|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
خالد خليل
2024 / 11 / 25
1.
الطريق إلى الحلم
الحبُّ غابةٌ
تغفو بين أغصانها الأيّام،
تتدلّى من جذوعها الأسئلة،
ويحتدم في أزهارها الصّمت.
للرّوحِ مرافئٌ
لا يصلها البحر،
ولا تعترف بالرياح.
هل مرَّ الضوء هنا؟
أم أنَّ الظلال هي الأخرى
تحلم بالرحيل؟
كانت أمّي تزرع الحكايات
في حقول السماء.
لم تعرف الأرض لغةً
إلاّ وكانت حروفها حنطة،
وغناؤها خبزًا.
الحلم مرآةٌ،
يحدِّق في وجه الزمن،
ويرسم على زجاجها
ما لا يستطيع الفجر أنْ يبوح به.
أيُّ الأفق أنقى؟
ذلك الذي يلتقط عناقيد النجوم،
أم الذي يبتكر للعتمة اسمًا
حين تغادر الأسماء مفرداتها؟
في القلب وطنٌ
لا حدود له،
وفي المنفى أغنيةٌ
تزرع أجنحةً على النوافذ.
هذا المساء رداء العدم،
وذاك الصباح
يخبئ تحت رمشه
وجهًا لا يُرى.
الإنسان نايٌ
ثقبتْه الرياح
لينزف أنغامًا.
كلُّ جرحٍ وترٌ
وكلُّ دمعةٍ نغمةٌ
لا يدركها سوى الغياب.
كيفَ للحلم أنْ يعتذر
إن أيقظ فينا بحرًا
ثم تركنا على رمال العطش؟
2.
اعتقدتُ أنّي ابتدأت
اعتقدتُ أنّي ابتدأت،
فانبجس الزمن من صمته،
وتفتّقت الأرض عن أشرعةٍ
كانت تخفي وراءها وجه الغد.
شمسٌ تسير على أكتاف الليل
تبحث عن مهدها الأول،
وأنا،
أجمع الحكايات من رماد الحقول،
أنسجها من أنفاس الريح،
وأتركها تسبح في فضاء المستحيل.
كأنَّ البداية مرآةٌ
تعكس ألف صورة
ولا تخبرني عن ذاتي.
اعتقدتُ أنّي ابتدأت،
فوجدتُني أصوغ من الفوضى
معابد للشغف،
ومن الشكِّ أنهارًا
تشُقُّ أضلعي
فتروي عطش اليقين.
أنا الوردةُ التي تنبت في الرماد،
تُصافح شوكها وتضحك،
لأنها تعرف أنّ الألمَ
بابٌ لمدائن الضوء،
وأنَّ الوجع
رحمٌ يُخفي خلف ألم
فجرًا عظيمًا.
ظمئتُ، لكنّي اخترتُ العطش
طريقًا لأبني مدن الأسئلة.
ظمئتُ لنهرٍ يشق الأفق نصفين،
ويهمس لي:
"هاكَ شعلتي الأولى،
خذها، واصنع منها أسطورتك،
ولا تنتظر وعدًا."
3.
أوهام الحب
أيُّ شيءٍ كان الحب؟
كنتُ أراه نافذةً إلى الأبدية،
وصار جدارًا صامتًا
يحجبني عني.
لماذا حملت قلبي إليكِ
كطفلٍ خائفٍ،
يبحث عن دفءٍ
في شتاء بلا انتهاء؟
ألم أكن أعرف
أنَّ الشمسَ التي تغريني
هي شمسُ سراب؟
الحب؟
كذبةٌ لطيفةٌ
نلوّن بها فراغ أرواحنا.
وأنتِ...
كنتِ مرآةً لرغباتي،
وأنا؟
كنتُ ظلًا
لا يشبه إلاّ صدى نفسه.
في تلك الليلة
رأيت القمر
يلبس وجهكِ.
هل تعلمين كيف يلمع القمر
حين يبكي؟
تدفقتْ مياهه إلى أحلامي
كسيلٍ غامر،
وامتدت بيني وبينكِ
أنهارٌ من ليلٍ أزرق
تغرق فيها الكلمات
وتنجو منها فقط
الأوهام.
الآن أفهم...
النجومُ التي تلمع في أعين المحبِّين
ما هي إلا خيوط من الدخان،
تنسجها خيالاتهم الساذجة،
ثم تذروها الرياح.
ألم أقل لكِ
إنَّ الحبَّ ليس سوى لحظة
عمياء
تتوه فيها العقول،
وتنحدر القلوب
إلى هاوية الحنين؟
أيُّ حبٍّ هذا؟
هو خريفٌ طويلٌ،
تتساقط فيه أوراق الأيام،
دون وعدٍ
بربيع قريب.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |