العنصرية الجغرافية في العراق

كاظم فنجان الحمامي
2024 / 8 / 14

كتب ساطع الحصري في مذكراته (مذكراتي في العراق 1927 - 1941). يقول: (لم أنم ليلي عندما كنت وزيرا للمعارف حينما صدرت لي الأوامر بإنشاء دار للمعلمين في الموصل وأخرى في الناصرية. لأن ابناء الشمال والجنوب كتب عليهم ان يعملوا في الحقول والبساتين لتوفير غلة الشتاء والصيف لأبناء العراق كافة). وساطع الحصري لمن لا يعرفه هو عثماني من اصل سوري متعصب انتهى إلى التنظير للقومية العربية. .
ولا شك انكم تذكرون الحملة التي ظلت تروّج لها قناة الشرقية حتى وقت قريب ضد ابناء الجنوب، وبخاصة البرنامج الذي يعده ويقدمه مجيد السامرائي (اطراف الحديث) ضد عرب الأهوار. وكم تمنيت ان نجري فحصا مختبريا لقراءة خارطة الحمض النووي في خلايا سعد البزاز ومقارنتها بخلايا القبائل التي ظلت تقطن الأهوار منذ عشرات القرون. .
ولا شك انكم تتذكرون الحملة التي يغذيها (حميد الهايس) ضد ابناء الفلوجة. والحملات التي يدعمها البعض ضد اشقاءنا الأكراد والتركمان. . وربما يقول قائل: ان البريطانيين هم الذين غرسوا بذور الفكر المناطقي، وهم الذين صنفوا المجتمع إلى: حضران وبدوان ومعدان، بما تمليه عليهم توجهاتهم الاستعمارية (فرّق تسد). لكن هذا غير صحيح، فقد رحل البريطانيون منذ اكثر من قرن. وظلت رواسب العنصرية الجغرافية متكلسة ومتحجرة في سلوك معظم الناس منذ أمد بعيد. .
ويخطئ من يظن ان المقالات التي نشرتها جريدة الثورة عام 1991 تحت عنوان: (ما الذي حصل ؟. وكيف حصل الذي حصل ؟)، والتي ربما كانت من بنات افكار عبدالجبار محسن، بانها كانت تعكس افكار فئة حاقدة على ابناء الجنوب، لأننا وجدنا هذا الحقد متجذرا في سلوك الناس القريبين من خارطة الجنوب. .
فوجئت في يوم من الايام بسياسي كبير من احد الاحزاب المتنفذة يبدي تذمره وانفعاله من قرار المدير بنقل نجله من شعبة إلى اخرى داخل القسم نفسه باجراءات صحيحة مطابقة للتوصيف الوظيفي. كان المدير من المحسوبين على البصرة (مسقط رأسه) لكنه يسكن بغداد منذ السبعينيات، فصب السياسي المناطقي جام غضبه على المدير البصراوي، مردداً عبارة: (من ذا الذي منح هذا البصراوي صلاحيات مناقلة أبناءنا من مكان إلى آخر). فلم أتمالك نفسي، فكان لابد من الرد عليه بقوة تسع درجات بمقياس رختر. .
نحن هنا لا نؤمن بإحداثيات خطوط الطول والعرض في المفاضلة بين ابناء العراق، ولا نرجح كفة مدينة على مدينة بعيدة عنها. لانك بمجرد انتقالك من محافظة إلى اخرى سوف تصبح من ضمن المحسوبين على ابناء المحافظة التي رحلت اليها توا. ثم تجد نفسك ضمن العناصر المناطقية المستهدفة. .
والطامة الكبرى ان بعض السياسين لعبوا عبر التاريخ دورا تخريبيا في تمزيق لحمتنا، وهم الذين تسببوا بتفجير ألغام العنصرية الجغرافية لغايات دونية مترسبة في نفوسهم المريضة. .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي