هل من أساس لشرعية دينية للحاكم في الإسلام؟!

عبدالله عطوي الطوالبة
2024 / 11 / 29

بصيغة توكيدية، نجيب: لا النافية. لم ينظم القرآن أمور السياسة تنظيما مجملاً أو مفصلاً، كما يقول عميد الأدب العربي، طه حسين. ولم يرسم نبي الإسلام عليه السلام نظاماً محدداً للسياسة وشؤون الحكم. ولم يستخلف على المسلمين أحداً من أصحابه بعهد مكتوب أو غير مكتوب. ما حصل، كما تنقل لنا كتب التاريخ، أن المرض حين اشتد على النبي أمر أبا بكر ليصلي بالناس ففعل. حينها قال المسلمون: رضيه رسول الله لأمور ديننا، فما يمنعنا أن نرضاه لأمور دنيانا. ولو أن في الاسلام نظاماً سياسياً لرسمه القرآن، وبيَّن حدوده وأصوله، ولفرض على المسلمين الأخذ به في غير مجادلة ولا مناضلة أو مماراة. دليل آخر يعزز إجابتنا على السؤال العنوان ب"لا النافية"، نستله من الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، حين طُلب إليه أن يستخلف. قال: لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيَّاً لاستخلفته. فمن هو سالم مولى أبي حذيفة؟ لم يكن قرشياً، ولم يكن له نسب عربي حتى. تقول سيرته أنه جُلب صبياً من اصطخر، تملكته امرأة من الأنصار، ثم أعتقته. تولى ولاء أبي حذيفة من قريش، وكان المسلمون يقدمونه في أمور دينهم أيام النبي، فكان يؤم المهاجرين في الصلاة وفيهم عمر، أثناء انتظارهم مقدم النبي إلى المدينة. إذن، لم يرَ عمر بن الخطاب بأساً في استخلاف رجل ليس من العرب، بل وليس قرشيا، وهو ما ينسف "الأئمة من قريش" من جذوره. دليل ثالث نقبسه من مجريات "الثورة" ضد الخليفة الراشدي الثالث، عثمان بن عفان. حين اشتد حصار الثائرين ضد عثمان عليه، خاطبهم قائلاً:"إن رأيتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في القيد فافعلوا". ويرجح المؤرخون أن عثمان تحدى خصومه بهذا القول، لعلمه، كما يقول طه حسين "أن ليس في القرآن نص يبيح للمسلمين أن يضعوا رجل إمامهم في القيد حين يخطئ أو حين ينحرف عن الجادة". ولو قد كان للمسلمين نظام سياسي مكتوب، لطبقوه على الخليفة، دون الاضطرار الى الثورة عليه وحصاره ثم قتله، ومن دون أن تكون بينهم فرقة أو خلاف. ونختم بالحديث المعروف:"نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما نتركه صدقة". تذكر مراجعنا التاريخية، أن فاطمة بنت النبي وزوج علي بن أبي طالب جاءت إلى أبي بكر تطالب بورثة أبيها: أرض فدك. فَذَكَّرَها أبو بكر بهذا الحديث، ورفض تلبية طلبها. وتقول مصادر تاريخية أنها لم تقنع بموقف أبي بكر، وظلت ساخطة عليه حتى وفاتها. هنا، تفرض نفسها جملة أسئلة، أولها: إذا النبي لا يورث، وما تركه صدقة، ونحن نتحدث عن توريث المال المنقول وغير المنقول، فهل يُعقل ويُتَقَبَّل أو يورث النبي سلطة سياسية؟! وهل يجوز جعل القرابة من النبي، بمختلف تنويعاتها ومسمياتها، امتيازاً للظفر بالسلطة السياسية؟! وعلى أي أساس استحوذت قريش على السلطة السياسية (الخلافة) بعد النبي؟! فالخلفاء، كلهم من دون استثناء، قرشيون، وعلى وجه التحديد من بيت عبد مناف، في مراحل الخلافة كلها حتى آخر خليفة عباسي قتله المغول سنة 1258 ميلادية. ولنا أن نُذكِّر بالحقيقة التاريخية، ومفادها أن استئثار قريش بالخلافة قد جرَّ على المسلمين كثيراً من الفتن، ما تزال تداعياتها وتعبيراتها فاعلة في واقعنا العربي حتى اليوم. وما الإنقسام السني الشيعي، إلا واحداً من أصرح الدلائل على ما نقول.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي