حوار مع احمد الكاتب حول موقف الامام زين العابدين من الخلفاء الراشدين

رحيم فرحان صدام
2024 / 7 / 24

نشر الأستاذ احمد الكاتب مقطع فديو بعنوان (الامام زين العابدين يقمع السبئية اللعانين للخلفاء الراشدين بآيات من القرآن الكريم) فقال ما نصه :" عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام أنّه قدم عليه نفرٌ من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
فلمّا فرغوا من كلامهم، قال لهم : ألا تُخبروني أأنتم (المهاجرون الأوّلون الّذين أُخرجوا من ديارِهم وأموالِهم يَبتغونَ فضلاً من الله ورضواناً وينصُرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)؟
قالوا: لا
قال: فأنتم (الّذين تبوّأوا الدارَ والإيمانَ من قبلِهِم يُحبّون من هاجَرَ إليهم ولا يَجِدون في صُدورهم حاجةً مِمّا أُوتوا ويُؤثِرون على أنفُسِهِم ولو كانَ بِهِم خَصاصة)؟
قالوا: لا
قال: أما أنتم قد تبرّأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهَدُ أنّكم لستم من الذين قال الله فيهم: (والّذين جاؤوا من بعدِهِم يَقولونَ ربّنا اغفِر لنا ولإخوانِنا الّذين سَبَقونا بالإيمان ولا تجعل في قُلوبِنا غلّاً للّذين آمنوا)
اُخرجوا عنّي فعَلَ الله بكم
المصدر
كشف الغمة في معرفة الأئمة جـ٢ ص٢٩١
لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي)."(1)
ان الاستاذ الكاتب ينقل الرواية عن أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي المتوفى سنة (693 ه/ 1294 م) عن كتابه( كشف الغمة في معرفة الأئمة) موهما القارئ انه ينقل الرواية من مصدر شيعي ؛ لان خطابه موجه للشيعة غالبا ، والرواية كما يدعي عن الامام زين العابدين وهو يمدح الخلفاء الراشدين كما يقول .
ولدين عدة ملاحظات على ادعاءاته :
1. ان الإربلي متأخر من اعلام القرن السابع الهجري اي بينه وبين الامام زين العابدين ستة قرون فلا يمكن اعتماد روايته ؛ لأنها متأخرة للغاية .
2. السؤال الذي يفرض نفسه هل الإربلي هو مصدر الرواية ؟ الجواب كلا .
ان مصدرها الاصلي هو الزبير بن بكار وهو من أحفاد الزبير بن العوام (ت 256ه /870 م) ، وهو عالم بالأنساب وأخبار العرب.
يعرف ابن بكار بميوله إلى آل الزبير وموقفه المعادي للإمام علي عليه السلام؛ بسبب معركة الجمل وغيرها من الأحداث. (2) وروايته الأخيرة تدل على ذلك إذ نسب الى الإمام علي بن الحسين الثناء على ابي بكر وعمر وذلك ينقضه رفض الإمام علي البيعة لأبي بكر مدة ستة أشهر. (3)
وقد نقل هذه الرواية عن كتابه ( نسب قريش واخبارها) ، والرواية من القسم المفقود من الكتاب . (4)
اذن لا يمكن الاعتماد على رواية الزبير بن بكار في النقل عن الامام زين العابدين؛ لأنه من خصوم اهل البيت عامة، لا سيما انه رواها عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُدَامَةَ الجمحي المدني الذي قَالَ عنه الْبَزَّارُ:" إِذَا تَفَرَّدَ بِحَدِيثٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ"(5)، وذكره الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال فقال: "لا يعرف، وهو خبر منكر"(6)، وقال العسقلاني عن خبر رواه :" وهو خبر منكر"(7).
كما وردت هذه الرواية في كتاب فضائل الصحابة(8) للدراقطني: علي بن عمر بن أحمد أبو الحسن الشافعي ( ت 385 ه‍/ 995م). وهو من اعلام القرن الرابع الهجري فهو متأخر نسبيا بينه وبين الامام ثلاثة قرون ، وقد رواها عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُدَامَةَ ايضا ، وعنه نقلتها كافة المصادر(9)، وهي رواية مكذوبة على الامام زين العابدين ؛ لأن راويها الوحيد إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُدَامَةَ مطعون به لا يحتج به اذا انفرد لا سيما انه انفرد بها.
3. السؤال الذي يفرض نفسه من هم القوم الذين حاورهم الامام زين العابدين ام انهم مجهولو الهوية ؟!!! ولماذا الروايات المنسوبة الى اهل البيت كذبا بمدح الخلفاء يكون الطرف المحاور لأهل البيت مجهول مثل :" قوم ، رجل ، ناس " ام ان الدجل لا حساب عليه ؟!!!.
وقد اتهمني الكاتب بأن كلامي : "محاولة مستميتة للدفاع عن السبئية اللعانين، والا ماذا يوجد في الرواية غير القرآن الكريم؟".(10)
فعلقت على قوله :" يا عزيزي انا كاتب علماني ، ما يهمني سوى الحقيقة التاريخية والبحث العلمي الموثق ، وابحث في خلفية الرواة والمؤلفين ، لا يهمني اثبات او نفي الامامة او خلافة ابي بكر ، ما يهمني البحث الدقيق ، وقد لاحظت انك تقبل رواية خصوم اهل البيت والنواصب من المؤلفين ، لماذا لانها تخدم غرضك في نفي الامامة ، ومحاولة اثبات محبة اهل البيت للصحابة ، وعذرا تقبلها بسذاجة منقطعة النظير ، من دون البحث في سند الرواية او مصدرها ، المهم ان الرواية تخدم غرضك حتى لو كانت مكذوبة !!!".
وعندما حاورت الاستاذ الكاتب حول سند الرواية قال ما نصه :" هذه الرواية لا تحتاج الى سند، لأنها تعتمد القرآن الكريم، وهناك اجماع على شمول الآيات الصحابة الأخيار ولا سيما الشيخين ابي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يحتاج الامر الى دليل على اسقاط تلك الآيات عليهم، وانما يحتاج الى الدليل من يريد اخراجهم من تلك الآيات التي ترضت عليهم، ولا يجوز اخراجهم بشبهات واخبار آحاد ظنية، ونظريات أيديولوجية متأخرة مثل نظرية الامامة، والقول بأنهم خالفوا النص على الامام علي، لأن هذا النص لم يذكر بصراحة في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الصريحة الجلية. اذن فالأمر تحصيل حاصل ولا نحتاج الى مزيد من الجدل حول الموضوع. شكرا".(11)
فقلت له :" اما قولك ان الرواية لا تحتاج الى سند فهذا يخرجك من البحث العلمي ، اما قولك انها تعتمد القران الكريم فيمكن للمقابل ان يأتي بآيات من القران الكريم تتحدث عن المنافقين ويطبقها عليهم ويقول هذه الرواية تعتمد على القران لا تحتاج الى سند ما رأيكم؟!!! ".
وقلت له ايضا ما رأيكم بقول ابن حجر العسقلاني :" وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالبا وتوهينهم الشيعة مطلقا ولا سيما أن عليا ورد في حقه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلى منافق ثم ظهر لي في الجواب عن ذلك ... فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهورا بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة بخلاف من يوصف بالرفض فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الإخبار" (12).
الخلاصة ان الرواية مطعون بسندها ، مكذوبة على الامام زين العابدين من قبل خصوم اهل البيت عليهم السلام.
الهوامش
(1)https://www.youtube.com/live/GMSdl3rRCzA?si=oYvzJg3JYVXycLJV
(2) قال عنه ابن ابي الحديد :" لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي ع والانحراف عنه " ينظر ، ابن أبي الحديد، عز الدين عبد الحميد بن هبة الله المدائني (ت 656هـ/1263م)، شرح نهج البلاغة، كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، جمعه: الشريف الرضي، تحقيق: محمد أبو الفضل، المكتبة العصرية، (بيروت-1959م). (5/ 129).
(3) وللمزيد ينظر : البخاري، محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم ، (ت 256هـ/862 م)، صحيح البخاري، دار الفكر، (بيروت - 1981). (4/ 96) ؛ النيسابوري، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، (ت 261هـ/875 م)، صحيح مسلم ، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي ، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت. (3/ 1380).
(4) قال الذهبي:" الزُّبَيْرُ فِي (النَّسَبِ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ مِنَ العِرَاقِ، فَجَلَسُوا إِلَيَّ، فَذَكَرُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَسَبُّوْهُمَا، ثُمَّ ابْتَرَكُوا فِي عُثْمَانَ ابْتِرَاكاً، فَشَتَمْتُهُم" . ينظر: الذهبي ، شمس الدين: محمد بن أحمد بن عثمان، (ت 748هـ/1357م)، سير أعلام النبلاء، أشرف على تحقيق وخرّج أحاديثه: شعيب الأرناؤوط، ، دار الرسالة ، ط9، (بيروت ـ 1993). (4/ 395). وينظر: المزي، جمال الدين أبو الحجاج يوسف، (ت 742هـ/1348م). تهذيب الكمال في أسماء الرجال، حققه وضبطه وعلّق عليه: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، (دمشق ـ 1985). (20/ 394)، ؛ ابن كثير، عماد الدين إسماعيل بن عمر الدمشقي (ت774هـ/1373م)، البداية والنهاية، دار الفكر، (بيروت ـ 1978).9/107.
(5) الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، (ت 807هـ/1414م)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد،
المحقق: حسام الدين القدسي، الناشر: مكتبة القدسي، القاهرة، عام النشر: 1414 ه/ 1994م. (2/ 216).
(6) الذهبي، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، دراسة وتحقيق: الشيخ علي معوض، الشيخ عادل أحمد، شارك في تحقيق : د. عبد الفتاح أبو رسن، دار الكتب العلمية، (بيروت ـ 1995). (1/ 53).
(7) العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، (ت 852هـ/1459م) ، لسان الميزان، اعتنى به: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، اعتنى بإخراجه: سلمان عبد الفتاح، مكتبة المطبوعات الإسلامية، (د.م ـ د.ت).(1/ 92).
(8) الدار قطني : علي بن عمر بن أحمد أبو الحسن الشافعي ( ت 385 ه‍/ 995م).فضائل الصحابةـ ، تحقيق: محمد بن خليفة الرباح ، الناشر: مكتبة الغرباء الأثرية، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1419 هـ ، 1998 م (ص: 62).
(9) ينظر: أبو نعيم الأصفهاني، أحمد بن عبد الله بن أحمد الهاشمي بالولاء (ت 430هـ/1036م)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، دار الكتب العلمية، (بيروت ـ 1988).(3/ 136)؛ ابن عساكر، علي بن الحسن الشافعي، (ت 571هـ/1277م)، تاريخ مدينة دمشق، دراسة وتحقيق: علي شيري، دار الفكر ،(بيروت ـ 1995). (36/ 97)؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء (4/ 395).
(10) https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DGMSdl3rRCzA&h=AT3832DBassyV6HTD9Mrt7WJHjCQQaNH-8AwcYX9d5cVFolBOs2wjQD-2Vgb7AdpMYv7fzCx_6MuLWTs0JL3Q3CJvBFKTJ0yzU4-SDDe2IfhdOFSlPdAxOTkPIuV58wCNC-H&s=1
(11)
https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DGMSdl3rRCzA&h=AT3832DBassyV6HTD9Mrt7WJHjCQQaNH-8AwcYX9d5cVFolBOs2wjQD-2Vgb7AdpMYv7fzCx_6MuLWTs0JL3Q3CJvBFKTJ0yzU4-SDDe2IfhdOFSlPdAxOTkPIuV58wCNC-H&s=1
(12) العسقلاني، تهذيب التهذيب، دار الفكر، (بيروت -1984). (8/ 411).

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي