هل نحن ضد من يقاوم الاحتلال الإسرائيلي؟!!

أحمد فاروق عباس
2024 / 8 / 21

نقدنا لحماس ولإيران هل يعني اننا ننتقد فقط من يحارب اسرائيل ويقاومها ويقف امام مخططاتها ؟!

هل يعني ذلك اننا نقف مع اسرائيل ضد اعداءها من العرب والمسلمين ؟!
اي ضدنا نحن ؟!!

هل معني ذلك اننا نقف علي الواحدة لمن يقاوم في ساحات القتال ونطلب منه كذا وكذا ونحن قاعدون نتفرج عليهم ؟!

او كما قال الشاعر القديم :

لا خيلٌ لديك تعطيه ولا مال ُ
فليسلم القول إن لم يسلم الحال ُ

اي طالما انه ليس بأيدينا ما نقدمه للمقاومة من مساعدة مادية ، فلنقل ــ علي الاقل ــ في حقهم كلمة طيبة ...
وهذا اضعف الايمان ...

ولكن ــ في المقابل ــ منظورنا للموضوع يختلف عمن يفكر بهذه الطريقة ...

نحن ننظر الي الموضوع بالطريقة التالية :

ان العرب والمسلمين ليسوا في افضل احوالهم ، وفي المقابل فإن اسرائيل وامريكا في افضل احوالهم ..
لقد انهار الاتحاد السوفييتي ــ منافس امريكا الأكبر ــ منذ نحو ٣٥ عاما ، وروسيا والصين حتي الان ليس بمقدورهما مناوءة القوة الامريكية والوقوف الصريح أمامها ..

يترتب علي ذلك ان استخدام القوة في هذه المرحلة من تطور قضية الشرق الاوسط وتطور العالم دونه محاذير كثيرة ، علي الاقل انك ذهبت الي امريكا واسرائيل في ملعبهم المفضل .. وهو استخدام القوة المفرطة ... وبدون ان ينالوا عقابا مكلفا يجعلهم يرتدعون ...

لقد اعطيتهم المبرر ان يفعلوا بك ما يشاءون وبوسيلتهم المفضلة والوحيدة ... دون ان تستطيع ان تجاريهم ...

وهذه المرحلة من تطور القضية الفلسطينية والقضية العربية لا تحتاج الي مزيد من فقدان الارض او فقدان الأنفس او تدمير المدن والبلدان العامرة ...
لقد فقدنا في العقود الماضية كثير من ارضنا وكثير من ابناء امتنا ودمرت مدننا وبلداتنا ... ونحن لسنا بحاجة الي مزيد ...

علي الاقل ان نبقي علي ما بقي في أيدينا حتي تلوح في المستقبل فرصة لاستخدام القوة ، وحتي تتغير موازين القوي ويصبح مجال الحركة امامنا اكثر رحابة وحرية ، وعندها يكون استخدام القوة له معني ، ووقتها تكون عمليات المقاومة ضرورية بل واجبة ، ويومها نقدر ان نؤذي عدونا كما يؤذينا وأكثر .. وليس كما يحدث الان .. يحتل مزيدا من ارضا ويدمر مدننا ويشرد شعبنا ويغتال رجالنا ونحن لسنا في وضع ان نرد له الصاع صاعين ...

هذه هي النظرة التي تحكم كل من ينتقد حركة حماس او ينتقد ايران ...

ليس بسبب الاختلافات الأيديولوجية .. وهي فعلا موجودة ...
وليس بسبب ان حماس تنتمي الي الاخوان المسلمين ، او انها حتي أذتنا نحن هنا في مصر ... وقد حدث ذلك فعلا ...

ليس لكل تلك الاسباب .. وهي اسباب حقيقية .
ولكن ليس الان وقت تصفية حساب قديم ...

ولكن ــ وهو السبب الرئيسي ــ بسبب ان ما ضاع منا منذ ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ اكبر بكثير مما ظل بأيدينا ، وما خسرناه اكبر بكثير مما ربحناه ...

واكثر من ذلك ان أفق كل ذلك وهدفه ــ من زاوية حماس وايران ــ ليس واضحا ...

هل يريدون تحرير غزة من الاحتلال الإسرائيلي؟!
لكن غزة كانت محررة اصلا قبل ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ ، ولم يكن بها جندي اسرائيلي واحد ...

ومعني عودتنا الي وضع ٧ اكتوبر فهو العبث بعينه ، فقد كانت قطاع غزة كلها بيد حماس ، فما معني موت ٤٠ الف انسان وتشريد حوالي ٢ مليون اخرين والعودة الي وضع كنا فيه اصلا ؟!!

هل يريدون تحرير المسجد الاقصي .. بما ان العملية اسمها طوفان الاقصي ؟!
وهو هدف عظيم ويستحق كل غال ونفيس من اجل تحقيقه لو أمكن ...
ولكن اسرائيل اليوم في رفح علي الحدود مع مصر بدلا من يكون اهل فلسطين في القدس يصلون في المسجد الاقصي ...

هل نشمت فيهم كما قد يري بعض صغار العقول ؟!
مستحيل طبعا ... فهم اهلنا ... وخسارتهم خسارة لنا .. ونصرهم نصر لنا ، وهزيمتهم هزيمة لنا معهم ، وكلنا في مركب واحد ، وعدونا واحد ، ولكن زوايا النظر تختلف والاجتهادات تختلف ...

واجتهادنا ان قضية فلسطين والقضية العربية خسرت بما فعلته حماس ولم تكسب شيئا ذا قيمة حقيقية ، ومازلت تخسر ...

وذلك بسبب رعونة التصرف ، وبسبب ذهابنا نلاعب امريكا واسرائيل في ملعبهم المفضل ، بدون ان ناخذ حتي الحد الادني من احتياطنا ...

اعرف ان ذلك لن يعجب من يطلبون القتال في المطلق ، ومن ينادون بالجهاد المستمر ، واخرون يتكلمون بلغة ان غيرهم أهل الانبطاح وهم اهل الشرف والعزة ...

وهي لغة لتخويف المختلفين معهم واجبارهم علي السكوت ، ولقد وصل الامر الي سباب كل من يقدم اجتهادا مختلفا ، او يطرح رايا اخر ؟!

والمختلفين معهم ــ والذين يتعرضون لحدة كلامهم ــ مستعدون فعلا للسكوت لو كان ما فعلته حماس ــ ومازلت تفعله ــ قد ادي بقضية فلسطين الي اي شئ يستحق ...

وثانيا فإن لغتهم لغة منتشرة في العالم العربي منذ عقود ، ولا غبار عليها ابدا لو كانت اوصلتنا الي شئ ، ولكن نفس تلك اللغة افقدتنا ارضا وبشرا وتراجعا في كل المستويات ...

هل انا اطالب ــ بلا مواربة ــ بالسلام مع اسرائيل او الاستسلام لها مادمنا غير قادرين عليها ...
لا بالطبع ...

لا انا اطالب بالسلام ــ واسرائيل ايضا بالمناسبة لا تطلب السلام مع العرب ولا تريده ــ ولا الاستسلام لها ...

ولكن لا اريد لاسرائيل ان تقتلنا بدم بارد وبدون رادع ، بسبب اننا ذهبا نحاربها بوسيلتها المفضلة وليس بوسائلنا نحن .. وذلك حتي يجئ زمان القتال ...

وبأيدينا ــ حتي تتغير الظروف وحتي يجئ اوان القتال ــ وسائل كثيرة ...

اريد في هذه المرحلة ان نعظم ما بأيدينا ــ وليس خسارته ــ بوسائل الكفاح المدني السلمي ( الاعتصامات ــ الاضرابات ــ الاحتجاجات ــ المظاهرات السلمية ) التي تصل بصوت أهل فلسطين الي العالم كله ، وتضع قضية فلسطين علي جدول أعماله بدون ترك الفرصة للمحتل ان يستخدم القوة ، وهي وسيلته المفضلة ، وتساعده احوال العالم علي استخدامها باقصي درجة من العنف وأقل درجة من العواقب ...

وقبل ذلك وبعده ان يواجه الفلسطنيين محتلهم شعبا متحدا وليس مجموعة فصائل ، لكل واحدة رأي وكلمة ، ووراء كل تنظيم دولة تساعد وتملي كلمتها !!!

فالشرط الاول لأي دولة واقعة تحت الاحتلال هو وحدتها الوطنية ...

وقد يقول قائل ان وسائل الكفاح السلمي ليست مجدية في حالة فلسطين ، والرد عليه انها وسيلة مؤقتة حتي تتغير الظروف او حتي يحوز العرب اسباب القوة او ان يعتري معسكر الغرب ــ وهو من انشأ اسرائيل وحاميها ــ الضعف ، وتنشأ مراكز قوة اخري في العالم تصنع نوعا من التوازن...

كما انه ينسي من يقول ذلك ان جنوب افريقيا تخلصت من سيطرة البيض علي الحكم بوسائل الكفاح السلمي ، بعد ثلاثمائة سنة من احتلال الجنس الاوربي لذلك البلد الأفريقي الجميل...

ماذا اريد اذن ...

اريد ان نفكر اولا قبل ان نعمل ...
اريد ان نتخفف بعض الشئ من الشعارات التي اوردتنا موارد التهلكة ...
اريد الا نخسر اكثر مما خسرنا في ٧٥ سنة ماضية ...

اريد نوعا من حالة اللاحرب واللاسلم ...

وقد جربناها قبل ذلك في تاريخنا مرارا ، سواء في مصر او سوريا ، ألا نخرج لقتال الا عندما نكون مستعدون ...

حالة لا نستسلم فيها لاسرائيل ونطلب السلام معها بأي ثمن
، ولكن أيضا حالة لا نعطي الفرصة فيها لاسرائيل لقتلنا واخذ مزيد من اراضينا وتدمير بيوتنا وكل طاقات الحياة في بلادنا وبلا مقابل واضح ، او نصر حتي ولو كان بعيدا أو في اخر الطريق ...

هذا كل ما نريده ...

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي