دعوى قضائية دولية ضد الحكومة الامريكية لتهيئتها للارهابيين في سجن بوكا جنوب العراق - 18

سعد السعيدي
2024 / 9 / 5

خلال فترة الاحتلال الامريكي للعراق والتي استمرت حتى نهاية العام 2011 انتبه العراقيون في نشرات الاعلام المتعلقة بالارهابيين الى تكرار جملة فيها. هذه الجملة هي سجن بوكا. إذ لاحظوا ورود اسم هذا السجن في سيرة كل ارهابي يقتل او يلقى القبض عليه. فجل هؤلاء كانوا نزلاء فيه قبل اطلاق المحتلون الغزاة سراحهم ليذهبوا بعدها الى ارتكاب جرائمهم. وهو ما جعل العراقيين يستنتجون بالتالي علاقة الامريكيين الوثيقة بالارهاب. فالامريكيون كانوا يهيؤون هؤلاء في سجونهم ليصبحوا ارهابيين لاحقا. إذ قطعا لم يكن سجن بوكا هو الوحيد المتخصص في العراق بهذه الاعمال. ولم يتقدم احد ولا اية جهة لحد الآن ليطالب الامريكيين بتقديم توضيح حول اسباب اطلاقهم سراح كل هؤلاء الارهابيين بعد القاء القبض عليهم، واسباب توجه كل هؤلاء الى ارتكاب الجرائم الارهابية الدموية بمجرد خروجهم من ذلك السجن. وتشير بعض المصادر الى ان 17 من الـ25 قائدا الأهم من قادة تنظيم داعش أمضوا مدة في السجون الأمريكية في العراق بين عامي 2004 و2011. نسترعي الانتباه من جهتنا الى حقيقة عدم تعرض سجن بوكا الى اي هجوم ارهابي لتحرير القيادات التي فيه على العكس مما حصل للسجون الحكومية العراقية الاخرى التي ضمت ارهابيين مثل سجني بغداد المركزي في ابو غريب والتاجي في اوقات لاحقة بعد جلاء المحتلين.

من القيادات الارهابية البارزة في تنظيم داعش ممن خرجت من سجن بوكا هي ابو محمد الجولاني وابو بكر البغدادي اول خليفة لداعش وعبد الله قرداش وابو مسلم التركماني وابو ابراهيم الهاشمي القرشي خليفة ابو بكر البغدادي بعد مقتله.

لقد وفر سجن بوكا تحت الاشراف الامريكي البيئة الخصبة للتنظيم والإعداد للمتطرفين والمتشددين والبيئة الأمثل للتخطيط والتفكير بتشكيل الجماعات الجهاديّة. وذلك بتسهيل تنظيم اجتماعاتهم والتنظير لأفكارهم التكفيرية بحكم تجميعهم كلهم في مكان واحد، حيث التقى الكثير من قيادات الجماعات هذه ببعضهم بعضا.

وبناء على تقرير نشرته صحيفة العرب اللندنية في 10 نيسان 2019 جرت الاشارة إلى ان سجن بوكا قد انتج اشرس متشددي العالم وهم الدواعش. وكان يسمى قبل ظهور هذا التنظيم بـ(مدرسة تنظيم القاعدة)، وقدّم فيه أفراد من التنظيمات الإرهابية دروسًا حول المتفجرات وتقنيات التفجير الانتحاري للسجناء الآخرين. وقد تمكنوا من تجنيد اعداد من السجناء الذين اختاروا في ما بعد الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي. وبحسب بعض المصادر كان السجن يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل حيث عرف ايضا باسم (جامعة الجهاد). ولن يحتاج ايا كان للتساؤل عن كيفية حصول كل هذه الامور دون انتباه ادارة السجن وحراسه اليها ؟ فلا يكون الاستنتاج في هذا إلا ان السجن كان يدار فعلا من قبل الامريكيين لتهيئة الارهابيين. ونحن نعطي هذا الاستنتاج الذي يشبه ربما ادعاء البلاهة حتى مع علم الجميع بكشوف هيلاري كلنتون ولاحقا الرئيس الامريكي اوباما عن تورط بلدهم بتشكيل هذه الفرق الارهابية المسماة القاعدة وداعش. وهذه الكشوف هي ليست إلا تأكيد على ان الارهاب صناعة امريكية.

ولابد قبل من الانتهاء من الموضوع من الكشف عن علاقة الارهابي ابو مصعب الزرقاوي الوثيقة هو الآخر بالامريكيين عن طريق ايراد الطريقة التي قتل بها. إذ قطعا يتذكر القراء من العراقيين الحادثة. والقصة هي ان قوة من الامن العراقي كانت تتقدم نحو البيت الذي كان يختبيء فيه الزرقاوي في محافظة ديالى لاعتقاله. وعندما اصبحت القوة على مسافة قصيرة من البيت سقطت فجأة قنبلة او صاروخ من السماء عليه ونسفته بمن فيه حيث قتل الزرقاوي بتلك الضربة. وقد تكررت هذه الحوادث لاحقا في كل مرة كانت قوات امن عراقية في طريقها الى اعتقال ارهابيين في اماكن اختبائهم. فالامريكيون هم من يسيطر على الاجواء العراقية وما زالوا. ثم في لحظة ما قررت الاجهزة الامنية التي كانت مجبرة على العمل مع الامريكيين الذين يحتلون البلد، عدم إبلاغهم بخططها لاعتقال الارهابيين. وهو ما جرى حيث ادى هذا لاعتقال احد هؤلاء حيا من دون مفاجآت جوية. لكن قد حصلت مفاجأة اخرى. إذ قام الامريكيون بعدما تسرب اليهم امر الاعتقال، بمطالبة القوة المهاجمة بقوة والحاح بتسليم المعتقل اليهم حتى من دون قيام القوة الامنية بالتحقيق معه. ولا يحتاج المرء الى الكثير من الذكاء ليتوصل الى الاستنتاج بان الامريكيين هم من كان يحرك هؤلاء الارهابيين للقيام بجرائمهم. وهم بقتلهم كانوا يضحون بهم كيلا يفشوا اسرارهم. وهو ما حصل مع الزرقاوي والكثيرين مثله قبله وبعده. وفي الحالة اعلاه كانوا يريدون استلام الارهابي المعتقل بسرعة كيلا يفشي اسرارهم. جدير بالذكر هو ان الزرقاوي كان يقضي محكومية 15 عاما في بلده الاردن عن جرائم ارهاب. وخرج من السجن او اخرج العام 1999 بموجب عفو من قبل الملك الحالي بمناسبة تبوئه العرش ولم يقض الا بضعة سنوات في السجن.

استنادا الى ما تقدم نطالب باطلاق دعوى قضائية دولية ضد الامريكيين لتهيئتهم للارهابيين في سجن بوكا جنوب العراق. إذ لم يوجد ارهابي واحد قبض عليه دون ان يكون من نزلاء ذلك السجن. ولابد من مطالبتهم بدفع التعويضات عن كل الجرائم التي اقترفها ارهابييهم هؤلاء.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي