|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
كاظم فنجان الحمامي
2024 / 9 / 15
من نكد الدنيا ومن هوانها ان يصل بك العمر إلى نهاياته المحتومة فتجد نفسك مضطراً لشحن بطاريات الزمن المتبقي من ساعات حياتك. .
بطارية لتنظيم دقات قلبك، وبطارية لشحن بطاقاتك الذاتية الممغنطة لكي تثبت لهم انك مازلت تشم الهواء في ارض الله الواسعة. وربما تضطر إلى التعكز على عصاك لتذهب بوجهك المبلل بالتعاسة إلى المراكز الامنية فتتزود منهم بشحنات القبول والرضا بالقدر الذي يسمح لك بالعودة راجلاً إلى بيتك والبقاء في منفاك لمدة اسبوع واحد فقط غير قابل للتمديد إلا بعد معاودة الشحن الدوري المفروض عليك، فقد وضعوا علامة (X) امام اسمك فاصبحت تحت مراقبتهم المشددة شئت أم أبيت، يتعين عليك التردد على مراكز الشرطة كلما دعت الحاجة حتى تثبت لهم انك لم تكسر القيود ولم تتجاوز الحدود، ولم تبرح مكانك. وقد تطاردتك رادارات (المسائلة والعدالة) خارج شبكات خطوط الطول والعرض، فتقتفي أثرك من منفذ إلى منفذ، ومن مرفأ إلى مرفأ، ومن مطار إلى مطار بدوافع إنتقامية بغيضة. ولا عزاء لك حتى لو بلغت من العمر عتياً. .
هذه مرحلة من أشد المراحل تعباً حيث تقف فيها وحيداً أكثر من أي وقت مضى. وأنك بكل أحزانك لا تعني للحاقدين شيئا. .
نحن ندرك انك لم ترتكب إثما، ولم تقترف ذنباً، ولم تنتهك القوانين والأعراف والشرائع، لكنك في حساباتهم من المغضوب عليهم، بينما يرى الناس أبواب مغارة علي بابا مفتوحة على مصراعيها للسراق والقراصنة وارباب السوابق. هؤلاء وحدهم يتمتعون بصلاحيات التنقل الفضائي الحر بطائراتهم الخاصة من قارة إلى قارة، ومن منتجع إلى منتجع بجوازات متعددة وأسماء مُنتحلَة، وأرصدة مفتوحة. ولهم الحق بابرام الصفقات المليارية بعيدة المدى. .
يظنون انك لا تراهم، فيكيدون لك وهم لا يعلمون انك أوكلت أمرك إلى الله، وعين الله لا تنام. فإلى اصحاب الضمائر السياسية المعطوبة: سوف تزوركم أفعالكم في وقت لاحق يعلمه الله، فلا تفجعوا عندما يسقيكم الله من نفس الكأس الذي سقيتموه لغيركم. هذه بضاعتكم ردت إليكم. .
اما أنت يا صديقي فستفهم جيداً أن الأشياء ترحل إذا لم تجد الاحتواء، وأن الصبر وإن طال ينفذ، وأن الحياة لا تقف على عتبة أحد. . .