|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صبري الرابحي
2024 / 7 / 29
لم يكن مستبعداً أن يكون الرئيس جو بايدن خارج حسابات الديمقراطيين في سباق الرئاسة الامريكية، فأداء الرجل على إمتداد أربع سنوات كشف حجم الوهن الذي يؤثر على تنقلاته وحضوره الاعلامي إضافة إلى خسارته للتأييد الشعبي الذي أوصله إلى سدة الحكم ليقطع بذلك مع حكم دونالد ترامب الذي أحدث زلزالاً غير مسبوق في السياسات الامريكية خلال توليه للحكم.
المناظرة الأخيرة اثبتت التفوّق الذهني والاتصالي لترامب أمام بايدن مما أرغمه على التخلي عن المشاركة في السباق الانتخابي لفائدة كامالا هاريس وهو تحوّل مهم فرضه المانحون والمنظمون وأيده الحزب من أجل ما يراه الممارسة الفضلى في السباق الانتخابي.
تغيير المرشح في الأمتار الأخيرة:
تاريخياً لم يحصل أن تم إستبدال مرشح رئاسي لأحد الحزبين في الولايات المتحدة الأمريكية على بعد أقل من أربعة أشهر من الانتخابات وهو ما يجعلها سابقة تكتيكية على الأقل لمرشح ديمقراطي يغامر من خلاله الحزب.
فكل الانسحابات التي توقفت منذ سنة 1968 كانت جميعها سابقة لتنظيم الانتخابات بآجال معقولة مكنت الحزب من ترتيب البيت الداخلي والدفع بالمرشح الأوفر حظاً.
في قراءة أخرى يمكن اعتبار أن هذا التغيير يضعف حظوظ الديمقراطيين من واقع أنه لم يسبق هزيمة رئيس ديمقراطي مباشر للرئاسة وقطع الطريق أمام حظوظه في ولاية ثانية في البيت الأبيض.
إذن هي مغامرة تاريخية قد تكون لها عواقب غير متوقعة بحكم عاملي الزمن وبراعة المنافس الجمهوري في إستثمار حالة التذبذب التي ظهرت على الديمقراطيين بخصوص حظوظ بايدن بالذات.
أداء جو بايدن:
لا يمكن انكار الأداء الكارثي للرئيس عدد 46 للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في ظل توفر حزبه وهو الحزب الديمقراطي على كفاءات تحظى بثقة الشارع الأمريكي وخاصة الداعمين من لوبيات سياسية ومالية هناك.
أيضاً تلقى بايدن انتقادات عديدة حول غلاء الأسعار وتنامي العنف في الأوساط المدرسية والجامعية والأماكن العمومية وأيضا بخصوص سياساته الخارجية وعلى رأسها تمكين حركة طالبان من الحكم والتي يراها الأمريكيون غريما تقليديا لهم استطاع في عهد جو بايدن أن يفرض شروط الانسحاب وتولي الحكم بتلك الطريقة التي شاهدناها. ايضا الملف الايراني وحرب اوكرانيا وخاصة الحرب على غزة جميعها ألقت بظلالها على نوايا التصويت.
من جهة أخرى توجد أسباب متعلقة بسنه ال81 وخاصة حضوره الذهني وقدرته على الاضطلاع بمهامه وهو ما ظهر جليا في مناظرته أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال المناظرة الأخيرة والتي استثمرها منافسه ترامب الذي يتبنى الخطاب الشعبوي والذي يلقى رواجا كبيرا في ولايات عدة خاصة في علاقة بالمهاجرين وهي حملة ذكية يقودها باقتدار في استنساخٍ لحملته الانتخابية في مواجهة هيلاري كلينتون سنة 2016 حيث استطاع هزيمتها في للولايات المنحازة لطرد المهاجرين والمتطرفة في رؤيتها لبعض القضايا الدولية.
كامالا هاريس : مرشحة الديمقراطيين وموقفها من الحق الفلسطيني:
برزت كامالا هاريس كنائبة للرئيس جو بايدن خلال فترة حكمه الحرجة والتي واجهت تحديات عدة بين جائحة كوفيد 19 والحرب الأوكرانية والحرب على غزة وغيرها من المحطات الكبرى، وهي المرأة التي يراهن عليها الديمقراطيون لهزيمة ترامب بالرغم من أن مسألة انسحاب الرئيس في وقت حساس للغاية قد لا يتسنى معه إدارة الحملة الانتخابية كما يجب.
غير أن أغلب التحليلات تتفق حول أن هذه المرأة لديها حظوظ واسعة باعتبار مسيرتها السياسية الطويلة وحضورها الاعلامي المتميز إضافة الى أصولها العرقية التي تشجع الأقليات على انتخابها في أوساط واسعة من المجتمع الأمريكي.
غير أنها تواجه مسألتين معقدتين وهما مسألة الجنس كامرأة باعتبار انه لم يسبق أن تولت امرأة الحكم بالرغم من تولي النساء لمسؤوليات متقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية نذكر مادلين اولبرايت هيلاري كلينتون وكونداليزا رايس وأيضا تواجه مسألة الموقف من الاجهاض وهي مسألة محدّدة في الشارع الأمريكي.
أما بالنسبة لموقفها من القضية الفلسطينية فانه لم يخرج عن التوجه التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية في علاقة بالحق الفلسطيني من حيث دعم الكيان الصهيوني واعتباره في حالة دفاع شرعي وتبني حل الدولتين وخاصة الدعم العسكري لجيش العدوّ.
في المقابل هذه المرأة تحسن المناورة وتبني خطاب معتدل في علاقة باحتجاجات الطلبة في الجامعات الأمريكية وفي علاقة بالهجوم على رفح حيث عبرت عن رفضها لتجويع للفلسطينيين في غزة.
من جانب آخر يوجد معطى مهم وأخير وهو أن زوجها الذي يتهيأ ربما ليكون السيد الأول في البيت الأبيض هو محام يهودي يقود حركة معاداة السامية وتم تصنيفه كمستشار خفي لبايدن في علاقة بمسألة اليهود حسب مجلة ذا جويش كرونيل البريطانية.
وبالتالي وفي المطلق فانه لا يجب التعويل كثيراً على الادارة الأمريكية مهما تنوعت الأسماء والخطابات أو حتى الانتماءات الحزبية لتبني الملف الفلسطيني ومناصرة حق الفلسطينيين في أرضهم التاريخية لأنها على ما يبدو ماضية في مزيد الارتباط هيكليا بمصالح الكيان الصهيوني وتدافع عن توجهاته واجرامه وتفرض وجوده في المنطقة خدمة لمصلحتها العليا القافزة على الحق الإنساني. وهي مسألة ليست جديدة على الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن رسمت الباكس أمريكانا ووضعت قواعد ومعايير تعاملها مع القضايا الدولية وجعلت انتصارها لحق الشعوب في تقرير مصيرها مجرد بروبغندا لم تعد تنطلي على أحد.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |