|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
شوقية عروق منصور
2024 / 11 / 6
ظهرت نتائج الانتخابات الامريكية ، سيغيب وجه كامالا هاريس الذي كان جالساً على حافة الأنوثة والتساؤل كيف يمكن أن تصبح أكبر وأقوى دولة تحت رحمة امرأة ..؟؟ عدا عن أنها أمريكية وتعتز بوطنها ، لكن الامريكان ما زالوا ينظرون إليها أنها من عرق المهاجرين ، والدها من جامايكا من أصل أفريقي ووالدتها هندية ، ورجع دونالد ترامب الأمريكي الثري ، صاحب العرق الأبيض ، الأشقر . الذي يتكلم بصورة صاحب " الكازينو " الذي يريد أن يبقى العالم تحت سيطرة " القبضاي"
بعد صراع وصولات وجولات واحتفالات وتصريحات، كامالا هاريس تحمل على ظهرها وجه " بايدن العجوز الخرف " وترامب يحمل الوعود في جعل أمريكا أقوى بجيشها وقدراتها التكنولوجية وسيطرتها ، ويفوز " ترامب " ولكن حسب ما تداول في وسائل التواصل الاجتماعي لا فرق بين ( " أبو لهب " و " حمالة الحطب " ) . بالنسبة لنا أمريكا " رأس الحية " أو أمريكا الطاعون حسب رؤية شاعرنا محمود درويش " .
أثناء هوس أخبار الانتخابات الامريكية ، والتعليقات والحوار والتحليلات ، أنا كنت ملتصقة بأخبار " غزة " و " لبنان" الحمقى فقط من يمشون على رؤوس أصابعهم ويتوقعون أن يطير الرئيس الأمريكي خارج السرب .، ويمد أجنحته لكي يعالج جراحنا أو يغطي ويدفئ اجسادنا .
أثناء نشرات الأخبار تتنهد العبارات فوق أرقام الشهداء التي تقفز وتتصاعد ببرود إلى حد صمت الحبر أو انتحاره على ورق الحزن ، كأن هؤلاء الشهداء مجرد جدراناً قد أزيلت ، أو طرقاً قد أغلقت.
طوال عمري أكره الأرقام وأتعامل معها كواجب، اعتبرها محطات رقمية تكتب أقدارنا وتتواصل معنا في معيشتنا ، و لا أدخلها في عواطفي أو تشاطرني أحاسيسي ، ولكن حين اقرأ وأسمع تصاعد أرقام الشهداء أشعر أن قطرات من ماء النار الكاوية تحرقني ، تصب في قلبي وروحي ، أحاول معانقة الأمهات والآباء و الشباب و الأطفال والشيوخ والرضع ، لكن عناقي يصطدم بواقع استفزازي يؤكد أن هؤلاء تأملوا الحياة ولكن في لحظة توقفت الحياة وعبث معهم الرصاص والتفجيرات، حتى أصبحت أرقام الشهداء وجبات إعلامية و رسائل تتصدر الشاشات، و تصرخ وتتدلى من أعلى القهر إلى صمت القهر .
من بين شاشات الفضائيات تطل الأكفان البيضاء المربوطة بحرص كأن الذين قاموا بربطها يخافون أن يمزق أصحابها البياض ويهربون ، هذه الأكفان المصفوفة جنباً إلى جنب تنتظر الدفن السريع، هي ليست صورة عادية ، هي أبجدية التساؤل في غزة ومحيطها ، تلك الحفر الطويلة ، عشرات الأمتار تحفر في عمق الأرض ، حيث يقومون بوضع الجثث جنباً إلى جنب ثم يهيلون التراب عليها ، يسمونها " مقابر جماعية " ، ولكن انسانياً هي خيانة الانسان للإنسان ، هي مقياس وحشية الحروب ومدى الاستخفاف بحياة وقيمة وفكر وأحلام وأمنيات انسان .
ما يُسمى" مقابر جماعية " هي العنوان الواضح لمرحلة تختم ذاكرة التاريخ الفلسطيني بوجع الدموع وصدى النوافذ التي كانت مشرعة للحياة ولكن هناك من أصر على اغلاقها .
المقابر الجماعية هي المجهول الذي يراقص الأيام ويحولها إلى تثاؤب ويهيل عليها التراب .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |