لماذا لا نزحف على إسرائيل ؟

سعود سالم
2024 / 9 / 30

إسرائيل اليوم تبدو كدولة عظمي، بل أكثر من عظمى، كدولة إلهية، تفعل ما تشاء وتفرض منطقها العسكري ونظامها العنصري على من تشاء من عباد الله أينما كانوا، تغتال من تشاء أين تشاء ومتى تشاء. إسرائيل دولة عظمى ولها "الحق" في الدفاع عن نفسها، لها الحق في إغتيال الشيوخ والنساء والأطفال، إذا أفترضت أن هؤلاء يهددون وجودها وأمن أراضيها ومواطنيها. إسرائيل تنشد السلام والأمن لكل المنطقة، ولذلك تفجر كل ما حولها وتحيله ركاما وحطاما ودخانا ورمادا، الحرب هي الوسيلة الوحيدة للسلام في مواجهة من لا يريد أن يستسلم للإرادة الإلهية لشعب الله. المواطن الفلسطيني أو اللبناني أو السوري أو العراقي، والذي ليس له من المواطنة سوى الإسم، هو إرهابي بالضرورة، هذا المواطن موسوم بختم الخطيئة، خطيئة الوجود في هذه المنطقة الموبوءة بالآلهة والأنبياء والأثرياء والمعتوهين، خطيئة الكفر بإسرائيل وحقها في إحتلال ما تشاء من هذه الأرض التي منحها الحق الدولي وحق القوة والمال والسلاح، خطيئة عدم الإستسلام وعدم الخضوع والطاعة لمباديء الإحتلال ومباديء رأس المال.
العالم المتقدم، العالم المستنير، عالم الديموقراطية وحقوق الإنسان والعدالة بين الرجال والنساء، عالم الحقوق المدنية والمساواة بين كل المواطنين، رجالا ونساء مثليين ومثليات في الإحترام والعيش بكرامة والحق في الإقتراع والعمل والصحة والتعليم والزواج وتبني الأطفال، هذا العالم الشديد التقدم برمته يشهد ليلا ونهارا بحق إسرائيل في تفجير منازل الفلسطينيين ومن يساند قضيتهم الخاسرة. بطبيعة الحال هذا أمر طبيعي، فهذا العالم الرأسمالي الديموقراطي العادل هو من أعطى أرض الفلسطينيين للأوروبيين اليهود الغير مرغوب فيهم في الغرب، وكانت الوسيلة المناسبة للتخلص من اليهود، وفي نفس الوقت إحتلال كل المنطقة بطريقة مباشرة.
العرب والمسلمون، او الذين يدعون هذه الإنتماءات المشبوهة، أصابهم نوع من الهلع الميتافيزيقي في مواجهة جحيم إسرائيل الحقيقي والذي أدى إلى هذا الشلل العضوي الذي نشاهده اليوم، وأصبحوا يحدقون في ما يحدث كالبلهاء دون أن يفهموا أن القنابل ستفجر بيوتهم أيضا ذات يوم قريب، وقد أنتهى بهم الأمر إلى التسليم بالواقع والإعتراف بتفوق إسرائيل وعلى أنها إرادة الله، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل خوفا من إسرائيل وامريكا، الخوف على عروشهم وممتلكاتهم وقصورهم، وليس الخوف على مواطنيهم.
أعترف الجميع إذا، من عرب وعجم، من مسلمين ونصارى ويهود وغيرهم بحق إسرائيل في القتل والتفجير والإغتيال، فذلك يتمشى مع وثيقة حقوق الإنسان، والجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، فلنكف إذا عن هذه الإدعاءات المزورة عن همجية الإحتلال ورفع القضايا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ولنكف عن التنديد والإدانة والتهديد والوعيد، إسرائيل دولة عظمى يساندها الله والدولار والسيد بايدن وماكرون وغيرهم من الأباطرة، فجففوا دموع أطفالكم، إن مازالوا على قيد الحياة وضمدوا جروحكم وجروحهم وأستسلموا للقضاء والقدر وإرادة الله وإسرائيل .. وإلا .. وإلا .. بدل النزوح المتكرر شمالا وجنوبا، لم يبق لكم سوى الزحف بالآلاف أو بالملايين على الأقدام أو على ظهور الحمير وإجتياح حدود إسرائيل سلميا للمطالبة بالحق في الحياة، ولنرى ويرى العالم ما ستفعله إسرائيل.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي