ذكريات غبار النجوم 1980(وودي ألن): المخرج الذي لازال يبحث عن ذاته

بلال سمير الصدّر
2024 / 5 / 31

كيف تريد،وكيف تحاول ان تعبر عن نفسك...كيف ينظر لك الآخرين خاصة ان كنت على قدر واسع وشاسع من الشهرة...؟!
انت تستطيع ان ترجع نفسك،ان تلقي تساؤلاتك على نفسك،وان لم تجدل لها حلا أو طريقة،بامكانك أن تلقي هذه الأسئلة على شخصيات متوهمة،أو حتى على عالم آخر غير عالمك....
الفكرة هنا أن وودي ألن يقدم مجتمعا كاملا وعالم متكامل عن شخص واحد فقط،وهذا الشخص هو اللاعب الاساسي طبعا.
اني اريد ان اقول كل شيء عن نفسي،عن مجتمعي الذي يخص نفسي،عن تفكيري واوهامي التي تخص نفسي....من الممكن ان يضع حوارا يدور عنه:
لسلوب تصويره مبالغ فيه...مفاهيمه سطحية وكئيبة
سبق ورأيت هذا،يحاولون توثيق عناءهم الشخصي وبيعه كفن...ماذا لديه ليعاني...؟
سيندي(وودي ألن)،مخرج أفلام كوميدي مشهور،وافضل افلامه هي افلامه المضحة الأولى...ولكن:
(ماذا تريدون مني أن اقول،لااريد ان اقوم بأفلام مضحكة مرة أخرى،لايمكن الزامي ولا اشعر بأني مضحك،إني انظر الى العالم من حولي وارى معاناة انسانية فقط...
طبعا،هذه الهواجس عن الموت والخوف من الموت والتساؤل حول الماهية الحقيقية للوجدو والموت لابد أن تكون لسيندي –السيد بيتس- ولكنها في الحقيقة لوودي ألن وبالتالي-حسب ما نعتقد ونرى- ان الفيلم محمل بلكنة سيرة ذاتية غير منتهية،وان كانت غير مختلفة،ولكن المختلف هنا ان وودي ألن يضع نفسه في صفيحة تأملية لنقد نفسه وابراز آراء من حوله،وان كان هناك شيء قريب من هذا الفيلم فهو بالتأكيد تفكيك هاري.
تفكيك سيندي ليس بالأمر الصعب لأنه اصلا يقدم ملاحظات تهكمية (قطعية) عن نفسه:
في مؤتمر صحفي:سمعت انك درست الفلسفة...؟!
لاغير صحيح،درست دورة واحدة في الفلسفة الوجودية في جامعة نيويورك وفي الامتحان النهائي تلقيت أسئلة ولم انجح بالاجابة عن اي منها...بقيت جميعها فارغة وحصلت على مئة
ليس من الضروري أن يكون ما يصرح به وودي ألن في افلامه ان يكون صحيحا،وليس بالضرورة ايضا ان لايكون صحيحا،وليس من الضروري ان يكون تهكمه هذا عن الفسلفة الوجودية صحيحا،وليس بالضرورة ان لايكون صحيحا ايضا،لأن الحكمة الوجودية هي انسانية،والاسئلة الوجودية هي هي اسئلة بشرية قبل كل شيء،وهي نفس الاسئلة التي يطرحها وودي ألن في كل أفلامه.
سيندي شخص مشهور مجامل من الدرجة الأولى حتى الى درجة النفاق،وهو يحاول الحفاظ على علاقة تركيبية مع ثلاثة نساء معا،لأن الدمج بينهم سيخلق شخصية انثوية كاملة،والكاملة لاتعني الكمال بحد ذاته،بل الكمال الشخصي من وجهة نظر وودي ألن،وهذا أمر يدفعنا الى التساؤل عن الفرق بين الذاتي والشخصي...؟!
هناك الكثير من الاسئلة والردود التهكمية من قبل وودي ألن،ولكن اندفاعها الفلسفي يبقى يبقى على السطح محصورا بتلك الاسئلة التي برر وودي ألن مؤخرا-رفكيني فاستيفال- حتمية تكرارها،ولا أعتقد،اعتقاد على سبيل الالزام-أنه لابد من تكرارها هنا.
حتى الكائنات الفضائية من الممكن أن تجيب عنها بشكل مقنع أكثر من اي شخص آخر...من اي شخص طبيعي آخر،أو محلل نفسي ولكن علينا ان لا ننسى ان تلك الكائنات الفضائية هي من اختراع عمق وودي ألن:
سيندي:يجب أن تخبروني،لماذا يوجد الكثير من المعاناة الانسانية...؟!
الكائنات الفضائية:لايمكن الاجابة عن هذا السؤال
سيندي:هل الله موجود...؟!
الكائنات الفضائية:هذه الاسئلة خاطئة
سيندي:هذا هو الامر،ان كان لاشيء سيبقى فلماذا اجهد نفسي بصنع أفلام أو اي شيء...؟!
الكائنات الفضائية:تمتعنا أفلامك وخصوصا الأولى المضحكة(تكررت هذه الحملة في اكثر من موضع)
سيندي:لكن الوضع الانساني محبط جدا
الكائنات الفضائية:هناك لحظات لطيفة ايضا
سيندي: نعم مع دوري
الكائنات الفضائية: صحيح،ومع ايزابيل،كن صريحا،هل تفضل ايزابيل...؟!
لا مجال للمقارنة أنها امرأة ناجحة....
سيندي:امرأة ناضجة،ماذا أنت....الرابي خاصتها؟!
الكائنات الفضائية:انظر،اننا مخلوق ذكي جدا بمقاييس الكرة الارضية،لدينا نسبة ذكاء 1600،ولكن لا افهم ماذا توقعت من علاقتك بدوري...؟
سيندي:احببتها
الكائنات الفضائية:يومان في الشهر،كانت اروع امرأة في العالم،ولكن باقي الوقت كانت مجنونة،من ناحية اخرى ايزابيل هي المراة التي يمكن الاعتماد عليها
سيندي:لكن،ألا يفترض بي الكف عن صناعة الافلام والقيام بشيء معين ذو معنى،كمساعدة المكفوفين أو اصبح واعضا أو شيئا ...؟!
الكائنات الفضائية:اسمع،لست شخصا واعظا،لن تصمد،عدا ذلك لست الرجل الخارق،انت كوميدي....اسرد نكات مضحكة اكثر
عندا نتابع مثل هذا الحوار الذي يدور في داخل وودي ألن بشخص سيندي،تطالعنا دروب الحرية لجان بول سارتر...كل انسان يعرف حلول مآسي ذاته،ويعرف طريقه،ولكنه بدلا من التطبيق ينشغل بالشك والقاء الأسئلة...
في النهاية،سيكون الموضوع برمته عبارة عن فيلم...فيلم بألأبيض والأسود عن شخص مضغوط في علبة وكل ما حوله وتعبيرات ذاته هي عن ذاته.
ان كانت عبارة (افلامك الأولى المضحكة) قد تكررت لأكثر من مرة في الفيلم،فهي من الممكن أن تمس 8.5 فليني،ولكن هي ليست عن المخرج الذي اضاع الهامه،بل هي عن المخرج الذي لازال يبحث عن ذاته.
21/12/2023

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي