بوب أفاكيان – الثورة عدد 93 : السود – إمكانيّة ثوريّة قويّة ، في تعارض مع السياسات و الثقافة الفاسدين و المحطّين

شادي الشماوي
2024 / 10 / 17

بوب أفاكيان 11 أكتوبر 2024 ، جريدة " الثورة " عدد 875 ، 14 أكتوبر 2024

هذا بوب أفاكيان – الثورة عدد 93 .
في الرسائل السابقة ، تكلّمت عن واقع هام :
إمكانيّة تحوّل السود إلى قوّة ثوريّة تبيّنت بقوّة في ستّينات القرن العشرين لكن جدّت تغيّرات كبرى مذّاك – في وضع السود في هذه البلاد و عبر العالم ككلّ .
القوى الثوريّة و المشاعر الثوريّة في صفوف جماهير الشباب خاصة ، في ستّينات القرن العشرين ، قمعتها الطبقة الحاكمة لهذه البلاد من خلال مزيج من القمع الخبيث و تقديم تنازلات لفئات من الناس ، في إطار ما كان يجرى في العالم الأوسع – بما في ذلك ، و هذا هام جدّا ، نهاية حرب الفيتنام و الإطاحة بالإشتراكيّة و تركيز الرأسماليّة في الصين في سبعينات القرن العشرين . ( في رسالتى السابقة ، تحدّثت عن الدور الإيجابي جدّا لحرب التحرير المظفّرة للشعب الفيتنامي ضد إمبريالية الولايات المتّحدة ، و عن الصين كبلد إشتراكي ثوري ، في ستّينات القرن العشرين و سبعيناته ).
و ضمن السود ، ترافق قمع بلا هوادة – بما في ذلك القتل و التهم المصطنعة و سجن قيادات و أعضاء حزب الفهود السود خاصة – بدعوات للإصلاح ، بدلا من الثورة – و ( كما تحدّثت أيضا في رسالتى الأخيرة ) التشجيع على إجراءات أدّت إلى نموّ طبقة وسطى من السود و برجوازيّة من السود ، وفى الوقت نفسه ، كانت أعداد كبيرة من السود دُفعوا أكثر نحو الفقر و اليأس . ( و القمع الخبيث للسود لم يتوقّف أبدا ، و إستمرّ طوال أجيال منذ ستّينات القرن العشرين ، مع السجن الجماعي و مواصلة قتل الشرطة للسود . و مرّة أخرى ، هناك الواقع المريع : منذ ستّينات القرن العشرين ، عدد السود الذين قتلتهم الشرطة أكبر من الآلاف الذين وقع قتلهم بوقا أثناء كامل وقت التمييز السافر و إرهاب الكلو كلوكس كلان عقب الحرب الأهليّة . )
إلى جانب كلّ هذا ، وُجِد هجوم شامل على ذات فكرة الثورة – خاصة ، الثورة الشيوعيّة – و التشجيع المستمرّ و مدح العلاقات الإضطهاديّة و الثقافة و " القيم " الفاسدة للنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ ، نظام مؤسّس على إستغلال سارق للحياة تماما للجماهير الشعبيّة ، في كلّ ناحية من أنحاء العالم ، بما فيها أكثر من 150 مليون طفل .
و كلّ هذا هو خلفيّة تبادل في السوق في الثقافة ، لبعض الوقت ، قد هيمن ، أو كانت له المبادرة في صفوف السود .
هذه ليست ثقافة ستّينات القرن العشرين ضمن السود ، بتأثير إيجابيّ له أهمّية كبرى شاملة في المجتمع الأوسع ، و في العالم ككلّ : ثقافة كجزء من طابعها الإيجابي جدّا عامة ، كانت تشتمل على تفاؤل محدّ> حول تغيير الأشياء على نحو كبير ، بما في ذلك في تعارض مع الإضطهاد العنصريّ ، و يحتوى على عنصر محدّد من كرامة النفس ؛ ثقافة فيها دور الدين مقلّص – مع الكثيرين ، خاصة الشباب ، قد إبتعدوا عن الدين و تحوّلوا بدلا عن ذلك إلى التغيير الراديكالي لظروف و علاقات الإضطهاد الفعليّة .
و الثقافة " العفويّة " ( و المروّج لها بنشاط ) التي لها اليوم تذبذب قويّ ضمن جماهير السود ، هي ، إلى درجة كبيرة ، ثقافة تعكس عدم الإيمان ب و اليأس من إمكانيّة عالم أفضل ، في العالم الواقعيّ – ب " خلاصة " أنّ كلّ ما يمكن أن تفعله هو " الإعتناء بالنفس " و الإجتهاد للحصول على ما هو أفضل لنفسك ( و الذين حولك ) ، حتّى على حساب الآخرين ، بمن فيهم آخرين ببساطة مثلك – و بتأثير ثقيل للمفاهيم الدينيّة بأنّ كلّ شيء في نهاية المطاف هو " بيد الإلاه " و كلّ اليأس و الإهانة جزء من " مخطّط الإلاه ".
في مقال " حالة طوارئ : سلاسل تقيّد الذين هم في حاجة بيأس إلى التحرّر "( متوفّر على موقع أنترنت revcom.us )، تحدّثت بوضوح عن هذا الوضع :
" اليوم ، يقع الكثيرون في أحابيل " 3 M + P ".
ما هي"3 M + P " ؟ أنا ، أنا ، أنا ... المال ، المال ، المال ... كره النساء و البطرياركيّة .
( Me,me,me …Money ,money,money…Misogyny and Patriarchy )
كلّ طرق التفكير و التصرّف التي تعكس و تعزّز هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يضطهد بخبث الناس ، هنا و عبر العالم قاطبة . كلّها يتمّ التشجيع عليها و تُضخّ في " الثقافة الشعبيّة " بما فيها موسيقى الهيب هوب ( كيف صار ذلك مهيمنا على الهيب هوب ، و كيف أفسد ذلك عمليّا هذا الشكل الفنّيّ المبدع ، الذى يمكن و يجب أن يكون صوتا قويّا للتحرير – هذه حكاية أخرى ، لها صلة وثيقة بكيف أنّ الأشياء في نهاية المطاف تتحكّم فيها السلطات الحاكمة التي تهيمن عموما على هذا النظام المريض الرأسمالي - الإمبريالي ).
هذه قيود حقيقيّة تأسر الناس – خاصة منهم الذين هم مضطهَدون بأكثر فظاعة و بشكل قاتل في ظلّ هذا النظام . "
و نتيجة كلّ هذا هي :
" جماهير الشعب محبطة و مضَلَّلة : محرومة من أمل حقيقيّ ... تجرى وراء أوهام قاتلة ... تتمسّك بيأس بأشياء ليست واقعيّة ... و تنغمس في المساعي البديهيّة بينما ترفض بعناد مواجهة الواقع الأشمل ...تسعى إلى تحويل الإهانة على رأس مال ... تنقسم بمرارة و تقيم وليمة للهراء ... و تحاول أن تصنع علامة و تخدع و حتّى تقتل بعضها البعض ."
" الإجتهاد لتحويل الإهانات إلى رأسمال " ( في شكل إهانة للذات ) ، ببعض السود ينوون حتّى التلاعب ب و الإستفادة من تسويق القوالب الجاهزة الفظّة و العنصريّة ضد السود – معتبرة الرجال السود مفترسين خطيرين و النساء السود متساهلات و حتّى أشياء تنوى أن تُنهب جنسيّا . كلّ شيء يُقلّص بفظاظة إلى سلع يتمّ تبادلها ، و كلّ علاقة بوضوح " عمليّة تبادل تجاري " : هذا تعبير عن العلاقات المهينة العامة و الثقافة المنحرفة لهذا النظام الفاسد الرأسمالي – الإمبريالي . ( هذا جزء من ما جاذبيّة دونالد ترامب بالنسبة إلى بعض السود ، رغم عنصريّته السافرة و العدوانيّة لأنّ÷ يقدّم نفسه كسيّد ل " الاتفاق" ، و في الوقت نفسه نوعا " ضحيّة " النظام ، في حين أنّه في الواقع قد عاش حياة مدلّل من البدايات الأولى ، و " معارضته " لبعض هياكل السلطة ليس الهدف منها سوى التقدّم بمصالحه الشخصيّة – و بالمعنى الأشمل ، هو في خدمة نسخة متطرّفة حتّى أكثر، فاشيّة ، من النظام الإضطهادي بشكل مجرم والإستغلالي بوحشيّة وهو تعبير فجّ عنه ).
كلّ هذا هو ما يفعله هذا النظام للسود !
و كلّ هذا ليس شيئا ينبغي ، بأي حال من الأحوال ، الدفاع عنه و التذيّل له و دعمه ( فما بالك بتعظيمه ) . إنّه شيء يحتاج إلى أن يكون موضع صراع حيويّ ضدّه ، و تغييرها راديكاليّا ، كجزء مفتاح من تغيير العالم الأوسع – و بخاصة إحياء مرّة أخرى و إعطاء التعبير الأقوى لإمكانيّة السود كقوّة لثورة تحريريّة حقيقيّة .
و سأختم بهذا ، بالنسبة إلى الآن ، ضمن الشباب السود خاصة اليوم ، في ظروف فرضها بقوّة هذا النظام عليهم ، سارقا منهم الحياة الكريمة و متعاطين معهم ك " حيوانات " خطيرة ، متنكّرا لحقوقهم الأساسيّة – هناك نوعا من الإعتزاز المتحدّى لأن يكونوا " وحوشا " . إنّ التحدّى الكبير الواقعي ، الطريقة الأهمّ للنهوض ضد كلّ هذا ، و وسائل وضع نهاية في الختام لكلّ هذا الجنون ، هو أن يتحوّلوا محرّرين – جزء من هيئات الشيوعيّين الثوريّين من اجل تحرير الإنسانيّة ، القوّة الجدّية و المنظّمة التي تعمل بنشاط لنشر و الإعداد لثورة للتخلّص من كامل النظام المجرّد للإنسانيّة ، لتحقيق قفزة عميقة إلى الأمام من أجل تحرير ليس السود فحسب و إنّ/ا كافة المضطهَدين و المعنَّفين و المستغَلّين في كلّ مكان – من الإنسانيّة ككلّ .
تاليا : الثورة ،و الشيوعيّة الجديدة – لا ولاء مهين لهذا النظام – هما وسيلة إنهاء كابوس لزمن طويل للسود و الإنسانيّة ككلّ .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي