تحريف البخاري احاديث النبي ( فضائل خديجة بنت خويلد نموذجا)

رحيم فرحان صدام
2024 / 5 / 6

نحاول في هذا المقال ان نلقي الضوء على التحريف اللفظي والمعنوي لأحاديث النبي الذي مارسه بعض الرواة والمحدثين وما يسمى بكتب الصحاح.
والحديث الذي نستعرضه متفق عليه ، يعني في أعلى درجات الصحة عند المحدثين ، ولكنه محرف ومبتور ، تم حذف تكملة الحديث فتغير المعنى رأساً على عقب : من تفضيل السيدة خديجة إلى تأخيرها وتقديم غيرها!! تحريف لفظي ومعنوي واضح يدل على ما كان يفعله بعض الرواة الموثقين عند علماء الجرح والتعديل وهم أبعد ما يكون عن الأمانة العلمية .

ذكر الامام ابن حنبل رواية عن عامر الشعبي تنص على تفضيل زوجته خديجة على كافة ازواجه فقال ما نصه :" ...أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ»" (1).
والحديث رواه البخاري بالصيغة الاتية: " ...عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَالَةَ». قَالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا "(2) .
نلاحظ ان البخاري اختار رواية هِشَامٍ بن عروة المتوفى سنة (146ه / 763 م) ، عَنْ أَبِيهِ عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المتوفى سنة (93ه /712م) عن خالته عائشة وهي رواية ناقصة مبتورة لغرض تفضيل السيدة عائشة على ام المؤمنين السيدة خديجة وهو ما يتنافى مع الامانة العلمية اذ ان تتمة الحديث تعني ان خديجة هي افضل نساء النبي ؛ ولذلك قَالَ ابن التِّينِ(3) عن رواية البخاري المحرفة :" فِي سُكُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ دَلِيلٍ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ عَائِشَةَ عَلَى خَدِيجَةَ "(4) فرد عليه ابن حجر بما نصه :
" بَلِ الْوَاقِعُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ رَدٌّ لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ" (5)، بينما قال البوصيري: " وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ."(6) والحقيقة انها ليست رواية مختصرة بل مبتورة محرفة .
الهوامش
(1) ابن حنبل، الإمام أحمد بن محمد الشيباني ( ت 241هـ/855 م)، مسند الإمام أحمد بن حنبل ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة : الثانية ، (بيروت -1420هـ / 1999م ). (41/ 356) ؛ الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، (ت 360هـ/966م)، المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2، مكتبة العلوم والحكم، ( الموصل -1983م ). (23/ 13)؛ البوصيري: : أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل (ت 840هـ / 1436م) ، إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، تقديم: فضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي بإشراف أبو تميم ياسر بن إبراهيم . دار النشر: دار الوطن ، الطبعة: الأولى، الرياض- 1420 هـ / 1999 م. (5/ 372) ؛ العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر،
(ت 852هـ/1459م)، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، تحقيق د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري ، الناشر دار العاصمة/ دار الغيث ، السعودية- 1419هـ (7/ 245).
(2) البخاري ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم ، (ت 256هـ/862 م)، صحيح البخاري، دار الفكر، (بيروت - 1981). (5/ 48)؛ كما روى الحديث محرفا مسلم في صحيحه . ينظر: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت 261هـ/ 875 م)، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت (4/ 1889).
(3) عبد الواحد بن عمر بن عبد الواحد ، محدّث ومفسّر وفقيه، من كبار علماء مدينة صفاقس ممّن طبّقُوا أصول الفقه على الفروع. قام برحلة إلى الشرق بنيّة الحج. ألّف كتاب "المخبر الفصيح الجامع لفوائد سند البخاري الصحيح" وهو من أوائل شروح صحيح البخاري ، توفي بصفاقس سنة (611هـ/1214م). للمزيد يراجع عنه حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله (ت 1067هـ /1656م)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الكتب العلمية، (بيروت-1413هـ/1992م).(1/546).
(4) ينظر : ابن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، (بيروت - 1379ه ). (7/ 140) .
(5) فتح الباري (7/ 140).
(6) إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (4/ 5).

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي