ما سر دفاع أردوغان باستماتة عن حما.س

بير رستم
2024 / 5 / 18

إن إستقتال أردوغان وحكومة "حزب العدالة والتنمية" في تركيا للدفاع عن "حما.س"، يؤكد حجم إفلاس المشروع الإخواني في المنطقة حيث وبعد أن كان التنظيم العالمي للجماعة يمنن نفسه بالسيطرة على المنطقة العربية عبر ما سمي ب"الربيع العربي" -وهو بالأحرى كان خريفاً إخوانياً- وبقيادة "حزب العدالة والتنمية" التركي؛ أكبر جماعات الإخوان بالعالم، وكان نجاح المشروع يعني لتركيا وأردوغان إعادة "أمجاد الخلافة العثمانية"، أو ما عرفه الأخير ب"العثمنة الجديدة"، لكن وفي لحظة انتباه الأمريكان والأوروبيين لخطورة المشروع، انقلبوا عليه بعد أن كانوا الداعمين لها، مما دفع بأردوغان لحافة الجنون والدفع به لحضن الروس من خلال ما يسمى ب"حلف أستانة"، وذلك كنوع من الابتزاز والضغط على "حلف الناتو" لإعادة الدعم للحليف التركي ولكن إدراك الغرب لخطورة مشروع "العثمنة الجديدة"؛ وبأنه أكبر من خسارة تركيا نفسها وخروجها من الحلف باتجاه الروس، جعلهم صامدين على موقفهم في اسقاط المشروع الإخواني.

وهذه كانت لحظة مفصلية في تاريخ الصراع السياسي في المنطقة وقد لامست في إحدى جوانبها القضية الكردية، بل وبشكل أدق فهي خدمت قضية شعبنا حيث وجه نظر الأوروبيين والأمريكيين في البحث عن حلفاء جدد في المنطقة، يكونون بدلاء مقترحين في حال خسارة تركيا، وخاصةً بعد الانتصارات التي حققتها القوات الكردية وبمختلف تشكيلاتها؛ البيشمركة وقوات سوريا الديمقراطية وذلك في كل من إقليم كردستان وروژآڤا ضد تنظيم الدولة، لكن ما يجعلنا نفقد ثقة الغرب، بقيادة أمريكا، هو تشتتنا وصراعاتنا الداخلية حيث لو كنا على قضية واحدة -وفعلاً هناك قضية واحدة ولكن مقارباتنا لها تختلف- لربما كنا جعلنا تركيا تخسر المزيد مع أن خسارات تركيا و"حزب العدالة والتنمية" بقيادة أردوغان بعد عام 2014 تعتبر كوارث بكل ما تعني في لغة السياسة من معاني ومدلولات إستراتيجية، وربما تكون نهايته ونهاية حكومة حزبه، بل نهاية المشروع السياسي للإخوان.

ولذلك هم يستقتلون بقيادة تركيا وقطر؛ زعامة الإخوان حالياً، للحفاظ على "حما.س" في أواخر معاقلهم بالمنطقة حيث بعدها سيكون الدور على البلدين نفسيهما؛ أي قطر وتركيا! وهكذا فإن دفاع أردوغان وباستماتة عن هذا الأخير؛ "حما.س" ليس إلا دفاعاً عن مشروع التنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين باعادة "الخلافة العثمانية"، لكن بنكهة تركية وهذا ما يكشف سر تحالف "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي مع أكثر الجماعات القومية التركية الراديكالية؛ جماعة بهجلي، واستطاعوا حقاً أن يقشمروا الكثير من العرب من جماعة الاخوان ليجعلوهم يعملون لصالح مشروع تركي قومي، بغطاء ديني إسلامي، وبمساعدة التنظيم العالمي للإخوان حيث الجناح الآخر ل"العثمنة الجديدة" كانت تلك الدول الناطقة بالتركية والتي عملت منها تركيا منظمة ثقافية سياسية تقودها هذه الأخيرة. وهكذا لو نجح أردوغان لكان جعل من تركيا القطب المنافس لأمريكا حقاً وربما هذا ما خوف كل من الروس والأمريكان معاً وجعلهما يتفقان ضد تركيا والسياسة بالأخير هي مصالح دولية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي