1900(برناردو برتولوتشي)-1976: فيلم عن الصعود والسقوط الطبقي

بلال سمير الصدّر
2024 / 11 / 20

فيلم ملحمي،بالتأكيد ممكن،وكل شيء ممكن...؟!
فيلم مدته أكثر من خمس ساعات لابد ان يدخل ضمن هذه المعطيات...أي الملحمية
لكن الملحمية من جهة اخرى لفظ إذا اضيف لفيلم فليس من الضرورة أبدا أن يكون جيدا.
إذا،ربما هو وصف إذا اضيف لفيلم لنقول عنه طويلا فقط ليس إلا،على ان استخدامنا لهذا اللفظ كان من باب كثرة استخدامه عند قراءتنا لمراجعات نقدية عن الفيلم.
يبدأ التاريخ الفيلمي من لحظة ولادة الفريدو-الذي سيمثله شابا روبرت دينيرو،أي ميلاد أول بيلينجيري في هذا القرن،وهي عائلة برجوازية في الريف الايطالي تتحكم بفئة كبيرة من العمال والفلاحين الايطاليين،وفي مقابله سيولد (اولومو) ابن طبقة الفلاحين،ومن خلال تطورهما سيلقي برتولوتشي الضوء على التاريخ الايطالي منذ بداية القرن حتى عام 1945 وهو العام الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية.
ولكن هناك وجهة نظر معينة لهذا التاريخ الذي يسرده برتولوتشي هنا،وهي المسار التاريخي السياسي الطبقي،فالفيلم وكل شخصياته الكثيرة جدا –على انها ليست معقدة ابدا-وسرديته الطويلة المبالغ فيها والتي لم يستفد منها برتولوتشي في توظيفها باضافة عناصر ابداعية تجعل من العمل اكثر شمولية،أو حتى أكثر ابداعا من اي ناحية فنية،فالفيلم هو عن الصعود والسقوط الطبقي،اي تلك وجهة النظر الماركسية لمسار التاريخ:صراع الطبقات
باختصار،انحسار طبقة وصعود طبقة وضمن هذا المجرى يتحرك التاريخ...
كما قلنا،فهذه الرؤية الشمولية متركزة على نمو وتطور كل من ألومو وألفريدو-حيث سيصبح أولمو في شبابه غيرارد ديبويه-كأمل بازغ للفجر الاشتراكي الشيوعي للعدالة والمساواة وانحسار الفاشية.
الفريدو سينخرط في سلك الجيش،وعلى الرغم من اصوله البرجوازية فدمائه التي اختلطت بدماء الفلاحين ستكسبه تعاطفا كبير معهم ومع قضيتهم،والتي هي في الاصل انقلاب على نفسه،ولكنه وقبل ان يمسك السلطة الحقيقية،سيكسبه هذا التعاطف معاملا حركيا بحيث نعتقد بانه انسلخ من اصله البرجوازي المدعوم ايديولجيا من الفاشية،ويجعله يقدم اشياء اشبه بالخيانة لعائلته نفسها،ولكنه عندما يصبح السيد سيتحول الى وحش السلطة،بل سيبقى ذلك السيد المتمسك بمصلحته البرجوازية ذات الاصل الفاشي وفقا لمقتضيات ذلك العصر-وفي نفس الوقت سيراعي اصوله التربوية التي اختلطت بقوة بدماء الفلاحين.
أي انه بالوصف الأفضل والأدق:سيقى السيد الطيب
السردية الطويلة للفيلم لن تقدم شيئا خارج حيز هذا الموضوع،بحيث بدا برتولوتشي قد اخطأ خطأ فادحا عندما جعل فيلم 1900 مع معالجة شاملة من دون تنوع في المعطيات-على الأقل تشويقية-تجعل المشاهد يتمسك بفيلم طوله بمثل هذه المدة وأحيانا بدا الفيلم مضيعة للوقت ليس إلا...
طبعا،هناك لقطات في الفيلم ملفتة للنظر،لكنها لا تدخل في وصف:لقطة لايمكن ان تنسى،أو لقطة خالدة.
لكن،ومن ناحية أخرى ،فالفيلم هو الاكثر اجتماعية أو واقعية من بين افلام برتولوتشي كلها،اي تلك الوثائقية المختلطة بالسرد السينمائي.
ففيلم على شاكلة الممتثل-The Conformest لا يمكن ابدا ان يخدع المشاهد ليقول عنه بأنه فيلم عن الفاشية،لأنه فيلم ذاتي،عملاق في الذاتية،وعندما خرج برتولوتشي من رحم الذاتية وصنع فيلم 1900 جعلنا نتساءل:هل هذا انتاج حقيقي لبرتولوتشي....؟!ّ
18/6/2024

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي