هل تكون الگويرة سببا في اندلاع حرب بالمنطقة

سعيد الوجاني
2024 / 8 / 12

لماذا فشلت أطروحة مغربية الصحراء في تثبيت مغربيتها ، بالحفاظ على الأراضي التي سُمّيت بالساقية الحمراء ووادي الذهب ..
وهل كان الصراع من اوله مشروعا للحفاظ على مغربية الصحراء ، وإقناع العالم بهذه المغربية ، التي لم يعد يقبلها احد من الدول صانعة القرارات الدولية .
وحتى نلامس عمق المشكل ، هل الصحراء بحق مغربية ؟ واذا كانت بحق مغربية مغربية ، لماذا تم تقسيمها مع موريتانية ، لتفوز بحصة وادي الذهب ، ويفوز النظام المخزني بحصة الساقية الحمراء ، وتفوز اسبانية بحصتها من ثروات المنطقة المتنازع عليها بين الأنظمة الحاكمة ، وليس الشعوب ضحية هذه المشاريع الجوفاء ، والتي لا ناقة لها ولا جمل في خيرات وثروات الصحراء الغربية ..
لماذا اصبح المجتمع الدولي ، خاصة منذ العشرية الثانية من الألفية الثالثة ، يدعو فقط الى الاستفتاء وتقرير المصير ، وتجاهل بالكامل خرجات النظام المخزني ، سواء لمّا تقدم بحل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف المداد الذي كتب به ، وادخلت النظام التائه والمزاجي البوليسي في ارتباك ، خاصة حين تتجاهل كل قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ القرار 1514 ، حل الحكم الذاتي ، ولا يعيروه ادنى أهمية او قيمة .. فقرارات مجلس الامن ، وقرارات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، لم يسبق ابدا في تاريخ اشتغالها بمادة الصحراء الغربية ، ان اشارت لا من قريب ولا من بعيد ، الى حل الحكم الذاتي ، وكانت القرارات تنصص فقط على حل تقرير المصير ..
لماذا فشل النظام المزاجي التائه في اقناع العالم بأطروحة مغربية الصحراء ، كما فشل في اقناع العالم بحل الحكم الذاتي ، وكم تحسّر عندما تجاهل العالم اعتراف النظام المزاجي التائه ، ب " الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية " ، واصدر الملك ظهيرا وقعه بخط يده ، يقر فيه بهذا الاعتراف ، وبما في ذلك الاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، وذهب بعيدا عندما نشر الاعتراف بالجريدة الرسمية للدولة عدد : 6539 / يناير 2017 ..
ان الفشل في الاحتفاظ بأطروحة مغربية الصحراء ، كان تحصيل حاصل لازمة حل نزاع الصحراء الغربية ، منذ ان أصبحت محط اهتمام المجتمع الدولي ، واهتمام المؤسسات والمنظمات الدولية ذات الشأن كمجلس الامن ، والجمعية العامة ، والاتحاد الأوربي ، والقضاء سواء الأوربي او الافريقي ، او قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 ..
فماذا تنتظر من العالم حين يشاهد ويرى بأم اعينه خلق اتفاقية من فراغ ، اتفاقية مدريد الثلاثية ، التي قسمت الصحراء كغنيمة وكافتراس ، كصعاليك الصحراء في غاراتهم على القوافل التجارية التي تمر بالصحراء .
فحين يشاهد العالم قسمة الغنيمة والافتراس ، للسبق لاستغلال ثروات المنطقة ، فيؤول للنظام المزاجي والتائه ارض " الساقية الحمراء " ، ويؤول لنظام موريتانية ارض " وادي الذهب " ، ويؤول لإسبانيا حصتها من ثروات المنطقة . فعن أي مغربية الصحراء سيثق العالم بها ، ويؤيدها لأنها حقا مغربية ..
فالأصل في الفشل في حسم معركة الصحراء ، يرجع الى الخطوات الأولى السابقة عن دخول الصحراء ، كغازين محتلين ، وليس كمحررين وطنيين ، والاّ كيف نفسر انفراد النظام المزاجي والتائه بالساقية الحمراء ، وانفراد النظام الموريتاني بوادي الذهب ، وبقاء ثلث الأراضي الأخرى خارج غطاء أي من النظامين ، لأنه يسمى بالمنطقة العازلة التي من المفروض ان تكون تحت سلطة وسيادة الأمم المتحدة ، لا ان يكون ارض خلاء لا تتبع لا صاحب الساقية الحمراء ، ولا صاحب وادي الذهب .. وظل الثلث هذا يخضع للفوضى عند التصرف من خارج الأمم المتحدة ..
اذن . الساقية الحمراء وبمقتضى اتفاقية مدريد غير القانونية ، والمتعارضة مع القانون الدولي ، أضحت مغربية . ووادي الذهب وخارج الأمم المتحدة التي تنتظر حل نزاع الصحراء منذ 1960 اضحى موريتانيا .. وقد نسمي ثلث الأراضي العازلة ، بالخاضعة للبوليساريو ، لأنه يسميها بالمناطق المحررة .
اذا كانت اتفاقية مدريد الثلاثية ، قد قسمت الصحراء قسمة الغنيمة ، وقسمة صعاليك الصحراء ، فان ما زاد من تعقيد المشكل اكثر ، بالنسبة للنظام المزاجي التائه والمخزني البوليسي ، خروج النظام الموريتاني ليلا من وادي الذهب ، دون اخبار النظام المخزني بالانسحاب ، لكنه ظل يحتفظ ب " الگويرة " التي هي جزء من أراضي وادي الذهب ، في حين ان النظام المزاجي التائه والمخزني البوليسي ، حين دخل بالقوة الى وادي الذهب ، ظلت " الگويرة " تابعة لموريتانية ، وليست تابعة للنظام المغربي ، الذي حاز حتى على وادي الذهب .. وان اكبر مشكلة عقدت وضعية النظام المزاجي ، الى جانب انسحاب موريتانية من " تيريس الغربية " ، هو الوضع القانوني ل " الگويرة " . فموريتانية عندما انسحبت من وادي الذهب ، قدمت نقدا ذاتيا ، مفاده ان الصحراء محتلة ومستعمرة ، وان وادي الذهب ، لا علاقة له بموريتانية ، ويظل ينتظر تنظيم الاستفتاء لتسوية وضعيته القانونية .. لكن الى هنا ، فان اكبر تناقض للنظام الموريتاني هو استمرار احتلاله " للگويرة " الى يومنا هذا ، وابواق النظام المخزني لا تتردد في اكاذيبها على الرعايا ، من ترديد " من طنجة الى الگويرة " ..
ان النقد الذاتي الذي تقدم به النظام الموريتاني ، لتبرير الانسحاب من وادي الذهب ، هو موجه في الحقيقية الى النظام المخزني المغربي ، بوصف وجوده بالساقية الحمراء منذ سنة 1975 ، وبوادي الذهب منذ سنة 1979 ، بالاحتلال وبالاستعمار، وبالمتعارض مع القانون الدولي ، وطبعا هنا ستجيب اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، على دخول النظام المخزني الى وادي الذهب ، بالقرار 34/37 ، الذي اعتبرت فيه جبهة البوليساريو " بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي " ، وتكون الأمم المتحدة بقرارها هذا ، تعترف بالشعب الصحراوي ، وتعتبر تواجد النظام المخزني المغربي بالساقية الحمراء ، وبوادي الذهب ، بالمتعارض مع القانون الدولي ، وان وضعه القانوني ينتظر فصل الاستفتاء وتقرير المصير..
النظام الموريتاني بانسحابه من وادي الذهب ، لم تبرء ولم تنتهي مسؤوليته بالكامل من الصحراء الغربية ، بل ظل يحتفظ ب " الگويرة " ، لان وضعه القانوني اضحى واضحا ، سيما وانه انسحب من وادي الذهب ، ووصف تواجده به بالمتعارض مع القانون الدولي ، والمتعارض مع المشروعية الدولية التي بدأت تؤسس طرق انهاء الصراع داخل الأمم المتحدة لا خارجها ..
فماذا يعني التواجد الموريتاني بالگويرة .. انه احتلال ممتد من احتلال كل المنطقة في سنة 1975 ، الى حين الانسحاب منها في سنة 1979 .
وهنا نفس التفسير بالنسبة للنظام المخزني المزاجي . فهو اخد حصته من الوزيعة عندما آلت اليه الساقية الحمراء ، واصبح بعد الانسحاب الموريتاني يبسط سيطرته على وادي الذهب ، لكن دون الگويرة ، التي ظلت الى اليوم تخضع للجيش الموريتاني . بل ان النظام المخزني المزاجي اصبح محرجا ليس فقط بدخول الصحراء رغم قرار محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، بل بتحديد الموضع القانوني للگويرة ، التي هي جزء من وادي الذهب الذي خرجت منه موريتانية ، ودخله النظام المخزني ، معتقدا وضعه العالم ، خاصة المؤسسات والمنظمات الدولية امام الامر الواقع ..
فاذن . اذا بقيت الگويرة تسيطر عليها موريتانية ، فتمت مشكلة معقدة للنظام المخزني ، واذا انسحبت منها ، دون التحاقها بوادي الذهب الذي اصبح يخضع لسيطرة النظام ، سيكون النظام مجبرا على تبرير الوضع القانوني للعالم ، ويبقى هذا التناقض ، هو من يعمل على ابعاد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء .. ويرى ان الحل في تنظيم الاستفتاء وتقرير المصير اللذان تنص عليهما ما يسمى بالمشروعية الدولية التي بدأت التطورات تتجاوزها على الأرض ..
اذن لكي يبرر النظام المخزني تصرفاته وخرجاته ، عليه ان يحسم باكرا مشكلة الگويرة ، خاصة وانه لا يتردد في إعادة الجملة المشهورة " من طنجة الى الگويرة " . والا ستبقى المسرحية من أولها الى النقطة التي وصلتها مجرد لعبة تجري بالأمم المتحدة ، كما يريد كبار الساسة والقرارات الدولية ، لا كما يبدو للخواص بغياب الوضع القانوني ، وتعويضه بالسياسي الذي يخضع للأمم المتحدة ..
هناك ملاحظة هامة ، وهي ان التطورات الجارية بالمنطقة ، تسير في اتجاه التخلي عن المشروعية الدولية ، لأنه اذا كان مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، يدعوان الى المفاوضات من دون شروط ، فان التحليل الدقيق لما يجري ، يعني الدعوة لتقديم تنازلات ، والحال ان قرارات المشروعية الدولية واضحة ولا غبار عليها . اذن على ماذا سيتم التفاوض وقرارات الأمم المتحدة ترفض أي حل خارج حل الأمم المتحدة .. فهل من حق المتفاوضين اقتراح حل لا يرضي الأمم المتحدة ، في حين انه يرضي اطراف النزاع التي اختارت حلا دون حلول الأمم المتحدة .. فالواضح حين الدعوة للتفاوض ومن دون شروط ، فالأصل تقديم التنازلات من قبل اطراف النزاع .. لكن ماذا لو كانت المفاوضات شملت أشياء تغيب عن قرارات الشرعي الدولية ..
عند معرفتنا بمواقف اطراف النزاع ، فان الدعوة الى التفاوض او المفاوضات ، يكون لبعثرة الملف ، وجرجرة الصراع الى حين يصبح جاهزا بتقييم كبار مجلس الامن ..
ان رفض اطراف النزاع ، مرة القرارات الدولية في الموضوع ، ومرة الحديث عن تنازلات وهي لن تكون ابدا ، فهذا ليس له من تفسير سوى ان القرارات المسمات بالمشروعية الدولية أضحت في طريقها الى الزوال . والاّ نفسر قوله " الأمم المتحدة ترفض أي حل خارج الأمم المتحدة " ، وفي نفس الوقت نجد الدعوة للتفاوض او للمفاوضات ، التي نتائجها تتعارض مع المشروعية الدولية ..
فهل سيقبل النظام المخزني مثلا ، تنظيم الاستفتاء وتقرير المصير ؟ وهل ستقبل جبهة البوليساريو " الحكم الذاتي " ..
وبما ان النظام لن يقبل ابدا بحل تقرير المصير لأنه هلاكه ، وبما ان جبهة البوليساريو والنظام الجزائري لن يقبلا ابدا بحل " الحكم الذاتي " .. فعن أي مشروعية لا تزال الناس تتحدث عنها ، خاصة عندما يمكن تفسير المشروعية من زوايا مختلفة ..
اذن . هل يمكن للدعوة للتفاوض او المفاوضات ، تجاوز المشروعية الدولية ، وإيجاد طرقا او حلولا أخرى ، تعوض المشروعية التي يتلاعب بها كبار دول مجلس الامن ، ونفس الدول باللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار؟
وحتى يكون النظام المخزني مرة منطقيا مع اختياراته ، ولصالحه ، عليه ان يحسم في الوضع القانوني للگويرة ، لينضاف الى إقليم وادي الذهب ، وحين يتم السيطرة على ثلث الأراضي المسمات بالمناطق العازلة ، وتصبح سيادة النظام المخزني تشمل كل أراضي ما قبل 1975 ، أي الساقية الحمراء ووادي الذهب والأراضي العازلة .. هنا يحق للنظام المزاجي التائه والبوليسي ، ان يكيف ويطور الوضع القانوني ، وليس السياسي بما يناسب برنامجه ومشروعه ، والا فان بقاء الگويرة تحت السيطرة الموريتانية ، وبقاء ثلث الأراضي خارج السيادة ، ورغم تسميتها بالمنطقة العازلة ، فهي لا تخضع للأمم المتحدة .. ان احتفاظ موريتانية بالگويرة ، وانسحابها من وادي الذهب ، لم يحصل فجأة ، بل كان مدروسا مع النظام الجزائري ، لعرقلة وتشويه أطروحة مغربية الصحراء ، وبقاء الصحراء مشتتة كما كانت قبل سنة 1975 ، وزادت بعد سنة 1979 . فالحرب مع موريتانية ، سيسبب فيه الوضع القانوني للگويرة .. لأنها تسيء لسمعة النظام المخزني المرتبطة بالتوسع ، وبالاستيلاء على أراضي جديدة ، أي النظام الامبراطوري عبر تاريخ المغرب ..
فعلى موريتانية ان تنسحب من الگويرة حالا ، ما دام انسحبت من وادي الذهب التي كانت الگويرة جزءا منه ، وما دامت موريتانية اعتبرت تواجدها قبل سنة 1979 بالمتعارض مع القانون الدولي . فهل تواجد الگويرة تحت السيطرة الموريتانية ليس متعارضا مع القانون الدولي ؟ ..

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي