثال و جرغن هبرماس . لقد آمنوا بالفلسفة أكثر من إيمانهم بالعلم . و عارض هربارت ماركوز العلم المعاصر و التصنيع .
تقريبا جميع مدرسة فرانكفورت عارضت ربط لمظاهر الإجتماعيّة و الثقافيّة بقاعدتها الإقتصاديّة . و كانوا يقولون إنّ هناك حاجة إلى تفاعل متبادل بين القاعدة و البنية الفوقيّة و إنّ مختلف المجالات تحتاج إلى " إستقلال ذاتي نسبيّ " و إتّفق جميعهم على الحاجة إلى ربط الوعي و المظهر الذاتي و الثقافة و النظريّة و الإشتراكيّة لتغيير السياسة الراديكاليّة .
وُجدت موجة من تمرّدات الطلبة و غيرهم في عقد ستّينات القرن العشرين . و مع إعادة صعود الإيديولوجية اليساريّة ، كسبت نظريّات هؤلاء الماركسيّين الغربيّين بعض السُمعة . و مع ذلك ، يحتمى الذين يحاججون بأنّ الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة تدافع عن الحتميّة الإقتصاديّة و أنّها تعتبر العلاقة بين القاعدة و البنية الفوقيّة بشكل ميكانيكيّ ، بصحبة الماركسيّين الغربيّين . و بالنظر إلى الطبيعة الإنسانيّة و المواقف الإنسانيّة و التفاعل المتبادل بين القاعدة و البنية الفوقيّة ، يقولون إنّ الماركسيّة – من ماركس إلى ماو – لا تعالج هذه المظاهر . في مناسبات عديدة في هذه الوثيقة ، شدّدنا على أنّ الماركسيّة - اللينينيّة - الماويّة نظريّة شاملة . نقد كلّ من ماركس و إنجلز بقوّة التعليق القائل بأن الماركسيّة حتميّة إقتصاديّة . و لاحقا، لم يصف ماو تسى تونغ أهمّية الصراعالطبقي في البنية الفوقيّة فحسب بل قاد كذلك الثورة الثقافيّة عمليّا .
إنحرف كوباد بداية عن السياسة الثوريّة و أنكر الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و إلتحق بمستنقع برنشتاين و فكر مدرسة فرنكفورت . و مضى أبعد من ذلك بقليل ليسقط في مستنقع الفكر الروحانيّ . حين تكون لثورة في أزمة من الطبيعيّ ؤ أن تغادر مثل هذه العناصر الضعيفة صفوف الثورة . بطريق الحتم ستضع الحركة الثوريّة مثل هؤلاء الأشخاص جانبا وتتقدّم.
نقاش القيم - فهم كوباد غير الماركسي للقيم ( المظهر غير الإقتصاديّة معبّر عنها في حياة الإنسان ):
أجرى كوباد نقاشا طويلا للقيم في مقالاته و في كتابه . قال إنّ الإشتراكيّة أخفقت و أنّ الحركة الشيوعيّة إنهارت ( بكلماته فسدت ) في العالم لغياب رغبتها في القيم الجيّدة . و قال إنّ القيم شخصيّة و داخليّة . الرُسل و الرجال العظماء و الأولياء الصالحين و المعلّمون و الإيديولوجيّات الدينيّة و الروحيّة تحدّثت عن هذه القيم . يقول كوباد بالكاد لعبت الماركسيّة دورا في ذلك . وصاغ صنفين من القيم الإنسانيّة على وجه التحديد القيم الجيّدة و القيم السيّئة . و القيم ميزة البشر منذ ولادتهم . و يتحدّث عن إبعادها عن المادة .
يقول ماركس :
" " توالد النوع الذاتي " ( " المجتمع بإعتباره الذات " ) ، و بالتالي فإنّ السلسلة المتعاقبة للأفراد أصحاب العلاقة المتبادلة و المرتبطين ببعضهم بعضا يمكن تصوّرها على أنّها فرد واحد يحقّق سرّ توالده الذاتي . و إنّه ليتّضح من هنا أنّ الأفراد يصنعون بعضهم بعضا بكلّ تأكيد ، جسديا و معنويّا ، لكنّهم لا يصنعون أنفسهم وفقا لهراء القدّيس برونو ."
( كارل ماركس ، " الإيديولوجيا الألمانيّة " ، باللغة العربيّة ، ص 47 )
و يقدّم كوباد الرفيقة الشهيدة أنورادا على أنّها نموذجا للقيم الجيّدة . و في بحثه عن إجابة على مشاكل الحركة ، صاغ " جملة قيم نموذجيّة " . و هذا بوضوح فئوية / سكتاريّة ، خليط طبقيّ جليّ ، ينبذ الصراع الطبقي و يعانق الفكر الروحانيّ. و يوقل إنّ القيم الإنسانيّة يجب أن تُستخلص من الحكايات القديمة عن الحيوانات . و هذا ببساطة يُشبه تدريس القيم لتلامذة المدارس الإبتدائيّة و الصراع الطبقي مغيّب بصفة مطلقة في تشكيل القيم . يركّز على الفرد و بدلا من المجتمع يضع الفرد في المقام الأوّل . و هذا لا يعدو أن يكون دعوة روحانيّة . و بخبث شديد يشتم و يشوّه القيم البروليتاريّة لأنورادا التي يحبّها و يوظّفها في " مشروع " مسمّى ب " القيم السامية " . هنا يُخفى كوباد أمرا واقعا . الضحكة الطفوليّة و التعبير عن المشاعر الداخليّة على الوجه ، و الكثير من العطف تجاه الطبقات المضطهَدَة و الفئات الإجتماعيّة الخاصة ، و الطبيعة الودّية و كره العدوّ الطبقيّ و غير ذلك من مثل هذه القيم قيم عالميّة يتقاسمها الشيوعيّون الثوريّون الذين يملكون نظرة بروليتاريّة إلى العالم المقاتلين من أجل تركيز مجتمع خال من الطبقات دون ملكيّة فرديّة . شعور الملكيّة الفرديّة لن يكون مرئيّا لدي القبائل و المضطهَدين و المستغَلّين في ما يتّصل بظروف حياتهم الموضوعيّة . و بوجه خاص ، جماهير القبائل جزء من الطبيعة و بالتالي لجميع القبائل و المضطهَدين طبيعيّا هذه المشاعر . الرفيقة أنورادا كرّست حياتها كلّيا لتركيز المجتمع الشيوعي و من ثمة من الطبيعي بالنسبة لها أن تتميّز بهذه الخصال . و هذه الخصال تشاهد لدي الذين يلتحقون بصراح بالصراع الطبقي من أجل التغيير الاجتماعي . هنا في المجتمع الطبقي ، تجرى حرب طبقيّة و ليس ممكنا للذين لديهم قي روحيّة الوقوف في الصراع الطبقي .
أشكال متنوّعة من الوعي مثل الأخلاق و الدين و النظريّة لا وجود مستقلّ لها . و القيم تتغيّر وفق نمط الإنتاج في كافة المجتمعات بلا إستثناء . القيم المحترمة في مجتمع تصبح غير محترمة في مجتمع آخر . فعلى سبيل المثال ، نظام الأسرة المشتركة في المجتمع الإقطاعي و ألخلاق المرتبطة به شيء شائع . الأخلاق التي تحتاجها المحافظة على نظام الأسرة مقبولة لذلك المجتمع . و تتفكّك الأسرة المشتركة في المجتمع الرأسمالي و يصبح نظام الأسرة النواة هو الشائع . و القيم الضروريّة لهذا النظام ستتقدّم و تصبح الأرض النقطة المركزيّة للإبقاء على نمط الإنتاج الإقطاعيّ القائم . جميع الأسرة تشارك في الإنتاج . و لا حاجة إلى هذا في إطار نمط الإنتاج الرأسمالي . و بالتالي ، ديناميكيّة البشر تتغيّر مع تغيّر هذا الإنتاج . و القيم تتغيّر وفق ذلك . و يتبع الناس هذه القيم . و الإنسان الذى يعيش في مجتمع يتفاعل طبيعيّا مع هذه القيم . و يتبنّى الناس العاديّون الحياة من خلا العمل . و في المجتمع الرأسمالي ن يتبع الناس أخلاق إضطهاد العمّال و المضطهًدين من قبل السلع و الأرباح الرأسماليّة .و يقبل العمّال الذين ليست لهم ملكيّة خاصة بالعادات و القيم الضروريّة للحياة الجماعيّة. و هذا يعنى أنّ القيم نسبيّة ، ترتهن بنمط إنتاج مجتمع معيّن و توجد كجزء من الثقافة . في المجتمع الطبقي ، يتمّ التعبير عن القيم إعتمادا على الطبقات .
يوافق كوباد على أنّه لا سعادة في ظلّ نمط الإنتاج الرأسمالي . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، يقول إنّ الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة أخفقت في تغيير المجتمع . و هذا هو سبب حديثه عن " مشروع القيم " المكتشف حديثا . و هذه القيملا يمكن أن تغيّر المجتمع . فكافة المجتمعات السابقة لم تشهد تغييرات إلاّ عن طريق الثورة . و الثورة ضروريّة لإحداث تغيير في النظام الرأسمالي الإمبريالي . و الحديث عن القيم و الطريق الروحيّ بمعارضة النظام في الكلمات فحسب يعادل الإستسلام . النظريّة الإشتراكيّة صاغت أفكارا تقدّميّة . لا وجود لملكيّة خاصة في ظلّ هذه النظريّة . في ظلّ الشيوعيّة ، سيكون البرنامج من اجل الإستقلاليّة و المساواة و الحقوق المتساوية للجميع و هكذا حياة سعيدة لأغلبيّة الجماهير . و في المجتمع الحالي ، 90 بالمائة من الناس لا يتمتّعون بهذه الحقوق و هذه القيم .
السعادة ممكنة في المجتمع فقط من خلال التغيير الثوريّ . و الطبقة الماسكة بالسلطة تخدم مصالحها الطبقيّة الخاصة . و حين يكون الرأسمالي في السلطة ، يجب على الدولة و الدستور أن يكونا في خدمة الطبقة الرأسماليّة . و إن كانت الطبقة العاملة في السلطة ستخدم مصالح غالبيّة الشعب . و يعزى ذلك إلى كون الطبقة العاملة لا ملكيّة خاصة لها . و لا حاجة إلى إعتصار عرق الناس و دمهم لتحقيق الأرباح . ما تملكه الطبقة العاملة هو فكرة العمل و التوزيع و الملكيّات المتساوية . وهي تحدث تغييرا جوهريّا في نمط الإنتاج و في علاقات الإنتاج . و تُنشأ قيما جديدة في صفوف أفراد المجتمع . و سيسعى الإمبرياليّون و الرأسماليّون و الإقطاعيّون على الدوام إلى خلق عراقيل . و ستواصل إيديولوجيّتهم في التأثير على المجتمع. و بالتالي ، الطبقة العاملة التي تبلغ السلطة سيكون عليها أن تقوم بعدّة ثورات ثقافيّة في البناء الفوقيّ كذلك . و هكذا يمكن أن نحدث تغييرا لدي الأفراد بواسطة التعليم المستمرّ . و الثورة الثقافيّة التي قادها ماو تسى تونغ لدفع الصراع الطبقي و القيم الجيّدة في المجتمع و عند الأفراد ثبت أنّها نظريّة صحيحة تماما . الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة ضروريّة و نحتاج النظريّة الصحيحة من أجل تغيير إيجابيّ في المجتمع و للأفراد . و قد عمل كوباد في سبيل الثورة بنشاط . لكنّه قطع صلته بالشيوعيّة و نبذ المشروع الشيوعي . يقول إنّ القيم الجيّدة يمكن تحصيلها فى مجتمع شبه مستعمر شبه إقطاعي . و قام كوباد بإنقلاب تام . دون نظريّة و ممارسة ثوريّتين لن تأتي هذه القيم من فراغ . في نهاية المطاف ، إختار طريق الفكر الروحاني ليتخلّص من الماضي .
" يدخل الناس ، في الإنتاج الإجتماعي لحياتهم ، في علاقات محدّدة حتميّة مستقلّة عن إرادتهم ، علاقات إنتاج تتطابق مع درجة معيّنة من درجات تطوّر قواهم الإنتاجيّة الماديّة . و مجموع هذه العلاقات الإنتاجيّة يؤلّف البنية الإقتصاديّة للمجتمع ، الأساس الحقيقي الذى يقوم عليه بناء فوقيّ سياسي و حقوقيّ ، و يتطابق مع أشكال محدّدة من أشكال الوعي . إنّ طريقة إنتاج الحياة الماديّة تشترط بشكل عام عمليّة من النشاط الاجتماعي و السياسي و الثقافي . ليس وعي الناس هو الذى يقرّر كينونتهم ، بل بالعكس ، كينونتهم الإجتماعيّة هي التي تقرّر وعيهم " .
( ماركس " مقدّمة المساهمة فى نقد الاقتصاد السياسيّ " ؛
ماركس ، إنجلز ، لينين – المادية التاريخيّة ؛ دار الفرابي ، بيروت + مكتبة الزهراء الحديثة ، دمشق ؛ بيروت أيلول 1975)
إنّ عبء القيم الروحيّة القديمة يقع على كاهل المضطهَدين منذ تلك الأيّام إلى يومنا الحاضر . و مع ذلك ، زمنها كانت الطبقة المستغِلّة تتحرّك حسب رغباتها . و القيم لا تنزل من السماء . و لا تتشارك فيها الطبقات المتعادية . لا يمكن للقيم أن تكون ببساطة إنعكاسا لذهننا .
" دون الغرائز الإنسانيّة من غير الممكن فهم أيّة ماديّة أو حركة . حينما تؤثّر حركة ديناميكيّة في غرائزنا ، نشعر بذلك. " ( لينين )
يوضّح المقتبس أعلاه للمعلّم العظيم لينين أنّ قيم مجتمع لا تظهر إلاّ من الظروف الإجتماعيّة و نمط الإنتاج . أخلاقيّات الفرد يُحدّدها بالأساس المجتمع و المكانة التي يحتلّها فيه و في تناسب مع ذلك يخلق المرء نظاما أخلاقيّا . كيف يمكن لقيمة عالية وحيدة أن تُطبّق على الكلّ في مجتمع طبقيّ ؟ في المجتمع الطبقي تعبّر القيم أيضا عن الطبقات . في تناقض عدائيّ ، القتال من أجل مصلحة الطبقة الخاصة يصبح قيمة جيّدة . و اليوم ، في المجتمع الهنديّ ، القيم الجيّدة يمكن أن تشخّص فقط بالتوحّد مع البرويتاريا و الفلاّحين و القوميّات المضطهَدَة و الأقلّيات القوميّة و الداليت و جماهير القبائل ، و المساواة مع النساء و إحترامهنّ . و تكريس هذه القيم يعنى المشاركة في الصرع الطبقي خدمة لمصلحة هذه الجماهير الكادحة .
لدينا أنواع ثلاثة من القم المتجذّرة في نمط المجتمع و الإنتاج – قيم المجتمع الإقطاعي و قيم المجتمع الرأسمالي و قيم البروليتاريا . و القيم و النظريّات و المُثُل العليا تتأكّد و تكرّس من وجهات نظر طبقيّة خاصة . فمعنى الحرّية و السعادة يختلف من طبقة إلى أخرى في المجتمع الطبقي . بإلقاء نظرة على تطوّر المجتع الإنساني إنطلاقا من نظرة ماديّة تاريخيّة، بوسعنا أن نفهم ذلك فهما واضحا . ففي الهند ، الفكر البراهمانيّ بعث من جديد " نظريّة الكرما " لتعزيز نفسه من خلال نظام الفرنا و النظام الإقطاعي . و أسس البراهمانيّة هي التي حدّدت القيم الجيّدة بأنّه على الطبقة العاملة أن تقوم بالعمل و لا يجب أن تعارض النهب و القمع و ما شابه فهي مبرّرة بالنسبة للفرناس و الطبقات و الكاست العليا . قال شنكاراشريا إنّ العالم مجرّد مايا ( خيال ) . و قال إنّ السدراس وحدهم عليهم العمل وفق الفرنشراما درما ، و هذا سيحقّق إنقاذهم و إنّه بقيامهم بذلك بوسعهم الذهاب غلأى الجنّة و التمتّع بالسعادة و الرفاه و يكونوا سعداء . الحرّية ، التسامح و الحرّية و غيرها من القيم الأخرى مختلفة جدّا بالنسبة للبراهمانيّين و الكشاترياس و الفسياس و السودراس . و إلقاء نظرة على برنامج مانو سمريتي تبيّن كلّ هذا بوضوح . و اليوم ، الفاشيّة البراهمانيّة الهندوسيّة تستخدم هذه القيم و هذا الفكر الروحانيّ للحفاظ على حكم و إستغلال الإمبريليّين و الرأسماليّين الكمبرادوريّين البيروقراطيّين و القوى الإقطاعيّة . و هنا تجب الإشارة إلى شرفاكا و لوكاياتا . ممثلّين الطبقة العاملة ، طوّرا فلسفة ماديّة في تعارض تام مع المثاليّة البراهمانيّة . قالوا : " لا وجود لعالم عُلويّ ، هذاهو العالم الحقيقيّ . من يقومون بالعمل هو الذين يجب أن يستهلكوا ما ينتجونه " . و قد تعرّضا إلى القمع على يد البراهمانيّين بدعم من الحكّام .
ما من أحد بوسعه أن ينكر أنّ كمونة باريس سنة 1871 نشرت سعادة كُبرى في صفو العمّال و الجماهير الكادحة في فرنسا و عبر العالم . و شارك العمّال و الشغّالون في إفتكاك سلطة الدولة لأوّل مرّة في التاريخ . شعار " ثمان ساعات عمل في اليوم و ثمان ساعات ترفيه و ثمان ساعات راحة " أضحى قانونا . و لم يكن هذا ليصبح ممكنا في فرنسا الرأسماليّة . التحرّر من الإستغلال و القمع يفرز حرّية هائلة للعمّال و يُنشأ سعادة لا حدود لها في قلوبهم . شجاعة عمّال فرنسا في حفاظهم على كمونتهم و تضحيتهم بحياتهم هي أعلي القيم . و شعارات " حرّية ، مساواة ، أخوّة " شعارات الثورة البرجوازيّة في فرنسا بشأن القيم الإنسانيّة تواصلت على أنّها القيم العليا للمضطهَدين . و هذه القيم لا يمكن تحقيقها إلاّ عبر الثورة الإشتراكية و فى الشيوعيّة .
لا أحد بوسعه أن يُنكر أنّ الثورة الروسيّة لسنة 1917 وفّرت الحرّية للفلاّحين من شبه العبوديّة و جلبت لهم السعادة في حياتهم . و أرست قيما عليا من المساواة بين النساء و الرجال و أدخلت النساء إلى عديد المجالات . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، ألهمت شعوب البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة عبر العالم للقتال من اجل الحرّية . و إضافة إلى ذلك ، تشكّلت أحزاب شيوعيّة في معظم بلدان العالم بهدف تركيز الإشتراكية – الشيوعيّة أي النظام الاجتماعي الخالي من الطبقات. و أكثر من عشرين مليون شخصا ضحّوا بحياتهم في القتال ضد الرأسماليّة لصيانة المركز الإشتراكي أثناء الحرب العالميّة الثانية . و قد إتّبعت عدّة أحزاب شيوعيّة و منظّمات عمّاليّة عبر العالم القيم العليا للأمميّة البروليتاريّة و نهضت بقسط من مسؤوليّاتها في نجاح الإتّحاد السوفياتي .
و كذلك ، بعثت الثورة الصينيّة لسنة 1949 موجات سعادة في صفوف المضطهَدين و عمّال العالم . و شعرت النساء و الفتيات بسعادة لا حدّ لها مع إلغاء عادة فريدة من نوعها في الصين هي عادة ربط ساقي المرأة . و سعت الثورتان في روسيا و الصين إلى وضع نهاية للملكيّة الفرديّة . و تقدّمت الثورتان بالأمميّة البروليتاريّة . و ركّزتا دكتاتوريّة البروليتاريا كي لا تعود تلك اللامساواة مرّة أخرى . و أنشأت إنتفاضات الشعب عدّ قيم عليا إبّان الثورة الثقافيّة . و أسقطت الموجة الثوريّة الفروقات بين العمل اليدويّ والعمل الفكريّ . و جدّت تغييرات عدّة راديكاليّة مشابهة . و ليس بوسع البشر تحقيق الحرّية الحقيقيّة و السعادة الحقيقيّة و القيم العليا إلاّ في إطار نظام إجتماعي خالي من الإستغلال و الطبقات ، أي المجتمع الشيوعي. و بالتالى ، يكرّس ثوريّو العالم بأسره أنفسهم للهدف الأسمى و يتعرّضون إلى القمع الوحشيّ من الأعداء الطبقيّين و إلى عراقيل جمّة و يحصلون على الحرّية . يظلّون سعداء و يكرّسون القيم العليا . و حينما يترك فرد الحركة الثوريّة ، يمكن أن يُصبح جزءا من النظام القديم ، الفاسد و يفكّر في الحرّية و السعادة ضمن هذا النظام القديم ، الفاسد . و يدافع عن هذه القيم . و تتغيّر نظرته إلى العالم .
يتكلّم عن الصراحة في الحديث و عن القتال ضد جميع أنواع الأشياء الشيطانيّة كما لو أنّ العدّو الطبقي بنوع من المؤامرة للهجوم . كما لو كان هناك نوع من التغطية ، أي نوع من البرجوازية الصغيرة ، شبكة عمل و مؤامرات . و من يخوض حرب الشعب لبناء الإشتراكية – الشيوعيّة يُبقى على الدوام أهدافه السياسيّة و غاياته مفتوحة . على المرء أن يتوخّى الكثير من أصناف التكتيكات في الممارسة العمليّة للوحدة مع الأصدقاء و فهم تكتيكات العدّو لتخطّيها . و السرّية أمر لا بدّ منه في قتالنا ضد عدوّ قويّ . و إلاّ سنقع في أحابيل العدوّ و نُسحق سحقا . الصراحة ضروريّة لكن لا يجب جعلها مفهوما مطلقا. و عندما يملك المرء معرفة بالموضوع ، عندها فقط ، سيقدر على الحديث بوضوح . و إلاّ سيكون أيّ شيء باسم الصراحة تفكيرا ذاتيّا و ستكون التبعات قصوى و لا شكّ في أنّ أنورادا لم تكن أبدا بهذا الإهمال إذ كانت تملك ما يكفى من الذكاء لتقدّم أفكارها آخذة بعين الإعتبار الوضع الواقعيّ . من " بنتشتنترا " إلى " بتنجالي " ( شركة بابا رمداف ) ، الروحانيّات تزخر بالقيم . و رغم قيم الوفرة ، لماذا المجتمع مليء نزاعات لا يمكن التوفيق بينها ؟ إنّه لمجرد خداع أن يتمّ الحديث عن القيم و نبذ النظرة الطبقيّة .
و يقدّم لنا التاريخ أدلّة على أنّ نظريّاته المثاليّة خدمت الأنظمة الإجتماعيّة السياسيّة لتلك الأزمان . إنّه لفكرة فارغة التفكير في تركيز القيم الشيوعيّة دون تغيير الهيكلة الموضوعيّة للنظام الاجتماعي . إنّه لفكرة فارغة التفكير في تركيز القيم الشيوعيّة دون تغيير الهيكلة الموضوعيّة للنظام الاجتماعي . بثّ أمل أن تتّبع الطبقات المستغِلّة القيم مجرّد صراخ في الخلاء . و هكذا قال إنجلز في كتابه " ضد دوهرينغ " :
" إنّ هذا التضاد يدور كلّيا في ميدان الأخلاق ، و بالتالي في ميدان يعود على تاريخ البشريّة . و هنا بالذات نجد الحقائق الأخيرة و النهائيّة موزّعة بشكل أندر ... و ربّ معترض يقول : ...فإذا كدّسنا الخير و الشرّ في كومة واحدة فإنّ الأخلاقيات، أيّا كانت ، ستختفى و سيفعل كلّ شخص و يتصرّف على هواه ...و مع ذلك فالمسألة لا تحلّ بمثل هذه البساطة . و لو كان ذلك بسيطا حقّا إلى هذا الحدّ لما كان هناك أي جدل حول الخير و الشرّ، و لعرف كلّ شخص ما هو الخير وما هو الشرّ ...
و إلى جانبها تتواجد الأخلاق البرجوازيّة المعاصرة ، و إلى جانب هذه الأخيرة تتواجد أخلاق المستقبل البروليتاريّة ... فأيّ منها هي الحقيقة ؟ و لا واحدة ، إذا طبّقنا معيار النهاية المطلقة ، و لكن الكمّية الأكبر من العناصر التي تعد بالديمومة تلازم طبعا الأخلاق التي تمادى في الوقت الحاضر بإسقاط هذا الحاضر و تمثّل في الوقت الحاضر مصالح المستقبل ، أي ألخلاق البروليتاريّة . [ بالأخلاق قائمة على الطبقات ] نستطيع أن نستخلص من ذلك إستنتاجا واحدا هو أنّ الناس يغترفون ، بقصد أو عن غير قصد ، نظراتهم الأخلاقيّة في آخر المطاف من العلاقات التطبيقيّة التي تتكوّن منها مكانتهم الطبقيّة ، أي من العلاقات الإقتصاديّة التي يجرى فيها الإنتاج و التبادل .
و لكنّه يوجد في النظريّات الأخلاقية الثلاث المذكورة أعلاه شيء ما مشترك بينهت. و لربّما يشكّل هذا الشيء، على الأقلّ،
ذرّة من الأخلاق القائمة إلى الأبد ؟ - إنّ النظريّات الأخلاقيّة المذكورة تعبذر عن ثلاث درجات مختلفة من تطوّر تاريخيّ واحد ، و بالتالى فلها أساس تاريخي مشترك ، و لذا فلا بدّ من وجود أمور كثيرة مشتركة بينها . زد على ذلك أنّ نظريّات الأخلاق يجب أن تتطابق من كلّ بدّ بهذا القدر أو ذاك بالنسبة لدرجات التطوّر الاقتصادي المتماثلة أو المتماثلة تقريبا . و منذ أن تطوّرت الملكيّة الخاصة للأموال المنقولة تعيّن على الوصيّة الأخلاقيّة " لا تسرق " أن تغدو مشتركة بالنسبة لكلّ المجتمعات التي وجدت فيها تلك الملكيّة الخاصة . فهل تصبح هذه الوصيّة بسبب ذلك وصبّة أخلاقيّة خالدة ؟ كلاّ ، أبدا . ففي المجتمع الذى تنتفى فيه دوافع السرقة و الذى لا يمارس السرقة فيه بمرور الزمن ، بالتالي ، إلاّ المرضى نفسيّا ، سيتعرّض لسخرية شديدة المصلح الأخلاقي الى يقدم على التصريح بالحقيقة الخالدة على رؤوس الأشهاد : لا تسرق !
و لذلك نرفض أيّة محاولة لفرض أيّ معتقد أخلاقيّ مهما كان علينا بوصفه قانونا أخلاقيّا خالدا و نهائيّا و ثابتا من الآن فصاعدا ، و ذلك بحجّة أن عالم الأخلاق أيضا له مبادئه الثابتة التي تتجاوز التاريخ و الفوارق القوميّة . فنحن ، بالعكس ، نؤكّد أنّ أيّة نظريّة أخلاقية كانت حتّى الآن ، في آخر المطاف ، ناتجا للوضع الإقتصاديّ المعني في المجتمع . و لمّا كان المجتمع حتّى الآن يتحرّك في متضادات طبقيّة فإنّ الأخلاق كانت دوما أخلاقا طبقيّة : فهي إمّا أن تبرّر سيطرة و مصالح الطبقة السائدة و إمّا تعبّر ، حالما تغدو الطبقة المظلومة قويّة بما فيه الكفاية ، عن إستنكارها لتلك السيطرة و تمثّل مصالح مستقبل المظلومين . و ممّا لا شكّ فيه أنّ تقدّما يلاحظ على العموم في الأخلاق كما في سائر ميادين المعرفة البشريّة . و لكنّنا لم نخرج بعد من إطار الأخلاق الطبقيّة . "
( فردريك إنجلز ، " ضد دوهرينغ " ، الجزء الأوّل ؛ باللغة العربيّة طبعة دار التقدّم موسكو ، ص109-110-111)
و يُدخل كوباد فم ماركس في هذه المواضيع ... الحرّية و الإنسانيّة و السعادة : " لكن هنا أبحث عن إبراز الفهم الماركسيّ للمفاهيم التي يقع نقاشها – الحرّية و الإنسانيّة و السعادة – من اجل فهم افضل ليس لأسباب الإنتكاسات بل كذلك للتأثير على فقدان هذه القيم في الوجود السائد اليوم " . ( " قضايا الحرّية و تحرير الشعب "، ص 16 ).
" فُقدت الإنسانيّة لدي كلّ من " الماويّين " و متديّني اليوم " .
( " قضايا الحرّية و تحرير الشعب " ، ص 16 ، الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى )
يا له من ذكاء عجيب ! ينشد أهازيج النصر حول فضائل الروحانيّة و يقول كذلك إنّها فقدت الإنسانيّة . و إلى ذلك ، يتّهم النظرة الماديّة بتحطيم القيم . لا وجود سوى لنوعين من الإيديولوجيّات في العالم . و كلاهما يفتقدان إلى الإنسانيّة و القيم و المفاهيم . لذا ، ما هي النزعة الثالثة في جُعبة خيال كوباد ؟ لا شيء . الهدف الحقيقيّ لكوباد هو إنكار الماركسيّة .
قال ماو " صوّب السهم ثمّ أطلقه " . هدف ماو هو الثورة و السهم هو الماركسيّة – اللينينيّة . و هدف كوباد هو الآن بناء قيم جيّدة بدلا من الثورة و سهمه هو الروحانيّات . و لئن بلغ اليأس ، كان سيجلس صامتا عقب التخلّى عن الطريق الذى إختاره قبل العقود . لكن كوباد يؤكّد أنّ الماركسيّة سبب إحباطه و يأسه ( ليس مباشرة لكن هذا هو جوهر موقفه ) . لذا ، لا يمكن أن يظلّ الأمر مجرّد مسألة شخصيّة . عندما يُعلن قائد ماويّ بارز عن إحباطه و يأسه صراحة أمام الجماهير ، لا يمكن لذلك أن يظلّ أبدا مسألة شخصيّة . يصبح محاولة متعمّدة لنشر الفكر المعادي للثورة .
أنظروا ما قاله برنامج حزبنا عن القيم في الحياة . و كافة كوادر الحزب يعملون بإرشاد من الأفق المتّصل ببناء قيم جديدة و ثقافة ديمقراطيّة مشار إليها في النقطة 26 من برنامج الحزب :
" اليوم ، الثقافة الفاسدة و المتداعية و المعادية للديمقراطيّة و المعادية للشعب البغيضة شبه المستعمًرة و شبه الإقطاعيّة تهيمن على جميع مجالات حياتنا . كره العمل و النظام البطرياركي / الأبوي و التطيّر و الأوتوقراطيّة و العبوديّة الإمبرياليّة و الشوفينيّة القوميّة و العصبيّة القبليّة و فكر الكاست و الجشع الأعمى و الأنانيّة و الثقافة الإستهلاكيّة ، و الإيديولوجيا و الثقافة الفاسدة المركّزة على الجنس يتمّ نشرهما و فرضهما على نطاق واسع من قبل الإمبرياليّين و كمبرادوريّيهم من خلال آلة دعايتهم . و يتمّ كذلك تشجيع الثقافة الإقطاعيّة التي هي في المقام الأوّل ثقافة قائمة على الكاست البراهمانيّ للتفوّق. و تضع بصمتها على تقريبا جميع مظاهر التفاعل و التفكير الإجتماعيّين ، من مقاربة العمل إلى النساء و الكاست المضطهَدين و الجماعات الأخرى و ضوابط الزواج و الولادة و الموت و اللغة و عديد رموز الكاست . و التعصّب الديني و الأفكار المعادية للعلم تبثّ بنشاط و حيويّة . و إلى جانب هذا ، التحريفيّة و الإصلاحيّة و الإقتصاديّة – كلّ هذه الأفكار يُسلّط عليها الضوء و تُنشر على نطاق واسع لمعارضة و حرف الحركات الثوريّة .
سيكون على الحزب أن يفضح كلّ هذه الإيديولوجيّات و الثقافات الإمبرياليّة و الإقطاعيّة و سيكون عليه كذلك القتال ضدّها بلا هوادة . و يجب أن يتقدّم بثقافة ديمقراطيّة جديدة و إشتراكية كبديل إلى الشعب . ستُفجّر الثورة الديمقراطيّة الجديدة هذه الإيديولوجيا و الثقافة الإمبرياليّة و الإقطاعية و تُرسى ثقافة ديمقراطية جديدة و في الوقت نفسه سترفع عالي راية الإيديولوجيا الإشتراكية .
و هذه الإيديولوجيا و الثقافة ستقودها أيديولوجيا البروليتاريا العظيمة ، أي ، الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و ستُعبّر هذه الثقافة عن تضامنها الأممي مع النضالات الثوريّة القائمة للتحرّر الوطنيّ و الديمقراطيّة و الإشتراكيّة عبر العالم قاطبة بالوحدة معها في قتالها من أجل ثقافة شعبيّة ديمقراطيّة و إشتراكيّة . ستلحق الهزيمة بجميع أنواع الإيديولوجيا التحريفيّة رو ترفع عاليا الراية الحمراء للإيديولوجيا الأكثر علميّة و تطورا ؛ الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة ".
الحرّية و المركزيّة الديمقراطيّة :
الحرّية :
يتحدّث كوباد عن الحرّية و يرغب في جوّ من الحرّية . كما يتحدّث عن خليط من القيم و السعادة . و يعبّر عن رغبة شديدة في كون كلّ هذا يصبح متوفّرا عالميّا . لكنّه لا يكشف عن حرّية من يتحدّث . إن كان يتحدّث عن المستغًلّين ، لن يتمكّنوا من الحرّية دون بلوغ الشيوعيّة . و لا وسيلة أخرى لهذا دون إنجاز ثورات . و يقول كوباد إنّ هذه الحرّيات ممكنة دون شيوعيّة . و هذا تفكير حالم . لقد ناقشت الماركسيّة الحرّية و الإستقلال . و إن كان كوباد منتبها لتنشيط ذاكرته حول الماديّة التاريخيّة ، كان سينأى بنفسه عن القيام بهذه الحركات البهلوانيّة الفكريّة . الحرّية مفهوم جوهريّ من مفاهيم الماديّة التاريخيّة. و الإعتراف بالضرورة [ قوانين الطبيعة و المجتمع ] المتّصلة بالأفراد و الطبقة و المجتمع و من ثمّة المرور إلى الممارسة وفق ذلك هو الحرّية . قال إنجلز " الحرّية وعي الضرورة " . و تدرس الماديّة التاريخيّة و تبحث في القوى و القوانين المحرّكة للتاريخ . ما حاجتنا إلى معرفة قوانين التطوّر الاجتماعي ؟ إنّها تحسين الحياة الإجتماعيّة و تشكيل الممارسة الإنسانيّة وفق الضرورة أي قوانين المجتمع . و هذا جزء لا يتجزّأ من الماديّة التاريخيّة . و الدرجة التي يفهم بها الناس القوانين الموضوعيّة والطبيعيّة والإجتماعيّة ، يكون بوسعهم الحصول على الحرّية . وعي الضرورة [ فهم قوانين المجتمع] ليس فقط للفهم بل للممارسة حسب القوانين . قال إنجلز إنّ إكتشاف النار وفّر أكثر حرّية للنوع البشريّ من إختراع آلة النسخ . لذا ، معنى الحرّية ليس الحرّية من القوانين الموضوعيّة . و ليست الحرّية بلا حدود .
يصوّر كوباد جوهر عمله طوال عقود أربعة قائلا : " بإختصار ، كانت هذه هي النقاط الأساسيّة لتفكيري في السجن محاولا تقييم عقودي لأربعة من الممارسة في العمل الاجتماعي و الثوري . و جوهر الأمر هو أنّ في منظّمات المضطهَدين ( و كذلك في الحياة الإجتماعيّة ذاتها – لا يجب فصلها ) فضلا عن الإيديولوجيا و المقاربة الجدليّة التي يجب على المرء أن يُدخل بوعي شديد مظاهر الحرّية / الديمقراطيّة و القيم الجيّدة في التفاعلات اليوميّة ، بهدف بلوغ السعادة . و هذا وحده يمكن أن يكون ضمانا طويل الأمد ضد شياطين المال و السلطة و كذلك جميع ما يظهر من أوجه سلبيّة ". ( " الحرّية المكسورة ..." )
التحويل الإشتراكي من خلال الوعي الفرديّ و تواجد الحياة الفرديّة و الحياة الجماعيّة و شعار السواديشيّ [ للRSS أيضا مثل هذا القسم ] – أليس كلّ هذا برنامجا برجوازيّا ؟ إنّ راجيف ديكسيت جيّد في إثارة القضايا . لكن أجوبته لا يمكن أن تكون تلك التي يتعين تكريسها في المجالين السياسيّ و الإقتصاديّ . و ذلك لأنّه يترك المحرّك القاطرة و يأمل في جرّ الآلة. يفتقد كوباد للمحرّك ( الصراع الطبقيّ ) نفسه في آلته . يقول إنّ القيم ، الحرّية و الديمقراطيّة ضروريّة للتصدّى للتأثير السلبيّ للسلطة و المال . لهذا ، لا بدّ من التربية و التوعية ، يحاجج كوباد . و هذا يعنى أنّه يتكلّم عن طريقة تخريب السيطرة بفعل المال و السلطة الفاسدتين لكن ليس لإجتثاثه ، إستئصال سهم و إعادة رميه . هذا مشروع إستراتيجي مندمج . و حين يتبنّى مشروعا تركّز منظّمة غير حكوميّة للسيطرة على التخريب . و فضلا عن هذا ، ينثرون بعض الفتات على الناس باسم المسؤوليّة الإجتماعيّة المشتركة فقط لخداعهم . و يتحدّث كوباد و يكتب عن أنّه يترك جانبا الإيديولوجيا و الجدليّة . و زيادة على ذلك ، يدخل إيديولوجيا روحانيّة لمعارضة الماركسيّة . و كلّ هذا يخدم نهائيّا مآرب الطبقات الحاكمة .
قال إنجلز :
"الحرّية لا تتلخّص في الإستقلال المتخيّل عن قوانين الطبيعة ، بل في معرة هذه القوانين و الإمكانيّة المستندة إلى هذه المعرفة لحمل قوانين الطبيعة بإنتظام على العمل من أجل اهداف معيّنة ...فالحرّية إذن تتلخّص في السيطرة علينا بأنفسنا و على الطبيعة الخارجيّة ، وهي سيطرة مستندة إلى معرفة ضرورات الطبيعة ، و لذلك فالحرّية هي نتاج بالضرورة للتطوّر التاريخيّ " .
( فردريك إنجلز ، " ضد دوهرينغ " ، الجزء الأوّل ؛ باللغة العربيّة طبعة دار التقدّم موسكو ، ص 133 )
لذا ، السير على الطريق لحتميّ للصراع الطبقي لإرساء مجتمع خال من الطبقات أي الإشتراكيّة ثمّ الشيوعيّة يساوى الحرّية. و تجاهل حتميّة الصراع الطبقي عمليّا يشبه نُكران الممارسة وفق الجدلية التي هي الحرّية . و هذا الضرب من الممارسة لا يوفّر الحرّية بل يجعلنا نصبح عبيدا للحتميّة . و إنّه لتضليل الكلام عن الحرّية و جعل الفرد هو مركزها ، تاركين جانبا دور الصراع الطبقي و فاصلينها عن الجماعيّة و المرحلة الإجتماعيّة و التاريخيّة .
المركزيّة الديمقراطيّة :
نقطة إنطلاق الديمقراطيّة ليست هيكليّة بل بشريّة . إذا كان الأفراد ( لا سيما القادة ) الذين يشكّلون الدولة / الحزب / المنظّمة غير ديمقراطيّين ، كيف يمكن للمنظّمة أن تكون ديمقراطيّة مهما كانت هيكلتها ؟ تغيير في الشكل لا يمكن أن يغيّر الجوهر. ولنأخذ المفهوم الشيوعي للتنظيم ، مفهوم المركزيّة الديمقراطيّة . نظريّا ، لا شيء يمكن أن يكون أكثر ديمقراطيّة، حسب هذا المبدأ ، من قرار الأغلبيّة الذى ينسحب حينها على الجميع . و عمليّا ، طبعا ، في معظم الأحيان القائد و المقرّبين و المقرّبات منه هو الذين يتّخذون القرارات و الآخرون مجبرون على إتّباع الخطّ "( " الحرّية المكسورة..."، ص 209 ).
المركزيّة الديمقراطية هي الحياة العمليّة للحزب الشيوعي . و يقول كوباد إنّ في الحزب كلّ العمل يسير حسب فرد و المقرّبين و المقرّبات منه و هذا محض كذب . بشكل إنتهازيّ فظيع ، يقول إنّ هذه هي الحقيقة و يودّ أن يؤمن بها الجميع. لقد عمل كوباد في أعلى مستويات الحزب وفق مبادئ المركزيّة الديمقراطيّة . و عندما كان ضمن الأغلبيّة في اللجنة المركزيّة خلال أزمة 1985 كان صارما في فرض قراراته على الحزب ما أفرز في نهاية المطاف إنشقاقا في اللجنة المركزيّة .
ما هو إعتراضه الآن الذى لم يكن لديه زمنها بهذا الصدد ؟ اليوم إنحدر إلى أسفل سافلين و تبنّى طُرقا إنتهازيّة و هذا هو سبب بلوغه هذا القرار . هذا من ناحية و من ناحية أخرى ن بما أنّه لا يفقه جوهر المركزيّة الديمقراطيّة ، يقدّم منطقا لاعقلانيّا . و قد شرح الرفيق ماو نظريّا الطريقة اتى يحتاج بها حزب شيوعي أن يُكرّس المركزيّة الديمقراطيّة .
" يجب أن نوجد جوّا سياسيّا تتوفّر فيه كلاّ من المركزيّة و الديمقراطية ، الإنضباط و الحرّية ، وحدة الهدف و إنفتاح الذهن للفرد ، و يتميّز بالحيويّة و النشاط . يجب أن نوفّر مثل هذا الجوّ السياسي في كلّ من داحل الحزب و خارجه . و دون هذا الجوّ السياسي ، لا يمكن تعبأة حماس الجماهير . لا يمكننا تجاوز الصعوبات دون ديمقراطية و بطبيعة الحال ، سيكون حتّى أكثر إستحالة القيام بذلك دون مركزيّة ، لكن إن لم توجد ديمقراطية ، لن توجد مركزيّة " .
( مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثامن ، " خطاب في ندوة العمل العامة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني " ، 30 جانفي 1962 ، النقطة 2 . قضيّة المركزيّة الديمقراطيّة ، الفقرة 7 ؛ باللغة الأنجليزيّة – المجلّدات 5 و6 و7و 8 و9 غير متوفّرة باللغة العربية ).
و هكذا شرح الرفيق ماو بإختصار جوهر المركزيّة الديمقراطيّة .
و كما قال ماو ، المركزيّة الديمقراطيّة ليست مجرّد ممارسة الأقليّة و الأغلبيّة . إنّها تكرّس في جوّ سياسي حيويّ . و بالتالى ، مهما كانت الإختلافات الموجودة صلب الأحزاب الشيوعيّة ، تعمل في وحدة . تعمل بمنهج قويّ بطريقة سياسيّة و مرشد في قتال العدوّ و في قيادة الشعب . و لهذا ، ضحّى طواعيّة آلاف البشر بحياتهم من أجل الثورة زمن نكسلباري . و لئن فرض البعض رأيهم باسم الأغلبيّة و تصرفوا تصرّفا بيروقراطيّا صلب الحزب ، كيف يمكن لآلاف الناس أن يضحّوا في قيادتها ؟ الناس مثل كوباد الذين يفرّون من الحركة الثوريّة خشية التضحيات يقدّمون هذه المزاعم الهستيريّة . و علاوة على ذلك ، يلتحق كوباد بالإمبرياليّين في القيام بدعاية شيطانيّة بأنّ نقص الديمقراطيّة أدّى إلى الفرديّة في الحزب و البيروقراطيّة في حكم الشيوعيّة . هنا كلّ شيء في الحزب بيروقراطية . لم ينضبط كوباد للتنظيم ، لم يخضع للتنظيم و كان في الممارسة العمليّة مبالغا في الديمقراطيّة عندما كان في الحزب . لهذا يهاجم القانون الأساسيّ للمركزيّة الديمقراطيّة المتّبع في الحزب .
الفصلان السادس و السابع من المبادئ التنظيميّة للأمميّة الشيوعيّة يؤكّدان بوضوح أنّ المركزيّة الديمقراطيّة تساعد على مركزة جميع النشاطات الشيوعيّة و على تطوير علاقة حيويّة بين القادة و الأعضاء العاديّين من الحزب و كذلك بين الحزب بأكمله و المضطهَدين . و على عكس ما يقوله كوباد ، المركزيّة الديمقراطيّة لا تعرقل الحرّية و الديمقراطيّة . يحاجج كوباد بأنّ الديمقراطيّة ليست مسألة مرتبطة ببناء الدولة . يجب أن تكون وثيقة الإرتباط بالأفرد . و صحيح أنّه يجب أن يملك الأفراد تفكيرا ديمقراطيّا ذلك أنّه يساعد على تكريس الديمقراطية . غير أنّ النشاط السياسي في المجتمع يجلب تغيّرات للفرد. و الفرد جزء لا يتجزّأ من المجتمع . و تقول التقاليد الهندوسيّة أنّ الصالحين يثرون معارفهم عبر التأمّلات و هم جالسين بعيدا عن المجتمع . و هذه أسطورة فمثل هذه الأفكار تخدع المجتمع و يمكن أن تجعل بعض الفئات لكسب معاشها . و حتّى إن حصل فرد على فكرة جديدة بعد تأمّل طويل حتّى أساس الفكرة الجديدة ينبغي أن ينبع من التجربة الجماعيّة للأفراد . و ليست ممكنة من خلال منبع آخر . فوفق الماركسيّة ، يُصبح نمط الإنتاج مصدر الأفكار. و الأفكار التي يحصل عليها الناس من المجتمع تغيّر مجدّدا الأفراد . و هكذا ينهض الفرد بدور إيجابي في بناء المجتمع .فى المجتمع ، نعثر على أفراد لهم نزعات خاطئة أيضا . و ينهضون بدور سلبيّ . و يمكن أن يصبحوا دكتاتوريّين أيضا . و إلى ذلك ، يمكن أن يمثلوا عراقيلا أمام تقدّم المجتمع . و بالتالى ، المجتمع أو أيّ هيكل ينبغي أن يكون عماد تشكيل أيّة مبادئ .
يتعيّن أوّلا أن توجد حرّية و ديمقراطيّة في المجتمع . إثر ظهور المجتمع الطبقي ، كان البشر يقاتلون من أجل الحرّية و الديمقراطيّة لآلاف السنوات . و تقدّمت الطبقة البرجوازيّة بشعارات " حرّية ، مساواة ، أخوّة " أثناء الثورة الفرنسيّة . و كافة الشعوب بمن فيها الطبقة العاملة ناضل في ظلّ هذه الشعارات . و مع ذلك ، لاحقا إستخدمت البرجوازيّة هذه الشعارات لتستغلّ الكادحين . و إنحصرت هذه الشعارات في تركيز السوق الحرّة و توسيعها . و كان على الطبقة العاملة مجدّدا أن تخوض النضالات من أجل الحرّية و الديمقراطيّة . و كان على الطبقة العاملة أن تناضل من أجل السلطة . و السلطة التى حصُلت عليها الطبقة العاملة يجب أن تضمن الحرّية و الديمقراطيّة لغالبيّة الشعب . و سيجرى إرساء الإشتراكيّة . و بالتالي ، من الضروريّ تكريس دكتاتوريّة البروليتاريا و إحداث تغيير في المجتمع لدي البشر بواسطة الثورات الثقافية . تسعون بالمائة من الناس سيبلغون الحرّية و الديمقراطيّة بهذه الطريقة . و ما من سبيل آخر .
تضحية آلاف المقاتلين في سبيل تحرير الشعب و القيم العليا الإنسانيّة بإنكار للذات هو أعلى مستوى قيم الحرّية الداخليّة – يقول كوباد بأنّ الشيوعيّين الهنديّين يفتقرون كذلك إلى قيم جيّدة و ديمقراطيّة داخليّة . و يتهمهم بأنّ صلب الحزب الحزب الشيوعي ، المركزّة الديمقراطيّة و النقد و النقد الذاتي كلام لا غير . و العلاقة بين القائد و الكادر في المنظّمة تشبه ببساطة تلك العلاقة بين السيّد و القنّ ، حسب قول كوباد . و هذا من كوباد محاولة يائسة لتقويض الحزب . و قد أظهر نفسه إلى حدّ الآن على أنّه مثقّف من مستوى عال لكنّه كان غير فعّال في معالجة المسائل النظريّة و السياسيّة للحركة و المضيّ بها قُدُما. لقد أخفق في تنزيل تفكيره إلى مستوى الأرض . و هذا لأنّه لم يحدّد نفسه في مستوى الأرض عندما غرقت الحركة في مهارشترا في الإصلاحيّة ، لم يقدر على إنقاذها . كان يولى عناية أقلّ لمشاكل الحركة . و المثقّفون الذين يمضون معظم طاقتهم في المحاججة حول من هو الجيّد ضمن القيادة يجدون الآخرين مذنبين متّبعين تيّارات خاطئة .
الصراع الداخلي في صفوف الحزب يقوده مبدأ " وحدة – صراع – مزيد الوحدة " و النقد و النقد الذاتي هو المنهج لتحقيق ذلك . هل أنّ النقد الذاتي الذى قدّمه كوباد سنة 2009 بشأن المسائل المطروحة على الحركة في مهارشترا مجرّد كلام ؟ حينها أقرّ بمسؤوليّته عن الإصلاحيّة التي شهدت دفعا في مهارشترا . هل أجبره أحد على تقديم نقده الذاتيّ؟ من المفاجئ أنّه فهم أنّه لا وجود لديمقراطيّة داخليّة صلب الحزب و أنّ النقد الذاتي مجرّد كلام بعد أربعين سنة ، و ذلك أيضا بعد سجنه. و لمّا إستخدم مصطلح " الشيوعيّين الهنديّين " ، وضع الشيوعيّين و التحريفيّين من كلّ صوب و نحب في سلّة واحدة . و عادة ما تستخدم ال RSS مثل هذه الكلمات . و نحن لا نعدّ التحريفيّين شيوعيّين و لم يكن كوباد يعدّهم هو الآخر شوعيّين. في ما يتعلّق بهذه المسألة ، كان هو نفسه مثالا في الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و في تاريخه في ما يتّصل ب بكيف أن العناصر الثوريّة متّحدة على أساس صراع الخطّين و المركزيّة الديمقراطية . كيف كان كوباد يعمل صلب الحزب طوال هذه السنوات العديدة دون ديمقراطيّة ؟ إن لم يوجد صراع أفكار ، ما كانت سيرورة إنفصال كوباد عن حزب حرب الشعب بأغلبيّة اللجنة المركزيّة ؟ و عندما إندمج الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) [ حرب الشعب ] و المركز الشيوعي الماويّ الهندي ( MCCI ) في 21 سبتمبر 2004 ، تحوّلت تناقضات عدائيّة إلى علاقات رفاقيّة و القوى الثوريّة في العالم رحّبت بهذه السيرورة التاريخيّة ، و كان كوباد حاضرا شخصيّا بيد أنّه يقول الآن إنّه لا وجود لديمقراطية داخليّة. ما هو الإسم الذى سيُطلقه كوباد على السيرورة التاريخيّة لمؤتمر وحدة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) سنة 2007 ؟
وُجدت نقاشات طوال سنتين في صفوف بداية الأعضاء العاديّين من الحزب وصولا إلى الجنة المركزيّة بخصوص الإختلافات في إطار سيرورة الوحدة ، من مثل طبيعة العصر و ما إذا كانت الطبقة الرأسماليّة الكمبرادوريّة البيروقراطيّة تلعب دور الأداة الرئيسيّة للإستغلال الرأسمالي في المجتمع الهندي شبه المستعمر شبه الإقطاعي ، و مرحلة التطوّر الفلاحيّ في البنجاب و قضيّة الكاست و في نهاية المطاف ، صادق المؤتمر على وثائق إثر نقاش محتدم ، بتوجّه تسير وفقه الحركة الثوريّة عبر البلاد قاطبة . و يُنكر كوباد كلّ هذا و يؤكّد أنّه لا وجود لديمقراطيّة داخليّة . و هذه ليست سوى محاولة قذرة لتحطيم الحزب .
هل أثار كوباد مسألة الديمقراطية الداخليّة عمدا ؟ أم أنّها كانت تقلق مضجعه إلى حدّ أنّه أخفق في إيجاد صياغة منطقيّة أو أساس صارم لنظريّاته و قيمه الجديدة ، الحرّية و السعادة . هذا الهراء وقع التعبير عنه في مواقفه الخادعة بأنّ " لا وجود لديمقراطية داخليّة في الحزب ". ما هو الموضوع الذى تقدّم به كوباد و لم يناقشه الحزب ؟ ما هو الموضوع الذى لم يقع الردّ عليه ؟ لقول الحقيقة ، ينبغي على كوباد أن يسأل نفسه ما إذا كان أنجز دراسة عميقة و تقدم بأفكار جديدة و طرق جديدة في ما يتّصل بالقضايا النظريّة و السياسيّة للثورة الهنديّة . لماذا لم يستطع كوباد أن يشحذ قدراته الفكريّة مثلما أراد ذلك الحزب حتّى بعد أن إلتحق بالحركة الثوريّة لسنوات عدّة ؟ لماذا لم يقدر على إنجاز قفزة في مستوى نوع القدرات الفكريّة التي كان يتحلّى بها ؟ لأنّه كان في الحركة وكان حتّى ضمن اللجنة المركزيّة لكنّه لم ينضمّ إلى الحركة بكلّ جوارحه. فقد وُجد على الدوام نوعا من البون . هذا هو سببب فقدان كتاباته السياسيّة ذلك الضرب من الرؤى الجديدة التي يمكن أن توفّر طاقة و إلهاما للنشطاء . معظم كتاباته كانت معلومات أكثر منها تحليلا . لم تكن في مستوى البحوث . و بما أنّه لم يكن على مستوى الأرض ( و تصاعد هذا مع سنوات سجنه العشرة ) كانت نظرته ميتافزيقيّة و ذاتيّة . و إنفصل عن الماركسيّة. هل بوسعه حقا تقييم قيم التضحية ؟
عقب عقود أربعة من الحياة الثوريّة بإرادته إستطاع الإعلان ببساطة أنّه لم يكن أبدا في صفوف الحزب الذى قاد الفقراء و المضطهَدين . هذه إنتهازيّة جليّة .يمكن للعمّال و الفلاّحين و الداليت و النساء و القبائل و المضطهَدين الآخرين أن يزيحوا جانبا هذا المثقّف المشكوك في أمره بالتقدّم في إنجاز مهامهم . تطبيق الماركسيّة على ظروف الهند هو المسألة الهامة بالنسبة إلى الشيوعيّين الهنديّين . و لم يستطع كوباد أن يستخدم فكره فى هذه المسائل الحيويّة . بالعكس ، يقوم بمحاولة مشينة لبثّ نقد ذاتي ن غير علميّ ضد نظريّات جرى إثباتها . التوافق بدلا من المركزّة الديمقراطية أمر طوباويّ . و لا يمكن تطبيق هذا في مجتمع طبقيّ. و إن تمّ تكريسها سيصفّى الحزب . و عندما ستُدفن الثورة في قبر زعفران على ضفاف الكنغا في كاشي . سيكون على الثوريّين الجلوس للتأمّل و هم ينشدون تشاليساس chalisas. و كوباد يمضى في ذلك الإتّجاه تقريبا . و ما يبقى سوى البنشتترا و الزرادشتيّة و الصوفيّة و الديانات الأخرى . لقد داس النظريّة التنظيمية للحزب و فصل نفسه عن الماركسيّة و أنكر مسؤوليّته و أنكر بنفسه تاريخه الخاص و إستعمل بصفة إنتهازيّة الحزب و قوّضه و تلقّى خدمات من المافيا . هل له الحقّ في الحديث عن القيم ؟ في ظلّ تأثير الروحانيّات ، تحوّل على التحريفية و أيّ حقّ له في الحديث عن الديمقراطيّة الداخليّة ؟ بات الحزب الماوي يمثّل الطليعة بتضحياته طوال الخمسين سنة الماضية لتحرير المضطهَدين كجزء من تحرير الناس المستغَلّين و المضطهَدين عبر العالم . و دون ديمقراطيّة داخليّة ، كيف يمكن لهذا أن يُصبح ممكنا ؟ كي يمكن أن يستعدّ المرء للتضحية من أجل الغير ؟ قيمة التضحية أو الحرّية التي تدفع رفيقا او رفيقة للتضحية لا يمكن أن تُفهم على انها تصفية . يمزج كادر الحزب أفكاره و رغباته مع خطّ الحزب ، و يشعر بالحرّية في صفوف الحزب و من خلال ذلك يكسب أخلاقا فهاك القيم العليا في المستويات العليا . و قد قال الرفيق لينين إنّ الديمقراطيّين الرأسماليين واصلوا تقديم أنواع مختلفة من الشعارات لخداع الناس و ما إنفكّوا يفعلون ذلك . لكن المسألة هي فحص نزاهتهم ليس في كلماتهم . يجب تبيّن ذلك في الأفعال و لا ينبغي أن نفرح بكلماتهم المعسولة و المثاليّة و إنّما علينا البحث عن الحقيقة الطبقيّة خلفها .
الإشتراكية – الشيوعيّة هي السبيل الوحيد لتحرّر النوع البشريّ :
" ما أثارنى للتفكير بعمق في الماضي و محاولة فهم الحاضر . و النظر في المستقبل ، لم يكن فحسب أنّ نشاطاتنا حقّقت نجاحات قليلة ، حتّى في العالم الذى وُجد عندما إنجذبت إلى الشيوعيّة في أواخر ستّينات القرن لعشرين ، القليل بقي اليوم، فقط في فُسحة حياتي . لماذا ؟
كما أقول في ذات مقدّمة تلك المقالات عينها : " لماذا جدّت هذه الإنتكاسات المدمّرة ؟ ما الذى حصل لآمالنا و أحلامنا بعالم أفضل ؟ لننس الحكّام الأوتوقراطيّين ، لماذا إختارت الجماهير بهذه البساطة السوق الحرّة على حساب الحرّية الحقيقيّة و كذلك حرّية الإرادة ؟ إذا لم توجد أجوبة قاطعة الوضوح و أيضا حلولا ، يمكن أن يواصل شيوعيّو اليوم الحياة مثل النعامة في عوالمهم الإيمانيّة المحدودة ، إلاّ أنّ المستقبل سيتجاوزهم ". أنظروا إلى الهند ، مثلا ، ليس اليسار البرلماني هو الراكد فحسب بل كذلك هو حال الكتل النكسلباريّة المتنوعة . و لنترك جانبا النموّ ، كلا التيّارن تداعيا من أعالى قمم سنواتهما في التسعينات و في بدايات الألفيّة الثالثة ، و هذا فقط أيضا في زمن حيث السياسات الإقتصاديّة الليبراليّة الجديدة قد ضربت الجماهير ضرباتها الأسوأ ، وهي في حاجة اكثر من أيّ زمن مضى إلى السياسات الإشتراكيّة ! " ( " الحرّية المكسورة ..." ، الصفحتان 205 و 206 ).
لماذا تراجعت الإشتراكيّة إلى هذا المدى و لماذا نلفيها غير قادرة على التقدّم مجدّدا ؟ لماذا إختار الناس السوق الحرّة عوضا عن الحرّية الحقيقيّة ؟ هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة . يقول كوباد إنّ الشيوعيّة مثل النعامة و انش مشروع القيم الثلاث هدفا له . كوباد الذى درس الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة يُثير أسئلة بشأن هذه المواضيع عمدا لا لشيء إلاّ ليبرّر نزعته الروحانيّة .
إثر وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 ، توصّلت التحريفيّة المعاصرة إلى السلطة بقيادة دنك سياو بينغ و أصبح العالم خاليا من الدول الإشتراكيّة . و قبل ذلك ، إثر وفاة ستالين، جرى تفكيك الإشتراكيّة في الإتّحاد السوفياتي . و نتيجة لهذه التطوّرات، الحزب الشيوعي الصيني ففي ظلّ قيادة الرفيق ماو حلّل لماذا واجهت الإشتراكية الإنتكاسات . و كتب كتُبا تحليليّة عديدة بهذا الصدد . و وُجد جدال كبير عبر العالم قاطبة . و النضال النكسلباري الذى عارض التحريفيّة السوفياتيّة في بلادنا سنة 1967 . و بعد 1976 ، بداية الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينينيّ ) و المركز الشيوعي الماوي و لاحقا حزب حرب الشعب فالحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) سنة 2004 ، حلّلوا التحريفيّة المعاصرة لدنك سياو بينغ و عارضوها وهم يتقدّمون بالحركة الثوريّة في الهند بطريقة جريئة للغاية . و كوباد الذى كان في قيادة مثل هذا الحزب لعقود أربعة يتساءل لماذا حصلت مثل هذه " الإنتكاسات المدمّرة " . و هذا ليس سوى نكران ذاتيّ . و ليس من الضروريّ الردّ على كوباد. بيد أنّه نظرا لكون الأمر قد يؤدّى إلى إضطراب في النظرة لدي الجماهير ، نقدّم إجابة مُطوّلة لدحض مثل هذه المساعي .
أحد المكوّنين الأساسيّين للماركسيّة و أوّلهما هو إرساء سلطة دولة الطبقة البروليتاريّة بواسطة الإطاحة بالرأسماليّة . و ثانيهما هو بناء الإشتراكيّة . و بطبيعة الحال ، ركّز ماركس و إنجلز إهتمامهما أساسا على المكوّن الأوّل . و من خلال شعارات " حرّية ، مساواة ، أخوّة " يسعى الراسماليون إلى وضع حجاب على إستغلالهم ، يصفون الديمقراطية البرجوازيّة على أنّها ديمقراطيّة الشعب ، مضلّلين الجماهير بإعتبار الرأسماليّة ظاهرة دائمة . و قد فضح ماركس و إنجلز هذه المحاولات و ركّزا على إبراز حقيقة سعي الرأسماليّين وراء الأرباح و تحقيقهم لها . و شدّدا على قانون الديناميكيّة الإجتماعيّة و دلّلا على كيف أنّ ظهور الرأسماليّة في سيرورة التطوّر الاجتماعي حتميّة و في الوقت نفسه ، على كيف أنّ بناء الإشتراكيّة لإجتثاث الرأسماليّة حتميّ أيضا . و بهذا الفهم ، عملا طوال حياتهما على رفع وعي الطبقة العاملة لتنهض بدورها التاريخيّ. و إفتكّت الطبقة العاملة السلطة خلال حياة ماركس و إنجلز . و تجربة كمونة باريس هي أيضا أساسا تجربة إفتكاك السلطة و الحفاظ عليها .
عقب الثورة البروليتاريّة ، المهمّة التاريخيّة لتغيير المجتمع إلى مجتمع إشتراكي و تعبيد الطريق للمجتمع الشيوعي مهمّة وقعت على عاتق لينين و ستالين في روسيا و لاحقا على عاتق ماو تسى تونغ في الصين . إثر الثورة ، عاش لينين لمدّة سنوات سبع خلالها الطبقات المستغِلّة التي فقدت السلطة حاولت مجدّدا إستعادة السلطة ما أدّى على حرب أهليّة قاسية حيث هاجم 14 بلدا إمبرياليّا بصفة مستمرّة الإتّحاد السوفياتي . لذلك ، لم يستطع لينين القيام بما يكفى بهذا الصدد . ثمّ كان على روسيا أن تخطو خطوة إلى الوراء لترسي السياسة الإقتصاديّة الجديدة و" شيوعيّة الحرب ". و عقب وفاة لينين سنة 1924، بذل ستالين جهدا جبّارا لبناء المجتمع الإشتراكي . لكن كان هناك نقص في التجربة ، و حدثت حرب مع البلدان الإمبرياليّة و حرب أهليّة أدّت إلى خسائر غير مسبوقة ؛ و حتّى بعد البداية التي حتّمت التعويل على البيروقراطيّين و الإدارة الصناعيّة و ممثلين آخرين لآلة الدولة القديمة ، فكان تسيير الصناعات يجرى على يد الضبّاط ؛ و تمّ السقوط في الإقتصاديّة / الإقتصادويّة ( أي فهم أنّ المجتمع يمكن ن يتقدّم بإتّجاه الإشتراكيّة من خلال تطوير قوى الإنتاج ) ؛ و التركيز أكثر على وسائل الإنتاج منه على دور وعي العمّال ضمن قوى الإنتاج ؛ و الإستنتاج الخاطئ بأنّ الطبقات قد إضمحلّت في المجتمع لروسيّ مع سنة 1936 و بالتالى لا حاجة إلى الصراع الطبقي ؛ و العزيز المستمرّ لجهاز الدولة ؛ و في كلمة بما أنّه لم يقع إتّباع الخطّ الجماهيريّ في بناء المجتمع الإشتراكي ، إثر وفاة ستالين ، تمكّنت طُغمة خروتشوف التحريفيّة من إفتكاك السلطة . و كانت البرجوازيّة الجديدة ( طبقة رأسماليّة الدولة ) إلى حينها تملك سلطة في عدّة أماكن . و هاجمت طُغمة خروتشوف التحريفيّة ستالين و الطبقة العاملة و أعادت تركيز الرأسماليّة . و على هذا النحو ، نظرا للحتميّة التاريخيّة للمعالجة المؤقّتة للمشاكل بعد الثورة في روسيا ، المنهج المصطفى صار عبئا ثقيلا لا يمكن تحمّل وزره و وُلدت طبقة إستغلاليّة جديدة .
و إعتبارا للمشاكل التي ظهرت في بناء المجتمع الإشتراكي في الإتّحاد السوفياتي ، بعد 1960 ، ( إلى حينها كان قائما النوع السوفياتي من التطوّر الاقتصادي ) ، السير على قدمين ( الفلاحة الأساس الذى عليه يتمّ تطوير الصناعة ) ، منجزين حركات تربويّة و سياسات مشابهة طُبّقت عمليّا في الصين . و جرى الصراع الطبقي إعتمادا على الخطّ الجماهيريّ من خلال الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى لتجاوز الأنانيّة و إلحاق الهزيمة بأتباع الطريق الرأسمالي الذين كانوا يكسبون القوّة في ظلّ قيادة طُغمة ليو تشاوتشى و دنك سياو بينغ . و على عكس ما حدث في روسيا ، ركّزا أكثر على رفع وعي الجماهير لتعزيز الصراع اطبقيّ و لقتال أتباع الطريق الرأسمالي المتخندقين في مؤسّسات سلطة الدولة . و قد حذّر ماو أنّ البناء الإشتراكي للمجتمع غير ممكن إلاّ عبر الدور الواعي للجماهير . و إذا لم يجر خوض الصراع الطبقي إلى النهاية ، ثمّة خطر تحوّل سلطة الدولة البروليتاريّة إلى سلطة دولة برجوازيّة و سلطة دولة فاشيّة . لقد قال ماو و الحزب الشيوعي الصيني بصفة متكرّرة إنّ وضع نهاية للملكيّة الخاصة لوسائل الإنتاج من خلال القانون وحده لن تؤدّي إلى الإشتراكيّة . فذلك لن يمكن إلاّ بوساطة المساعي الواعية للجماهير ، إلاّ بواسطة تعزيز الصراع الطبقي في جميع المجالات و إحداث تغيير في الإيديولوجيا و الثقافة و العادات و التقاليد الموروثة عن المجتمع القديم ،و إلاّ بواسطة إلحاق الهزيمة بأتباع الطريق الرأسمالي . بهذا الصدد ، قال الرفيق لينين عقب نجاح الثورة الروسيّة :
" إنّ العامل لم يكن يوما مفصولا عن المجتمع القديم بسور كسور الصين . و قد بقيت لديه كثرة من عناصر ذهنيّة المجتمع الرأسمالي التقليديّة . إنّ العمّال يبنون مجتمعا جديدا دون أن يصبحوا أناسا جددا أنقياء من اوحال العالم القديم ، بل مع بقائهم غارقين حتّى الركب في هذه الأوحال . فلا يبقى غير الحلم بنفض هذه الأوحال . و إنّه لمن أعمق الطوباويّات أن يظنّ المرء أنّه يمكن فعل هذا على الفور . إنّ هذا سيكون طوباويّة لا تؤدّى عمليّا إلاّ إلى إستبعاد ملكوت الإشتراكية إلى السماء .
كلاّ ، ما هكذا نقبل على بناء الإشتراكيّة . فنحن نقبل عليه واقفين فى تربة المجتمع الرأسمالي ، مكافحين جميع مظاهر الضعف و النواقص التى يعاني منها الشغّيلة أيضا و التى تجرّ البروليتاريا إلى أسفل . و في هذا الكفاح ، توجد كثرة من العادات و الخبرات القديمة الإنفصاليّة المفعمة بوح الملكيّة الخاصة ، و لا يزال يسري الشعار القديم القائل : " كلّ لنفسه و الله للجميع " .
( لينين ، تقرير في مؤتمر النقابات الثاني لعامة روسيا ، جانفي 1919 ؛
الصفحة 349 و 350 من الطبعة العربية لدار التقدّم موسكو ، المجلّد الثامن من " المختارات في 10 مجلّدات " ) .
أطلق ماو الثورة الثقافية عقب إستخلاص دروس من إعادة تركيز الرأسماليّة في روسيا . فقد توصّ إلى فهم واضح بشأن بناء المجتمع الإشتراكي بواسطة ثورات ثقافيّة . و أوضح أنّه لبناء مجتمع إشتراكي و وضع نهاية لإعادة تركيز الرأسماليّة ثورة ثقافيّة واحدة ليست كافية . يتعيّن على المضطهَدين أن ينظّموا بإستمرار عدة ثورات ثقافيّة للإبقاء على الثورة قائمة في البنية الفوقيّة . و عندما كانت الثورة الثقافيّة محتدمة للغاية سنة 1967 ، قال إنّ الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى الجارية كانت شيئا فريدا من نوعه في التاريخ و إنّ هذه الأنواع من الثورات ستكون ضروريّة في المستقبل أيضا . كما صرّح بأنّه لا ينبغي لأعضاء الحزب و للشعب أن يفكّروا في أنّ ثورة ثقافية أو ثورتين أو ثلاث ستعالج المشكل في كلّيته و أن يشعروا باليأس و إنّم يجب أن يحافظا على أنفسهم كما يجب أن يكونوا حذرين على الدوام و متيقّظين .
" من أجل تغيير الإيديولوجيا ، لا بدّ من أن تعمل الأسباب الخارجيّة من خلال الأسباب الداخليّة على أنّ الأخيرة هي الرئيسيّة . إذا لم يقع تغيير النظرة إلى العالم ، بالتالى رغم وجود ألفين من الماسكين بالسلطة أتباع الطريق الرأسمالي في هذه الثورة الثقافيّة الكبرى ، في المرّة القادمة قد يوجد أربعة آلاف . لقد كان ثمن هذه الثورة الثقافية الكبرى باهضا ، و رغم أنّ مسألة الصراع بين الطبقتين و بين الطريقين لا يمكن معالجتها بثورة ثقافيّة كبرى واحدة أو إثنتين أو ثلاث أو أربع ، مع ذلك ، هذه الثورة الثقافيّة الكبرى يتعيّن أن تعزّز الأشياء لعقد على الأقلّ . في مسار قرن من الزمن ، يمكن أن يكون ممكنا إطلاق مثل هذه الثورة مرّتان أو ثلاث مرّات على الأرجح .
ماذا تعتقدون أنّه هدف الثورة الثقافيّة الكبرى ؟ ( أجاب أحدهم مباشرة : النضال ضد الماسكين بالسلطة في صفوف الحزب أتباع الطريق الرأسمالي ). النضال ضد الماسكين بالسلطة أتباع الطريق الرأسمالي هو المهمّة الأساسيّة لكنّها ليست بأيّ شكل من الأشكال الهدف . الهدف هو معالجة مشكل النظرة إلى العالم : إنّها مسألة إجتثاث جذور التحريفيّة " .
( ماو تسى تونغ ، " خطاب أمام البعثة العسكريّة الألبانية " في غرّة ماي 1967؛ مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد التاسع ، باللغة الأنجليزيّة )
أنظروا في الأشياء التالية من أجل فهم عميق للمقتطف من خطاب ماو المذكور أعلاه . تطوّرت الماركسيّة على مراحل و بلغت الماركسيّة – اللنينيّة – الماويّة . و قد حلّل ماو كتاب ستالين ،" القضايا الاقتصادية للإشتراكية في الإتّحاد السوفياتي " تحليلا عميقا و مضى بالنظرية الماركسيّة إلى مستويات أرقى . و إعتمادا على ذلك ، أجرى تجاربا متنوعة في بناء الإشتراكية . في البداية ، أجاب ماركس و إنجلز على عدّة قضايا شكّكت في النظريّة الإشتراكية العلمية . و ماو مجدّدا طرح مسائلا و طوّر النظريّة في سيرورة الإجابة عنها . و أبرز البون الشاسع بين لمناطق المدينيّة و الريفيّة و بين العمل اليدوي و العمل الفكري اللذان تحوّلا إلى طريق بناء الإشتراكيّة . و قال ماو إنّ الصراع الطبقي يجب خوضه كعلاقة مفتاح لمعالجة التناقض بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج . و قال أيضا إنّ الثورة ضروريّة في البناء الفوقي و إنّ الثورة الثقافيّة لا مناص منها . و الثورة الثقافيّة ثورة تستهدف إحداث تغييرات في كلّ من البنية الفوقيّة و القاعدة الإقتصاديّة . و نحتاج أن نفهم أنّ هدف " الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى " كان التخلّص من عقليّة العبوديّة تجاه السلطات الحاكمة و تطوير وعي ثقافي في صفوف الشعب . و ليس كافيا تحدّى السلطة لكن نحتاج إلى إحداث تغيير في ثقافة الشعب لتحطيمها [ السلطة ]. و كان تأثير الثورة الثقفيّة قويّا في صفوف النا بحيث أنّه حتّى اليوم ، زمرة كسى جينغ بينغ الإمبرياليّة الإشتراكية كطبقة حاكمة لا تنقد نقدا صريحا الثورة الثقافيّة .
و قد رأينا في الفقرات أعلاه كيف أنّ معلّمي الماركسيّة ردّدوا أنّ بإنجاز الثورة البروليتاريّة لا تضمحلّ آليّا المشاكل ذات الصلة ببناء الإشتراكيّة . مثل العلاقات الطبقيّة الرأسماليّة ، العلاقات الإشتراكيّة لا تولد في رحم المجتمع القديم . تولد فقط من خلال العمل الواعي للبشر . سيتركّز المجتمع الإشتراكي فقط من خلال الصراع الطبقي المديد ، و القضاء على الإمبرياليّة عبر العالم قاطبة و إجتثاث إيديولوجيا الطبقات المستغِلّة و ثقافتها و عاداتها و من خلال تطوير نظرة جديدة على العالم . و هذا طريق في منتهى التعرّج . و لا وجود لسبُل أقصر . و على الدولة أن تنهض بالدور الأساسيّ في هذه المرحلة التغييريّة . و مع تصاعد الدور النشيط للشعب ، سيتقلّص دور الدولة . و في نهاية المطاف ، لن تكون هناك حاجة على دولة في مجتمع شيوعي خالى من الطبقات . و عندها تضمحلّ . و من تجارب الثورات الشيوعيّة الماضية ، ن غير الصائب الإرتهان كلّيا للدولة أثناء المرحلة التغييريّة . و بالتعويل على الخطّ الجماهيريّ ، نحتاج إلى تعزيز الصراع الطبقي و يشجّع الشيوعيّون الناس على إقامة نشاطات في كافة المجالات . و كلّ الأحزاب الشيوعيّة القائدة للثورات في مختلف البلدان يتعلّمون من التجارب الماضية و يتقدّمون .
و قد حلّلت الأحزاب الشيوعيّة نظريّا المشاكل التي ظهرت أمام الطبقة العاملة في بناء الإشتراكية و توفير القيادة الضروريّة. و التأثير السلبي للمجتمع القديم قوي إلى درجة أنّ ماركس شخّصه و قال إنّه من غير الممكن بناء المجتمع الإشتراكي دون أن نُصهر في خضمّ حرب أهليّة و نضالات شعبيّة .
قال إنّنا نطلب من العمّال أن يكونوا مصمّمين مستعدّين إلى 15 ، 20 سنة و حتى 50 سنة من الحرب الأهليّة و النضالات الشعبيّة و أنّ هذا على الأرجح لن يُغيّر العلاقات بل هو ضروريّ لتغيير الذات و كسب المهارة السياسيّة .
في " الإيديولوجيا الألمانيّة " ، تمّ شرح ذلك بإستفاضة :
" يتّضح أنّه لا بدّ من تحقيق تحويل كتليّ للبشر من أجل خلق هذا الوعي بصورة كتليّة ، و كذلك من أجل تنفيذ الأمر نفسه؛ و الحال أنّ مثل هذا التحويل لا يمكن أن يحدث إلاّ بواسطة حركة عمليّة ، بواسطة ثورة ؛ و هكذا فإنّ هذه الثورة لم تجعل أمرا ضروريّا لأنّها الوسيلة الوحيدة من أجل قلب الطبقة السائدة ، بل هي ضروريّة كذلك لأنّ الثورة وحدها يمكن أن تتيح للطبقة التي تقلب الطبقة الأخرى أن تكنس كلّ عفن النظام القديم الذى يعلق ها و أن تصبح مؤهّلة لتؤسّس المجتمع على قواعد جديدة ".
( " الإيديولوجيا الألمانيّة " ؛ باللغة العربية ، ص 48-49 )
سيرورة بناء المجتمع الإشتراكي كانت قائمة طوال أكثر من قرن مضى إعتمادا على الإيديولوجيا العلميّة . و الصراع الطبقي و الثورات الثقافيّة يجب خوضها لدّة طويلة طوال الطريق المتعرّج أقصى التعرّج من أجل التقدّم من الإشتراكيّة إلى الشيوعيّة . و هذا يتطلّب شجاعة و إقداما رائعين . و قد ظلّ كوباد في صفوف الثورة لأكثر من أربعين سنة ثمّ تراجع عن ذلك . وهو يقوم بهجوم على النظرية و بمحاولة لا طائل منها للحطّ من قيمة الطبقة العاملة . و لا يمكن إستيعاب هذا بسهولة دون فهم الصراع الطويل الأمد للتغيير الاجتماعي و الصراع النظريّ الثوريّ الطويل الأمد .
يقول كوباد : " إذا لم توجد السعادة في أي مكان على الأجندا ، بطريق الحتم كلّ القيم السلبيّة ستنزع إلى التسرّب . و إذا حدّدنا هدفنا في المجال الاقتصادي فحسب دون التفكير في المشروع بأسره ، ستوجد نزعة نحو بلوغ ذلك كهدف وحيد و إنكار المظاهر الأخرى . لا خلاف في أنّ هذه النظرة قصيرة مثلما رأينا ذلك في روسيا و الصين أين أصبح الحكّام الجدد سادة جددا رغم عدم إنكار المكاسب الإقتصاديّة المحقّقة . " ( " الحرّية المكسورة ..." ، ص 208-209 )
و قدّم إنجلز الإجابة التالية عندما هاجم أناسا مثل كوباد الماركسيّة قائلين إنّها حتميّة إقتصاديّة :
" بحسب المفهوم المادي للتاريخ ، فإنّ العنصر الأوّلي الحاسم في النهاية [ ultimately تفيد " في النهاية " و ليس " بشكل مطلق " ] في التاريخ هو إنتاج الحياة الماديّة و إعادة إنتاجها . و أكثر من هذا لم نؤكّد ، ماركس و أنا ، و لذلك إذا صوّر أحدما هذا على أنّه القول بأنّ العنصر الاقتصادي هو العنصر الوحيد الحاسم فإنّه يحوّل تلك الفرضيّة إلى عبارة بليدة و مجرّدة و لا معنى للها . إنّ الوضع الاقتصادي هو الأساس ، و لكن العناصر المختلفة للببناء الفوقيّ – الأشكال السياسيّة لصراع الطبقات و نتائجها ، بإختصار : المؤسّسات التي تقيمها الطبقة المنتصِرة بعد معركة ناجحة ...إلخ ، و الأشكال القانونيّة حتّى إنعكاسات كلّ تلك الصراعات الفعلية في عقول المشتركين ، و النظريّات الحقوقيّة و السياسيّة و الفلسفيّة ، و الآراء الدينيّة و تطوّرها اللاحق في أنظمة عقائديّة – تمارس هي أيضا تأثيرها على مجرى الصراعات التاريخيّة ، و فى كثير من الحالات تكون الغلبة لها في تحديد شكله . فهناك ترابط داخلي لكلّ تلك العناصر ، و في النهاية نجد الحركة الإقتصاديّة تُشير إلى أنّها العنصر الضروري الجوهري و ذلك وسط جمع لا نهاية له من العوامل العرضيّة ( أي الأشياء و الحوادث التي يكون من البعيد أو المستحيل أن نبرهن عليها بحيث نعدّها غير موجودة ويمكن إغفال أمرها ). وبخلاف ذلك يصبح تطبيق النظريّة على أيّ فترة تاريخيّة نختارها أسهل من معادلة بسيطة من الدرجة الأولى ."
( " رسالة إنجلز إلى جوزاف بلوخ "؛ ماركس ، إنجلز ، لينين – الماديّة التاريخيّة ؛ دار الفرابي ، بيروت + مكتبة الزهراء الحديثة ، دمشق ، بيروت أيلول 1975 ؛ ص -263-264)
و أضاف :
" نحن نصنع تاريخنا بأنفسنا ، و لكن في الدرجة الأولى تحت معطيات و شروط محدّدة . و من بين هذه الشروط تعتبر الشروط الإقتصاديّة هي الحاسمة في النهاية . لكن الشروط السياسيّة ..إلخ و حتّى التقاليد التي تظلّ تعشّش في الأدمغة البشريّة تلعب أيضا دورا ما ، و إن لم يكن حاسما ... إنّ التاريخ يُصنع بطريقة تنجم فيها النتيجة الأخيرة دائما عن الصراعات بين الإرادات الفرديّة ، و التي كلّ منها بدورها تكون على ما هي عليه عن طريق مجموعة من شروط الحياة الخاصة . و هكذا فإنّ هناك قوى متداخلة لا تحصى . هناك سلسلة غير محدودة من متوازيات الأضلاع من القوى التي تؤدّى إلى نتيجة واحدة – وهي الحدث التاريخي . "
ألم يكن كوباد على علم بالديمقراطية البروليتاريّة ؟ ألم يكن على علم بأنّ دكتاتوريّة البروليتاريا حتميّة في السير من الإشتراكية إلى الشيوعية ؟ ألم يكن يعلم أنّ طبيعة الثورة الإشتراكيّة و الديمقراطيّة الجديدة ثورة إجتماعيّة و أنّ أعلى تطوّر للبشر ملازم لها ؟ فقط الذين يملكون نصف المعرفة و أفكار ميتافيزيقيّة يقولون إنّ الماركسيّة مجرّد نظريّة إقتصاديّة و أنّ الشيوعيّين يقومون بثورة إقتصاديّة و أنّهم لا يفكّرون في أيّ شيء آخر في المجتمع . لكن شخصا مثل كوباد الذى تحصّل على معلومات عن الشيوعيّة يقول ذلك ، فهذا يعنى أنّه يقوم بذلك عمدا . ألم يكن كوباد يعلم أنّ البشر ينطلقون في نشاطاتهم الحيويّة بشكل إجتماعي منذ البداية ؟ هل بوسعنا فصل المجتمع عن البشر ؟ لا بدّ من أن نقول لكوباد كيف أنّ ماركس و إنجلز كانا يعالجان الملكيّة الخاصة و الحرّية الفردّة في " بيان الحزب الشيوعي " :
" وهكذا ، ففي المجتمع البرجوازي : الماضي يسيطر على الحاضر . وفي المجتمع الشيوعي : الحاضر يسيطر على الماضي . فى المجتمع البرجوازي الرأسمال مستقلّ و شخصيّ فى حين أنّ الفرد الكادح تابع لغيره و محروم من شخصيّته."
( الفقرة 22 من " البروليتاريّون و الشيوعيّون " في " بيان الحزب الشيوعي " ؛ باللغة العربيّة ، طبعة دار التقدّم ، ماركس إنجلز مختارات في أربعة أجزاء ، الجزء الأوّل ، الصفحة 66 )
في سيرورة تغيير المجتمع الإنسانيّ إلى نظام إجتماعي آخر ، الصراع الطبقي هو القوّة المحرّكة الأساسيّة .و في كلّ من هذه التغييرات ، ناضل المضطهًدون ضد الطقة الحاكمة و أنشأوا مجتمعا جديدا . و التناقض بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج هو المحرّك الأساسيّ لتقدّم المجتمع .
و كوباد الذى يتحدّث عن القيم يرفض رؤية المكاسب الكبرى التي حقّقتها البروليتاريا العالمية بفضل النظريّة الماركسيّة . إنّه غير قادر على رؤية القيم الإنسانيّة التي تشبّعت بها البروليتاريا و المضطهًدون في روسيا و الصين في عديد المجالات و بواسطة التضحيات . إنّه يستهين بإعتبار أنّ الماركسيّة قد صارت أثرى بقيم سامية بفضل الثورتين العظيمتين . و قد مثّلت الماركسيّة بديلا للرأسماليّة في العالم محوّلة الحلم السابق إلى واقع . و يدير كوباد ظهره لرفع الثقة في النفس لدي الشيوعيّين فى العالم . و يحتقر شعلة الحركة الثوريّة و حرب الشعب في الفليبين و تركيا و الهند و بلدان أخرى وهي مستمرّة بمُثل عليا شيوعيّة ، و مردّ ذلك لدي كوباد غرقه في الميتافيزيقا و الروحانيّات .
هل تحدث الثورات بفعل الحرب العالميّة و حسب ؟
يقول كوباد إنّ الثورات تصبح ممكنة أثناء فترة الحروب العالميّة . و يقول إنّ ثورة باريس جدّت خلال الحرب الفرنسيّة – البرّوسيّة ، و جدّت الثورة الروسية خلال الحرب لعالميّة الأولى و الثورة الصينيّة خلال الحرب العالميّة الثانية . و في الظروف الحاليّة ، لا وجود لمثل وضع الحرب هذا . و بالتالي ، الثورة ليست ممكنة في العالم و في الهند .
إنّ كوباد يشوّه الحقائق التاريخيّة .
إبّان الحرب الفرنسيّة – البروسيّة ، فقدت الطبقات الحاكمة قوّتها بفعل الصراع في صفوفها . و مع ذلك ، الحزب الثوريّ و القوى الذاتيّة لم تنتظم بهذه النيّة . و قد إقترح ماركس على الطبقة العاملة في باريس عدم القيام بالثورة . إلاّ انّ الطبقة العاملة قامت بالإعدادات لذلك في ظلّ قيادة البلانكيّين و إفتكّت السلطة و إحتفظت بها طوال 70 يوما . و أمّا في ما يتّصل برغبة الطبقة العاملة فقد ساند ماركس الثورة . و عقب هزيمة كمونة باريس ، درس ماركس الأخطاء في التكتيك السياسي و لأوّل مرّة تحدّث عن ضرورة دكتاتوريّة البروليتاريا . كما تحدّث عن ضرورة تعزيز الحزب نظريّا و سياسيّا بما في ذلك ضرورة مصادرة بنوك العدوّ . و تحدّث ماركس عن أشياء أخرى أيضا . و قدّم توجّهات للثورات البروليتاريّة . و من تجربة كمونة باريس ، نفهم نفهم تعاليم ماركس بشأن الحاجة إلى حزب قويّ يتسلّح بالنظريّة الثوريّة و التكتيكات الصحيحة . و من أجل تحقيق الثورة للظفر ، من المستلزمات الأخرى ، وجود الطبقات الحاكمة في أزمة عميقة .
من البداية بالذات ، إضافة إلى تنظيم الطبقة البروليتاريّة على أساس النظريّة الماركسيّة الحقيقيّة ، شيّد لينين الحزب البلشفي على الإنضباط الحديديّ مطبّقا النظريّات التي إستخلصها ماركس من تجربة كمونة باريس على الظروف الملموسة لروسيا. لهذا ، خاض صراعا نظريّا و سياسيّا و تنظيميّا مع المناشفة و الكثيرين غيرهم من الديمقراطيّين – الإشتراكيّين . و حلّل لينين تحوّل الرأسماليّة إلى المرحلة الإمبرياليّة و قال إنّه في مثل هذه الظروف ، الثورة ممكنة في أيّ بلد ، و روسيا هي الحلقة الأضعف في السلسلة الإمبرياليّة ؛ و كذلك إنّ الثورة ممكنة في روسيا . و أخذ بعين الإعتبار وجود الظروف المواتية في الحرب في صفوف الطبقات الحاكمة في 1905 و 1917 لكنّه أولى الأهمّية الأكبر لإعداد الطبقة العاملة و تحالف البروليتاريا و الفلاّحين . و إشتغل طوال 25 سنة لبناء الحزب البلشفيّ لتحقيق الظفر للثورة في روسيا . و أعطت الحرب العالميّة الأولى دفعا للثورة الروسيّة كعامل خارجي . لكن الثورة الروسيّة حقّقت الظفر أساسا بفضل بناء الحزب البلشفي و التكتيكات المناسبة المتّبعة . إذا أردنا أن نقول إنّ الحرب العالمية الأولى كانت العامل الأساسيّ في الثورة الروسيّة ن يجب أن ننظر في الوقت نفسه إلى الثورات التي لم تحقّق الظفر في عدّة بلدان أوروبيّة بما فيها ألمانيا . و قد سحقت الإمبرياليّة هذه الثورات . و كتب الرفيق ستالين عن العوامل الهامة لنجاح الثورة في روسيا :
" بين الأسباب العديدة التي أدّت إلى هذا الإنتصار ، السهل نسبيّا ن الذى أحرزته الثورة الإشتراكيّة في روسيا ، ينبغي الإشارة إلى الأسباب الرئيسيّة التالية :
1- كان أمام ثورة أكتوبر عدوّ ضعيف نسبيّا ، سيّء التنظيم ، قليل التجربة في السياسة ، هو البرجوازيّة الروسيّة . فالبرجوازية الروسيّة التي لم تكن بعدُ قويّة إقتصاديّا ، و التي كانت تابعة كلّيا لمشتريات الحكومة ، لم يكن ليدها لا الإستقلال السياسي و لا المبادرة الكافية الضروريّتان لإيجاد مخرج من الحالة . فهي لم تكن تملك التطبيقات و عمليّات التضليل السياسيّة الواسعة النطاق التي تبرع فيها مثلا البرجوازية الفرنسيّة ، كما أنّه لم يكن لديها ، في التراضيات و المساومات الدنيئة البارعة الواسعة المدى ، مثل المدرسة التي تملكها مثلا البرجوازية الأنجليزيّة . فحتّى الأمس القريب كانت البرجوازية الروسيّة لا تزال تسعى وراء تفاهم مع القيصر الذى خلعته ثورة شباط ، ثمّ لمّا وصلت بعد ذلك إلى الحكم لم تجد أحسن من تابعة سياسة القيصر المكروه بخطوطها الكبرى . فكانت كالقيصر تريد " الحرب إلى النهاية الظافرة " رغم أنّ الحرب أصبحت حملا لا يطاق على كاهل البلاد ، و نهكت الشعب و الجيش نهكا تاما . و كانت كالقيصر تريد المحافظة ، من حيث الأساس ، على ملكيّة النبلاء للأرض ، رغم أن الفلاّحين كنوا يعانون الموت و الهلاك من قلّة الأرض و من نير كبار الملاّكين . أمّا في ما يتّصل بالسياسة نحو الطبقة العاملة ، فقد ذهبت البرجوازيّة الروسيّة في حقدها على العمّال إلى أبعد ممّا ذهب القيصر ، فهي لم تسع فقط إلى الإبقاء على إرهاق أصحاب المصانع و المعامل للعمّال و تقويته ، بل جعلته أيضا لا يطاق و لا يغتفر بلجوئها إلى تسريح العمّال جماهيريّا .
فلا غرابة إذا لم ير الشعب فرقا جوهريّا بين سياسة القيصر و سياسة البرجوازيّة ، و إذا تحوّل حقده على القيصر إلى حقد على حكومة البرجوازية المؤقّتة .
و طالما كان الحزبان التفاهميّان ،الإشتراكي الثوري، و المنشفيكي ، يتمتعان ببعض النفوذ على الشعب ، تيسّر للبرجوازيّة أن تستتر وراءهما و أن تحافظ على الحكم . و لكن منذ ما فضح المنشفيك و الإشتراكيّون الثوريّون أنفسهم كعملاء للبرجوازيّة الإستعماريّة ، فقدوا نفوذهم على الشعب ، أصبحت البورجوازية و حكومتها المؤقّتة معلّقتين في الهواء .
2- كان على رأس ثورة أكتوبر تلط الطبقة الثوريّة ، طبقة العمّال في روسيا ، هذه الطبقة التي تمرّست بنيران المعارك ، و التي مرّت خلال حقبة قصيرة من الزمن ، بثورتين ، و إكتسبت على أعتاب الثورة الثالثة ، هيبة و إعتبارا أولياها زعامة الشعب في النضال لأجل السلام و الأرض و الحرّية و الإشتراكيّة . فلو لم يكن على رأس الثورة هذا الزعيم المتمتّع بثقة الشعب ، الذى هو الطبقة العاملة في روسيا ، لما تحقّق تحالف العمّال و الفلاّحين ، و لولا هذا التحالف لما تمكّنت ثورة أكتوبر من الإنتصار .
3- كان للطبقة العاملة في روسيا حليف جدّي في الثورة هو الفلاّحون الفقراء الذين كانوا يؤلّفون الأكثريّة العظمى من سواد الفلاّحين . إنّ تجربة أشهر الثورة الثمانية التي يمكن مقارنتها، دون تردّد ، بتجربة عشرات السنين من التطوّر " العادي "، لم تذهب سدى بالنسبة للجماهير الكادحة ن الفلاّحين . فقد تيسّر لهم خلال هذه المدّة أن يختبروا عمليّا جميع الأحزاب في روسيا ، و ن يقتنعوا بأنّ الكاديت و الإشتراكيّين الثوريّين و المنشفيك ، ما كانوا ينوون تعكير علاقتهم بصورة جدّية مع كبار ملاّكي الأراضي ، و لا سفك دمائهم في سبيل الفلاّحين ، و أنّ في روسيا حزبا واحدا فقط ليس له أيّ إرتباط بكبار ملاّكي الراضي ، وهو على إستعداد لسحقهم في سبيل تلبية حاجيات الفلاّحين ، و هذا الحزب هو الحزب البلشفيّ . هذا الواقع هو الذى صار الأساس الحقيقي لتحالف البروليتاريا و الفلاّحين الفقراء . و هذا التحالف بين الطبقة العاملة و الفلاّحين الفقراء هو الذى حدّد سلوك الفلاّحين المتوسّطين الذين تردّدوا مدّة طويلة ، ثمّ فقط على أعتاب الثورة المسلّحة في أكتوبر ، تحوّلوا كما ينبغي إلى صفّ الثورة ، و إتّحدوا مع الفلاّحين الفقراء .
و لا حاجة للبرهان بأنّ ثورة أكتوبر ما كانت لتنتصر لولا هذا التحالف .
4- كان على رأس الطبقة العاملة هذا الحزب المختبر المحنّك في المعارك السياسيّة : الحزب البلشفي. فإنّ حزبا مثل الحزب البلشفي فقط ، لديه ما يكفى من الجرأة لقيادة الشعب إلى الهجوم الحاسم ، و ما يكفى من التبصّر لإجتناب كلّ أنواع العثرات على الطريق المؤدّية إلى الهدف ، إنّ مثل هذا الحزب وحده كان في إستطاعته أن يجمع بصورة ملائمة و أن يدمج في سيل ثوري واحد ، حركات ثوريّة مختلفة كالحركة الديمقراطيّة العامة في سبيل السلام ، و حركة الفلاّحين الديمقراطيّة في سبيل الإستيلاء على أراضي كبار الملاّكين ، و حركة التحرّر الوطني لدى الشعوب المظلومة المناضلة في سبيل المساواة القوميّة، و حركة البروليتاريا الإشتراكيّة في سبيل تقويض البرجوازيّة و تشييد دكتاتوريّة البروليتاريا .
و لا ريب أنّ إندماج هذه السيول الثوريّة في سيل ثوريّ واحد ، هو الذى قرّر مصير الرأسماليّة في روسيا .
5- بدأت ثورة أكتوبر و الحرب الإستعماريّة في معمعانها ، و الدول البرجوازيّة الرئيسيّة منقسمة إلى معسكرين متعاديين، و ليس في إمكانها ، لإنشغالها بالحرب فيما بينها و بالعمل على إضعاف بعضها بعضا ، أن تتدخّل بصورة جدّية في " الشؤون الروسيّة " و أن تنهض بصورة نشيطة ضد ثورة أكتوبر .
و لا ريب أنّ هذا الظرف قد سهّل إلى حدّ كبير إنتصار ثورة أكتوبر الإشتراكيّة ."
( الفصل السابع من " تاريخ الحزب الشيوعي في الإتّحاد السوفياتي ( حزب البلشفيك " ) ، دار الفرابي 1954 ؛ ص 301-302-303)
والصين بلد شبه مستعمر شبه إقطاعي . و نظّر ماو تسى تونغ أنّ حرب الشعب الطويلة الأمد هي طريق الثورة في الصين. و كان الجيش الثوريّ يقاتل القوّات الحكوميّة الرجعيّة منذ البداية و واصل الثورة . و طوّر الحزب الشيوعيّ الصينيّ في ظلّ قيادة ماو الماركسيّة – اللينينيّة وفق الظروف الملموسة للصين عبر صراعات خطّين داخليّة عشرة ضد أمثال الإنتهازي اليميني تشن تو- شى و الإنتهازيّة اليساريّ للى لى سان .
و عندما أخضعت اليابان الصين ، صاغ الحزب الشيوعي الصينيّ بقيادة ماو تسى تونغ السياسة الصحيحة للجبهة المتّحدة المعادية لليابان ، و عزل الخونة و الأعداء المتعنّتين في البلاد و تبنّى تكتيك الجبهة المتّحدة العريضة . و على هذا النحو ، إستطاعوا توحيد أوسع الجماهير . و عزّزت هذه التكتيكات الحزب و الجيش و الجبهة المتّحدة ، و عقب إلحاق الهزيمة باليابان ، تمكّن الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو مباشرة من إلحاق الهزيمة بجيوش تشان كاي تشاك التي أعلنت الحرب على الشيوعيّين مدعومة في ذلك من طرف الولايات المتّحدة ، و أرسى الحزب الشيوعي الصيني جمهوريّة الصين الشعبّة سنة 1949 . و كسبت الثورة الصينيّة دفعا بفعل الحرب العالميّة الثانية و الدعم الروسي إلاّ أنّ جهود الحزب الشيوعي الصيني في ظلّ قيادة ماو هي العامل الأساسيّ. لم ينتظر الرفيقان لينين و ماو الحرب العالميّة لإنجاز الثورة كلّ في بلاده . لقد طبّقا الماركسيّة على الظروف الملموسة لبلاديهما و قادا الثورة بإستراتيجيا و تكتيكات صحيحة و جعلاها تحقّق الظفر.
العوامل الأساسيّة للثورة في روسيا و الصين هي ما بله الحزبان الشيوعيّان من جهود في البلدين . و قول إنّ الثورات لم تكن ممكنة دون الحربان العالميّتان خاطئ بصفة جليّة من ناحية الوقائع التاريخيّة . منكسر النفس و يائسا ن بلغ كوباد هذه الإستنتاجات . أمّا بالنسبة إلى النظريّة الماديّة الجدليّة ، فالتناقض الداخلي هو المظهر الرئيسي للتغيير النوعي و ليس المظهر الخارجي . و حتّى بعد الحرب العالميّة الثانية ، تواصل سيل الثورات في العالم في بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة . و قد طردت الشعوب الإمبرياليّين من عدّة بلدان . و حدثت ثورت في شمال كوريا سنة 1948 و كوبا سنة 1959 . و واجهت الولايات المتذحدة هزيمة نكراء في كمبوديا و الفيتنام سنة 1975 . و ما جدّ هذا أثناء أيّة حرب عالميّة . ما الذى تكشف عنه نضالات التحرّر الوطني ضد الإستعمار في آسيا و أمريكا اللاتينيّة في كامل عقد تّينات القرن العشرين ؟ بفضل النضالات المعادية للإمبرياليّة عبر العالم قاطبة ، إضطرّت الإمبرياليّة إلى التخلّى عن الإستعمار المباشر و تبنّت السياسات الإستغلاليّة الإستعماريّة الجديدة .
ألا تثبت ذلك هزيمة الولايات المتّحدة في أفغانستان سنة 2021 .
تعلّمنا الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة التكتيكات التي ينبغي تبنّيها في فترات الحرب و فترات السلم . ظهرت الأزمة الإقتصاديّة في عصر الرأسماليّة و صارت الأزمة الرأسماليّة دائمة في عصر الإمبرياليّة . و إثر الحرب العالميّة الثانية ، حقّقت الإمبرياليّة إستقرارا مؤقّتا . و مع ذلك ، في سبعينات لقرن العشرين ، أخذت الأزمة الإمبرياليّة تتعمّق و تنتشر . و عرفت الإمبرياليّة عديد مثل هذه الأزمات و وقعت في براثن أزمة إقتصاديّة و ماليّة شبيهة الإنتكاسة الكبرى و ذلك سنة 2008 . إنطلقت الأزمة في الولايات المتحدة و بلغت أوروبا و إمتدّت إلى كلّ العالم الإمبريالي . و لا تزال الإمبرياليّة غارقة في وحلها وهي لا تسمح لها بالتنفّس . و قد صادق كوباد على هذا التحليل أثناء مؤتمر الوحدة – المؤتمر التاسع سنة 2007 و لاحقا لمّا كان في صفوف الحزب . و هكذا في الاقتصاد الرأسمالي ، يصبح الغنيّ أغنى و يصبح الفقير أفقر . و ينتشر الفقر و يشتدّ . و ليس بوسع كوباد عدم الموافقة على ذلك . و لهذا ، لا يزال يعارض الاقتصاد الرأسمالي و مؤسّساته . و يعتبر النظريّة الإقتصاديّة المرتبطة بالماركسيّة بدلا وحيدا بالنسبة للشعوب . و الكثير من المثقّفين الذين يصرذحون بانّ الرأسماليّة دائمة و أنّ تاريخ الإشتراكيّة إنتهى يجدون أنفسهم الآن غير قادرين على تبرير منطقهم السابق بشأن أسباب العولمة الإمبرياليّة في وضع حيث تتخبّط الرأسماليّة في أزمة . و يوافق الكثير من الناس على أنّ الاقتصاد الإشتراكي هو البديل عبر العالم . و عدد المساندين للإقتصاد الإشتراكي في تزايد في بلدان أوروبا و أمريكا اللاتينيّة . و في الولايات المتّحدة و بريطانيا يعارض أيضا بعض البرجوازيّين و القادة السياسيّين السياسات الإقتصاديّة الإمبرياليّة و يطالبون بدولة الرفاه .
تتصاعد الحاجة إلى الثورة في العالم . و يعارض الناس سياسات العولمة و يقفون إلى جانب التطلّعات الثوريّة النامية . و لم تكن لكوباد فرصة ليغيّر كلّيا فهمه السابق . فكان عليه أن يُقرّ بأنّ النظريّة الإقتصاديّة الماركسيّة هي البديل الوحيد و يقول إنّه لا وجود لطبقة عاملة منظّمة في البلاد و أنّ القطاع غير المنظّم أضحى أهمّ قطاع لذالا حاجة للعمّال إلى الصراع الطبقي و ليس ممكنا إقامة الصراع على أساس طبقيّ. في بونباي حيث وُلد و نشأ ، جدّت إعادة هيكلة إقتصاديّة و صناعيّة تشبه ما تمّ في العالم و في البلدان الإمبرياليّة في ثمانينات القرن العشرين . و بهذا تغيّرت مدينة بومباي لتصبح منطقة مصانع نسيج . و أمست المركز المالي للهند و حصُل تغيّر في تكوين الطبقة العاملة . و بدلا من التطوّر الصناعي ، تطوّر قطاع الخدمات . و جدّ تغيّر في الحركة النقابيّة في تلك الصناعات . شيف سينا ، ظهر إلى الوجود كحزب فاشيّ . و قمع الطبقة العاملة بيد من حديد . و عرفت النضالات الجارية إلى حينها تراجعا . و لم تُجر دراسة شاملة للوضع الاقتصادي لبونباي و لظروف الطبقة العاملة و لم يقع تبنّى التكتيكات المناسبة . و أثناء هذه الفترة ، كانت الطبقة العاملة تخوض نضالات في شندرابور و نغبور و أماكن مماثلة أخرى . و هنا أيضا حدث تغيّر مشابه في السياسات الرأسماليّة لاحقا . فعوضا عن إنجاز دراسة شاملة لهذه الظروف الجديدة ، تبنّى الحزب في مهارشترا أشكال تنظيم و نضال على أساس براغماتيّ . و لهذا لم تشهد الحركة تطوّرا .
هذا من ناحية و من الناحية الأخرى ، إعتقد قسم متقدّم من الطلبة و العمّال المنجذبين إلى لماركسيّة في ثمانينات القرن العشرين أنذه بإعتبار أنّ الرأسماليّة تتطوّر ، لا حاجة إلى الثورة ، و عرفوا إنحطاطا و غادروا صفوف الحركة الثوريّة و إلتحقوا بمواطن شغل جيّدة . و تقدّم جميعهم بحجّة أنّ الثورة غير ممكنة في البلاد . فالوضع السابق لم يعد موجودا . و قد وقع الحزب أيضا تحت تأثير تلك الأفكار و أحيانا تأثّرت قيادة الحزب بهذا التيّار . و لم تُبذل الجهود النظريّة و السياسيّة لتجذير الطبقة العاملة . و عندما تبنّت لجنة مهارشترا بعض التكتيكات في القطاع غير المنظّم و حقّقت بعض النتائج ، لم يتعلّم كوباد من ذلك . إجمالا ، أخفق كوباد في تقرير التكتيكات في النضال النظريّ و السياسي الذى ظهر في نضالات الطبقة العاملة و الحركة الثوريّة بمهارشترا . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، لم توفّر لجنة مهارشترا القيادة لنضالات الفلاّحين بالريف . و قد إعترف كوباد نفسه بانّ قيادة الحزب في مهارشترا سقطت في الإصلاحية أثناء ال LPTفى اجتماع الجنوب الغربي المنعقد سنة 2007 . كما أقرّ بأنّه بينما ضمن القيادة ، قد سقط هو الآخر في الإصلاحيّة . و في السيرورة ككلّ أخفقت اللجنة المركزيّة في توفير اقيادة للحركة الثوريّة في مهارشترا و اللجنة هناك .
و لم يتحدّث كوباد عن الحركات المشتدّة يوميّا . فنظرا لتعمّق الأزمة المنتشرة عبر العالم ن يحتدم النزاع الشديد بين الإمبرياليّين . و تواصلت الحرب الباردة ضمن الإمبرياليّين إلى أن تمّ تحطيم الإتّحاد السوفياتي في تسعينات القرن العشرين.
و في الوقت الحاضر ، هناك نزاع محتدم بين عدّة بلدان إمبرياليّة في مجال التجارة و الاقتصاد و المجالين العسكري و الصناعي . و قد تخلّت الولايات المتّحدة عن العولمة و تبنّت سياسات حماية إقتصادها الخاص . في الخمسين سنة الماضية، تدخّلت الإمبرياليّة الأمريكيّة في الشؤون الداخليّة لأكثر من خمسين بلدا و تسبّبت في حروب أهليّة و حروب عدوانيّة . و قامت بغزو عسكريّ للعراق و لأفغانستان و ليبيا و سوريا و غيرها من البلدان . و إعتبارا للحروب العدوانيّة للولايات المتّحدة و بلدان إمبرياليّة أخرى ، أضحت الحرب ظاهرة عامة عبر العالم . ما أفرز دمارا للموارد الإنسانيّة يساوى ذلك الذى حدث أثناء الحربين العالميّتين . و يتصاعد تيّاران بإستمرار هما التيّار الفاشيّ و التيّار الثوريّ في العالم . ففي ظلّ هذا الوضع ، تتطوّر الظروف الثوريّة في بلادنا . عقب الأزمة الإقتصاديّة و الماليّة لسنة 2008 ، وُجد صراع حاد من أجل حقوق الطبقة العاملة و الطبقة الوسطى في أوروبا و الولايات المتّحدة و البلدان الإمبرياليّة لحلف شمال الأطلسي – الناتو . و تشهد بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة صراعات . و إلى جانب ذلك ، يشتدّ النزاع الاقتصادي بين الولايات المتّحدة و الصين و تدريجيّا يتحوّل إلى تنافس في المجال العسكريّ. و عن هذا نجم وضع متوتّر في المحيط الهادي و في المحيط الهنديّ . و الحرب العدوانية الروسيّة ضد أوكرانيا التي إنطلقت في 24 فيفري مثال راهن يعكس التنافس بين القوى الإمبرياليّة ، بين الولايات المتّحدة – الناتو و أوروبا من جهة و روسيا و الصين من الجهة الأخرى في المجال العسكريّ. و الفلاّحون و العمّال و الطلبة و موظّفو البنوك و عمّال المناجم و أفراد القبائل يقومون بإستمرار بأعمال تحريضيّة في بلادنا . و قد نظّم الفلاّحون نضالا دام سنة ضد القوانين الفلاحيّة الثلاثة ما أجبر مودى Modi على سحبها . و يبيّن كلّ هذا أنّه إذا وقع توحيد جميع الناس في النضال ضد فاشيّة الحكومة ، يمكن فرض تنازلات على الحكم . و لم يكن الحزب قويّا بحيث يمكنه قيادة هذه النضالات . و بالتالي ، لا بدّ من تعزيز الحزب لينهض بهذه المهمّة . و دون أخذ هذه الأمور بعين الإعتبار ، يقول كوباد إنّ الحركة الثوريّة ليست تملك مستقبلا و أدار ظهره لها .
بتعبأة فئات متنوّعة من الشعب ، تكون بعدُ في الشوارع في نضالات كفاحيّة ، ، إذا ما جرى تجذيرها ، يجب أن تتطوّر هذه النضالات إلى مستويات أعلى و ستركّع الجماهير الحكومة . و لأجل بلوغ ذلك ، من الضروريّ فضح الغانديّة و التحريفيّة و السياسات البرلمانيّة و النظريّات الوجوديّة و ما بعد الحداثة التي تبيّن المرّة تلو المرّة أنّ لها تأثير سلبيّ على الناس ، و تنظيم الجماهير في منظّمات شعبيّة ثوريّة . عندها ستصبح هذه النضالات جزءا من الثورة الديمقراطية الجارية. و يتحدّث كوباد عن الإستغلال الاقتصادي القائم و قاعدته السياسة الرأسماليّة الإمبرياليّة إلاّ أنّه بدلا من الحديث أيضا عن النضالات الشعبيّة التصاعدة يوميّا و تحليلها و التفاعل معها من أجل إعداد الجماهير للثورة ، لا يقول ببساطة سوى أنّ الجماهير ليست في وضع خوض كفاح مسلّح و إنّ الثورة أخفقت . في حين أنّ الحزب الماويّ و الشعب يستمرّان في الكفاح المسلّح مقدّمين تضحيات متنوّعة في خضّم قمع شديد ، يلطّخ كوباد سُمعة الحزب في الوحل .
تلتحق الجماهير عبر البلاد بالنضال حاملة هذا التقييم . و يعزّز الحزب الثوري نفسه و يقود نضالات الجماهير و يخوض الكفاح المسلّح في الريف و غايته هي الإطاحة بالطبقات الحاكمة . و تطلق حكومة المؤتمر و لاحقا حكومة ال BJP العنان لقمع فاشيّ ضد الحزب و الجماهير المناضلة . و تحاول هذه الحكومة بقيادة مودى القضاء التام على الحركة الثوريّة من خلال عمليّة " سمدهان " . و الهجوم الراهن على براهاد جزء من ذلك . و اليوم تطلق الفاشيّة البراهمانيّة الهندوسيّة العنان لقمع كافة النضالات الشعبيّة و بكافة الطرق . و نظرا للقمع الشديد و لبعض الأخطاء في التكتيك في الريف ، كانت الحركة الثوريّة في ال15 سنة الماضية تواجه تراجعا مؤقّتا . و هذا ليس سوى مظهر من المظاهر ذلك أنّ الناس من مختلف الطبقات و الفئات بالبلاد يخوضون نضالات كفاحيّة يوميّا ضد فاشيّة المودى البراهمانيّة الهندوسيّة . و قد تشكّل الحزب الشيعي الهندي ( الماوي ) كحزب موحّد بإندماج أحزاب ثوريّة متباينة سنة 2004 . و يتطوّر الجيش الأنصاري للتحرير الشعبي و الجبهة المتّحدة تحت قيادته . و تتقدّم هذه الجبهة المتّحدة كبديل عن السلطات الرجعيّة . و تتلقّى عمليّة الصيد الأخضر لحكومة أندرابراداش و " سمدهان " لحكومة BJP مقاومة قويّة . و بفضل الإعدادا للتقدّم بتبنّى تكتيكات جديدة تتماشى مع الوضع الجديد في البلاد و مراكمة تجارب جديدة نشأت أشياء إيجابيّة أخرى . و متى أخذناها بعين الإعتبار ، نفهم أنّ الوضع الحالي للحركة وضع مؤقّت . فقد تعلّم الحزب من هذا التراجع . و عزّز نفسه في خضمّ هجوم" سمدهان ". وهو يقود الجماهير في البلاد بطرق و مناهج جديدة و يقوم بمحاولات للتقدّم بالحركة الثوريّة مجدّدا . و قد عرفت الحكة الثوريّة بالهند كلاّ من التقدّم و التراجع عدّة مرّات . و قد تجاوز الحزب عديد الفترات العسيرة و أحرز تقدّما . و الوضع خارق للعادة بالنسبة إلى الحركة الثوريّة في البلاد . أمّا كوباد فلا يفهم التموّجات في الثورة ، و نوع التراجعت في الحركة الثوريّة في الوقت الحاضر و يعتقد أنّها دائمة . لذا يقول إنّ الماويّين يتحدّثون عن كسب الثورة كشيء حتميّ و على هذا النحو يهاجم الحزب . لقد فقَدَ ذكاء التفكير في التموّجات في الثورة و بالتالى يوجّه الإتّهامات للحزب . يتعيّن على الحكة الثوريّة التي رمت جانبا عديد الخونة الذين قدّموا خدمت للطبقات الحاكمة في عدّة منعرجات هامة في التاريخ ، يتعيّن عليها كذلك أن ترمي بكوباد في سلّة مهملات التاريخ و تمضي بالحركة إلى مستويات أرقى .
عودة الإبن الضال ، كوباد :
في الفصل المفرد ل " العودة إلى المجتمع " من كتاب " الحرّية المكسورة ..." ، خطّ كوباد بوضوح أنّه جدّيا يترك الحلقات اليساريّة و يعود إلى المكان الذى أتى منه . و بصفة متكرّرة و بحماس يُشير إلى أنّه بارسى . و نيّته ترك اليسار تعنى أنّه يرغب في ترك النضال من أجل بناء مجتمع شيوعي يحرّر المستغَلّين و الداليت و القبائل و العمّال و الفلاّحين و فئات أخرى من مثل طبقاتهم . و فضلا عن ذلك ، إنفصل عن اليسار و إنخرط في خدمة اليمين .
و كوباد لا يتحدّث عن الحياة مع البارسى و الطبقة الأرستقراطيّة فحسب بل كذلك عن الحلقات اليساريّة التي أمضى في صفوفها عقودا أربعة من حياته و ما جعله شهيرا يبدو له الآن راكدا و فئويّا و سخيفا و ضيّق الأفق . إنّه يجد في الأصدقاء الأرستقراطيّين الإستقلاليّة و جوّا جديدا و إنسانيّا لذلك يرغب في البقاء معهم . إنّه يسبح في مسبح الروحانيّات بمفاهيمه نصف المطبوخة . لكن المنطق الذى يتّبعه لتبرير قراره لا أساس له من الصحّة وهو سخيف و قابل للإدانة . فالنخبة تنظر إلى مفاهيم الحرّية و إنفتاح الذهن و المشاعر الإنسانيّة لمصلحة مجموعتها فحسب إلى حدّ أنّهم لا يشعرون بضغط المنافسة في المسائل الماليّة في صفوفهم . و لا ينسحب هذا على كوباد و حسب بل إنّ كامل طبقة النخبة لن تشعر بتأنيب الضمير في ما يتّصل بالقيم الإنسانيّة تجاه الداليت و القبائل و المستغَلّين و العمّال و الفلاّحين و النساء و القوميّات المضطهَدَة و الأقلّيات الدينيّة . بما أنّ كوباد تخلّى عن الإيديولوجيا الماركسيّة، من الطبيعيّ بالنسبة إليه أن ينظر إلى كلّ شيء نظرة سوداويّة ناحية اليسار و يعتبر كلّ شيء لامعا ناجية اليمين .
و تكلّم كوباد على النحو التالي :" أدرك من جميع هذه التفاعلات أنّي انا نفسى صرت بالأحرى منغلقا على ذاتي بلا علاقات مع الأفكار النضرة و المختلفة . و كونى مرتبطا بحلقة يساريّة واحدة راكدة فحسب ، كانت الأفكار و العلاقات تنحو نحو التقرّح ، و عادة ما كانت تؤدّى إلى المرارة و الصغر و نقص الإبداع . و كانت طاقة غير ضروريّة تُصرف على مسائل غير هامة ، و كانت التوتّرات تظهر مضعفة أكثر قدرات الفرد الخلاّقة . و الآن ، أشعر بالحرّية للحصول على أفكار جديدة مخالفة تحثّ على التفكير و على تطوير أفكار جديدة "( " الحرّية المكسورة ..." ، ص 193 )
إنّ المقتطف أعلاه من الكتاب يبيّن بوضوح إنتهازيّـته الفظّة . و عندما كانت الحركة في صعود أصبح متبجّحا و عندما شهدت تراجعا أدار لها ظهره و فرّ . إنّها لميزة أشخاص مثل كوباد أن يلتحقوا بالثورة حينما يرغبون في ذلك و يمضون إلى حال سبيلهم حينما يشعرون بالقلق . فالثورة ليست ضروريّة بالنسبة إليهم . و أيّة طبقة و أيّ شخص من فئة إجتماعيّة يمكن أن يكون إنسانا جيّدا بميزات إنسانيّة . لكن معتبرين أنّ هذه الصداقة الشخصيّة و هذا السلوك نموذجيّين لتلك الطبقة، و عاقدين مقارنة بينهم و بين سير الحزب الثوريّ و رفاق يقتلون على جبهة الحرب ، مهاجمة الحلقة اليساريّة و الحزب ليس شيئا إلاّ الغذاء ضمن كورال الهجوم النظريّ و السياسيّ الذى تموّله الدولة في صراعها مع الحركة الثوريّة .
لم يناقش كوباد أبدا أيّة أفكار حول الحزب عندما كان ناشطا في صفوفه . و الآن ، يكتب عنه بنيّة خبيثة . كتب إنّه ستوجد توتّرات إذا إلتحق أحد بحلقة اليسار فيفقد الإبداع . هذا غير نزيه و خيانة للحزب و المضطهَدين .
في هذا المقال ، تناولنا بالحديث القضايا الملموسة للديمقراطيّة الداخليّة للحزب وهي كافية لفضح المحاولة الخبيثة لكوباد الذي يعيش بسُمعة مزيّفة . لم يبتعد عن الماركسيّة فحسب و إنّما فقَ>َ رُشده و مضى بعيدا عن النظرة المادية للعالم . و قد أضاع الجانب الخلاّق قبل مدّة طويلة جدّا . في الواقع ، صارت أفكاره فاسدة . وهو غير قادر على قيادة الحركة أو تقديم الإرشاد لها . كما أنّه غير قادر على التقدّم بأيّة قاعدة موضوعيّة لأفكاره أو وضع أفكاره في بحث صارم . و بدلا بالقبول بفساده ، يزعم أنّ الحزب يملك عيوبا شيطانيّة كالبيروقراطية و الفئويّة و الفكر الإحادي الجانب و لتعاطى الخشن و الليبراليّة البرجوازيّة التي في الواقع يدعمها هو نفسه طوال الأربعين سنة الماضية . كلّ هذه " التكريمات " متشابكة ضمن خيوط قيمه الخاصة ( مثل الصنفان الثاني و الثالث لديه – أي مرض شناكيا و الهرولة من ركن إلى آخر ) . و تحوّله من الماركسيّة إلى الروحانيّات يُشبه المرور من نهاية إلى أخرى . كيف سيفكّر في قدرته على الوقوف إلى جانب المثقّف الذى تطوّر في خضمّ الكفاح المسلّح ، أعلى شكل من أشكال الصراع الطبقي ؟ هذا هو التخلّى عن إيديولوجيا الماركسية و هذه هي الخيانة السياسيّة .
أنظروا ما قاله ماو تسى تونغ في مثل هذه المناسبات :
" قرأ بعض الناس الكتب الماركسيّة و ظنّوا أنّهم اصبحوا علماء ، إلاّ أنّ ما قرأوه لم يتغلغل في عقولهم و لم يتأصّل فيها ، و لهذا لا يعرفون كيف يستخدمونه فبقيت مشاعرهم الطبقيّة هي نفس مشاعرهم القديمة . و هناك آخرون مغرورون إلى أبعد الحدود ن حفظوا بعض تعبيرات الكتب فإستكبروا و شمخوا بأنوفهم حتّى كادت تنطح السحاب ، إلاّ أنّهم كلمّا هبّت عاصفة إتّخذوا موقفا يختلف إختلافا بيّنا عن موقف العمّال و أغلبيّة الفلاّحين الكادحين؛ فهم متردّدون بينما الأخيرون ثابتون، و موقفهم غامض مبهم ،بينما موقف الأخيرين صريح جليّ ."
( " خطاب في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 12 مارس 1957 ، " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الخامس ، باللغة العربيّة " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص 331 )
خلال الحكم الفاشي لمودى Modi ، الأستاذ سيبابا المعاق بنسبة 90 بالمائة حُكم عليه بالسجن مدى الحياة . و لم يحصل الناشط كنشان نانافار المريض بالقلب و السرطان على إطلاق سرح بكفالة ماليّة و حُرم من الخدمات الطبّية المناسبة و في نهاية المطاف تُوفّي . و الداعية الديني الأب ستان سواميّ حُرم من دواء يساعد على التنفّس فلفظ أنفاسه الأخيرة في السجن لعدلي. و عنصر من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) يحصل على خدمات جيّدة في السجن و يحصل حتّى على إطلاق سراح بكفالة ماليّة . ما هو دافع هذه الطيبة من الحك الفاشيّ البراهماني الهندوسيّ تجاه كوباد ؟ كان يترتّب عليه أن يشير إلى هذا أيضا في كتابه .
لماّ يفسد المرء و يستسلم إلى العدوّ يُمنج إمتيازات فقط إذا صرّح بشئ ضد الحزب . يجب أن يقدّم معلومات سرّية للعدوّ حول الحزب و النشطاء يجب أن يقتلوهم ، كما يجب أن يقدّم بيانات ضد الحزب و يدلّ على أماكن ليسمح للعدوّ بالهجوم عليها و ما إلى ذلك . و من هنا ، علينا أن ننظر إلى ما كتبه كوباد بصدد المسائل النظريّة و السياسّة و التنظيميّة و ممارسة الحزب من هذه الزاوية . الإستسلام للعدوّ لكسب منافع من أخبث المناهج . و سيجدهذا مكانه في التاريخ على أنّه " مستسلم من النخبة " . وهو غارق في ظلال الروحانيّات ، من غير المفاجئ أنّ يتّخذ كوباد سياسة " غرفبازي "( عودة الإبن الضال إلى الوطن ) ليوغي أديتياناث مصدر إلهام له . قد تعتبر شرطة بستار هذه العودة جزءا من مخطّط الولاية – عودوا إلى الوطن ,احصلوا على شيء – و تزعم أنّها حقّقت بعض المكاسب . مع ذلك ، تتقدّم الحركة الثوريّة وهي تواجه مثل هؤلاء الخونة . و بإستمرار يتمّ إثراء الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة عبر العالم قاطبة . و هذا يبيّن مرّة أخرى أنّ كوباد لم يترك أبدا الطبقة العليا داخلة تموت و الآن يستخدم هذه الخلفيّة في محاولة قبيحة . و ليس لدينا شيء نقوله عن الشخص الخاص الذى يدعمه . نشعر بأنّه من الضروريّ أن نتوغّل في تحليل الطبيعة الطبقية للفئة الإجتماعيّة التي يعشقها تماما كوباد .
والشخص الذى يحيل عليه كوباد يمكن ن يكون شخصا جيّدا غير أنّه يتواطئ مع لرأسماليّين الكمبرادوريّين البيروقراطيّين . و قد توجد بعض الإستثناءات . لكن ان تملأ الكؤوس بالويسكي والعرق و السكوتش لن يوفّر تفكيرا جديدا عن تغيير المجتمع . لن تأتي الأفكار الجديدة لا من فاسنت فيهار من دلهى و لا ناريمان بونت من بومباي . الأفكار الجديدة تبنع من سيرورة الإنتاج و الصراع الطبقي و من العلم الذى يخدم الإنتاج و الصراع الطبقي . و السيّد كوباد لم يشارك قط في الإنتاج و الآن إستبعد الصراع الطبقي أيضا . تاليا ، ما هو الأساس الموضوعي الذى يولّد أفكارا جديدة ليك ؟ كوباد ، إنتهيت إيديولوجيّا و سياسيّا !
عدم النضج و الذاتيّة لدي أكاديمي ضحل :
كوباد الذى تعوّد العيش بمعرفة غير مباشرة وجد كنزا دفينا في السجن . قرأ بعمق و فكّر مليّا في الروحانيّات . و عادته في التوصّل إلى إستنتاجات عن طريق المعرفة غير المباشرة منحه نظرات روحانيّة . و الآن ن هو ليس قادرا على رؤية الطبقات و الصراع الطبقي و سلطة الدولة . و الحديث عن الحرّية الفرديّة دون مجتمع يساوى فوضويّة إستهلاكيّة ليبراليّة جديدة يتطلّبها السوق الإمبريالي .
مثل هذا التفكير يمضى ضد حبّة الفهم الفلسفي للشموليّة و الخصوصيّة في الماديّة الجدليّة . و يتحدّث عن كيف أنّ سلطة المال تعيق الحرّية بيد أنّه يطمس ما يتعلّق بالطبقة التي تمسك بالسلطة و ما يجب فعله لتغيير ذلك . المال تعبير عن فائض القيمة لكن المسألة الحقيقيّة هي رأس المال . و لا يشير كوباد في أيّ مكان لهذا و لو مرّة واحدة . إنّه يناقض نفسه . يقول إنّ الماركسيّين واقعين في الإقتصادويّة / الإقتصاديّة إلاّ أنّه لا يهتمّ و لو قليلا لتوفير أيّ أساس لإكتشافاته . بالعكس ، يقول إنّه يمكن نقاش موضوع الإقتصادويّة نقاش منفصلا . و ينظر كوباد إلى الإقتصدويّة و أصناف إجتماعيّة أخرى نظرة منفصلة . إنّه لا يقبل بالعلاقة الجدليّة بين هذه المظاهر . هذا هو تفكيره الإنتهازي . يتحدّث بسوء عن المال لكن ليس عن القضاء عليه ( عن الشيوعيّة و إلغاء الدولة ). و يسقط هذا التفكير في نوع الإصلاحات في إطار الرأسماليّة و ينكر أفكار الماديّة الجدليّة عن العلاقة بين السبب و النتيجة .
و يدعو كوباد إلى الإصلاح الديني بدلا من إجتثاث الكاست و الوقوف إلى جانب العلمانيّة الحقيقيّة . إنّه يسير على خطى الحكومة المموّلة من قبل يوغي – باباس الذى يسيطر على غضب الناس من خلال قيامهم بوعظهم بخطب دينيّة و دعوتهم لقيم روحانيّة . و هذا يخدم الطبقات الحاكمة وهو الخطّ الذى يدعو إليه كوباد . منهج كوباد منهج ميتافيزيقي . " إنّه يرى في الغالب الأعمّ الأشجار و ينسى الغاية . و أحيانا يرى الغابات و ينسى الأشجار " . و يولى أهمّية للأشخاص و ينسى المجتمع . و لا يفهم العلاقة الجدليّة بين المجتمع و الفرد . فالفرد يصبح جزءا من المجتمع عبر إنتاج الحياة الماديّة . و أفكاره الإحاديّة الجانب أو بحوثه الإحاديّة الجانب تُنكر قوانين الماديّة المركّزة و المعترف بها عالميّا . و يتقدّم بالفكر الروحانيّ ( الحرّية و القيم و السعادة ) كنتيجة أساسيّة للأربعين سنة من ممارسته الثوريّة ، على أنّها الدواء الحاسم لجميع المشاكل . و هذه ليست النظريّة التي كانت الرفيقة أنورادا ستوافق عليها و لا هي تتناغم مع ممارستها . و لئن كانت على قيد الحياة ، كانت ستسخر من نظريّات كوباد المبسّطة للفرار . شاعرا بالراحة في حضن الأصدقاء الشركاء ، صنع كوباد هذه النظريّة من نظرتهم ، بنظرة لتمضية بقيّة حياته في المعبد الآمن للرفاه الجسديّ.
" سيرورة تغيير الفرد تحدث عبر الوعي الذاتي " ، " قيم الأفراد تحتاج أن تغيّر أوّلا " ، " البحث عن أسباب إخفاق الإشتراكية يجب أن يركّز بعمق على الأفراد " ، هكذا يحاجج كوباد و يتقدّم بالحرّية الفرديّة و القيم الروحانيّة كحلول . " نقطة الإطلاق الديمقراطية ليست هيكلا ( مجتمعا ، سلطة دولة ، مؤسّسة ) بل ينبغي ن تكون الفرد " . الماركسيّة المعتمِدَة على العلوم الإجتماعيّة و الماديّة الجدليّة تقول إنّ المجتمع الإنساني هو الأوّليّ و البشر لا يمكن أن يعبّروا عن أنفسهم دون مجتمع .
" من أجل ها يجب أن تكون الجهود داخليّة و خارجيّة . داخليّا ، يتطلّب الأمر وعيا بما هو إيجابيّ و رغبة إراديّة للإجتهاد في هذا الإتّجاه . خارجيّا ، سيتطلّب الأمر إنشاء البيئة الأكثر مواصلة – إقتصاديّا و سياسيّا و إجتماعيّا – لتسيير التغيّر ". ( " قضايا الحرّية و تحرير الشعب " ، ص 48 ) .
و عمدا يضع كوباد الظروف الإقتصاديّة على أنّها الأسباب الخارجيّة ، في تعارض مع المبادئ الجوهريّة للماديّة الجدليّة المتّصلة بتغيّر الإنسان . و يصبح الوضع الاقتصادي أساس الهيكلة الإجتماعيّة و وعي الفرد يتحدّد بشكل واسع على هذا الأساس . دون صراع بين الطبقات المتصارعة للمجتمع و هذا يعنى أنّه دون صراع طبقيّ ضد الطبقة الحاكمة ، أي ، دون القيام بالثورة ، من غير الممكن بناء مثل هذا الجوّ الذى يتحدّث عنه كوباد . في غياب مثل هذا الجوّ الموضوعيّ ، من غير الممكن بناء وعي لدي الفرد يلهمه أن يتبنّى قيما جيّدة . و يبيّن هذا أنّه يرتئى كلّ موضوع من وجهة نظر الفكر الروحانيّ و جوهريّا يُنكر فعاليّة الصراع الطبقي و حرب الشعب .
و بالرغم من كون كوباد نثر عدّة نظريّات ، لم يملك إلاّ أن يعترف بأنّه لا يمكن أن يوجد بديل للإشتراكية و الشيوعيّة . و بالتالي ، بذكاء كبير لكن بصفة ساخرة يقول إنّ بذور الشيوعيّة تحتاج أن نحميها و نرعاها ، لكنّه يريد هذا أن يقام " دون ذبول أزهار و دون تحوّل الثمار إلى ثمار مريرة " . السيّد كوباد ، الإزدهار و الإندثار من الخصائص الطبيعيّة للأزهار . إذا عمل الساهر على رعاية الحقيقة عملا شاقا تزدهر أزهار جديدة ، لكن إن جلس بقاعة الرسم و حلُم بذلك ، لن يتمتّع بتفتّح الأزهار . إنّ عمل البستانيّ الشاق رمز للصراع الطبقي . و الشيوعيّة ليست بذرة للتخزين . إنّها مظهر إيديولوجي و كذلك موضوعيّ للواقع المادي . إنّها بطبيعة الحال حيويّة و لا حاجة لها إلى أيّ إلاه أو أيّة قوّة خارجيّة لحركتها . إنّها تنمو مع ديناميكيّة الطبيعة و المجتمع ؛ و تزهر و تتفتّح و تنشر عبيرها . في أثناء الصراع الطبقي ، تتّخذ أشكالا أرقى . و لا أحد بوسعه محو هذه الظاهرة . و في حين لم يقدر هتلر و موسيليني على إقتلاعها من الجذور ، هل سيكون بمقدور الفاشيّة البراهمانيّة الهندوسيّة فعل أفضل من ذلك ؟ لقد تطوّرت الماركسيّة في صراعها مع الإنتهازيّة اليمينيّة و المغامراتيّة اليسراوية . و أضحت مرشدة في مجال الصرع الطبقي كإيديولوجيا وحيدة للبروليتاريا و الطبقات المضطهَدَة نابذة ظلالا مختلفة من التحريفيّين كبرنشتاين و كاوتسكى و خروتشوف و دنك سياو بينغ ، و دنجى و راناديف في الهند . و تتهاوى دعائم الدفاع عن الليبراليّة الجديدة . و في الأفق لا يلوح أيّ حلّ للأزمة الإقتصاديّة الرأسماليّة . و قد نشرت الرأسماليّة وباء كورونا و بلغ الإنتاج الحضيض على جثث الشعب ، وهي من هناك تحاول جاهدة أن تمدّ الرأسماليّة بالحياة . و لا يدلّل هذا الوضع سوى على إخفاق الرأسماليّة و صلوحيّة الشيوعيّة . و لا يتعيّن أن يكون علماء الاجتماع و الماركسيّون مستائين بل بالعكس يجب أن يمدّهم الوضع بالحماس . المسألة لا تتعلّق بما إن كان الحزب الثوري كبيرا أم صغيرا و إنّما تتعلّق بما إذا كان يملك أم لا خطّا سياسيّا صحيحا و ما إذ كان يتبنّى تكتيكات مناسبة ، ما إذا كان يملك أم لا مبادئ تنظيميّة صائبة و منهج عمل و أسلوب عمل صائبين . السيّد كوباد ، لقد تسبّبت لنفسك في الإنفصال عن هذه العلاقات . و نزعت إلى طبخ مشروع حلم بمزج بذور الماركسيّة مع الفكر الروحانيّ . تتمنى أن لا تذبل الأزهر بيد أنّك تصبّ مادة سامة عليها وهي الحزب الذى إزدهر في حديقة حرب الشعب ؛ و تقوم بمحاولات لا طائل منها لتحطيم تاريخه الثوريّ اللامع . و يشير كوباد إلى الثمار الحلوة المذاق و تلك المرّة المذاق . إنّ توفّر الثمار المُرّة المذاق يضمن وجود الثمار الحلوة المذاق . دون تذوق الثمار المُرّة المذاق ، لا يمكن أبدا فهم حلاوة الثمار . و طالما أنّ المجتمع الطبقي موجود ، من الطبيعي أن تصاحبه الثمار الإجتماعيّة ، المُرّة منها و الحلوة . و المساهمة في الصراع الطبقي تضمن الثمار الإجتماعيّة الحُلوة . بالإنفصال عن الصراع الطبقي و ترك الثمار المُرّة وحدها تكتسح المجال ، تتمّ تغذية الثمار المُرّة المذاق . و من غير الواضح إن كان كوباد ، في صحبة حارة لأصدقاء و شركاء قد أدرك هذا أم لم يدركه ، غير أنّ البروليتاريا و المستغَلّين قد إستوعبوا ذلك جيّدا .
و يستخلص كوباد أنّ القيم الروحانيّة ضروريّة لمعالجة مشكل المجتمع الإنسانيّ بهدف تحقيق الحرّية / الديمقراطيّة و السعادة العالميّة . و هذا الفهم الخاطئ يفوح منه فكر ميتافيزيقي و ذاتي ينتهى في آخر المطاف إلى الفكر الروحانيّ، وهي نظرة تسبح في عالم خيالي .
خيانة :
كان كوباد عضوا في اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي( الماوي ) غير أنّه تكّر لذلك . رفض تحمّل مسؤوليّة الحركة.إنّه تهرّب من المسؤوليّة . جمّع أجزاء من تاريخ الحركة حسب ما يراه صالحا لمشروعه و عرضه على أنّه عمل إصلاحي للمجتمع . و بذلك يوجّه شتيمة لآلاف الشهداء و النشطاء و لآلآف المضطهَدين الذين ضحّوا بحياتهم و عملوا ليل نهار ضد العدوّ لجل التقدّم بالحركة الثوريّة . و يكيل كوباد المديح لخلفيّته الطبقيّة و الكاست ، و يمدح أصدقاءه و شركاءه البارسى و يمدح أيضا سادة الطبقة الحاكمة و المافيا و يُنكر الشيوعيّة الثوريّة و المشاعر الثوريّة للشعب و لنضالاته . هذا ما يرغب فيه و يحبّه و يفتخر به و بخلفيّته البارسى و النخبويّة كذلك . و هذه علامة على نزعاته غير البروليتاريّة و قيمه الفاسدة .
أن نجد الخطأ في نقص النظافة في أحياء و مدن الصفيح الداليت على أنّه تسبّب في إعتلال صحّته نظرة كاست تستحقّ الإدانة . و الحصول على خدمات المافيا و تدريسهم اليوغا و رعاية صحّتهم و السكوت عن مشاكل السجناء العاديّين لا يعنى عدا أنّ كوباد أراد أن يُنقذ جلده . و هذه محض إنتهازيّة. و هذه الإنحرافات تفصله عن إنسانيّته و تجعل منه شخصا إنتهازيّا . و من وجهة نظر إيديولوجيّة و أخلاقيّة ، هذه الذريعة قيمة تبادليّة صنعها للتخلّى عن قضايا السجناء الفقراء .
و الإطار الذى وضع فيه كوباد الرفيقة الشهيدة أنورادا كنموذج لقيم مشروعه لا يعدو أن يكون في الواقع سوى تشويه لها . إنّها منه محاولة ماكرة و ضعيفة لكسب التعاطف بمزج أفكاره المدعومة نصفيّا مع علاقاته العاطفية بصورة إنتهازيّة . أفكاره عن الديمقراطيّة و النقد الذاتي و العلاقات بين الكوادر و القادة و تصنيف كوادر الحزب إعتمادا على بناء خيالي ( " قضايا الحرّية و تحرير الشعب " ) جميعها تهدف إلى تعفير وجه الحزب بالوحل . و جميع هذا جزء من محاولة العدوّ عزل الحزب عن الجماهير . و بكيل تهم واهية للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) المنكبّ على حرب الصراع الطبقي مقدّما تضحيات جسام ، و قد أصبح موضع أمل المستغَلّين ، يسعى كوباد إلى خفض مستوى آمال الشعب و تطلّعاته .
الحزب قائد الشعب . و يأمل العدو في أن يحطّم سُمعة القادة و أن ينشر الإحباط و اليأس في صفوف الشعب . و تكرّس الدولة سياسة دعاية تضليليّة مشيطنة الحزب الثوري وفق عقيدة النزاع المنخفض الحدّة . و بالرغم من كونه كان عضوا في الحزب ، عمل كوباد بجلاء على تحطيم سُمعة الحزب . و إجمالا ، تصبّ هذه المساعي في تعزيز دعاية العدوّ الطبقي. في خلفيّة سياسة " سمدان - براهار " القمعيّة المعادية للثورة ، و يمثّل ذلك هجوما على البروليتاريا و لفلاّحين و الداليت و القبائل و الجماهير المستغَلّة و النساء و المناضلين و المناضلات و الرفاق و الرفيقات الذين يضطلعون بدور جريئ في حرب الشعب . و هذه مجرّد خيانة للحركة و الشعب و الحزب و قضيّة تحرير الإنسانيّة .
و يعقد كوباد مقارنة بين الماركسيّة و الفكر الروحانيّ و يتحدّث رافعا من منزلة الفكر الروحانيّ و يُنجز قطيعة تراجعيّة مع الماركسيّة . و يساوى التمسّك القويّ بالقيم الروحانيّة بدلا من الصراع الطبقيّ تعاونا طبقيّا و يعنى التنكّر لحرب الشعب إعداد نفسيّة الناس ليس للنضال ضد الظلم والقمع بل للحياة في ظلّ الإستغلال الأبديّ.
كوباد غارق في مستنقع المثاليّة و قد تبنّى خطّا إنتهازيّا يمينيّا . و يحاول أن يبثّ الأوهام و الإحباط في صفوف الجماهير و النشطاء و بثّ اليأٍس من النضال ضد الظلم . و بالقيام بذلك ، يقدّم الدعم للعدوّ الطبقي و آلة الدولة الإستغلاليّة و القمعيّة و يحاول أن يحمي هذه الدولة اللاإنسانيّة و الإستبداديّة . و ينبذ أساس الصراع الطبقيّ. و يستحقّ ذلك إدانة شديدة . و ليس كوباد أوّل شخص يغادر صفوف الحركة زمن القمع الوحشيّ الذى تطلقه الطبقات الحاكمة المعادية للثورة بطريقة فاشيّة ضد الحركة الثوريّة . فقد رمت الحركة الثوريّة بمثل هؤلاء الناس في سلّة مهملات التاريخ و مضت قُدُما .
بصفة عامة ، تخّلى كوباد عن الماركسيّة و اللينينية و الماويّة . و عن وعي تبنّى الفكر الروحاني و المثاليّة . ها قد وُلد دنج آخر في هيئة كوباد غندي في مهارشترا من " الحرّية المكسورة ..." . فالنقاش الإيديولوجي الذى أجراه في كتابه ليس أكثر من شكل من أشكال التحريفيّة . إنّه ينبذ الماركسيّة و الماديّة الجدليّة و التاريخيّة . كما ينبذ الحركة الثوريّة و الحزب الثوريّ. و ينأى بنفسه عن الشعب المناضل و يستهين بتضحيات الشهداء . و يُنكر واقع الصراع الطبقي و يروّج لأفكار التعاون الطبقيّ. و تفكيره هذا يخدم الطبقة الحاكمة . و بذلك لم يخن كوباد غاندي الحزب و الحركة و الشعب فحسب و إنّما خان نفسه أيضا . و كتاب " الحرّية المكسورة ..." وثيقة خائن تحريفي قفز إلى حملة التفتيش الروحانيّة و لا بدّ أن يكون الفاشيّون البراهمانيّون الهندوسيّون فرحين بقراءة هذا المصنَّف . و سيكون الأر أس أس (RSS ) مغتبطا بذلك . و قد يكون ضبّاط الشرطة قد رفعوا نخبا و قرعوا كؤوسا .
و يتبيّن أنّ سرورهم هذا عرضيّ في مسار التاريخ . أنظروا ما قاله ماو تسى تونغ
" سيحلّ النظام الإشتراكي محلّ النظام الرأسمالي في النهاية ، و هذا قانون موضوعيّ ، مستقلّ عن إرادة الإنسان . و مهما حاول الرجعيّون إيقاف عجلة التاريخ ، فإنّ الثورة ستنشب عاجلا أو آجلا ، و إنّها ستنتصر حتما ."
( " خطاب فى اجتماع مجلس السوفيات الأعلى للاتّحاد السوفياتي إحتفالا بالذكرى السنويّة الأربعين لثورة أكتوبر الإشتراكيّة العظمى " ، 6 نوفمبر 1957 ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد السابع ؛ باللغة العربيّة " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص 25)
فعلا ، تقدّم المستغَلّون في الهند بشعار الإشتراكية كبديل عن النظام الرأسمالي طوال العقود الخمسة الأخيرة . و كجزء من هذا ، لم يوسّعوا حرب الشعب عبر البلاد بإسرها بإتّجاه غنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة في الهند فحسب بل مضوا أيضا في مرحلة أعلى . و التقدّم و التراجع الكمّيين ميزة من الميزات العاديّة لحرب الشعب الطويلة الأمد . و قد تعلّمت الجماهير هذا من تجربتها الخاصّة . فالأزمة الإقتصاديّة الرأسماليّة أدّت إلى الحرب و الفاشيّة و الأوبئة مثل كورونا و سرّعت في إنتشار الحركة الثوريّة و طرحت بقوّة ضرورة الثورة الديمقراطيّة الجديدة و الإشتراكيّة على أجندا العالم . و يقف نموّ الوعي في صفوف المضطهَدين و الطبقة العاملة عبر العالم بما في ذلك البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة ضد عدوان روسيا على أوكرانياو الحرب الهوجاء والإستغلال الاقتصادي للبلدان الإمبرياليّة كالولايات المتّحدة و الإتّحاد الأوروبي ( الناتو )، و روسيا و الصين ، يقف دليلا على هذا . في هكذا وضع ، إلتحق كوباد بضفّة الرجعيّين و المعادين للثورة . بينما يجتهد العالم بأكمله لفهم الماركسيّة بطرق مبتكرة . إنّ الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة لا تُقهر وهي السلاح النظري الوحيد بيد البروليتاريا و الكادحين . و الجماهير تعرف ذلك معرفة جيّدة . و ترفع البروليتاريا و يرفع الكادحون و آلاف نشطاء الحزب بقوّة راية النظريّة العلميّة ، الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . و متسلّحين بالنظريّة و متشبّعين بثقة لا تنتهى ، وقلوبهم يعمّرها التصميم ، تمضى الجماهير الشعبيّة قُدُما .
إنّ كتاب كوباد ، " الحرّية المكسورة – مذكّرات سجن " وثيقة خيانة . إنّه أنشودة للفكر الروحانيّ و إنتهازيّة يمينيّة كصنف من أصناف التحريفية . و إنّنا نتوجّه بنداء للعمّال و الفلاّحين و الطلبة و الشباب و النساء و جميع المستغَلّين و مثقّفى الشعب و المحامين و النشطاء الثوريّين و المتعاطفين و كلّ من يحتاج إلى تغيير هذا النظام الفاسد ليندّدوا بهذا الكتاب أشدّ التنديد و لإبداء معارضة قويّة لمضامينه المعادية للشعب . لنرفع عاليا راية الماركسية – اللينينيّة – الماويّة و لنقاتل ببسالة في سبيل إنجاز الثورة الديمقراطيّة الجديدة في الهند . و لنتقدّم نحو تركيز الإشتراكية – الشيوعيّة عبر العالم قاطبة .
اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) – ماي 2022

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي