حصانة قدوري ابو الفوح

كاظم فنجان الحمامي
2024 / 9 / 17

الفوح في الفصحى: هو شذى العطور الطيبة، لكنه في لهجتنا العراقية الدارجة: عصارة الرز المطبوخ، وهو الذي صار عنوانا ولقبا لقدوري ابو الهوش. .
لا احد يعلم كيف حصل قدوري على لقب (ابو الفوح). لكن قدوري نفسه ظل يشغل المركز الاول في الوزارة، وظلت كلمته مسموعة في كل التشكيلات. .
ولا احد يعرف شيئا عن تحصيله الدراسي، يقال انه كان سارحا بالهوش (الأبقار) والصخول (الماعز) قبل أداءه امتحانات الوقف الــ ؟؟. ثم صار عضوا فاعلا في تنظيمات (الخير خيرنا يا عراق). .
يحتل قدوري جناحا كاملا في مركز الوزارة، وله مكتبه الخاص، لكنه يمضي وقته كله في الثرثرة والقهقهة وفي تناول اللبلبي والشاي السنكين المهيل من رأس القوري. .
حتى الوزير نفسه لا يعرف المهام الاستراتيجية المكلف بها قدوري، فهو الآمر الناهي، وهو المطاع المهاب، وله من الحصانة والمكانة ما لا يتصوره العقل ولا يقبله المنطق. .
عندما ترى قدوري بلحيته الشعثاء ومسبحته الطويلة واختامة الموزعة على أصابعه الغليظة تعتقد انه هبط تواً من جبال تورا بورا في افغانسان، أو كان قابعا في كهوف قندهار. فهو من حيث الهندام والچهرة والوجه العبوس والحواجب الكثة اشبه برجال طالبان. قال لي صديقي انه سأل قدوري ذات يوم: ما الذي تفعله هنا ؟. فقال له: أنا اعمل هنا بتكليف شرعي من الحزب، وكانت يده على السلاح. .
يشارك قدوري من وقت لآخر في اجتماعات هيئة الرأي من دون أن يدلي برأيه، فهو يمضي وقته كله في التثائب وطقطقة أصابعه المتورمة، واحيانا يغالبه النعاس فيستسلم للنوم العميق. .
هناك نسخة مستنسخة من قدوري ابو الفوح في كل وزارة وفي كل تشكيل وفي كل قسم، ولكن بأسماء والقاب مختلفة، ولكل من هؤلاء ارتباطاته الحزبية، وسيارته المصفحة، وحمايته المدججة بالسلاح، ولهم كلمتهم المسموعة. ولا احد يقدر على إزاحتهم وإعادتهم إلى قطعان الهوش والدواب. هؤلاء هم الذين يتصدرون المشهد بأساليب همجية يغيب فيها الحق والعدل، ويحضر فيها الظلم والقتل، ويكثر فيها الحبس والسجن، وتسيل فيها الدماء أنهاراً. لا لشيء إلا لأنهم يعلمون أنهم غير مؤهلين ولا جديرين بهذه المراكز العليا، فيسلكون سلوك أرباب العصابات والشقاوات والسيبندية، شعارهم فيها: لا صوت يعلو فوق صوت القوة والبطش، والقطع جزاء لكل هَامة بالعز تُرفع، والصمت فرض على كل عقل يُفكر أو لسان يُذَّكر! ورغيد العيش عندهم من أحنى لهم الرأس، وأغمض عنهم العين، وصم عندهم الآذان، وفعل ما أُمر به دونما تبرير ولا نقاش. .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي