مركز ماسبيرو للدراسات الفكرية والإعلامية

محمد عمارة تقي الدين
2024 / 11 / 29

دكتور محمد عمارة تقي الدين
هذا هو مقترح لتأسيس مركز بحثي أكاديمي داخل الهيئة الوطنية للإعلام ، نظراً للحاجة الماسة لوجود مثل هذا الكيان من أجل النهوض بالإعلام المصري بشكل حقيقي والدفع به نحو آفاق بعيدة، ليصبح منافساً قوياً للهيئات الإعلامية الإقليمية والعالمية، ونرى أن يكون تحت مسمى (مركز ماسبيرو للدراسات الإعلامية والاستراتيجية)

وفيما يتعلق بالملفات والأقسام داخل المركز، يمكن أن تنقسم إلى:

أولاً ـ ملف الدراسات الإعلامية:

ويهتم هذا الملف بعدد من القضايا لعل أبرزها:


ـ المساهمة في وضع ميثاق شرف إعلامي شامل.
ـ إجراء قياسات الرأي العام حول القضايا المُلِّحة، وتحليل توجهات وسائل الإعلام الفضائية والإلكترونية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول دور الإعلام في زيادة معدلات التنمية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول دور الإعلام في الانتقال والتحول الديمقراطي.
ـ المعالجات الإعلامية للظواهر مثل: الإرهاب، الفقر، التحول الديمقراطي، الجريمة وغيرها.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول تأثير الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي.
ـ المشاركة برسم السياسة الإعلامية الوطنية بما سيقدمه المركز من أبحاث.

ثانياً ـ ملف التحول السياسي:

ويهتم هذا الملف بعدد من القضايا لعل أبرزها:

ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول التحول الديمقراطي بشكل سلمى.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول النظريات السياسة وتطبيقاتها.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول االتحولات العربية الأخيرة وانعكاساتها سلبا أم ايجابا.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول الأحزاب والقوى السياسية ودورها في العملية السياسية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول المجتمع المدني ودوره في إنجاح التحول الديمقراطي.

ثالثاً: ملف العلاقات الدولية:

سيهتم هذا الملف بعدد من القضايا لعل أبرزها:

ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول تطورات العلاقات المصرية العربية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول تطورات العلاقات المصرية الإسلامية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول التوازنات الدولية (توازنات القوى ) والموقف المصري والعربي منها.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول النزاعات الدولية ومناطق التوتر في العالم.
ـ محاولة تقديم قراءة علمية لخارطة التحولات العالمية بأبعادها المختلفة ومن ثم تفكيكها لاستنتاج انعكاساتها على مصر والمنطقة العربية.
ـ ثنائية القطب وأحادية القطب في النظام العالمي القائم.
ـ رصد عملية بروز قوى عالمية جديدة، فنحن على أعتاب نظام عالمي جديد آخذ فى التبلور، وهو أمر من شأنه الإسراع بدراسة معطياته الجديدة في ظل متغيرات إقليمية وعالمية كبيرة ستنعكس دون شك على الأمن الإقليمي.
ـ محاولة تفكيك العقل الغربي ومن ثم إمكانية صوغ خطاب قادر على التعاطي مع الغرب والتأسيس لحوار حضاري معه، في ظل تصاعد وتيرة الحديث عن مصطلحات بعينها مثل: صدام الحضارات أو حوار الحضارات.


رابعاً ـ ملف الأديان والمذاهب:

سيهتم هذا الملف بعدد من القضايا لعل من أبرزها:

ـ الحوار بين الأديان، وإنتاج الأبحاث التي من شأنها تعزيز هذا الحوار.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول الوحدة الوطنية واندماج الأقليات الدينية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر والمنطقة العربية وسبل تعزيزها.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول تطور العلاقات بين السنة والشيعة.
ـ إنتاج الأبحاث التي تمهد الطريق نحو إنهاء التوتر المذهبي في العالم العربي.

خامساًـ ملف الدراسات الإفريقية:

سيركز هذا الملف اهتمامه على مجمل قضايا القارة السمراء، ولعل أبرزها:

ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول دول حوض النيل ومشكلات المياه كمشكلات مصير وأمن قومى.
ـ إنتاج الأبحاث التى تؤكد على العمق الإستراتيجي المصري في إفريقيا وبالتحديد فى منطقة منابع النيل.
ـ تطور العلاقات بين مصر ودول وشعوب وحكومات بلدان القارة السمراء وسبل تعزيز العلاقات بين الحكومات أو الشعوب.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية التى من شأنها أن تسهم في خلق مجالات للتنمية والاستثمار المتبادل بين بلدان القارة.
ـ سبل زيادة وتحقيق أقصى استفادة من مصادر المياه في بلاد منابع النيل وعدم إهدارها، فالحروب القادمة ـ وكما يؤكد الخبراء ـ هى حروب على مصادر المياه لدخول الكثير من بلدان العالم حيز الفقر المائى.
ـ إضاءة أبعاد أزمة سد النهضة ومقترحات علمية لحل الأزمة سلمياً وبما لايضر بأي من بلدان دول حوض النيل.
ـ كشف حقيقة النفوذ الإسرائيلي المتمدد داخل القارة السمراء وبالتحديد دول حوض نهر النيل.
ـ الاهتمام بقضايا ومشكلات الدول العربية الواقعة داخل القارة الإفريقية.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية التى تمهد الطريق نحو تعزيز التكامل بين الدول الإفريقية بما يتيح إمكانية الاتحاد مستقبلاً في أي شكل من أشكال التكتلات الدولية.
ـ إضاءة قضية الأمن المائي والغذائي بين دول القارة بصفة عامة ودوره في تحقيق وتعزيز التكامل بما يحقق التنمية المستدامة بين تلك الدول مستقبلا.

سادساً ـ ملف الإسلام السياسى:

سيهتم هذا الملف بعدد من القضايا لعل أبرزها:

ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول علاقة الدين بالسياسة.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول: أسباب نمو جماعات التطرف الدينى وسبل التصدي لها.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول منطلقات الفكر الأيديولوجى لجماعات الإسلام السياسى.
ـ إنتاج الأبحاث العلمية حول علاقة الإسلام بكل من الدولة الدينية الثيوقراطية والدولة المدنية.
ـ تقديم تحليل نقدى تفكيكي لتجارب الإسلام السياسي فى الحكم وما صاحبها من إخفاقات.

وفيما يتعلق بآليـات التنـفيذ:

نقترح أن تكون دون أعباء مالية تُذكر، بل ستعتمد في بداية انطلاقها على العاملين داخل الهيئة الوطنية للإعلام ومن الباحثين المشاركين من الخارج مقابل نشر أبحاثهم.
وستكون خطوات التنفيذ كالتالي:

البدء باختيار ما بين خمسة إلى عشرة باحثين دائمين من الشباب يتم تدريبهم ليكونوا نواة المركز وليمثلوا انطلاقته الأولى ( من بين العاملين في ماسبيرو).

استكتاب باحثين من المتخصصين أصحاب الكفاءة العالية فى تخصصاتهم فى موضوعات وقضايا يختارها المركز ويحدد أبعادها بالاتفاق معهم.

الشروع في إنشاء موقع الكترونى خاص بالمركز.

عقد ندوة شهرية بمقر المركز حول القضية الأكثر إلحاحاً خلال الشهر يُستضاف بها: المتخصصون والصحفيون والإعلاميون.

عقد مؤتمر سنوي حول قضية العام والتى يحددها مجلس إدارة المركز مسبقاً ـليتم دعوة المتخصصين لكتابة الأبحاث حول موضوع المؤتمر، ومن ثم نشرها بعد انقضاء المؤتمر فى ملف دورى سنوى خاص بالمركز.

إمكانية طباعة الكتب المتميزة باسم المركز والتي تمس الموضوعات ذات الاهتمام سواء أكانت من إنتاج المركز أو أفراد أو مركز بحثية أخرى.

إمكانية ترجمة الأبحاث المتميزة ووضعها على الموقع الخاص بالمركز باللغة الانجليزية لتحقيق الانتشار العالمي وبخاصة الموضوعات التى نُريد مخاطبة الغرب بها.

الاستفادة من الباحثين داخل المركز فى تقديم التحليل العميق للقنوات الفضائية وإعداد بعض الحلقات والأفلام الوثائقية التي هي بحاجة لبعد ثقافى ومجهود علمى بحثى.

تكليف الباحثين بكتابة تقارير (تقدير موقف)حول القضايا المثارة وسبل تغطية الإعلام لها وذلك فى مواكبة للأحداث والتطورات والمستجدات السياسية.

توقيع بروتوكولات تعاون مع المراكز والمؤسسات البحثية المناظرة لبناء جسراً للتواصل مع تلك المؤسسات والاستفادة من الخبرات العلمية المتراكمة لديها.

عقد مؤتمر تأسيسي يتم باسمه توجيه الدعوة للمؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية والشخصيات والمؤسسات ذات الاهتمام ليكون بمثابة الإعلان عن انطلاق المركز.

وفي التحليل الأخير تبقي مجموعة من الملاحظات المركزية:

أولاً: من الأهمية بمكان الشروع فى وضع ميثاق شرف إعلامي خاص بالمركز على أن يتسم بقدر من الصرامة، إذ من شأنه أن يجعل القائمين على العمل داخل المركز كقاضى على منصة القضاء يتصف بحيادية تامة دون التورط فى الاستقطابات السياسية داخل المجتمع، على أن ينعكس ذلك على السياسة التحريرية للمركز ككل لنكتسب احترام وثقة الجميع.

ثانياً: ضرورة وضع إستراتيجية سنوية ولتكن خلال عام لتحديد المستهدف، ومن ثمّ إمكانية تحديد النجاحات والإخفاقات وأوجه القصور فى نهاية هذه المدة بصفة دورية.

ثالثاً: أية وسيلة إعلامية ناجحة تتلخص عوامل نجاحها فى المصداقية وسرعة التتنظيم والقدرات الإنتاجية العالية ومهارة العاملين، غير أن السبب الأهم ـ من وجهة نظرنا ـ هو مدى القدرة على تعميق المادة المطروحة داخل برامج القناة بتقديم تحليلات عميقة وذات أبعاد تثبر أغوار السياقات التي تتصل بها، وخاصة المادة السياسية المقدمة داخل برامجها الإخبارية كعلاقة الدين بالسياسة، وعلاقة السياسة بالاقتصاد، وعلاقة الإعلام بالسياسة، وعلاقة الثقافة بالسياسة ومن ثم علاقة المثقف بالسلطة،علاقة الفلسفة بالسياسة وهكذا، وكل هذا يقتضى بالضرورة إلقاء الضوء على التطور التاريخي والفكري للمدارس السياسية وانعكاساتها على صناعة السياسة فى العالم، ولاشك أن هذا كله سيكون للمركز دور كبير فى بلورته.

رابعاً: أنّ على المجموعة العاملة داخل المركز أن تدرك أنها تخوض (معركة الوعى) فى محاولة منها لخلق وعى جمعى حقيقى لهذه الأمة وليس وعياً زائفاً لنحدد ـ كأمة ـ بدقة: من نحن؟ وماذا نريد؟ وفى أى موقع جغرافى وزمنى وظروف نكون؟ وما هى قدراتنا قياساً للنظام العالمى الذى نعيش فيه بما ينطلى عليه من تكتلات وتحالفات وتوازنات دولية؟ ومن ثم إمكانية تحديد حجم وحقيقة المخاطر والتحديات التى تحيط بنا.

خامساً: هناك علاقة وثيقة وجدلية بين المركز ومجموعة القنوات داخل الهيئة الوطنية للإعلام، فعندما تُقدِّم أي قناة موضوعاً مهماً، سيقوم المركز بتحويل الموضوع لبحث وتكليف أحد الباحثين بانجازه، ومن ثم نشره على موقع المركز، كما أنه فى حالة إنتاج المركز لبحث جيد وعميق، فمن المؤكد أنه سيجرى العمل على طرحة بأى من البرامج داخل القنوات أو إنتاج تقرير أو فيلم وثائقى حول ذات الموضع،وهكذا تأخذ المعرفة دورتها بين المركز ومجموعة القنوات التابعة للهيئة.

سادساً: سنحاول قدر الإمكان، وكما هو متبع فى العالم المتقدم، أن يكون المركز بمثابة وكالة أنباء ومصدر معلومات للقنوات الأخرى أوحتى للمتخصصين من الباحثين ذوى الاهتمام بما سيسهم به من عملية إنتاج للمعرفة العلمية، ليدور الجميع مستقبلاً فى فلك ما يطرحه المركز والقنوات التابعة للهيئة من موضوعات.

سابعاً: نعتقد أنه بمجرد الإعلان عن انطلاق مركز للدراسات، أن هذا سيعطى مؤشراً وانطباعاً إيجابياً لدى كثيرين بأن مجموعة القنوات التابعة للهيئة ستتحرى الدقة والموضوعية العلمية والتعمق فى المواد المطروحة على شاشتها.

ثامناً: الكفاءات داخل المركز ستستفيد منها القنوات التابعة للهيئة دون شك، كضيوف أو محللين أو معدين والعكس.

تاسعاً: لن يتبنى المركز أية مواقف سياسية مباشرة ولن يدخل أو يتورط في الصراعات أو الخلافات السياسية، إذ أن جُل اهتمامه سينصب على توظيف البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع، بتقديم الرؤى وطرح البدائل والخيارات، بما يدعم عمليات صنع القرارات ورسم السياسات، ومع ذلك فسوف تلتزم سياسة المركز بالثوابت العلمية والوطنية من خلال التعمق فى دراسة القضايا التي تشغل العقل الجمعي للأمة بعيداً عن التحزب السياسي أو الرؤى الحزبية والأيديولوجية الضيقه.

عاشراً: صناعة المستقبل:ما نقصده هنا أن المركز سيجعل من رسالته الأساسية المساهمة عبر البحث العلمى الجاد فى صناعة مستقبل الأمة، حقيقة أن العالم فى لحظته الراهنة أصبح مشغولاً بالمستقبل أكثر من أى وقت مضى، وعليه فلقد وضع المجتمع الغربي أُسس علم جديد هو علم دراسة المستقبل (Futurology)، لاستشراف التطورات المستقبلية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية باتباع الأساليب والمناهج البحثية العلمية، وعليه انطلقت مراكز الأبحاث العالمية نحو استشراف مستقبل العالم.

ولاشك أن أمتنا هى فى أمس الحاجة إلى مثل هذه الدراسات التي من شأنها أن تحلل وتفسر قضاياها وتحدد منصات انطلاقها الحضاري وتضع رؤى واحتمالات وسيناريوهات مستقبلية، ومن ثم المشاركة في صياغة المستقبل، فمراكز الأبحاث لم تعد مجرد مراكز لجمع وتكديس المعلومات، بل أضحت مراكز لإنتاج الأفكار والسيناريوهات المستقبلية، من هنا فقد أطلق الغرب عليها اصطلاح (Think Tanks) والذى يعنى: مراكز التفكير، أو بنوك التفكير، أو مستودعات الفكر، أو خزانات الفكر، إذ أصبحت وظيفتها الأساسية هى فتح الآفاق لقراءة أحداث المستقبل لكن بشكل علمي منضبط، من خلال تحديد الأولويات، أو المسارات، واقتراح البدائل، وطرح الخيارات، وبناء السيناريوهات، ومن ثم إمكانية التدخل لتحقيق سيناريو بعينه دون الآخر.


( دكتور محمد عمارة تقي الدين : أكاديمي مصري متخصص في الأديان والصراع العربي الصهيوني وخبير إعلامي )

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي