لاجل مصالح آنية السوداني يفضل دعم الكيان الصهيوني في جرائمه ضد الفلسطينيين

سعد السعيدي
2024 / 5 / 29

قبل اكثر من اسبوع كنا قد نشرنا مقالة بشأن تصدير العراق للنفط الى الاردن، طالبنا فيها بعدم تمديد اتفاقية التصدير. وذلك بسبب من تحويل الاردن لاراضيه الى ممر لامداد الكيان الصهيوني المجرم بالبضائع المختلفة. ويحدث هذا بعد غلق الحوثيين طريق إمداد هذا الكيان بطريق البحر الاحمر منذ انطلاق معركة طوفان الاقصى. إلا اننا قد رأينا في خبر الاسبوع الماضي موافقة العراق على تمديد العمل بتلك الاتفاقية للاردن غير الشقيق المساهم في جرائم الحرب الصهيونية ضد الفلسطينيين لمدة 3 أشهر بنفس الشروط التعاقدية وبنفس السعر.

إن هذا العمل الذي اقدم عليه السوداني رئيس حكومة النظام هو مما حذرناه في مقالتنا السابقة من انه إن تحقق سيصبح هو ايضا اي السوداني مشاركا لهذا الاردن في جرائم الحرب هذه.

لكن الشيء الاخطر الذي انتبهنا اليه خلال التهيئة لمقالة نفط الاردن تلك هو في تصدير حكومة السوداني النفط للاردن بموجب مذكرة تفاهم، لا من خلال اتفاقية ذات بنود واضحة مصوت عليها في مجلس النواب. والاتفاقيات السياسية مثل هذه سواء مع دول العالم او مع دول الجوار تعتبر كلها اتفاقيات دولية تدخل تحت طائلة قانون المعاهدات العراقي الذي يفرض تدقيق وإبداء مجلس النواب لرأيه فيها. اما مذكرات التفاهم فهي ليست اتفاقيات يمكن العمل بها كونها غير موقعة من قبل رئيس السلطة التنفيذية وإنما من قبل مستويات ادنى كالوزارات وتكون على هذا غير ملزمة. لكنها بهمة رأس حكومة النظام الماسك بخناق بلدنا تحولت الى اتفاقية كاملة ملزمة وموجبة التنفيذ !! وإننا نحمّل السوداني مسؤولية التنفيذ غير المشروع لمذكرة تفاهم غير ملزمة حتى ولو كانت هذه المذكرات قد بديء بها قبله العام 2006 تحديدا. وسبب لجوء السوداني رئيس حكومة نظام الاستبداد الى هذا التصرف الاحمق الذي ينم عن الاستهتار بالعراقيين والاستهانة بالدستور هو التهرب من مسؤولية عرض الامر على مجلس النواب مع احتمال تعرضه للمساءلة الشعبية. وذلك بالاستفادة من انتفاء عرض مذكرات التفاهم عليه للنقاش وبالتالي للتصديق عليها. وهذا العمل لا يكون إلا التفافا على قانون المعاهدات الآنف وتحايلا واضحا عليه. فمن الواضح بان حكومة نظامنا تريد ان يكون لها مطلق الحرية في كل ما يتعلق بملف النفط، وتتصرف كما لو كان النفط العائد للشعب العراقي بموجب الدستور ملكا صرفا لها لتتصرف به وتتلاعب كما تشاء.

وتعيد مذكرة التفاهم الغامضة هذه الى الذهن امر مذكرة تفاهم اخرى كان يجب الا تكون ملزمة لكنها تطبق بصمت وبحذافيرها. انها مذكرة التفاهم للربط السككي الشلامجة البصرة التي ابرمها سرا وزير النقل في حكومة الكاظمي والتي تضرب مصالح العراق العليا بالصميم. فهذه هي ايضا اتفاقية دولية مما تقاعس مجلس النواب عن النظر بها وما زال. وهذا غير الاعداد الهائلة لمذكرات التفاهم الغامضة الاخرى التي وقعت مع امريكا وتركيا وايران والتي لا نعرف ايضا حقيقتها.

إن تحول مذكرة التفاهم من مذكرة غير ملزمة الى اتفاقية قابلة للتطبيق يعني ان هذه المذكرة هي في الحقيقة اتفاقية ذات بنود سرية جرى اظهارها بشكل مذكرة تفاهم لتسهيل تصدير النفط الى الاردن ولتجنب طرح الاسئلة حولها. ولما تكون حكومة النظام العراقي قد كذبت على شعبها وعلى مجلس النواب الذي لا نعلم إن كان هو ايضا متواطيء حول حقيقة مذكرة التفاهم هذه، تكون قد كذبت ايضا حول حقيقة كمية النفط المصدر للاردن. فقد كشف حمزة الجواهري الخبير النفطي الوطني المعروف في إحدى اللقاءات التلفزيونية معه للشهر الماضي حول الملف النفطي بان حكومة السوداني تبيع الاردن 200 الف بي (برميل يوميا) بخصم 10 دولارات عن الاسعار العالمية عن كل برميل. وهي معلومات غير موجودة على الشبكة. ولا نعرف إن كان الاردن يبيع قسما من هذا النفط للكيان المجرم بخصم آخر. فالعراق تحت قيادة السوداني وايضا من نفس كشف الخبير الجواهري يبيع لمصر 300 الف بي بخصم مقداره 18 دولارا عن الاسعار العالمية للبرميل الواحد. ثم تقوم مصر باعادة بيع نفس هذه الكمية الى الكيان المجرم بخصم 8 دولارات للبرميل محتفظة لنفسها بذلك بفرق الخصم الذي هو عشرة دولارات. هذه المعلومات التي يخفيها السوداني ولا يبوح بها تشير الى انه ليس فقط يكذب كثيرا على العراقيين في تعامله بالملف النفطي، وإنما ايضا يرتكب جريمة الحنث باليمين الدستورية لدى هدره للثروة الوطنية والاموال العامة لصالح دولة تطبيع مع دولة الكيان المجرم فضلا عن الخيانة العظمى لدى تغاضيه عن وصول النفط العراقي الى ذلك الكيان. هذا النفط الذي يتحول الى قنابل وجحيم مجازر تسقط على رؤوس الفلسطينيين. وهذا في نفس وقت ادعائه دعمه لهم ولحقهم في اقامة دولتهم المستقلة، حيث لا يكون هذا إلا ادعاءا كاذبا ونفاقا. إن السوداني على هذا لا يكون إلا شخصا شديد الوضاعة لا يختلف عن الاكراد ولا حتى بانملة ولا يستحق إلا الاحتقار ولا يصلح لقيادة بلد مثل العراق. في السياق نتساءل عن اسباب صمت مجلس النواب الذي يرى تصدير كميات النفط الى الاردن بمذكرة تفاهم فقط، دون اي اعتراض او استدعاء لوزير النفط او رأس النظام نفسه. وايضا لا من كلام ولا حتى تعليق حول حصول دولة الكيان المجرم على النفط من عندنا بمعية النظام المصري الشقيق جدا المنافق والخائن لقضية فلسطين حتى بعد مرور اسابيع على كشف الجواهري. وكان يجب على هذا المجلس رفض هذه الاتفاقية الاخيرة ونقضها. لكنه للآن لم يفعل، وهو ما يجب على الشعب محاسبته عليه.

وسنستمر نحن بمتابعة هذا الامر.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي