هل الحقيقة واحدة دائماً؟!

بير رستم
2024 / 4 / 24

إن عبارة؛ "أول مرة تحكي صح"، أو "أول مرة بتقول الحقيقة"، قد يكون البعض منكم سمعها من الآخرين وربما أكثركم قالها لغيره.. ولهؤلاء جميعاً نقول؛ بأن الحقيقة ليست واحدة وهي تختلف باختلاف الزمان والمكان والثقافات، فربما ما تجدها حقيقة يراه الآخر غير ذلك أو لنقل وجهاً آخراً للحقيقة حيث للحقيقة أوجه متعددة، بل ربما حقائق متعددة ولكي لا يبقى الكلام فلسفياً نظرياً سنأتي بالمثال المعروف لأغلبكم وهو الاختلاف بين رقمي 6 و 9 حيث بوقوف أحدنا على ضفة ما أو بقلب الصفحة سيتم التغيير في قراءتنا بين الرقمين؛ بمعنى من يقف على ضفتنا سيقرأه ستة (6)، بينما الذي على الضفة المقابلة سيقرأ الرقم (9)

وهكذا نجد بأن الحقيقة أختلفت بحسب موقعنا من حقيقة الرقم، بل ربما أحدهم يجهل القراءة اللاتينية وفقط يقرأ بالعربية وبالتالي قد يقرأه فاصلة (،) بدل رقم (6)، بينما الذي على الضفة الأخرى وقرأها رقم (9) يقرأه حرف الواو (و).. وهكذا نجد بأن تلك الحقيقة هذه المرة إختلفت باختلاف الثقافة، نأمل أن تكون الرسالة وصلت بحيث لا يكرروا مرة أخرى تلك العبارة التي تقول؛ أول مرة بتقول الحقيقة، لأن ربما هذه المرة كانت الزاوية التي ننظر ل"الحقيقة" واحدة فقط لا غير

مما سبق يمكن القول: بأننا عبيد لقناعاتنا وتصوراتنا المسبقة عن الأشياء والمواضيع والقضايا حيث لكل منا محدداته الفكرية الأيديولوجية وبذلك نتشابه في كل شيء، إلا في اختلاف مساطرنا للقياس وهكذا يمكن القول؛ بأن العبيد يجمعهم شيء واحد؛ ألا وهي القيود التي تكبل حريتهم، حرية الفكر والمنطق والعقلانية قبل أن نتحدث عن حرية الجسد والتبعية لسيد، مهما كان ذاك السيد؛ شخصاً أم مذهباً وعقيدة حيث تجده محصوراً في صندوقه متقوقعاً لا يريد الخروج منها للفضاء الرحب ويعتقد بأن العالم كله هو ذاك الصندوق المحشور فيه.
أحدنا!

ما دفعني لكتابة هذه العبارات هي تعليقات بعض تلك الشخصيات العبدية، فمهما كانت ولاءاتهم وعبوديتهم، تجدهم جميعاً يتصفون بإلغاء الفكر بحيث يمكن اعتبارهم كائنات بأحجام وأشكال وألوان مختلفة، لكن تجمعهم جميعاً صفة مشتركة وهي العماء أو في أحسن الأحوال؛ الرؤية باتجاه واحد، كما حال تلك الدابة التي تضع على عينيها قطعة جلد لكي تصبح زاوية الرؤية لديها محددة.. وهكذا هي حال العقائديين فلهم زاوية رؤية محددة بمنهجية ما لا يقدرون أن ينظروا خارج المساحة والزاوية المحددة بها، كما حال تلك الدابة وللأسف مع الاعتذار من التشبيه حيث جاء لتوضيح الفكرة وليس تشبيهاً وتقليلاً من شأن أحد وإن كان مؤدلجاً عبداً لقناعات جعل منها التابو والمقدس بالنسبة له بحيث يجد أي تفكير خارجها، خارج الصندوق هو نوع من الخيانة لتلك المعتقدات.

الحرية تحتاج لفضاءات واسعة ولا يمكن ممارستها في الأقفاص أيها السادة وللأسف نحن جميعاً أسرى وعبيد في أقفاصنا الأيدولوجية إن كانت الدينية والطائفية أو السياسية والقومية والحزبية، فهل سيأتي ذاك اليوم لنخرج من هذه الأقفاص للفضاءات الواسعة؟

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي