خاتمة المخطوط الجديد 3

حسين عجيب
2024 / 10 / 3

الخاتمة
تصور جديد للواقع والكون ، بدلالة نظرية الانفجار الكبير

1
شغلتني مشكلة البداية ، فكرة وحقيقة البداية ، مثل الجميع .
وهو سبب اهتمامي ، لدرجة الهوس ، بفكرة ونظرية الانفجار الكبير .
....
ستينات وسبعينات القرن الماضي ، كان نمط التفكير السوري السائد تقليدي حول الواقع والكون والزمن .
أساتذتنا كانوا فريقين ، تقليدي يعتبر أن الأرض مسطحة ، وآخر حديث يعتبر ان الأرض كروية .
أتذكر بوضوح ، ذلك التناقض لدرجة الذعر بين الفريقين .
أحدنا صح والآخر خطأ ؟!
....
لا أتذكر كيف تغير موقفي العقلي إلى النقيض ، من الأرض المسطحة والثابتة وحولها تدور الشمس والقمر والنجوم ... إلى الموقف الجديد ، الأرض كروية تدور حول الشمس ، والعكس خدعة حواس .
2
بالنسبة لموقفي من الحرب والسلام ، أكثر وضوحا .
ثمانينات القرن الماضي ، تعرفت على مبدأ اللاعنف . وشاركت السخرية منه مع بقية أصدقائي ( اليساريين بغالبيتهم ) .
مع بداية عقد التسعينات ، خاصة بعد حرب الخليج الثانية ، تغير موقفي العقلي بشكل حاسم إلى رفض العنف _ والاستثناء بحدوده الدنيا .
....
أعرف صعوبة تغيير الموقف العقلي ، مثل تغيير أية عادة انفعالية .
وأعتبره علامة الصحة العقلية ، وتحقيق النضج المتكامل والمتوازن .
.....
فكرة التغيير الارادي للموقف العقلي تمثل اتجاه الصحة والنضج المتكامل ، لا التغيير الانفعالي وغير الواعي غالبا . ولكن قبل ذلك حالة فوضى العقل " الثرثار الداخلي " ، بمعنى أن تكوين تصور ثابت للواقع والكون مرحلة ثانية ، ومتقدمة على مستوى الفكر وهي من علامات الصحة العقلية .
3
بداية الكون ؟!
البداية المطلقة للمكان ، وللزمن ، ولكل شيء !
لا أحد يعرف .
تمثل نظرية الانفجار الكبير الموقف الثقافي العالمي ، الحالي ، بجانبه العلمي والفلسفي .
كتبت عدة نصوص سابقة ومنشورة على الحوار المتمدن ، في نقد النظرية وأعتقد أنها ناقصة وحالة خاصة بحاجة للتكملة _ لمن يهمهم الموضوع .
من خلال الملاحظة المباشرة ، يمكن فهم نقص النظرية التي تعتبر أن الماضي بداية مطلقة ووحيدة ، والمستقبل نهاية مطلقة ومقابلة . حركة الواقع ليست بسيطة ، أحادية ومفردة : من الماضي إلى الحاضر ، ثم المستقبل . هذه حركة الحياة بالفعل ، وتتمثل بتقدم العمر . ولكن حركة الزمن بالعكس ، وتتمثل بتناقص بقية العمر . وتوجد حركة ثالثة على الأقل ، تتمثل بالحاضر المستمر ، الحاضر 1 ، الحاضر 2 ... الحاضر س .
4
في الحاضر فقط ، يتطابق المكان والزمن والحياة .
أو في الماضي الجديد ، والمستقبل الجديد ، والحاضر المستمر .
( بينما موقف نظرية الانفجار ومعها الموقف الثقافي السائد ، الموروث والمشترك ، يعتبرها الحالة العامة والموضوعية للواقع والكون ) .
في الماضي القديم ، أو التام والموضوعي ، قبل ظهور الانسان مثلا ، تكون حركتا الزمن والحياة بعلاقة عكسية ، جدلية عكسية ، تتمثل بمعادلة صفرية من الدرجة الأولى : الزمن + الحياة = 0 .
وفي المستقبل الموضوعي أيضا ، تكون علاقة الزمن والحياة متعاكسة .
مثال الظاهرة الثالثة " أصل الفرد " :
لنتخيل أي فرد ، سوف يولد بعد قرن وأكثر ، أين يوجد الآن ؟
مكان وزمن وجود الفرد قبل ولادته ليس في العدم ، أو اللامكان كما كان يعتقد سابقا ، بل يتوزع بين الماضي والمستقبل .
( ناقشت الفكرة سابقا ، بشكل تفصيلي وموسع ، وأكتفي بالتذكير فقط بالفكرة العامة لأصل الفرد أو الظاهرة الثالثة )
....
الواقع المباشر ، الحالي ، بدلالة حركاته الثلاثة :
1 _ حركة الحياة ، التقدم بالعمر ، من الداخل والماضي إلى الخارج والمستقبل _ عبر الحاضر المستمر .
2 _ حركة الزمن ، تناقص بقية العمر ، من الخارج والمستقبل إلى الداخل والماضي _ عبر الحاضر المستمر أيضا .
3 _ حركة المكان ، الحاضر المستمر ، من الحاضر الحالي 1 إلى الحاضر الحالي 2 ... إلى الحاضر الحالي س .
هذه الحركة الثلاثية ، وربما الشاملة والمتعددة _ بين الداخل والخارج ، بالعكس أيضا وبالتزامن بين الخارج والداخل _ تتضمن المستوى الأولى الأحادي والخطي والمفرد ، ولكن العكس غير صحيح سوى احتمال .
بكلمات أخرى ،
الحركة الأحادية ، أيضا المنطق الأحادي ، جزء من الحركة الكلية والشاملة ، وهي نتيجة بطبيعتها ( أيضا خطية ومفردة ) .
أيضا المنطق الأحادي جزء ، ونتيجة .
هذه الفكرة الجديدة ، تتضمن حركة التعاقب والتزامن معا بالفعل ، وهي تمثل وتجسد بديلهما الثالث المناسب .
5
مشكلة البداية والنهاية ، أو العكس النهاية والبداية ، انتقلت إلى مستوى جديد أبسط ويقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا استثناء .
مثلا : قبل مئة سنة ، كان الواقع ( الموضوعي ) هو نفسه 2042 .
وبعد مئة سنة ، سيبقى الواقع ، الموضوعي ، نفسه ( منطقيا ) .
كما يمكن لأي قارئ _ة سنة 2124 ، تكملة هذه الفكرة بسهولة وسلاسة ، وأفضل منا جميعا الآن : الكاتب _ ة والقارئ _ة ...
( بالطبع إذا لم تحدث كوارث كونية تنهي الحضارة الحالية ، وقد تكون من صنع الانسان وحماقته ، أو طبيعية وخارج قدرة الانسان وإرادته ) .
....
أعتقد أن الواقع الحالي ، الموضوعي متمثلا بالحاضر المستمر ، هو نفسه قبل قرن أو قبل مئة مليار قرن ، وسوف يبقى نفسه بعد مدة معاكسة .
الحقيقة الموضوعية هي نفسها ، قبل عشر سنوات أو قبل عشر مليارات سنة . وستكون نفسها بعد عشر سنوات أو عشر مليارات سنة ، منطقيا .
....
المشكلة الأساسية نقص معرفتنا ، الحالية والمستقبلية ربما ، النقص الموضوعي الذي يتعذر تجنبه أو تجاوزه .
مشكلة نقص المعرفة بالحدود ، مثال 1 :
لا يمكن معرفة نوع الحد ( أو الحدود ) ، وطبيعته ، بين الصفر والواحد . لا على المستوى الرياضي والرمزي ، وعلى مستوى اللغة تتعقد المشكلة بطبيعتها أكثر ، فأكثر . ( المسافة بين الكلمة وبين الشيء ) .
مثال 2 :
لا يمكن معرفة الماضي ، مثلا ، سواء المفرد أو الثلاثي ...
ماضي الزمن ، أو نقطة البداية ؟
لا تختلف معرفتنا اليوم عن البداية المطلقة للمكان ، أو للزمن ، أو للحياة ، عن معرفتنا من سبقونا قبل قرون .
نفس المشكلة مع المستقبل ، بل تتعقد أكثر .
ومع الحاضر ، تصيبنا المشكلة بالدوخة والشلل العقلي .
من يعرف لحظة الحاضر ، المكانية والزمنية والحياتية ؟!
بالمختصر ، نحن نجهل أصغر من أصغر شيء .
( أعتقد أنه ثلاثي ، بالحد الأدنى ، وليس مفردا ولا ثنائيا )
أصغر من أصغر شيء ، سواء رمزنا له بالصفر او النقطة أو اللحظة وغيرها ، هو أو هي ( الصفر ، النقطة ، اللحظة ) ثلاثي البعد والطبقات والأنواع والمكونات : مكان ، وزمن ، وحياة .
ونفس المشكلة ، لكن مع درجة ( درجات ) أعلى من التقيد والغموض :
ما هو أكبر من اكبر شيء ، وهل يمكن تحديده ؟
لا أعرف .
وأعتقد أن الجوا بالمناسب لا نعرف بعد .
....
خلاصة
تصور جديد ثلاثي ، وليس مفردا أو أحاديا أو خطيا ، للواقع والكون :


يتعذر تحديد الحاضر حتى اليوم 2024 ، وخاصة بدلالة الواقع أو الكون ؟
كما يتعذر تحديد ، وتعريف الواقع والكون بدلالة الحاضر ؟!
والسبب كما أعتقد ، المنطق الأحادي ( المفرد والبسيط والخطي ) الذي يعتبر أن الحياة جديدة وطارئة على الواقع . وكما نعرف جميعا التقسيم الثنائي : المكان والزمن ، على اعتبار أن الحياة مضافة وليست أساسية !
مع أن فيزياء الكم اكتشفت ، منذ أكثر من قرن ، أن المعادلة الأساسية للوجود والواقع والكون ثلاثية : مكان ، وزمن ، وحياة .
الحياة تتمثل بالمراقب ، الوعي ، الذي يقوم بعملية المعرفة بمراحلها المتنوعة والمختلفة : الملاحظة ، والتحديد ، والقياس ، والتعميم .
سأكمل مناقشة هذا التصور في المخطوط الجديد ، من خلال المقارنة مع نظرية الانفجار الكبير .
....

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي