الفيلسوف الشاعر

حسين عجيب
2024 / 11 / 28

الفيلسوف الشاعر ....


لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل ؟
( عودة متكررة للسؤال المركب والمزمن ، مع بعض الأفكار الجديدة )

السؤال ينطوي على مفارقة ، وعلى مغالطة أيضا ، وهو مضلل بطبيعته .
هل نتذكر الماضي بكل أنواعه ؟
وهل معرفة المستقبل خارج مجال الذاكرة ، بالكامل ؟
الجواب الحاسم على السؤالين معا : لا .
نحن لا نتذكر الماضي بالكامل ، ويمكن أن نتذكر بعض أنواع المستقبل بالفعل . ( المستقبل الجديد ، هو نفس الماضي الجديد ، يختلفان بالإشارة والاتجاه فقط ، وهذه الفكرة ، الجديدة ، تحتاج للتركيز والتفكير الهادئ ) .
المشكلة لغوية بالمستوى الأول ، وقد تكون لغوية فقط لا غير .
يتضمن السؤال زعم مضمر ، بأن الماضي نوع واحد بسيط ، ومفرد . ومثله المستقبل ، بحيث يمكن معرفتهما وتذكرهما . بالإضافة لزعم آخر ، مختلف ، بأن معرفة الماضي ممكنة ، ومعرفة المستقبل غير ممكنة .
أعتقد أن هذا السؤال ( لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل ) مثال نموذجي على التفكير التقليدي ، المشترك ، السائد خلال القرن الماضي وما يزال مستمرا إلى اليوم 2024 ؟!
ما الذي نتذكره ، أو يمكننا أن نتذكره بالفعل ؟
يتذكر المرء الطبيعي ، والسليم ، الأحداث التي تقع ضمن مجال حياته بشكل مباشر وفعلي .
لكن ماذا عن الماضي ، وعن المستقبل ؟
هل نعرف الماضي ، ونتذكره بالفعل ؟
وهل نجهل المستقبل بالكامل ، ونعجز عن تذكره ؟
بهذه الطريقة السائدة من التفكير ، والمشتركة ، الأسئلة غير مناسبة .
( السؤال نفسه ، موضوع النقاش ، مشكلة ، وغير مناسب )
....
الماضي في الحد الأدنى نوعين ، ربما اكثر ، أولا الماضي القديم ، ثم الماضي الجديد لاحقا . يمكن معرفة الماضي الجديد فقط ، وبشكل جزئي ومحدد بالخبرة الشخصية .
الماضي الجديد يمثل المجال الفردي ، بين الولادة والموت . بينما الماضي القديم يمثل مرحلة قبل الولادة ، أيضا جزء من الماضي الجديد يصير قديما بكل لحظة : كل ما حدث بالفعل صار جزءا من الماضي القديم .
إذن نحن لا نتذكر الماضي ، بل جزءا صغيرا من الماضي ( الجديد والشخصي فقط ) .
النصف الثاني من السؤال خطأ ، يقارب الحماقة ؟
هل نحن لا نتذكر المستقبل ، بالكامل ؟
يمكن معرفة المستقبل أيضا ، المستقبل الجديد حصرا ، جزء منه .
ويمكن تذكر المستقبل الجديد ، وهو نفسه الماضي الجديد ، لكن بشكل معاكس .
....
المستقبل يحتاج للتصنيف التعددي ، ولا يكفي التصنيف الثنائي لتحديد وتعريف المستقبل .
المستقبل الموضوعي مثلا ، منفصل بطبيعته عن الأفراد الأحياء . وهو البعيد عن الحاضر واليوم الحالي ( مثلا بعد قرنين وأكثر ، كل المستقبل القادم ، بعد اكثر من قرنين ، موضوعي ومنفصل عن الأحياء بالفعل ) .
لكن المستقبل الجديد نخبره جميعا ، ويتمثل بيوم الغد واللحظة ، يوم الغد يمثل الماضي الجديد بدلالة الحياة ، ويمثل المستقبل الجديد بدلالة الزمن .
( الاختلاف فقط بالإشارة والاتجاه ) .
هذه الفكرة منجز أينشتاين بالفعل ، أو على الأقل بالنسبة لي شخصيا فهمتها بفضل اينشتاين وفكرته الجديدة عن الماضي والمستقبل .
ما الذي نتذكره إذن ؟
نحن نتذكر الحاضر المستمر ، وهو نفسه مجموع الماضي الجديد والمستقبل الجديد بالتزامن .
....
لا يمكننا تذكر الماضي الموضوعي ، ولا المستقبل الموضوعي طبعا .
وحتى الماضي الجديد والمستقبل الجديد ( الحاضر المستمر ) ، نتذكرهما جزئيا فقط ، وما يخضع لملاحظتنا المباشرة بالتحديد .
....
أكتفي بهذا الحد من المناقشة للفكرة ، والمثال المتكرر ، ...
يمكن للقارئ _ة المهتم _ ة تكملة الفكرة ، وفهمها من خلال المثلة المناسبة مع الاهتمام ، والتفكير الهادئ والابداعي .
....
الخلاصة
لماذا لا يفهم غالبية القراء هذه الأفكار ، الواضحة ، والبسيطة أيضا ؟
السبب غياب الاهتمام ، وسيطرة الفكر التقليدي واللامبالاة .
بالإضافة إلى سببين مباشر ، وموضوعي :
السبب المباشر ، يتحدد في الكتابة والأسلوب ، وهنا اتحمل المسؤولية الكاملة مع الوعد المستمر ، بالسعي الدائم للتفكير المناسب والمنطقي .
لكن السبب الأهم غير المباشر ، موضوعي .
الأفكار الجديدة بطبيعتها صعبة ، ومنفرة ، تصدم القارئ _ة الجديد _ة خاصة .
مثال تطبيقي ، وعام :
الخلط الدائم والمستمر ( 2024 ) بين الزمن ، والواقع ، والحياة ، والحاضر ، والماضي ، والمستقبل ..في الثقافة العالمية ، الحالية ، حيث تعتبر الكلمات ( المفاهيم ، الزمن والواقع والحياة والحاضر والمستقبل والماضي واحدة ) ، وتتحرك في اتجاه واحد : من الماضي إلى الحاضر ، والمستقبل أخيرا .
هذا خطأ ، ويضلل القارئ _ة بالفعل .
كلمة الزمن غير محدودة ، وغامضة بطبيعتها ، ويجب استبدالها بأحد أنواع الزمن : الحاضر أو المستقبل أو الماضي .
ونفس المشكلة بالنسبة للحياة ، بالإضافة إلى تعقيد أكثر ، مثلا :
حتى اليوم يوجد خلط بين الحركتين المختلفتين للحياة : الحركة الموضوعية ( وهي غير مباشرة ، بطبيعتها ) ، وتتمثل بعملية تقدم العمر من الماضي إلى المستقبل ، وعبر الحاضر طبعا ( وهي مطلقة ، وتشكل مختلف أنواع الحياة وأشكالها ) . والحركة الثانية ، الذاتية ، ( المباشرة ، والظاهرة ) وهي عشوائية بطبيعتها .
أما بالنسبة لكلمة واقع ، يتعقد الموضوع كثيرا ؟!
....
ملحق
لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل ؟

لنتذكر ،
حتى اليوم يوجد كثر ، ملايين ومليارات ربما ، يحاججون إلى اليوم أن الأرض ثابتة ومستوية ، وحولها تدور الشمس والقمر والنجوم .
ودليلهم الأول ، والمشترك ، شعورنا العام بالثبات وعدم الدوخة ؟!
....
الخدعة الشعورية عامل وسبب أساسي ، ثابت ومستمر ، في تشويش الحس المشترك أو الفردي لا فرق في هذه المشكلة .
مثال 1
نشعر جميعا أن الأرض ثابتة ومسطحة ، وحولها تدور الشمس والقمر والنجوم . وحتى زمن غاليلي ، كان ذلك الاعتقاد الثابت والوحيد للبشر .
والويل لمن يخالف الاعتقاد السائد ، غاليلي نموذجا ، وعبرة .
تغير الزمن ، والحياة ، إلى الأفضل غالبا . لكن الفكرة الجديدة ، والمواقف المختلفة خاصة ما تزال تحت مقصلة التكفير والتخوين في بلادنا الشقية .
مثال 2
الزمن يتحرك من الماضي إلى المستقبل ، وعبر الحاضر .
هذه الخدعة 2 ، وهي السبب المباشر لهذا التفكير الخطأ ( والمشترك ) ، بأن الماضي مصدر الزمن والحياة معا ، وحركتهما واحدة وثابتة ، من الماضي إلى المستقبل !
الحقيقة المنطقية ، والتجريبية غالبا ، أن العلاقة بين الزمن والحياة جدلية عكسية بطبيعتها ، وتتمثل بالعلاقة العكسية بين تقدم العمر بدلالة الحياة من الماضي إلى المستقبل ، وبين تناقص بقية العمر بدلالة الزمن ، من المستقبل إلى الماضي ، وعبر الحاضر طبعا .
السؤال السابق ، التقليدي ، لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل خطأ مشترك ، وموروث .
نحن البشر العقلاء ، نتذكر الحاضر المستمر فقط ، لا الماضي العام ولا المستقل العام ( بل الماضي الجديد والمستقبل الجديد معا ، كمحصلة ) .
يتحدد الحاضر المستمر بالعمر الفردي ، بين الولادة والموت .
قبل الحاضر المستمر ، مرحلة ما قبل الولادة وهي مزدوجة بين الماضي العام ولمستقبل العام بطبيعتها .
وبعد الحاضر المستمر الماضي التام ، والموضوعي .
لنتذكر ، جميع الموتى في الماضي التام ، والأهم من لم يولدوا بعد .
....

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي